“نهاية إسرائيل” على لسان الإسرائيليين أنفسهم.. حقائق لم تسمع من قبل
كثيراً ما يتم الحديث عن نهاية “إسرائيل” حتى من قبل الصهاينة أنفسهم، حيث عادت تلك القضية إلى الواجهة بقوة مؤخراً، بقول الضابط الإسرائيليّ، شاؤول أرئيليّ، المُستشرِق الإسرائيليّ المختّص بما يُسمى “الصراع العربيّ – الإسرائيليّ” أن الكيان الذي اعتمد عدداً من الاستراتيجيات، فشل في تحقيق وتجسيد الحلم الصهيونيّ على أرض فلسطين المحتلة، مؤكّداً أنّ الكيان يواصل السير في طريق فقدان هذا المشروع، والذي سيكلف تطبيقه حتماً إلى عمليات تطهير عرقيّ وتهجير قسريّ إضافية للسكان الأصليين أي الفلسطينيين، كتلك التي حدثت مع قيام الدولة المزعومة.
مشروع فاشل
في ظل المنهج الإسرائيليّ المتطاول على حقوق الشعب الفلسطينيّ ومقدساته وثرواته، أكّدت صحيفة “هآرتس” العبرية أنّ الحركة الصهيونية عملت على تأسيس دولة يهوديّة على أرض فلسطين المحتلة في 14 مايو/ أيار عام 1948، من خلال دمج ثلاث استراتيجيات عمل أساسية، وجميعها لم تنجح في حلّ النزاع أوْ تحقيق الأهداف الرئيسية للحركة الصهيونية التي تأسست أواخر القرن التاسع عشر وهي: “أرض إسرائيل، وديمقراطية، وأغلبية يهوديّة”، وهكذا ولد خط سياسي ثالث، هو التقسيم لدولتين”.
وبعد أن دفعت الحركة الصهيونيّة الرئيس الأمريكيّ السابِق، دونالد ترامب إلى الادعاء بأنّ القدس هي عاصمةٍ أبديّة للشعب اليهوديّ، ومن ثم أمر بنقل سفارة واشنطن في الكيان إلى القدس المُحتلّة، أشارت الصحيفة إلى أنّ رفض الفلسطينيين لمبادرة ترامب يدل على أنّه لا يوجد شريك فلسطينيّ في ما أطلقت عليه “السلام الاقتصادي” أو “تقليص النزاع”، موجهة رسالة إلى رئيس الوزراء الصهيونيّ، نفتالي بينيت، والآخرين الذين يؤمنون بأنّ الوقت في صالح الإسرائيليين على المديين المتوسط والبعيد، بأنّه “لا توجد أيّ احتمالية لهذا الخط”.
وفي الوقت الذي لا يكف فيه العدو المجرم عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، في مساع حثيثة من قبل العصابات الصهيونيّة في فلسطين للهيمنة على مقدرات البلاد بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لمصلحة الإسرائيليين اليهود، يتحدث المُستشرِق الإسرائيليّ شاؤول أرئيليّ، بأنّ “من يؤيدون الدولة الواحدة، يتجاهلون أنّ الواقع الديموغرافي للعام الجاري مع إضافة اللاجئين الفلسطينيين الذين سيحظون بالعودة لبلادهم، يعني تطبيق الحلم الفلسطينيّ بدولة ديمقراطيّة أوْ إسلاميّة، مع أغلبيةٍ عربيّةٍ ثابتة”، مضيفاً أنّه “رغم تعقد الواقع عمّا كان عليه عام 1947، فإنّنا نشهد تجدد فكرة الاتحاد الاقتصاديّ، الكونفدراليّة بصورٍ مختلفةٍ، تهدد الحلم الصهيونيّ”، المرتبط في إنشاء الدولة العبريّة المزعومة على تراب فلسطين عبر عمليات تطهير عرقيّ كاملة وتهجير قسريّ جماعيّ للسكان الأصليين، مثل تلك التي رافقت إنشاء وطنهم اليهوديّ على أرض فلسطين.
لا مستقبل لـ”إسرائيل”
”لا طعم للعيش في هذه البلاد ويجب مغادرتها إلى سان فرانسيسكو أو برلين”، هكذا يرى المُحلِّل الإسرائيليّ المُخضرم آري شافيط، الذي أكّد أنّ “إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة”، وهذا الموضوع يقُضّ مضاجع صنّاع القرار بالكيان اللقيط الذي قام منذ ولادته بني على مبدأ التطهير العرقيّ والتاريخيّ من خلال المجازر التي ارتكبتها عصابات الصهاينة ضد أصحاب الأرض ومقدساتهم إضافة إلى عمليات بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة كأدلة ثابتة وواضحة على ممارسات الصهيونيّة الاستعماريّة.
ومع غياب أي معيار يتساوى فيه الفلسطينيّ –صاحب الأرض- واليهوديّ –المُحتل- في فلسطين، بيّن شافيط أنّ الصهاينة منذ أن جاءوا إلى فلسطين، يدركون أنّهم حصيلة كذبة اخترعتها الحركة الصهيونيّة، واستخدمت خلالها كلّ المكر في الشخصية اليهوديّة عبر التاريخ، إضافة إلى استغلال الـ (محرقة) وتضخيمها، حيث استطاعت الحركة أنْ تقنع العالم بأنّ فلسطين هي “أرض الميعاد”، وأنّ “الهيكل المزعوم” موجود تحت المسجد الأقصى، وهكذا تحوّل الذئب إلى حمَلٍ يرضع من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين والأوروبيين بحسب وصفه.
“الإسرائيليون يُدركون بأنّه لا مستقبل لهم في فلسطين، فهي ليست أرضاً بلا شعب، كما كذبوا”، حقيقة يؤكّدها الإسرائيليون أنفسهم خاصة بعد أن وافق الصهاينة على إنشاء وطنهم اليهودي على أرض فلسطين العربيّة تاريخيّاً، وزعموا أنّ فلسطين هي “أرض الميعاد” وأنّ اليهود هم “شعب الله المختار”، وأنّ القدس هي “مركز تلك الأرض”، وأنّها “مدينة وعاصمة الآباء والأجداد”، و”مدينة يهوديّة بالكامل”، بهدف الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أراضي الفلسطينيين بأقل عدد ممكن منهم، وقد شجعت الحركة الصهيونيّة بشكل كبير جداً، هجرة يهود أوروبا الجماعيّة إلى أرض فلسطين خلال النصف الأول من القرن العشرين.
وعلى هذا الأساس، يقول الصحافيّ الصهيونيّ اليساريّ، جدعون ليفي، أنّ “الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا عليهم الحسناوات وبنات الهوى، وقُلْنا ستمرّ بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجّر انتفاضة الـ 87، أدخلناهم السجون وقلنا سنربّيهم داخلها، وعقب سنوات ظننا أنّهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000 أكلت الأخضر واليابس، فقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدران والأسلاك الشائكة، وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلاً في الحرب الماضية.. حاربناهم بالعقول، فإذا بهم يستولون على القمر الصناعيّ (عاموس) ويُدخِلون الرعب إلى كلّ بيت إسرائيليّ”.
يبدو أننّا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حلّ معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال، جملة تشير إلى أنّ الإسرائيليين يُدركون بشكل كامل الخداع الذي تحاول زرعه في عقولهم، والدليل وجود عدد وإن كان قليلاً من الإسرائيليين يرفضون الروايات الإسرائيليّة، ويطلقون حملات نشطة من أجل تحرير فلسطين من نظام الفصل العنصريّ والمقاطعة العالمية.
ختاماً، وكما قال ليفي تستطيع قوات المحتل الأرعن تدمير بنايتيْن في غزّة المحاصرة من عقد ونصف تقريبا، لكنّها لن تستطيع وقف عملية التدمير الذاتيّ الداخليّ الإسرائيليّ، إذ إنّ السرطان الذي يعاني منه كيان الاحتلال قد بلغ مراحله النهائية ولا سبيل لعلاجه لا بالأسوار ولا بالقبب الحديدية ولا حتى بالقنابل النووية، فالتاريخ علم اليهود أنّه لا يمكن لدولةً يهودية أن تستمر لأكثر من ثمانين عاماً، وهذا ما دفع رئيس الوزراء الصهيونيّ السابِق بنيامين نتنياهو، للقول: “سأجتهد لكي تبلغ إسرائيل عيدها المائة”.
المصدر/ الوقت