التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

الـ”DW” الألمانية تحارب الإعلاميين الفلسطينيين بدعوى “معاداة السامية”.. ما العبرة؟ 

بالتزامن مع العلاقات التي توصف بالوثيقة والمستمرة بين ألمانيا والكيان الصهيونيّ العنصريّ، أطلقت إذاعة DW “صوت ألمانيا” الدوليّة المعروفة باسم “دويتشه فيله” والتي تُعد واحدة من كبريات إذاعات العالم الموجهة لخارج ألمانيا، إجراءات تأديبية في 5 حالات تتعلق بمزاعم “معاداة السامية” من عدد من العاملين بها مع احتماليّة طردهم من عملهم، بحسب مدير الشبكة بيتر ليمبورج، في تحيز ألمانيّ فاضح لتل أبيب في عدوانها على مختلف الساحات دون أيّ وجه حق، وقد شاهد العالم طريقة تعاطي برلين مع قضية العدوان الإسرائيليّ الهمجيّ على قطاع غزة المحاصر، والذي راح ضحيته مئات الشهداء (نصفهم من الأطفال والنساء) وآلاف الجرحى مع دمار هائل في البنية التحتيّة، ناهيك عن قرار حظر راية حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس” الفلسطينيّة، بدعوى أنها “منظمة إرهابية”.

في دعم واضح لكيان الاحتلال الذي بات يُعرف دوليّاً بصفة “الفصل العنصريّ” رغم جرائمه المتصاعدة بحق الفلسطينيين -أصحاب الأرض والمقدسات-، وإهمالٍ فاضح لكل دعوات التحقيق في جنايات العدو الصهيونيّ، تُصر الحكومة الألمانيّة التي تربطها علاقات جيدة بالإسرائيليين أن تواصل الضغط على الفلسطينيين أينما وجدوا، حيث إنّ برلين لا ترغب بتعكير صفو علاقتها مع العدو الذي ينزعج بشدة من أدنى انتقاد له، وقد شهدنا مدى الاستماتة الإٍسرائيليّة لدفع ألمانيا قبل بضعة أشهر لتصنيف “حماس” كمنظمة إرهابيّة، باعتبار أنّها استطاعت الانتصار على الكيان الإرهابيّ في عدة حروب، كما أنّ غزة الواقعة تحت سيطرتها انتصرت مؤخراً بشعبها العظيم ومقاومتها، وأذلت ناصية العدو المعتدي الذي أثقب مسامعنا بأنّه “لا يقهر”.

وفي هذا الخصوص، أُبلغت الصحفيتان الفلسطينية مرام سالم، والأردنية فرح مرقه، اللتان كانتا تعملان مع شبكة “DW” الألمانية بقرار طردهما من الشبكة، وذلك بعد شهرين من اتهامها بمعاداة السامية (مصطلح يعنى معاداة اليهود) وكيان الاحتلال الصهيونيّ، بجانب موظفين عرب آخرين، وقالت سالم في منشور لها على حسابها على موقع فيسبوك: “لقد تم إعلامي الآن بقرار فصلي من DW، وذلك عقب نشر صحافي ألمانيّ تقريراً يتهمني مع زملاء آخرين بمعاداة السامية والكيان الصهيونيّ، وذلك بسبب منشورات على فيسبوك”، في انتهاك صارخ لحرية الرأي والتعبير الذي تتشدق بها ألمانيا والذي أثقبت الدويتشه فيله مسامعنا به عبر كافة تغطياتها وتقاريرها وبرامجها.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه “إسرائيل” ومناصروها تهمة “معاداة السامية” شماعة لمحاربة الفلسطينيين ومن يوالي قضيتهم المحقة في مختلف الميادين، أشارت مرام سالم إلى أنّ “دويتشه فيله” قمعت حريتها في التعبير عن رأيها، نتيجة لمواقفها السياسية والإنسانية والحقوقية والاجتماعية قائلة: “هذا هجوم صارخ على حرية التعبير وعلى الصحافيين وعلى هويتي لمجرد أنني فلسطينيّة”، مؤكّدة أنها ستتقدم بدعوى قضائية أمام القضاء الألمانيّ ضد قرار فصلها التعسفيّ.

من ناحية أخرى، كتبت الصحفية الفلسطينية – الأردنيّة فرح مرقه، عبر حسابها على موقع تويتر، أنّها أُبلغت أيضاً بقرار فصلها من عملها في شبكة “DW” من دون إيضاح الأسباب، أو تسليمها نتائج التحقيق، وكأنّ أصحاب مزاعم “حرية الرأي والتعبير” أصابتهم نوبة بضغط إسرائيليّ لمحاربة كل ما يشكل “رأس حربة” بنظرهم في معركة الدفاع عن قضية فلسطين ضد العصابات الصهيونيّة الغازية، ومنع مساندة الفلسطينيين في ألمانيا لقوى وفصائل المقاومة الفلسطينيّة والأهالي المحاصرين بين فكي كماشة الاحتلال.

وحول هذا الموضوع، بدى منتدى الإعلاميين الفلسطينيين استيائه البالغ من قرار فصل الإعلامية مرام سالم من موقع “DW”، عقب نشر صحفي ألماني تقريراً يتهمها مع زملاء آخرين بمعاداة السامية والكيان الصهيونيّ بسبب منشورات عبر “الفيسبوك”، وفي بيان صحفيّ له أشار المنتدى إلى قرار الفصل جاء رغم تأكيد الإعلاميّة على خلو منشوراتها من أيّ تعبير معاد للسامية أو حتى ذكر كيان الاحتلال “إسرائيل”، مشدّداً أنّ “الصحفية الفلسطينية تناولت في منشورها حرية التعبير في أوروبا، ولا نرى في ذلك تمادياً خطيراً في التنكر لحرية الرأي والتعبير خلافاً للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية المؤكدة على حرية الإنسان في التعبير عن أفكاره”.

وفي ظل الدعم الألمانيّ المباشر لتل أبيب واختيار برلين الوقوف في صف الكيان القاتل الذي باتت تؤرقه كلمات وأشخاص ومنشورات غير مرتبطة به حتى، استنطر منتدى الإعلاميين الفلسطينيين بشدّة فصل الإعلاميّة مرام سالم، مطالبا بالتفريق بين معاداة كيان الاحتلال والصهيونية ومعاداة “السامية” أي اليهود، وهذا ما تروجه بعض الأحزاب الألمانيّة الداعمة بقوّة للصهاينة كحزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي والحزب الاجتماعي الديموقراطي البافاري، واللّذان يستنفران على “دولة القانون” الألمانية للرد بحزم على المظاهرات التي تشهدها عادة شوارع العديد من المدن الألمانية عند كل عدوان وحشي إسرائيليّ على الفلسطينيين ومقدساتهم، كذلك بدعوى ” معاداة للسامية”.

وعلى هذا الأساس، يعتبر البعض القرارات الألمانيّة متحيزة للغاية وتصب في مصلحة الكيان المجرم، لدرجة أنّ إظهار أي دعم علنيّ لأي طرف في محور المقاومة يعتبر تُهمة كافية للطرد من العمل ومخالفة كبرى للقانون الألمانيّ، في ظل تعامٍ قذر من تلك الدول عن جرائم الكيان الصهيونيّ -السرطان الذي زُرع لفصل شرق الوطن العربيّ عن مغربه وتنفيذ المصالح الأمريكيّة والغربيّة-، دون رقيب أو عتيد بسبب فشل الحكومات العربيّة والدوليّة في محاسبته على جرائمه العنصريّة البشعة بحق أصحاب الأرض، والتي لم ينج منها الأطفال ولا الشيوخ ولا النساء ولا الأسرى ولا المرضى حتى.

وما ينبغي ذكره، أنّ المتحدث باسم مفوض الحكومة الاتحادية لشؤون الثقافة والإعلام، أوضح أنّ مفوض الحكومة الاتحادية لشؤون الثقافة والإعلام يتعامل مع الاتهامات الحالية ضد عاملين بقسم تحرير دويتشه فيله باللغة العربية على محمل الجد تماماً –بحسب تعبيره-، ويتوقع توضيحاً سريعاً وشاملاً، معتبراً أنّه “في حال تم تأكيد الاتهامات، فإنه لابد من اتخاذ اجراءات ضد العاملين في هذا القسم على الفور”، عقب نشر صحيفة ألمانيّة مقالا تحت عنوان “محطة إذاعية تنظر بعيداً”، جاء فيه أن عدة موظفين لدى دويتشه فيله نشروا بيانات معادية للسامية ومعادية للكيان الصهيونيّ خلال الأعوام الفائتة على الإنترنت، مدعية أنّه “تم حذفها بعد ذلك”.

خلاصة القول، يجب على جميع الإعلاميين الأحرار وأصحاب الكلمة الصادقة التضامن التام مع الصحفيين الفلسطينيين باعتبارهم يمثلون أهم قضية عربية وإسلاميّة، لإجبار تلك المؤسسة الإعلاميّة على العدول عن نهج استهداف الصحفيين الفلسطينيين والمتضامنين مع القضية الفلسطينية، وإعطاء درس لغيرها من المؤسسات الفائقة التحيز أن توقف حربها الضروس على مؤيدي القضية الفلسطينية في الخارج، حيث إنّ هذا الموضوع يقلق العدو الغاصب وداعميه، ففي الوقت الذي فشلت كل محاولات الكيان الساديّ في إضفاء الشرعية على دولته المزعومة وشرعنة جرائمها، نجد بعض الدول التي تدعي الديمقراطيّة تصطف بكل ما أوتيت من قوة لنصرة المجرم ضد الضحيّة، رغم تزايد نسبة مقاطعة “إسرائيل” في كثير من الدول، فيما لا تُعطي دولنا للأسف فرص عمل إعلاميّة كما يجب لأصحاب الخبرة والأفكار المقاومة، ما يُضطرهم للعمل تحت رحمة تلك المؤسسات القذرة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق