التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

عملية بئر السبع.. استكمال لـ”هبة القدس” وبداية تصعيد عمليات المقاومة في رمضان 

قتل أربعة أشخاص وأصيب آخرون في عملية دهس وطعن مزدوجة نفذت في مدينة بئر السبع، يوم الثلاثاء الماضي، فيما تعرض المنفذ لإطلاق نار أدى إلى استشهاده.

وعُلم أن المنفذ هو الشاب محمد غالب أبو القيعان من بلدة حورة في منطقة النقب ويبلغ من العمر 34 عاما، وهو متزوج وأب لخمسة أطفال وكان يعمل معلمًا بإحدى المدارس الثانوية في النقب.

وفي وقت لاحق مساء الثلاثاء، اعتقلت الشرطة شقيقي منفذ العملية، بناء على تقديراتها التي تزعم أنهما “شاهداه يغادر المنزل في طريقه لتنفيذ العملية وبحوزته سكين”، حسب موقع “واينت”.

وأسفرت العملية عن مقتل امرأتين طعنا (43 عاما و49 عاما) ورجل في الخمسينات من عمره (قتل دهسا)؛ وآخر (67 عاما) – قتل طعنا؛ في حين أصيبت امرأتان بجروح بين المتوسطة والخطيرة ونقلتا لمستشفى “سوروكا” في بئر السبع.

وفي التفاصيل، جاء أن المنفذ طعن امرأة في محطة وقود ثم توجه بمركبته نحو شخص يقود دراجة هوائية ودهسه، قبل أن يصل إلى مركز تجاري قريب ويترجل من مركبته وقام بطعن مجموعة من الأشخاص بينهم رجل وامرأة.

وأظهرت المقاطع المصورة الواردة من الموقع، قيام شخصين تواجدا في المكان بملاحقة المنفذ وأطلق أحدهما النار عليه (كان يعتمر قلنسوة منسوجة – من أنصار الصهيونية الدينية) ما أدى إلى إصابته بجروح حرجة فارق الحياة على إثرها.

وذكرت الطواقم الطبية، في بيان صدر عنها فور الإبلاغ عن تنفيذ العملية، أنها قدمت العلاج لعدد من الأشخاص أصيبوا بدرجات متفاوتة، من بينهم مصابون بحالة خطيرة. في شارع “طريق الخليل” في مدينة بئر السبع. وأقرت الطواقم الطبية مقتل امرأة في المكان، في حين تم إقرار مقتل ثلاثة آخرين في مستشفى “سوروكا”.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها تتعامل مع الواقعة على أنها “عملية هجومية”، في حين ذكر موقع “واينت” الإلكتروني أن الشرطة “اشتبهت في البداية بأن الواقعة جنائية على خلفية نزاع بين عشائر”.

واقتحمت قوات معززة من الشرطة، بلدة حورة، مساء الثلاثاء، وأغلقت البلدة وحاصرت منزل المنفذ الذي كان قد أدين في العام 2015 بواسطة المحاكم الإسرائيلية بصلات مزعومة بتنظيم “داعش” والتخطيط للسفر إلى سورية، وخضع لعقوبة بالسجن لمدة 4 سنوات وتحرر عام 2019.

وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الأمن الإسرائيلية، شنت حملة اعتقالات واسعة في حورة عقب تنفيذ العملية في بئر السبع. كما ذكرت المصادر أن الشرطة الإسرائيلية أجرت تحقيقا ميدانيا مع عائلة أبو القيعان في البلدة.

وقام جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) بجمع معلومات استخباراتية عن المواطنين العرب في النقب، بما في ذلك أهالي القرى غير المعترف فيها في النقب، حسب ما ذكرت هيئة البث الإسرائيلي (“كان 11”)، ويزعم الشاباك أنه “رصد تصاعداً في تورط البدو في حوادث إرهابية”، على حد تعبيره.

شكلت هذه العملية المعقدة صفعة قاسية ونادرة لأمن الكيان الصهيوني، لاعتبارات مختلفة، أبرزها نتيجة العملية؛ فهذه هي المرة الأولى تاريخياً التي يتمكّن فيها فلسطيني لوحده من قتل 4 إسرائيليين في عملية طعن ودهس فردية.

كما أن المنفذ تنقّل بين ثلاث مناطق مختلفة في بئر السبع، وهو ما يؤشر إلى فشل المنظومة الأمنية، والذي من بين تجلّياته أيضاً أن المنفّذ أبو القيعان هو أسير محرَّر أخيراً، ومن البديهي أن يخضع لمراقبة «الشاباك» بعد الإفراج عنه، وخصوصاً أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية كانت قد صنّفته سابقاً كـ«صاحب ميول إرهابية».

والأكثر إثارة، هو أن الأنظار والتقديرات الإسرائيلية قبيل شهر رمضان كانت مصوبة نحو القدس والضفة الغربية، في حين لم يتوقّع أحد وقوع هجوم في بئر السبع داخل النقب، وفق ما يشير إليه المحلّل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت».

وأجمع محللون إسرائيليون بأن عملية بئر السبع هي نتائج لفشل استخباراتي للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، واتفقوا فيما بينهم على أن العملية التي نفذها محمد غالب أبو القيعان تعتبر محطة مفصلية بالعلاقات بين العرب واليهود.

ولا يستبعد المحللون العسكريون أن تتجه الأوضاع داخل الخط الأخضر إلى تصعيد حقيقي وانفجار للأوضاع ومواجهات بين العرب واليهود وخاصة بالمدن المختلطة، وذلك على غرار أحداث هبة الكرامة في مايو/أيار الماضي، التي رافقت العملية العسكرية الأخيرة على قطاع غزة.

کما تأتي عملية بئر السبع في ظل ظروف استثنائية، فقد كانت بمنزلة توطئة مبكرة لأحداث مشابهة متوقعة في شهر رمضان بنيسان/ أبريل المقبل، إضافةً إلى مرافقتها لمخططات تشجير وتجريف وطرد واستيطان تستهدف منطقة النقب المحتل.

كما أنها كغيرها من العمليات السابقة، كشفت عن مزيد من الثغرات في أجهزة الاحتلال الأمنية، وحتى في تعاطيه مع الحدث، وهي بمنزلة استكمال لنقطة تحوّل بدأت منذ أيار/مايو الماضي بالأخص وأن “هبة القدس” في حينها وضعت في خانة “التهديد الوجودي” على الكيان.

إضافة إلى ذلك، فإن العملية بأبعادها الأمنية والسياسية وحتى الاجتماعية وجهت ضربة قوية لمفهوم “الدولة الآمنة لليهود”، في الوقت الذي يسعى فيه كيان الاحتلال إلى استغلال الأزمة في أوكرانيا قدر الإمكان، في سياق استقدام مستوطنين جدد، وتحديداً إلى منطقة النقب.

لقد أثبتت العملية الاستشهادية الفدائية الجديدة انه كلما أمعن الكيان الصهيوني في سياساته القمعية والإرهابية، واعتداءاته على الفلسطينيين وحقوقهم، أدّى ذلك إلى تأجيج وتصعيد عمليات المقاومة. ولهذا فإنّ تهديد رئيس وزراء الكيان نفتالي بينيت وتوعده بـ «الضرب بيد من حديد « وأنه سيتمّ الوصول إلى كلّ من ساعد في تنفيذ هذه العملية. وتوعّد وزير الحرب بيني غانتس، بمحاسبة من حرّض لتنفيذ العمليات، لن يقود إلا إلى مزيد من التصعيد في عمليات المقاومة واندلاع المواجهات في كلّ أنحاء فلسطين المحتلة، ولا سيما مع اقتراب حلول شهر رمضان الذي طالما شكل محطة من محطات تأجج المواجهات مع قوات الكيان الصهيوني والمستوطنين.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق