التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

مذكرة تفاهم بشأن صادرات الكهرباء السعودية إلى العراق 

وقع وزيرا الطاقة في العراق والمملكة العربية السعودية مذكرة تفاهم في 25 كانون الثاني 2022 تسمح بتصدير الكهرباء السعودي إلى العراق، ووقع الاتفاقية بين وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان ووزير الكهرباء العراقي عادل كريمي.

وبخصوص المذكرة، يذكر ان “حامد الغازي” الامين العام لمجلس الوزراء العراقي قال في سياق هذه المذكرة ان البلدين سينسقان بينهما قضايا الربط الكهربائي والمدن الصناعية والتعاون الرياضي، وتم توقيع المذكرة في اجتماع عقدته مؤخرا لجنة التعاون العراقي السعودي المشتركة في 10 يناير 2022. التعزيز الكبير للاجتماعات وتعددها بين رئيسي حكومتي المملكة العربية السعودية والعراق أصبح الآن قضية مفصلية للمراقبين، حيث يشير ذلك إلى دخول الجانبين في تعاون استراتيجي. من ناحية أخرى، يعتقد آخرون أنه بالنظر إلى تاريخ العلاقات الثنائية، فإن دخول البلدين في التعاون الاستراتيجي سيكون محفوفًا بالعقبات والصعوبات.

نقاط مهمة بخصوص عقد تصدير الكهرباء السعودية للعراق

فيما يتعلق بتوقيع الاتفاقية الأخيرة بين بغداد والرياض بشأن نقل الطاقة، هناك بعض النقاط التي يجب مراعاتها:

1- مذكرة التفاهم هذه هي أحدث حالة للتعاون بين البلدين، مما يدل على التقدم الكبير في العلاقات الثنائية بين البلدين في السنوات الأخيرة. تم توقيع الاتفاقية بهدف تقاسم احتياطيات توليد الكهرباء وتبادله بين البلدين في حالة الطوارئ وفي حالة انقطاع التيار الكهربائي.

2- تم توقيع هذه المذكرة في الظروف التي تم الإعلان عنها سابقاً في شهر تشرين الثاني من العام الجاري، ويخطط العراق لتوقيع اتفاق استثمار في الطاقة بمليارات الدولارات مع السعودية بنهاية حكومة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي.

3- منذ بداية عام 2021، انجذبت الحكومة العراقية بشكل جدي إلى مشاركة المملكة العربية السعودية في الاستثمارات في الغاز والطاقة البديلة والمياه والصناعات البتروكيماوية، والتي يقدر حجم الاستثمار فيها بعشرات المليارات من الدولارات. في هذا الصدد، شهدنا في الأشهر القليلة الماضية مفاوضات بين الحكومة العراقية والشركات السعودية مثل أرامكو وأكوا باور وغيرها للمساعدة بصدد إنتاج الطاقة وبناء محطات تحلية المياه والطاقة النظيفة ومحطات الطاقة الشمسية.

4- النقطة المهمة في مذكرة التفاهم الأخيرة لإيصال الكهرباء السعودية إلى العراق هي أن دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك عمان وقطر والإمارات والكويت والبحرين والمملكة العربية السعودية، قد ربطت شبكات الكهرباء في بلدانها في السنوات الأخيرة.. في العام الماضي أتم العراق في تشرين الثاني (نوفمبر)، قبل حوالي شهرين، مشروع ربط شبكته الكهربائية بالكويت، والآن مع ربط شبكة الكهرباء الكويتية بالعراق، يمكن أن تصبح المذكرة بين الرياض وبغداد عقدًا وحتى الحاجة الماسة لربط شبكة الكهرباء السعودية بالعراق لم يعد هناك حاجة إليها.

السعودية ومسألة فائض الكهرباء

على مدى العقد الماضي، ركزت المملكة العربية السعودية على قضية فائض إنتاج الطاقة والصادرات إلى البلدان الأخرى. اقترب النمو السنوي لتوليد الكهرباء في المملكة العربية السعودية من 5٪ خلال العقد الماضي، لكن بعض مشاريع الطاقة تأخرت خلال السنوات القليلة الماضية بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط وتفشي كورونا. ومع ذلك، يمكن القول إن البلاد قد شهدت زيادة كبيرة في إنتاج الكهرباء على مدى السنوات الماضية. في ظل الوضع الجديد، تخطط المملكة العربية السعودية لإضافة 15000 ميجاوات إلى توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العامين المقبلين، ومعظمها مخصص للتصدير. في مثل هذه الظروف وقعت المملكة العربية السعودية على مشروع تصدير الكهرباء إلى العراق لتقسيم احتياطي إنتاج الكهرباء وتبادل الكهرباء بين البلدين في حالة الطوارئ وفي حالة انقطاع التيار الكهربائي. في عام 2018، وقعت المملكة العربية السعودية مذكرة تفاهم لتصدير الطاقة الشمسية إلى العراق. وبموجب مذكرة التفاهم التي تم توقيعها في عام 2018، وافقت المملكة العربية السعودية على بناء محطة طاقة شمسية بقدرة 3000 ميغاواط (ثلاثة أضعاف حجم محطة بوشهر للطاقة النووية)، التي تقدم 21 دولارًا لكل ميغاواط / ساعة من الكهرباء للعراق؛ وهذا يعادل ربع سعر صادرات الكهرباء الإيرانية إلى العراق.

التأكد من التزام السعودية بصادرات الطاقة إلى العراق

على الرغم من التغطية الإعلامية الواسعة لاتفاقية التصدير وتبادل الكهرباء بين العراق والسعودية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كان التعاون بين البلدين يتمتع بضمانات تنفيذية كافية. أيضا، هل يمكن تطبيق مذكرة التفاهم هذه كاتفاقية رسمية بين دولتين أجنبيتين؟ في معالجة هذه الأسئلة، يمكننا تحليل الموضوع على مستويين، أحدهما يتعلق بقدرات المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في مجال تبادل الطاقة، والآخر فيما يتعلق بدوافع سياسات طاقة حكومة الرياض.

على المستوى الأول، من المهم ملاحظة أنه فيما يتعلق بقدرة تصدير الكهرباء، لا تملك المملكة العربية السعودية وحدها القدرة على تلبية جميع احتياجات العراق من الطاقة الكهربائية. والأهم من ذلك، أنه في الصيف، عندما يتضاعف استهلاك الكهرباء في العراق، لن تكون حكومة الرياض بشكل أساسي قادرة على تحمل المسؤولية الكبيرة المتمثلة في سد العجز في البلاد. ومع ذلك، إذا أخذنا في الاعتبار عجز واردات العراق من الكهرباء في شبكة الكهرباء المترابطة في دول مجلس التعاون الخليجي، فهناك احتمال لتلبية احتياجات بغداد. لكن تجدر الإشارة إلى أن ربط شبكة الكهرباء العراقية بالكويت في مراحله الأولى حالياً ويتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون.

على عكس المستوى الأول، يمكن تحليل البعد الآخر للقضية على أساس المقاصد السياسية. استخدمت حكومة المملكة العربية السعودية، بقيادة ولي عهدها الطموح والمتطرف الأمير محمد بن سلمان، سياسة الطاقة في السنوات الأخيرة لتحقيق أهداف سياسية محددة. في الواقع، شهدنا في السنوات الأخيرة أن المملكة العربية السعودية تستفيد من صادرات الطاقة والاستثمار في قطاعات الطاقة المختلفة في البلدان الأخرى. يعتمد نهج محمد بن سلمان على فرضية أن دول المقصد يجب أن تترافق سياستها الخارجية مع الرياض مقابل الاستثمار والتعاون مع الدول الأخرى في إنشاء البنية التحتية لإنتاج ونقل وتحويل الطاقة. في السياق الحالي، يبدو أن المطلب أو الضمان التنفيذي لتلبية احتياجات العراق من الكهرباء من قبل مجلس التعاون الخليجي – وليس بالضرورة المملكة العربية السعودية – يتطلب من بغداد الامتثال الكامل للسياسة السعودية في المنطقة. في الواقع، من خلال سياسة الطاقة، يحاول بن سلمان خلق أرضية للرياض للتأثير على الحكومة العراقية، ومن ناحية أخرى، للحد من نفوذ منافسيه الإقليميين، وخاصة إيران، في العراق. بعبارة أخرى، الهدف النهائي لابن سلمان هو أخذ بغداد رهينة سياستها لتصدير الطاقة. ويشير هذا الوضع إلى أنه لا يوجد ما يضمن أن الرياض ستفي بالتزاماتها تجاه بغداد فيما يتعلق بصادرات الكهرباء. لأنه في حالة وجود أي مواقف مستقلة للعراق في السياسة الخارجية، فإن المملكة العربية السعودية ومحمد بن سلمان سوف ينتهكان بسهولة التزاماتهما. يمكن رؤية مثال واضح على ذلك في التعاون ومذكرات التفاهم بين المملكة العربية السعودية وباكستان في السنوات القليلة الماضية. مع تصاعد التوترات بين البلدين بسبب أزمة كشمير، وضع محمد بن سلمان مراجعة المشاريع والعقود الموقعة مع إسلام أباد على جدول الأعمال.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق