“إسرائيل” على فوهة بركان.. ما العبرة من الهجوم المسلح في تل أبيب
كما توقع المحللون العرب والإسرائيليين حتى، باتت فلسطين تعيش أوضاعاً متوترة للغاية وعمليات جهاديّة وعمليات إطلاق نار تستهدف قوات الاحتلال، نتيجة لجرائم العدو البشعة التي ترتكب كل يوم بحق الفلسطينيين، ناهيك عن مواصلة الحكومة الإسرائيليّة سياسة الاستيطان والقتل المروعين بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، حيث قتل مؤخراً عدد من المستوطنين، وأصيب آخرون بجروح في عملية إطلاق نار في مدينة يافا (تل أبيب) وسط فلسطين المحتلة من قبل العصابات الصهيونية منذ العام 1948، في تطور خطير للأحداث التي يتوقع أن تشهد انفجاراً وشيكاً بعد أن فتحت تل أبيب أبواب جهنم على نفسها من خلال منهج تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، لدرجة اشتراك وجهة النظر بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول مستقبل هذه المنطقة نتيجة للتمادي الإسرائيليّ التي بات ملموساً على كل المستويات.
جولات تصعيديّة
الدليل على بدء جولات التصعيد المتنبأ بها على الساحة الفلسطينية، ما أعلنته مصادر طبية تابعة للعدو عن 5 قتلى و6 إصابات في هجوم مسلح نفذه أسير محرر استقل دراجة نارية وتسلح ببندقية كلاشنكوف في بني براك شرقي يافا (تل أبيب)، وهو من قرية “يعبد” قرب جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة وينتمي الى كتائب “شهداء الأقصى” التابعة لفتح وشارك في تأسيسها ياسر عرفات عام 2000، فيما تحدثت أنباء عن عن إستشهاد المنفذ.
وعلى ما يبدو بدأت حكومة العدو الإسرائيليّ تتحسس خطر تصرفاتها الطائشة، في ظل السياسية الصهيونيّة الغبية المتعلقة بفلسطين وشعبها الذي بات توصف بأنّه “جمر تحت الرماد”، مع إقدام الكيان الغاصب وعصاباته المتوحشة على خطوات تصعيديّة لا عد لها، وإنّ القلق الذي انتاب رئيس الشاباك قبل مدة بقوله: “إن الضفة الغربية تغلي، ولم تهدأ منذ عملية حارس الأسوار في مايو/ أيار العام من العام المنصرم”، تخطى الضفة الغربيّة والقدس، ما يعني أنّ احتماليّة تصعيد المواجهة مع الكيان الغاشم لم تعد محصورة في مكان وزمان محدد.
ومع ارتفاع حدة الإجرام والاستيطان الإسرائيلي والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لمصلحة المستوطنين المتشددين،ستؤدي بلا محالة إلى انفجار “انتفاضة عارمة” ستغير الواقع الحالي وفقاً لكثيرين، وإنّ عودة المقاومة المسلحة إلى الساحة الفلسطينية بشكل عامل وتصاعد “العمليات الجهادية” ليس بغريب أبداً، ويمكن أن يكون أكثر مما يتخيل الإسرائيليون حتى، بعد أن شعر الأهالي بأنّ العقلية الإجراميّة والإرهابيّة للمحتل الأرعن لا يمكن أن تتغير، والدليل هو ارتكاب أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب هذا الشعب الذي يُدعى من قبل الفصائل الفلسطينيّة بشكل مستمر، لإشعال الأرض الفلسطينيّة المحتلة تحت أقدام جنود الاحتلال رداً وثأراً لدماء شهداء فلسطين وحماية لأبناء الأرض المحتلة والمستهدفة، لأنّ قوات الاحتلال لا يمكن أن تكف عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، حسب تجربتهم مع الصهاينة.
وفي الوقت الذي باركت فيه لجان المقاومة الفلسطينية العملية البطولية في حي “بني براك”وقولها: “إنّ العمليّة تشكل فشلا وخيبة جديدة للمنظومة الأمنية للاحتلال الصهيونيّ”، يزدار الرعب الإٍرائيليّ أكثر فأكثر من من انفجار للأوضاع خاصة في القدس، التي يتوقع أن يقتحم مسجدها الأقصى المبارك آلاف اليهود في “عيد الفصح” بالتوازي مع شهر رمضان لدى المسلمين، وهذا ما يمكن أن يكون شرارة الرد المرعبة على كل عدوان تنفذه العصابات الصهيونيّة القاتلة، فيما يحذر مراقبون من اقتراب تحول الضفة الغربيّة إلى “غزة ثانية” لردع العدوان الهمجيّ الذي لا يتوقف عن قتل المدنيين وتدمير مقدساتهم وتهديد أرواحهم، عقب تجربة مُرة مع الصهاينة وآلتهم العسكريّة رسّخت قناعة عند الفلسطينيين بأنّ أرواحم مهددة ومطالبهم غير مسموعة.
انتفاضة وشيكة
“على حكومة العدو أن تستعد لم هو آت”، هي رسالة يريد الفلسطينيون إرسالها عبر هذه العملية وغيرها خاصة في هذا الأسبوع، بعد أن فهموا خلال سنوات الاحتلال بأنّ الإسرائيليين غير مستعدين سوى لسفك الدماء وسلب الأراضي، وأدركوا بشكل تام حقيقة أنّ التحرر من استعباد المحتل الأرعن لا يكون إلا بالمقاومة ولو بأبسط الوسائل، فما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها، والحل بالفعل هو وقوع “ثورة غضب” عارمة بوجه الاحتلال وعصاباته، لأنّ التصدي لهجمات المستوطنين وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم ولحماية فلسطين وشعبها، وإنّ السكوت عن جنايات العدو يشجع قوات الاحتلال والمستوطنين على العربدة والتغول في أراضي الفلسطينيين عبر مخطّطات العدو الاستيطانيّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس.
ولا يجزء الفلسطينيون الأحداث الحاليّة أبداً ، بمعنى آخر إن مقتل إسرائيليين وإصابة 10 آخرين، في عملية فدائية استشهد منفذاها أيمن وإبراهيم إغبارية في مدينة “الخضيرة” داخل فلسطين المحتلة، ويعتربون أنّهم حاليا يقومون بما في وسعهم لإطلاق يد المقاومة لتفعل دورها في لجم العدوان الصهيونيّ على الشعب الفلسطينيّ، ويؤكّدون أنّ هذا الرد الفرديّ على هذه الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال يمهد لـ “ثورة غضب عارمة وقريبة”، والأحداث االتي جرت وتجري أرسلت بالفعل “رسائل خطيرة” ومتوصلة بأنّ ثورة الشعب الفلسطينيّ لن تخمد، ولن تتوقف إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينيّة.
أيضاً، سبق تلك العملية بأيام، مقتل 4 إسرائيليين وإصابة آخرين في عملية فدائية في منطقة السبع نفذها طعنًا ودعسًا الأسيرُ المحرر محمد أبو القيعان من قرية “حورة” في النقب جنوب فلسطين المحتلة، قبل استشهاده، في عمليات يعترها الفلسطينيون رداً شعبيّاً على الجرائم الإسرائيليّة، فيما يحضرون لمقاومة جديدة وانتفاضة متواصلة تُعيد الألق لهذه القضية اليتيمة، التي حاول التطبيع تشويها صورتها المليئة بالدماء نتيجة إجرام الغزاة.
ويرى الشعب الفلسطينيّ ومقاومته، ضرورة قصوى في حصول تلك العمليات البطولية والفدائية، وينبع ذلك من الحاجة لِلجم الكيان الصهيونيّ الذي بات يوصف بـ “العنصريّ” دوليّاً، ولا يخفى على أحد أنّ “إسرائيل” قامت منذ ولادتها غير الشرعيّة على العنف المفرط والإجرام غير المعهود، حتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم الإرهابيّ وفق ما يُعرف بمنهج “القبضة الحديديّة” وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة، فمنذ يوم 14 مايو/ أيار عام 1948، حين قام هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، والتاريخ والحاضر أكبر شاهدين على الوحشيّة والدمويّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة.
بناء على ذلك، يركّز مطلب الفصائل الفلسطينيّة على “إشعال كل نقطة يتواجد فيها جنود الاحتلال ومستوطنوه”، وهم يؤكّدون بشكل متواصل على أنّهم لن يسكتوا على الاعتداءات الإسرائيليّة الجبانة، فيما يدرك أبناء فلسطين أنّ العصابات الصهيونيّة لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تتوقف عن إجرامها وعنصريّتها وقضمها لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وأكبر دليل على ذلك نص إعلان الدولة المزعومة الذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من “بلادهم”، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.
من ناحية أخرى، تتوسع دائرة معرفة الإسرائيليين تجاه حقيقة أنّ “المحتلين لا مستقبل لهم في فلسطين، فهي ليست أرضاً بلا شعب، كما كذبوا”، خاصة بعد أن وافق الصهاينة على إنشاء وطنهم اليهودي على أرض فلسطين العربيّة تاريخيّاً، وزعموا أنّ فلسطين هي “أرض الميعاد” وأنّ اليهود هم “شعب الله المختار”، وأنّ القدس هي “مركز تلك الأرض”، وأنّها “مدينة وعاصمة الآباء والأجداد”، و”مدينة يهوديّة بالكامل”، بهدف الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أراضي الفلسطينيين بأقل عدد ممكن منهم، بعد أن شجعت الحركة الصهيونيّة بشكل كبير جداً، هجرة يهود أوروبا الجماعيّة إلى أرض فلسطين خلال النصف الأول من القرن العشرين، كما يُدركون بشكل كامل الخداع الذي تحاول حكومة العدو زرعه في عقولهم، والدليل وجود عدد وإن كان قليلاً من الإسرائيليين يرفضون الروايات الإسرائيليّة، ويطلقون حملات نشطة من أجل تحرير فلسطين من نظام الفصل العنصريّ والمقاطعة العالمية له.
المصدر / الوقت