انقسامات كبيرة في حركة “فتح” حول خليفة محمود عباس.. ما الذي يجب أن يتغير
ضجت المواقع الإخباريّة العربية، بالخلافات والانقسامات التي وُصف بـ “الحادة” داخل حركة “فتح” حول خليفة الرئيس الحالي، محمود عباس، متحدثة أنّ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، حسين الشيخ، لا يحظى بالتوافق ويشعل الصراعات، فيما تتجه الأعين نحو الأسير مروان البرغوثي، في ظل معلومات تؤكّد أنّ الرأي العام الفلسطينيّ يرفض بشكل قاطع قيادات السلطة الذين يتولون مواقعهم من دون انتخاب، بعد أن عوملت الحركة بإذلال من قبل الكيان الصهيونيّ الغاصب، رغم أنّها فتحت كل أبواب التعاون مع تل أبيب واستخدمت جميع الأساليب الإجراميّة ضد شعبها.
“من سيكون خليفة الرئيس عباس” سؤال يطرحه الفلسطينيون والصهاينة على حد سواء، عقب معلومات كشفتها مصادر فلسطينية رفيعة المستوى في الضفة الغربية المحتلة، أكّدت وجود حالة من عدم الرضا داخل أوساط في حركة “فتح” حول ما يتم نشره عبر وسائل الإعلام حول خليفة الرئيس الفلسطيني المحتمل، باعتبارأنّ الحركة لم تحسم بشكل نهائي ملف خليفة “أبو مازن” كرئيس للحركة، في حال قرر ترك الحياة السياسية سواء في الحركة أو منظمة التحرير، افيما يحتفي العدو الإسرائيلي بحسين الشيخ، ذو المواقف المؤيدة لتسوية الصراع “سلمياً” والمعادية لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
وعلى هذا الأساس، ينعكس الرضا الإسرائيليّ بشكل سلبيّ على فرص الشيخ لتولي مقاليد الأمور بعد عباس، على الرغم من أنّه بدأ يتصدر المشهد السياسيّ الفلسطينيّ والإسرائيلي، كخليفة محتمل لعباس، وحصل وفقاً لمسؤولين فلسطينيين على “دعاية مجانية” على حساب المسؤولين الآخرين، بيد أنّ هذا الأمر لا يزال غير محسوم داخل حركة فتح التي ترشح شخصيات أخرى على رأسها الأسير مروان البرغوثي، لقيادة مركب الحركة بعد الرئيس عباس.
وفي هذا الخصوص، تبين المصادر أنّ تعين الشيخ في الأيام الماضية في منصب أمين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير خلفًا لصائب عريقات خلال اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح الأخيرمن قبل الرئيس عباس، لا يعني بالمطلق انه بات الخليفة المرتقب، فقد تشهد الأيام المقبلة مفاجئات السياسية لحركة فتح والسلطة بأكملها، حيث حذر الإعلام الإسرائيليّ كيان الاحتلال الباغي من المسارعة إلى تحديد شخص كمرشح له لقيادة السلطة الفلسطينية، على اعتبار أن هذا من شأنه أن يثير غضب الشعب الفلسطيني، إضافة إلى أنّ مواقف الأخير الواضحة تجعله مرشحاً غير مرغوب فيه من قبل الفلسطينيين.
وما ينبغي ذكره أنّ صحيفة “معاريف” العبريّة، شدّدت على أنّ الشيخ تحول في الفترة الأخيرة إلى الشخصية الأكثر قرباً من محمود عباس، حيث حضر معه اللقاء مع وزير الحرب الصهيونيّ، بيني غانتس في بيت الأخير قرب “تل أبيب”، كما التقى في الأسبوع المنصرم مع وزير خارجية العدو، يائير لبيد، في منزله أيضاً، وهو يتمتع بقبول صهيوني واسع، فقد أثار إعجاب الكثير من ساسة العدو.
وفي ظل تأكيد محللين سياسيين صهاينة على أنّه من الخطأ الفادح “تعيين رئيس فلسطيني على دبابة إسرائيليّة”، نوهوا إلى أن مراهنة تل أبيب على الشيخ ستبوء بالفشل، باعتبار أنّ الشيخ تتلمذ في ذات المدرسة السياسية لعباس، والتي تقوم على التنسيق والتعاون الأمنيّ مع الاحتلال ومحاربة المقاومة ومؤيديها، واللهث خلف مساعدات اقتصاديّة مقابل خدمات أمنية، مع استمرار حركة بالتنسيق الأمنيّ مع العدو المستبد وتبجح المؤسسة الأمنيّة والعسكرية الصهيونيّة في تمجيد دور ذلك التنسيق في الحد من الأعمال الفدائيّة ضد قوات الكيان الإرهابيّ ومستوطنيه، وتشجيعها جنود الاحتلال والمستوطنين على العربدة والتغول في أراضي الفلسطينيين من خلال مخطّطات العدو الاستيطانيّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس
بعد أن سأم الشارع الفلسطينيّ قادة السلطة بشكل عام زاد تراجع السلطة عن إجراء الانتخابات للمجلس التشريعيّ الطين بلة، وهي خطوة اعتبرت هروباً حقيقاً للسلطة من هزيمة كبرى، مع ارتفاع حدة الاستيطان الصهيونيّ المخالف للقوانين الدوليّة والإنسانيّة إضافة للتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لصالح المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، ناهيك عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم.
وفي هذا الخصوص، يقدم الشيخ من خلال لقاءاته بالقيادات الإسرائيلية نفسه كبديل، بمباركة من عباس والكيان الإسرائيلي، رغم أن تلك اللقاءات حققت لم تحقق أي إنجاز يذكر للقضية الفلسطينية، حيث بات مؤكداً أن العدو الصهيوني لن يكون مستعداً للقبول بدولة فلسطينية على حدود كيانه السياسيّة وتحويلها إلى تهديد بالنسبة له، لهذا من غير المنطقي أنّ يرضخ الكيان للقوانين الدوليّة والإنسانيّة بل سيستمر بكل وقاحة وإجرام في الهيمنة على الضفة الغربيّة بأكملها من خلال شراء الوقت وإرهاق الفلسطينيين وتنفيذ سياسات التهجير القسريّ والتوسع التدريجيّ.
يُذكر أنّ حسين الشيخ المعروف بـ “أبو جهاد” يبلغ من العمر 62 عاماً وينحدر من قرية دير طريف التي دُمرت خلال “النكبة” ، وهو أسير أمنيّ سابق من حركة “فتح” أمضى ما يقارب 11 عاماً في السجون الإسرائيليّة، يتكلم العبرية بطلاقة ويعيش في رام الله، ويشغل في الوقت الحاليّ منصب وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، ويُعتبر من السياسيين البارزين في السلطة الفلسطينية الذين نجحوا في كسب ثقة ياسر عرفات ومحمود عباس، وخصومه اللدودان على ترأس حركة فتح هما جبريل الرجوب ومروان البرغوثي.
في النهاية، ما الفائدة من تغيير رأس الهرم في حركة فتح إذا أبقينا على السياسات الهدامة السابقة، فلو لم تكن الضفة الغربيّة مرهونة بقرارات السلطة الفلسطينيّة المتعاونة مع العدو الدمويّ، لما وصل الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح وممتلكات الفلسطينيين لهذا الحد، ومن الضروري أن يرأس الحركة شخص ينهي الخطيئة التاريخيّة التي لا تغتفر من خلال الاعتقاده بأنّ وجود علاقة مع الكيان الغاصب ربما يصب في مصلحة الفلسطينيين، في الوقت الذي يثبت فيه التاريخ والواقع أنّ الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر في عدوانهم الذي لا يمكن أن يوقفه إلا القوة والوحدة والمقاومة، كما يجب على السلطة الفلسطينيّة الالتفات لمطالب الفلسطينيين وتوجيه بنادقها باتجاه العدو ثأراً لدماء شهداء فلسطين وحماية لأبناء الضفة الغربيّة والمستهدفة، ولجم العدوان الصهيونيّ على الشعب الفلسطينيّ.
المصدر/ الوقت