التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

أثر اتفاق تشكيل لواء مشترك بين الجيش وقوات البيشمركة على الأمن الوطني العراقي 

وسط التحديات المستمرة لتشكيل حكومة عراقية جديدة توصل إقليم كوردستان والحكومة المركزية العراقية إلى اتفاق مهم بشأن أمن المنطقة الشمالية والأكثر حساسية في البلاد، وهو اتفاق بشأن تكامل القوات والتعاون الأمني ​​في مواجهة الإرهاب في المناطق المتنازع عليها. وبحسب التقارير الصادرة عن وزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق، سيتم دمج حوالي 3700 من هذه القوات في لواء مشترك مع الجيش العراقي للانتشار في المناطق المتنازع عليها.

وبحسب قارمان شيخ كمال، نائب رئيس أركان قوات البيشمركة، فإن 3692 من عناصر البيشمركة، إلى جانب عدد مماثل من عناصر الجيش العراقي، يشكلون لواءً مشتركًا تتولى وزارة الدفاع العراقية دفع رواتبهم وتوفير معداتهم. وبعد التوصل إلى الاتفاقات الأولية تتلقى القوات التدريب اللازم ثم تبدأ مهماتها في المناطق المتنازع عليها التي تشهد خروقات أمنية. هذا على الرغم من حقيقة أنه حتى مع انتهاء خلافة داعش المزعومة، فإن فلول هذه المجموعة الإرهابية فيما يسمى بالمناطق المتنازع عليها، بما في ذلك أجزاء كبيرة من محافظات نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين، تتخذ العديد من التحركات لزعزعة الأمن في هذه المناطق. لكن السؤال الآن إلى أي مدى يمكن أن يكون التعاون المشترك لقوات البيشمركة مع الجيش العراقي في المناطق المتنازع عليها فعالاً في تعزيز الاستقرار وإرساء الأمن في هذا البلد؟ للإجابة على هذا السؤال، يمكن مناقشة عدد من القضايا المهمة.

الحد من التوترات بين أربيل وبغداد بشأن المناطق المتنازع عليها

اهم قضية وتوتر بين اقليم كوردستان والحكومة المركزية في العراق خلال سنوات ما بعد 2005، اي بعد صياغة الدستور العراقي حتى الآن، هو المناطق المتنازع عليها والمحددة في المادة 140 من الدستور العراقي. وبحسب هذا المادة القانونية، يتعين على سكان محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى العودة إلى أماكن إقامتهم السابقة على ثلاث مراحل؛ إذ يجب على الذين نزحوا بسبب سياسة حزب البعث في نزع الملكية وإعادة التوطين، العودة إلى مدنهم وتوفير السكن والتعويض المناسب لهم. على الرغم من أن نهاية كانون الأول (ديسمبر) 2007 قد حددت موعداً نهائياً لتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي، لا يزال الجدل قائماً حول هذه المادة ويعتقد عدد كبير من الأحزاب الشيعية والسنية والتركمان أن تطبيق المادة 140 لم يكن ممكنا؛ وأن كتابة هذه المادة في الدستور كان نتيجة إساءة استخدام الأكراد لفراغ السلطة بعد سقوط النظام البعثي عام 2003. ومع ذلك، استمر الأكراد في جعل هذا شرطا مسبقا في جميع مفاوضاتهم مع الحكومة المركزية وحتى في تشكيل حكومات جديدة. إن حساسية السيطرة على هذه المناطق كبيرة لدرجة أنه حتى خلال الاستفتاء الكردي الفاشل في عام 2017، شهدنا اشتباكات محدودة بين قوات البيشمركة والقوات العسكرية التابعة للحكومة المركزية. الآن، المسألة الأولى المهمة التي يجب أن يعالجها اتفاق إنشاء لواء مشترك من قوات البيشمركة والجيش العراقي، هي الحاجة إلى تمهيد الطريق للحد من التوترات السياسية بين أربيل وبغداد، أو بشكل أكثر دقة، يجب أن تهدف مثل هذه الاتفاقية إلى تسهيل المحادثات والاتفاقيات المستقبلية بين الجانبين والمساعدة في حل المعادلة الأمنية العراقية.

التماسك التنظيمي والتكامل في هيكلية القوات المسلحة العراقية

في كل السنوات منذ عام 2003، كان استقلال قوات البيشمركة عن هيئة الأركان العامة للجيش العراقي إحدى المشكلات الكبرى التي لطالما انتقدها الرأي العام وجزء كبير من التيارات السياسية. على الرغم من أن الدستور العراقي يذكر رسميًا قوات البيشمركة باسم “حرس الإقليم”، إلا أن هذا لا يعني أن هناك جيشًا منعزلاً إلى جانب الجيش العراقي. في الواقع، فإن قوات البيشمركة في المنطقة هي في الغالب القوات العسكرية التابعة للحزبين الرئيسيين اللذين يحكمان الإقليم، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، ومن حيث الوضع القانوني، يمكن تسميتهم “بقوات غير نظامية”. وقد أثر ذلك حتى على سيطرة الحكومة المركزية على التعاون العسكري مع الدول الأخرى، حيث وقعت أربيل من جانب واحد اتفاقيات بشأن شراء الأسلحة والتدريب والتعاون العسكري مع دول أخرى تتعارض تمامًا مع المصالح الوطنية العراقية. لذلك كانت هناك في كل السنوات الماضية مطالب بحل هذه القوات وضمها للجيش العراقي، ورافقها معارضة من إقليم كوردستان. لكن الاتفاق الآن على تشكيل لواء مشترك من قوات البيشمركة والجيش العراقي بقيادة بغداد يجب أن يكون خطوة للأمام في دمج قوات البيشمركة في الجيش العراقي حتى يُعتبر إيجابياً.

تحدي الفراغ الأمني ​​في المناطق المتنازع عليها

كما ذُكر، في السنوات الأخيرة، على الرغم من انتهاء خلافة داعش، لا يزال هناك مستوى كبير من حركة فلول وبقايا هذه المجموعة الإرهابية في المناطق المتنازع عليها. وعلى الرغم من تزامن وجود البيشمركة الكردية وقوات الجيش، إلا أن الفراغ الأمني ​​ملحوظ. الواقع أن انعدام التنسيق والتعاون الكامل بين الطرفين قد خلق جواً خاصاً لداعش للتنفس في المناطق المتنازع عليها، ونتيجة لذلك لاحظنا الهجمات المتكررة التي يشنها التنظيم على قواعد الجيش العراقي والبيشمركة بشكل متكرر. في أواخر عام 2021 على وجه الخصوص، ترددت تقارير متكررة عن وقوع إصابات بين قوات البشمركة في هذه المناطق. لكن بقدر ما فشل الجيش والبشمركة في تحقيق الاستقرار في المناطق المتنازع عليها، قامت قوات الحشد الشعبي العراقي بعمل جيد للغاية في محاربة داعش ومنع عودة الجماعة الإرهابية في المحافظات الغربية العراقية المتاخمة لسوريا. في ظل هذه الظروف، يُنتظر الآن ليرى ما إذا كان الاتفاق الأخير بين أربيل وبغداد لإنشاء لواء مشترك، إذا تم تنفيذه، يمكن أن ينجح إلى حد ما في سد هذه الفجوة الأمنية.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق