بناء الجدار في الصحراء… الملاذ الأخير للکيان الإسرائيلي لاحتلال النقب
إحدی المشاکل المستمرة لکيان الاحتلال مع الفلسطينيين على مدى العقدين الماضيين، هي صحراء النقب والفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المنطقة.
الفلسطينيون الذين يعيشون في هذه المنطقة يعيشون حياةً شبه رحل، بمعنی أن هناك قرى في صحراء النقب ليس فيها سكن دائم، ولا توجد سوى مآوي ذات مرافق قليلة في هذه القرى، والتي يسكنها عدد محدود من الفلسطينيين، وأحياناً يكون عدد سكان قرية فلسطينية في النقب أقل من 100 نسمة.
قرى صحراء النقب
يوجد في قرى صحراء النقب نوعان من الحياة البدوية والسکن الدائم. ينتقل جزء من السكان من مناطق مختلفة إلى مناطق أخرى، والمنطقة المعنية لهذه المجموعة – التي لديها إقامة غير دائمة – تقع داخل صحراء النقب.
وجزء آخر من السكان الذين يعيشون في صحراء النقب، ولديهم سكن دائم، قد تجمعوا في منطقة بها مرافق أساسية، وعادةً ما تكون منازل هذه القرى مبنيةً من منشآت أساسية مثل الإيرانيت وأغطية بسيطة من النايلون والمعدن.
يعيش جزء من سكان هذه القرى، سواء كانوا من البدو أو المقيمين الدائمين، في خيام وأكواخ فلسطينية تقليدية، ونادراً ما تتوفر المرافق الأساسية مثل الماء والكهرباء في هذه القرى. ويحصل القرويون على مياههم من مصادر الشرب المحلية مثل الآبار والينابيع القديمة في المنطقة، وتستخدم بعض القرى كابلات الكهرباء في المنطقة.
مشكلة الکيان الإسرائيلي الظاهرة والجوهرية
الفلسطينيون الذين يعيشون في صحراء النقب هم أقدم سكان فلسطين التاريخية، ولا يزالون يحتفظون بعاداتهم التقليدية السکنية، ويعود تاريخ بعض القبائل في هذه المنطقة إلى عصور ما قبل المسيحية، مثل الكنعانيين.
ما يطرحه الصهاينة على أنه مشكلة بدو النقب، هو أن هذه المجموعة من الفلسطينيين تعيش في قرى أعلنها الکيان الصهيوني مناطق محظورة. ولذلك، لا يمكن توفير المرافق والخدمات المعيشية لهذه المجموعات في المناطق المحظورة.
وبالتالي، بين الحين والآخر، يقوم الجيش الصهيوني بتدمير مكان تجمع سكان النقب وقرى هذه المنطقة. کما تم تدمير بعض القرى في منطقة النقب عدة مئات من المرات.
لكن ما يسميه الصهاينة “العيش في المناطق المحظورة” هو خطتهم للتعدّي على أراضي سكان النقب. يعتبر سكان صحراء النقب أنفسهم سكان هذه الأرض كلها، ومن بين الأراضي التي يتنقلون فيها، فإن كل هذه المناطق مقسمة بين القبائل التي تعيش في هذه المناطق، ويعلم جميع الفلسطينيين أن هذه الأراضي قد انتقلت من أسلاف هذه القبائل جيلاً بعد جيل.
والآن، يواجه الصهاينة هذه المجموعة في احتلال هذه الأرض، وهم غير مستعدين للتنازل عن أراضيهم بأي شكل من الأشكال.
أهمية صحراء النقب
على الرغم من أن صحراء النقب تحمل اسم الصحراء، إلا أنها مهمة للغاية من ثلاث نواحٍ:
أولاً، تعدّ صحراء النقب كنزًا دفينًا من المناجم القيمة، والتي لم يتم استكشاف جزء كبير منها بعد. وخير مثال على ذلك احتياطيات اليورانيوم والراديوم الموجودة في هذه المنطقة، والتي أدت إلى إنشاء المجمع النووي للکيان الصهيوني المسمى “ديمونة” في هذه المنطقة.
المعادن مثل الأملاح المعدنية والماس والذهب وأحجار البناء، هي أمثلة أخرى على ثروات صحراء النقيب التي تعدّ السبب الرئيسي لتعدي الصهاينة على هذه المنطقة.
والجانب الثاني لأهمية النفق في فلسطين، هو المساحة الكبيرة لهذه المنطقة. فهذه المنطقة فيها عدد قليل من السكان لأنها فقيرة من حيث المرافق السكنية الدائمة، ولکنها تشكل تقريباً حوالي ثلث أراضي فلسطين التاريخية، وهذا يكفي للفت الانتباه إليها.
لأن الصهاينة اعتبروا هذه المنطقة مکاناً لتنفيذ العديد من مخططاتهم التوسعية التي تتطلب الأرض، مثل الهيكل الأمني المركزي الصهيوني الذي تقرر إنشاؤه في هذه المنطقة.
والسبب الثالث لأهمية هذه المنطقة، أنها تطل على الضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء وميناء إيلات. تطل صحراء النقب على هذه المناطق الثلاث، وتعتبر في هذا الصدد طريقًا سريعًا.
محاولة نفتالي بينيت لبناء جدار
بعد انتفاضة الأقصى عام 2000، اختار الصهاينة بناء الجدار في الضفة الغربية، وحاصروا أنفسهم خلف جدران إسمنتية ومعدنية من أجل توفير الأمن لأنفسهم. وهذا الجدار لا يزال قائماً.
وقد فعلوا الشيء نفسه على حدود قطاع غزة مع الأراضي المحتلة عام 1948 والحدود الأردنية، محاصرين أنفسهم خلف المزيد من الجدران. والآن يريدون القيام بذلك في صحراء تبلغ مساحتها ثلث مساحة فلسطين التاريخية.
نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الحالي للکيان الصهيوني، وصف الحكومات الصهيونية السابقة بالغبية، قائلاً إن “هذه الحكومات فقدت أجزاءً كبيرةً من النفق، وإذا لم يتم السيطرة على هذه المناطق من خلال تمركز القرى المجاورة لها، فسنحصر هذه المناطق ببناء الجدران”.
والآن، مع كل التقنيات التي قدمها لهم الغرب، يريد الصهاينة بناء جدار بحجم صحراء النقب لمواصلة اغتصابهم للأرض وعنصريتهم. فبناء الجدار جزء من الطبيعة العنصرية للصهيونية، التي لا يمكن أن ينفصلوا عنها، وهم يحبسون أنفسهم خلف الجدران لمواسلة أطماعهم العنصرية.
المصدر/ الوقت