اضطرابات في سوق الصرف العراقي مع مطالبة الصدر بتعزيز الدينار
عقب تغريدة مقتدى الصدر عن قيمة الدولار، شهدت الأسعار في العراق تغيرات طفيفة في قيمة الدولار خلال اليومين الماضيين.
لكن ما وراء تغريدة زعيم التيار الصدري وتغيرات طفيفة في سعر صرف الدولار، فقد شهدت الساحة السياسية للبلاد نقاشاً حول القرارات المحتملة للحكومة العراقية المستقبلية في خفض سعر صرف الدولار مقابل الدينار، وكذلك تعارض نهج الحكومة مع نهج الصدر، وهي في الواقع قضية خطيرة تحتاج إلى بحث وتحليل.
مطالب مقتدى الستة بتخفيض قيمة الدولار وعواقبها على سوق الصرف الأجنبي
أصدر مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري ، بيانًا في 17 شباط 2022 ، أصدر فيه ستة مطالب لضبط سعر الصرف، تتضمن ما يلي:
1- منع تدفق العملات والأوراق المالية المزورة.
2- مراقبة أداء بعض البنوك العراقية مثل الشرق الأوسط وقابس والأنصاري وبعض البنوك غير الحكومية الأخرى المملوكة للأفراد.
3- الاستدعاء الفوري لمحافظ البنك المركزي العراقي لجلسة علنية في مجلس النواب.
4- الاستدعاء الفوري لوزير المالية لجلسة علنية في مجلس النواب.
5- تنظيم سوق النقد الأجنبي العراقي من قبل السلطة المركزية من خلال آلية فعالة واعتماد بعض القوانين التي تزيد من سعر صرف الدينار مقابل الدولار.
6- قمع شديد لبعض البنوك العاملة تحت رعاية بعض الأحزاب السياسية.
وعقب البيان المكون من ست مواد، أعلن مجلس النواب العراقي قراره عقد اجتماع مع وزير المالية علي علاوي ومحافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف. وفور إعلان البيان وانتشاره، انخفض سعر صرف الدولار في السوق المحلية بشكل طفيف، وفي 18 فبراير 2022 (الجمعة) انخفض سعر الـ 100 دولار أمريكي من 148 ألف دينار الى 147.5 ألف دينار. إلا أن انخفاض قيمة الدولار مقابل الدينار تواصلت حتى يوم السبت 19 شباط، وحسب مصادر إخبارية عراقية، فإن سعر الـ 100 دولار سينخفض من 147.500 ديناراً في الصباح إلى 146.600 ديناراً بعد الظهر من يوم السبت. وقد أدى هذا الاتجاه الآن إلى تحليلات مختلفة بين المراقبين السياسيين العراقيين.
لغز هبوط أسعار الدولار وارتفاعها
أثيرت قضية التلاعب المستهدف بقيمة الدولار مقابل الدينار لأول مرة في ديسمبر 2020، خلال إقرار موازنة 2021، في وقت كانت حكومة مصطفى الكاظمي تواجه أزمة خانقة نتيجة هبوط أسعار النفط في السوق العالمية، وبتبنيها سياسة التقشف، وضعت على جدول الأعمال خطة لخفض قيمة الدينار مقابل الدولار. ورفعت حكومة مصطفى الكاظمي خلال هذه الفترة سعر الدولار الذي كان في حدود 1190 دينارا عراقيا منذ عدة سنوات إلى 1250 دينارا ثم إلى 1450 ثم إلى 1500 دينار لتعويض عجز الموازنة.
على الرغم من أن الخطوة تعرضت لانتقادات واسعة، إلا أن حكومة الكاظمي نفذت خطتها بإصرار. لكن في الآونة الأخيرة، ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية والذي وصل إلى مستوى قياسي غير مسبوق في السنوات السبع الماضية، أثار قضية ضرورة خفض قيمة الدولار مقابل الدينار بشكل جدي، ويمكن اعتبار الداعم الرئيسي لها مقتدى الصدر.
يجادل المؤيدون الرئيسيون لخطة تخفيض قيمة الدولار بأن قرار تخفيض قيمة الدينار العراقي اتخذ عندما كان سعر برميل النفط في الأسواق العالمية بين 40 و 50 دولاراً، وهو ما ارتفع إلى أكثر من 90 دولاراً اليوم، لذا من الضروري الآن مراجعة خطة التقشف السابقة.
استياء الحكومة من طلب الصدر بخفض قيمة الدولار
في الأشهر الأخيرة، أثارت الدعوات لإعادة 100 دولار إلى 120 ألف دينار معارضة من الحكومة المركزية العراقية. وعلى المستوى الشعبي، حذر البنك المركزي العراقي من انخفاض قيمة الدولار مقابل الدينار، قائلا إن ذلك سيعرقل سعر الصرف ويلحق أضرارا جسيمة بالمواطنين.
وحسب البنك المركزي العراقي، فإن ذلك من شأنه أن يبث الريبة في النظام الاقتصادي العراقي ويجعل الاستثمار العراقي ومشاريع الإنتاج المحلي غير قادرة على المنافسة. وسيؤدي ذلك في النهاية إلى ارتفاع البطالة وتوقف المشاريع.
إضافة إلى ذلك، رد وزير المالية العراقي علي عبد علي علاوي على استدعاء برلماني عقب تغريدة مقتدى الصدر: “لا يمكن إدارة البلاد بتغريدة”. وشدد علاوي على أن استدعائه مرفوض ولا يمكن السكوت عنه، وأضاف الحكومة ليست مسؤولة أمام أي حزب سياسي، ولكنها مسؤولة أمام الشعب العراقي من خلال البرلمان المنتخب فقط. وقال إن أمر الاستدعاء من قبل أحزاب سياسية هو تدخل في أنشطة الحكومة وقال: ليس من صلاحيات نائب رئيس البرلمان إصدار أمر استدعاء.
التداعيات المحتملة لقرار خفض قيمة الدولار مقابل الدينار
ويعكف مراقبون اقتصاديون عراقيون على دراسة خطة إعادة الدولار إلى مستواه السابق مقابل الدينار. وقال الباحث والاقتصادي سلام سميسم، الباحث والاقتصادي العراقي، إن “أي قرار زيادة قيمة الدينار مقابل الدولار قد يكون له فوائد”.
واضاف “لكنها لن تعيد بالضرورة مستوى التضخم الى ما كان عليه في السابق، فقد حدث تخفيض قيمة الدينار بموجب اتفاقية مع مؤسسات دولية ويستمر لمدة 5 سنوات وليس من السهل عكسه”. وقال عبد الرحمن المشهداني، أستاذ الاقتصاد الدولي، إن “الحكومة ستنظر في سعر الصرف بعد نحو عام من اتخاذ القرار، نتيجة ارتفاع أسعار النفط والتضخم في السوق العراقية، من الصعب للغاية الحكم عليها في الوقت الحالي، لأن ذلك يعني أننا نربط سعر الدينار بالنفط، وهذا ليس صحيحًا من الناحية الاقتصادية. وأضاف أن “قرار خفض قيمة الدينار العراقي لم يكن ناجحاً منذ البداية، لأنه خفض قيمة العملة المحلية بنحو 30 في المئة، أدى إلى ركود وإلى زيادة كبيرة في أسعار المواد الغذائية.
من جهة أخرى، أكد جمال سيدو عضو اللجنة المالية في مجلس النواب السابق والعضو الحالي في البرلمان، أنه “لا يوجد حاليا قرار بخفض أو زيادة قيمة الدينار العراقي، هناك حديث عن إجراءات للحد من الفساد في عملية مزاد العملات الأجنبية والسيطرة على أسعار المواد في السوق. وردا على سؤال حول احتمال ارتفاع الدينار العراقي أمام الدولار قال سيدو “هذا مستبعد جدا”. وأضاف “كان من الجيد تخفيض قيمة العملة المحلية في ذلك الوقت، لكنها سيئة الآن لأنها أثرت بشكل كبير على السوق والشعب العراقي”.
المصدر/ الوقت