التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

اعتراف دوليّ بسياسة الفصل العنصريّ الإسرائيليّة ضد الفلسطينيين.. أسبابه ونتائجه؟ 

مؤخراً، أقرت منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي تضم ما يزيد عن 150 بلداً وإقليماً، بما كان النشطاء الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان وحلفاؤهم يقولونه منذ عقود، حيث نشرت تقريرًا خلص إلى أن الكيان الصهيوني هو “أبرتهايد” أيّ نظام فصل عنصريّ يرتكب جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدوليّ من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، ما فضح الصهاينة بشكل أكبر على الساحة الدوليّة التي تتهم فيها تل أبيب من قبل منظمات حقوقية بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، الشيء الذي يضع العدو الغاشم أكثر فأكثرفي دائرة العنصريّة المقيتة والعزلة الدوليّة.

شهادة دوليّة

في شهادة دولية قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة، اعترفت منظمة العفو الدولية بجرائم الصهاينة المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، ما يرغم المجتمع الدوليّ بشكل أكبر على تحمل مسؤولياته بسرعة تجاه فلسطين، ومساءلة وتذكير الدول بالتزاماتها القانونيّة بموجب القانون الدوليّ، للجم خروقات الكيان المُعتدي التي تؤكّدها الأخبار الآتية من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة كل يوم.

وتقدم منظمة العفو الدولية فيلمًا وثائقيًا عن الفصل العنصري الصهيونيّ، يظهر بوضوح رغبة الكيان العارمة في قمع الفلسطينيين والسيطرة عليهم، حيث إنّ المنظمات الحقوقيّة الدوليّة لم تعد قادرة بالفعل على الصمت تجاه الجرائم الإسرائيليّة المنقطعة النظير والعنصريّة الغريبة الوصف، باعتبار أنّ السياسات الإسرائيليّة ساهمت في ارتكاب جرائم ضد الإنسانيّة لا حصر لها، في أعقاب المنهج العنصريّ بحق أبناء فلسطين وتصاعد إجرام العدو الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين.

وبحسب التقرير، فإن السياسات الإقليمية للكيان الصهيوني ومنهجه وهندسته الديموغرافيّة والعرقيّة تهدف إلى إنشاء أغلبية يهوديّة عبر عمليات القتل المباشر، والقيود على الحركة، والتطهير العرقيّ وسياسات التهجير، والتمييز المؤسسي، والحرمان من الجنسية والوطنية، كجزء من نظام ممنهج للهيمنة والفصل العنصريّ، وإنّ الكيان الصهيونيّ لا يُخفي ذلك أساساً، بل يعترف بأنّه لايمكن بأيّ حال من الأحوال أن يتوقف عن إجرامه وقضمه لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وخيرُ دليل على ذلك نص إعلان الدولة المزعومة، والذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من بلادهم، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.

وتؤكّد المعلومات الموثقة التي ذكرها التقرير، أنّ جوهر الهيمنة الصهيونيّة يتمثل في ممارسة أنظمة المواطنة المتميزة بين اليهود والفلسطينيين وتقسيم الفلسطينيين إلى مجموعات منفصلة (فلسطينيون في الأراضي المحتلة، العاصمة الفلسطينيّة القدس، فلسطينيون في الضفة الغربية ، قطاع غزة ، ولاجئون)، وما يبرهن ذلك ما قالته منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية قبل مدة، وهي مركز إسرائيليّ غير حكوميّ مختص بحقوق الإنسان في الأراضي التي يحتلها العدو الصهيونيّ الغاصب، حول أنّ حقوق الفلسطينيين أقل من حقوق اليهود في المنطقة بأكملها بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، وأنّهم يعيشون تحت أشكال مختلفة من السيطرة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة وقطاع غزة والقدس الشرقيّة وداخل الأراضي المحتلة نفسها.

إضافة إلى ذلك، تحدثت المنظمة الإسرائيليّة النخبويّة المناهضة للاحتلال الصهيونيّ والتي تهدف إلى توثيق وتثقيف الجمهور الإسرائيليّ بما يخص الاعتداءات على حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ومحاربة ظاهرة إنكارها السائد بينهم، أنّ إحدى النقاط الرئيسيةّ في نتائج تقريرها هي أنّ هذه منطقة جيوسياسيّة واحدة تحكمها حكومة واحدة (جيوسياسيّة: السياسة المتعلقة بالسيطرة على الأرض وبسط نفوذ الدولة في أي مكان تستطيع الوصول إليه)، وأوضحت أنّ هذه ليست ديمقراطية بجانب احتلال، بل “أبرتهايد” (نظام فصل عنصريّ) بين النهر والبحر، وأنّ الكيان الصهيونيّ يخفي حقيقة أنّ ما يقارب الـ 7 ملايين يهودي و7 ملايين فلسطينيّ يعيشون في ظلّ نظام واحد ذي حقوق غير متساوية إلى حد كبير، كما أنّه لا يوجد معيار واحد يتساوى فيه الفلسطينيّ واليهوديّ في فلسطين المحتلة.

لذلك، نشرت منظمات حقوقيّة عدّة بشأن منهجيّة الاحتلال العدوانيّة على أصحاب الأرض والمقدسات، بينها منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بحقوق الإنسان، والتي أوضحت أنّ الكيان القاتل يقوم بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، مؤكّدة أنّ تلك السياسات ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانيّة، في ظل المنهج العنصريّ الذي يتبعه العدو بحق الشعب الفلسطينيّ.

تأثيرات التقرير

إنّ أهم تأثير لتلك التقارير الحقوقيّة الموثقة والمدروسة لمدة طويلة رغم الضغط الذي لا يوصف على تلك المنظمات لإطالة مدّة إخفاء الجنايات الصهيونيّة، خاصة جرائم الحرب التي ارتكبها الكيان الباغي في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر، هو تثبيت صفة “العنصريّة” على “إسرائيل” الدمويّة، والتي لا يألو مسؤولوها جهداً في محاولة عرقلة أو إلغاء أيّ تحقيق أو وصف بخصوص جرائم الحرب الموثقة التي ارتكبوها بحق الأبرياء، وبالأخص في قضايا الاستيطان، والأسرى، والعدوان على الشعب الأعزل.

ولأنّ “إسرائيل” بشهادة مسؤوليها تتهرب من أي شيء يفتح المجال أمام حل في فلسطين، ستلاحق بسبب تماديها بارتكاب الجرائم بحق أصحاب الأرض وستقطع يدها لعدم تكرار سيناريوهات الغدر بدماء الضحايا والأطفال، باعتبار أنّ اتهامها من قبل منظمة الأمم المتحدة بممارسة سياسة الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين الذي يعقدون آمالهم على قرار محكمة الجنايات الدولية والمنظمات الدولية التي خذلتهم لسنوات طويلة، سيكون تأثيره ملموساً في الأحداث الرياضية والثقافية الدولية تجاه العدو الإسرائيليّ الذي بات معروفاً بعنصريّته، ما يعني طرد الصهاينة كليّاً من أي منافسة دوليّة.

من ناحية أخرى، سيزيد الفلسطينيون من ضغطهم على المحكمة الجنائية الدولية في “لاهاي” لإحراز تقدم في التحقيقات التي ترصد سلوك العدو في المناطق الفلسطينية، ما يعني ملاحقات دولية قد تطال المسؤولين الصهاينة وخاصة العسكريين منهم، وقد ألمح وزير الخارجية في حكومة العدو إلى إمكانية توجيه الجهود الفلسطينية إلى كبير محققي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان الذي زعم أنّه “منحاز للفلسطينيين”، والذي تولى منصبه في مايو/أيار 2021.

وعلى هذا الأساس، إنّ مجرد التطرق للحرب العسكريّة الأخيرة على قطاع غزة المحاصر منذ 15 عاماً والتي كشفت للقاصي والداني حقيقة هذا العدو الساديّ، تخضع في الوقت الراهن للتحقيق من قبل لجنة تابعة لمنظمة لأمم المتحدة تضم 19 موظفاً متخصصاً، وقد مُنحت تفويضاً كاملاً بالتحقيق في كل ما جرى، وهو ما يزيد من قلق العدو العنصريّ حيث سيتم فيه نشر المسودة الأولى لنتائج اللجنة الدوليّة في يونيو/ حزيران المقبل، ويتوقع الإسرائيليون أن تتضمن نتائجها من بين أمور أخرى توصيف الكيان الصهيونيّ بأنّه “دولة فصل عنصريّ”.

ومع تكشف حقيقة هذا الكيان المجرم الذي يتستر على جناياته من خلال وسائل الإعلام العالميّة التي يدير اليهود الكثير منها، والتزايد الكبير لحملات مقاطعة الدولة المزعومة، يبدو الإسرائيليون أضعف من أي وقت مضى على الساحة الدوليّة والدليل محاربة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وحملة منع إضفاء الشرعية على “إسرائيل”، خاصة أمام حركة مقاطعة الكيان الصهيونيّ (BDS) التي يعتبرها العدو تهديداً استراتيجيّاً لاحتلالهم الأراضي الفلسطينيّة، وقد أقرّ الاحتلال مراراً بفشل جهود وزارة الشؤون الاستراتيجيّة في حكومة العدو بالقضاء على حركة المقاطعة العالميّة المناهضة لكيانهم العنصريّ، والتي ستساهم بشكل كبير في فضح قذارة ودمويّة الكيان الصهيونيّ.

ختاماً، فضحت “إسرائيل” ساديّتها وعنصريّتها بنفسها من شدّة الجرائم التي ارتكبتها بحق الأبرياء، ومن الضروريّ أن تتكاتف جهود المنظمات الدوليّة الحقوقيّة والمجتمع الدوليّ والعربيّ لدعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين على أراضيهم، لأنّ الجلاد الصهيونيّ الرافض لأدنى انتقاد لجناياته وللوجود الفلسطينيّ بشكل مطلق، لا يمكن أن يتغير دون فضح ممارساته الاستبدايّة ومقاطعته، باعتبار أنّ جرائم الصهاينة المُحتلين لا يمكن أن تتوقف بحق الفلسطينيين والعرب إلا بمحاربة واستئصال ذلك السرطان من الأراضي العربية المُحتلة منذ عقود.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق