التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

لماذا ستفشل المؤامرات التي تحاك ضد حزب الله 

جميع المؤامرات الخارجية ضد لبنان بدءاً من فتنة منطقة الطيونة وصولاً إلى المخطط الجديد لمشيخات الخليج الفارسي وتعليق سعد الحريري عمله السياسي، كلها تهدف إلى تحقيق هدف واحد. فإذا جمعنا أحجية احداث لبنان والسيناريوهات الخارجية في هذا البلد خلال الأشهر الأخيرة من عام 2021 حتى اليوم سنصل إلى هدف واحد.

أحجية المؤامرات الأمريكية – العربية على لبنان

بصرف النظر عن الأحداث التي وقعت في لبنان مطلع العام الماضي ، يمكن القول أن الفتنة في منطقة الطيونة ببيروت في 14 تشرين الأول / أكتوبر 2021 كانت بداية لمشروع جديد مخطط للبنان من قبل جهات أجنبية ، بقيادة الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. كان الهدف من الفتنة التي أطلقتها عناصر من حزب القوات اللبنانية ، بقيادة سمير جعجع (الشخصية الرئيسية للسعودية الآن في لبنان) ، في منطقة الطيونة ، إثارة حرب أهلية في لبنان ، وفي النهاية إطلاق حملة كان هدفها هو نزع سلاح حزب الله. لكن بعد نظر واستراتيجية حزب الله وقيادته، أفشلت هذه الفتنة.

وبينما كان الشعب اللبناني يواجه أزمة مالية واقتصادية ومعيشية غير مسبوقة، وجد نفسه في مواجهة موجة جديدة من الحصار والعقوبات الخارجية التي فرضتها عليهم هذه المرة السعودية ودول الخليج الأخرى. حيث أعلنت الرياض وحلفاؤها بعد 10 أيام من فتنة الطيونة أنهم يقاطعون لبنان بسبب تصريحات لوزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي انتقد فيها حرب اليمن.

وهكذا قامت دول الخليج الفارسي بعد حصار لبنان بطرد سفراء هذا البلد واستدعت سفراءها من بيروت وطالبت باستقالة قرداحي. في النهاية، وبعد عدة أشهر وتجاذبات كثيرة ، اضطر جورج قرداحي تحت ضغوط خارجية وداخلية بالطبع من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين، خاصة 14 آذار إلى الاستقالة مع تمسكه بالمواقف الوطنية ودفاعه عن الشعب اليمني المظلوم في هذه الحرب المدمرة، وشدد على أنه يفعل ذلك فقط من أجل الشعب.

لكن خلافا لما توقعه اللبنانيون ، لم تتغير مواقف مشيخات الخليج وخاصة السعودية من لبنان باستقالة القرداحي. حتى مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته للسعودية لإحياء علاقات لبنان مع دول الخليج الفارسي لم تفلح. فيما بذل المسؤولون اللبنانيون ومنهم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في تصريحاتهم وتصرفاتهم جهودا كبيرة لجذب انتباه السعوديين.

مشروع جديد لمشيخات الخليج الفارسي للهيمنة على لبنان

في ظل الأوضاع التي لا يشاهد فيها حتى الآن أي مؤشر على حسن نية مشيخات الخليج الفارسي تجاه لبنان وعدم عودة سفراءهم إلى بيروت ، وصل وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، المقرب من السعودية السبت الماضي ، 22 يناير 2022 ، الى لبنان وتحدث عن “مبادرة عربية” لـ “انقاذ لبنان” واعادة العلاقات مع الدول العربية.

ولعل قراءة سريعة وواضحة للمشروع الخليجي الذي ترعاه الولايات المتحدة والمسمى بـ “المبادرة العربية” يوحي بأن الجانبين يسعيان لحل الأزمة اللبنانية واستئناف العلاقات الدبلوماسية. ولكن هل هذا هو الحال فعلا؟ مطالعة متأنية لبنود هذا المشروع ، الذي يتضمن 12 شرطا للبنان ، يمكن أن تحدد المقاصد والأهداف الحقيقية وراء هذه المبادرة العربية.

التزام لبنان بسياسة الحياد (في الشؤون الإقليمية) قولاً وفعلاً ، ووضع إطار زمني واضح لتنفيذ قرارات مجلس الأمن 1559 بشأن نزع سلاح حزب الله والقرار 1608 بشأن الاستقلال السياسي اللبناني. مناقشة القرار 1701 بشأن سلاح حزب الله والمنطقة الجنوبية من لبنان بما يتوافق مع مبدأ سيطرة الحكومة اللبنانية على الأسلحة الخارجة عن سيادة الدولة، ووقف “تدخل” حزب الله في شؤون دول الخليج الفارسي بشكل خاص وشؤون الدول العربية بشكل عام والالتزام بأن أي طرف لبناني ينخرط في أعمال عدائية ضد دول مجلس التعاون الخليجي ستتم ملاحقته قانونياً، وإنشاء نظام تبادل أمني بين دول مجلس التعاون الخليجي والحكومة اللبنانية، هي أبرز الشروط التي طرحتها مشيخات الخليج الفارسي على لبنان تحت اشراف أمريكا.

تثبت هذه البنود أن الدول العربية لا تتطلع في الواقع لمساعدة لبنان أو إعادة العلاقات مع هذا البلد ، بل تريد تحقيق هدف لم تحققه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بعد عقدين من التآمر، وهو: نزع سلاح حزب الله وإبعاده عن المشهد السياسي اللبناني.

ويؤكد مراقبون أنه إذا أراد مجلس التعاون تخفيف حدة التوتر مع لبنان فعليه أولاً مراجعة سياساته التي تعد مصدراً رئيسياً للتوتر في هذا البلد، اتخاذ الخطوة الأولى لمعالجة هذه السياسات الخاطئة، وهي رفع الحظر عن الشعب اللبناني الذي فرضته دول مثل السعودية على أمل تغيير موقف اللبنانيين وعدم دعم حركة المقاومة في هذا البلد.

لكن المؤشرات تشير إلى أن هذه الدول لا تسعى إلى تخفيف حدة التوتر أو إقامة علاقات جيدة مع لبنان. وفي ضوء ما سبق ، فإن زيارة مسؤول رفيع من دول الخليج الفارسي إلى لبنان بعد الأزمة التي نشأت بين الجانبين لم تكن بهدف مساعدة الشعب اللبناني أو إحياء علاقاته مع الدول العربية؛ بل سعت إلى فرض شروط المحور العربي – الأمريكي وهيمنة هذه الدول على جميع القرارات والشؤون الداخلية اللبنانية.

لن يتم تفيذ شروط مشيخات الخليج الفارسي ضد حزب الله

وفي هذا الصدد ، توجه وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب إلى الكويت لتسليم رد الحكومة اللبنانية على مطالب دول الخليج الفارسي لنظرائه في مؤتمر وزراء خارجية الدولية العربية. وأكد قبل توجهه إلى الكويت أنه لا يتوجه إلى الكويت لتسليم سلاح حزب الله. مضيفا “أنا ذاهب إلى الكويت للحوار، وحزب الله حزب لبناني ولا يهيمن على سياسة لبنان”، لكنه أكد أن هناك تشاورا دائما بين القيادات السياسية ومن ضمنها الحزب.

بالاضافة الى ذلك ، فإن الهيكل السياسي والوضع الداخلي في لبنان لا يقتصر على حكومة “نجيب ميقاتي” فحسب ، بل لا تستطيع أي حكومة أخرى تطبيق شروط دول الخليج الفارسي ضد حزب الله. كما كان في السابق. حتى أمريكا والكيان الصهيوني لم يتمكنا من التأثير على مكانة حزب الله خلال العقدين الماضيين على الرغم من المؤامرات العديدة ضد المقاومة اللبنانية.

وتعتقد مصادر لبنانية أن أي طرف جعل هذا الوضع مستحيلاً ومهيناً للبنان لا يسعى لاستعادة علاقاته مع هذا البلد ، بل يريد الاستمرار في إذلال لبنان حكومة وشعباً. ومن وجهة نظر المراقبين السياسيين ، هذه المسألة تتطلب من اللبنانيين أن يقدموا رداً حاسماً ومقابلا على دول الخليج الفارسي لأنه بخلاف ذلك عليهم أن يتنازلوا عن سيادتهم واستقلالهم لأطراف خارجية.

كما انتقد بعض السياسيين اللبنانيين سياسة المسؤولين اللبنانيين تجاه الدول العربية والغربية ، مؤكدين لماذا يجب أن يكون أمن لبنان مرهوناً بمصالح بعض الدول في الخليج الفارسي وإحراق اللبنانيين في نار الفتن الخارجية، ما هو الثمن؟ ثمن استرضاء هذه الدول وإعادة سفرائها إلى بيروت مقابل استسلام لبنان لشروط مشيخات الخليج الفارسي أو مقابل وعودهم الكاذبة بتقديم المساعدة المالية؟

يعتقد الكثير من اللبنانيين أن المقصر الرئيسي في الأزمة في لبنان هم القادة السياسيون في السلطة. لأن سلوكهم كان دائما على هذا النحو لدرجة أنهم جعلوا لبنان يستسلم لإملاءات الدول الأجنبية، بما في ذلك مشيخات الخليج الفارسي ، وهذا أدى بلبنان إلى هذا الوضع المؤسف.

وفي هذا السياق أشارت صحيفة رأي اليوم إلى أنه لو كان هناك حكام أقوياء في لبنان ، لما غادر سفراء دول الخليج الفارسي بيروت بهذه الطريقة المهينة ، وأيضا إذا كان هناك مسؤولون أقوياء في لبنان فلن يقبلو هذه الشروط المذلّة لعودة سفراء دول الخليج الفارسي الى بيروت.

ماذا يعني تعليق سعد الحريري عمله السياسي؟

وسط أحجية المؤامرات العربية – الأمريكية ضد لبنان ، أعلن رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري ، زعيم تيار المستقبل ، رسمياً يوم الاثنين الماضي أنه علق عمله السياسي. وتشير المؤشرات إلى أن الحريري اتخذ القرار بعد أن أصيب بخيبة أمل من استرضاء السعودية، وكذلك المشاكل المالية التي طرأت عليه في البلاد.

كما تعيد السعودية التي كانت تعتبر سعد الحريري منذ عام 2017 ورقة خاسرة في لبنان وغير قادر على تنفيذ خطط الرياض ضد حزب الله، تنظيم حملتها وتشكيل تحالفات جديدة بين أعضاء انتخابات 14 آذار من اجل النيابية اللبنانية. وتسعى الى جانب الولايات المتحدة لشراء أصوات اللبنانيين السنة.

ويرى خبراء في الشؤون الإقليمية أن تعليق سعد الحريري عمله السياسي، يشبه استقالته من منصب رئيس الوزراء اللبناني ، جاء بضغط من السعودية وحلفائها بهدف خلط الأوراق في لبنان قبل الانتخابات. بشكل يزيد الضغط على لبنان في ظل الوضع الحرج الراهن ويلقي الكرة في ملعب المقاومة وحلفائها.

من الواضح أن المستفيد الوحيد من هذه الخطط هي أمريكا والكيان الصهيوني ثم حلفاؤهم في دول الخليج الفارسي. لكن كما أثبت التاريخ لم تتمكن أكبر المؤامرات النيل من مكانة المقاومة في لبنان وعلى المسؤولين اللبنانيين ان يعرفوا أن استسلامهم لإملاءات الغرباء لن ينتهي إلا على حساب استقلال لبنان وسيادته.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق