التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

حرب أوكرانيا ولعبة الإعلام الغربي 

يحاول الغرب نشر أكاذيبهم عن حرب أوكرانيا وذلك لأن وسائل الإعلام في أيدي الولايات المتحدة وأوروبا، ولذا فهم يقولون ما يريدون. وإضافة إلى استخدام الكثير من المعدات العسكرية الثقيلة، ينخرط الأمريكيون في حرب نفسية عبر وسائل الإعلام، وذلك لأن وسائل الإعلام الغربية على دراية جيدة بأساليب الحرب النفسية، ويستخدم مسؤولوها هذه الطريقة في مواقفهم وخطاباتهم.

تكمن قوة الإعلام الغربي في أنه يمكن أن ينشر كذبة في الرأي العام. إن قلب الحقائق رأساً على عقب في العالم هو مهارة خاصة للغرب والإعلام حيث يصادف أن للصهاينة نصيب كبير وباع طويل في هذا المجال. ومنذ اشتعال فتيل الأزمة في أوكرانيا، اشتدت الحرب التكنولوجية، وتلك المعتمدة على منصات التواصل الاجتماعي، ضد روسيا.

ومع بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، تصاعدت الضغوط عليها بصورة هيستيرية. ولم تترك وسيلة أو أداة، من السياسة والدبلوماسية والاقتصاد والمال، وحتى التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي، بحيث فرضت شركات التكنولوجيا العملاقة حصاراً على المواطنين ووسائل الإعلام الروسية. هذا كله على الرغم من أن شركات التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي تضع نفسها في خانة “منابر حرية التعبير الأولى حول العالم”، إلا أن الأزمة في أوكرانيا اختبرت قيم هذه الشركات بوسائل جديدة.

وهناك العديد من الأمثلة على الحرب الإعلامية والحرب النفسية في العالم، وحتى هذه الأكاذيب استُخدمت للتحريض على الحرب. وقد بدأت الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في العراق باستخدام أخبار كاذبة حول وجود أسلحة دمار شامل، ولكن سلطات واشنطن بعد احتلال العراق كشفت بأن تقرير مفتشي الأمم المتحدة أعرب بأن ذلك الادعاء ما كان إلا مجرد كذبة مفركة.

في الواقع، لقد أجبرت الولايات المتحدة محققي الأمم المتحدة على إعداد تقرير كاذب من أجل الحصول على إذن بغزو العراق. الأمر نفسه حدث في سوريا، فقد ادعى الأمريكيون مرارًا وتكرارًا أن الجيش السوري استخدم أسلحة كيماوية في الحرب ضد إرهابيين ولكن الأمريكيين لم يقدموا أي دليل على هذا الادعاء، وكشفت روسيا أكاذيب الأمريكيين بينما سعت الولايات المتحدة لإقناع مجلس الأمن لشن هجوم دولي على سوريا. وحتى الآن تعتزم وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية اتهام روسيا بارتكاب جرائم حرب في اوكرانيا، فيما يظهر ما نشرته وسائل اعلام أوكرانيا والغرب بهذا الصدد أن تلك المشاهد كانت مزيفة.

حيل وسائل الإعلام والمسؤولين الغربيين لتزييف الحقائق

إن الأمريكيين يريدون اتهام روسيا في حرب أوكرانيا، لكن في حرب السعودية على الشعب اليمني المظلوم، لا يُتهم القادة السعوديون بارتكاب جرائم حرب!. إن الصهاينة لديهم نفس الوضع وهم يرتكبون الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني ، لكنهم لم يُتهموا قط بارتكاب جرائم حرب، والأخبار والتقارير الواردة من فلسطين، والعمليات المعادية للصهيونية وأعمال فصائل المقاومة والشعب الفلسطيني ضد المحتلين، يتم اعتبارها في وسائل الاعلام الغربية والصهيونية بأنها أعمال إرهابية.

إن الولايات المتحدة هي نفسها مجرمة حرب، وسجلها الأسود يثبت ذلك. وقد تكون الفظائع التي ارتكبها الجيش الأمريكي في فيتنام أمثلة على ذلك. وقد بلغ عدد القتلى في فيتنام مليوناً ومئة وستة وسبعين ألف شخص. وجاءت حصيلة القتلى في فيتنام في المرتبة الثانية بعد ضحايا الحرب العالمية الثانية.

ولقد أدت جرائم الحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان وسوريا وحتى اليمن إلى تعميق سجل جرائم النظام الامريكي ، لكن بسبب قوة الإعلام الغربي، لم يقم المجتمع الدولي أبدًا بإدانة الولايات المتحدة وحلفائها. وما هو مؤكد في أزمة أوكرانيا هو الأكاذيب والعدوان الذي تمارسه وسائل الإعلام الغربية تحت إدارة وإشراف حكوماتها ووكالاتها العسكرية والاستخباراتية.

دائماً وحسب الدعاية الأمريكية، تقوم وسائل الإعلام الغربية بتسويق فكرة “غزو روسي وشيك” للأراضي الأوكرانية، ولا ينبغي وفقاً لوجهة النظر الأمريكية أن يحيد أحد عن هذه الفكرة، فهي الفكرة التي يجب أن تسيطر على الرأي العام العالمي، بل يجب أن تصحو وكالات الأنباء وتنام على التحذير من اندلاع شرارة حرب عالمية ثالثة انطلاقاً من أوكرانيا. ورغم أن مناطق النزاع الأمريكية الروسية كثيرة في العالم، غير أن الإدارة الأمريكية اختارت أن تركز على هذه المنطقة من العالم دون غيرها، حيث تعد أوكرانيا وبيلاروس آخر دولتين في الاتحاد السوفييتي السابق تقفان حاجزاً أمام تمدد “ناتو” شرقاً باتجاه الحدود الروسية، فضلاً عن أنهما، وربما كان هذا الأهم، تحتضنان أهم أنابيب النفط والغاز العابرة من روسيا إلى قارة أوروبا، ويمر عبرهما ما نسبته 40% من الطاقة التي تحتاج إليها أوروبا، وليس من السهل تعويض هذه الحصة بكل الوسائل المتاحة.

وتصر واشنطن دائماً على هذه الفكرة، رغم النفي القاطع الروسي لها على لسان جميع المسؤولين، وحتى عندما أعادت روسيا قواتها المشاركة في المناورات في كل من بيلاروس وشبه جزيرة القرم إلى أماكن تمركزها، زاد الإصرار الأمريكي على نشر الأكاذيب والمزاعم، بل زادت على ذلك بالحديث عن عقوبات مفترضة على روسيا في حال أقدمت على ذلك، بمعنى أن الغزو الروسي بات حقيقة قائمة ولم يتبق سوى البحث في النتائج، وذلك لإقناع كل من يتبادر إلى ذهنه الشك في أوروبا حول هذه المزاعم بأن الأمر واقع بالفعل، والوقت الآن ليس لمنعه بل للتعامل مع نتائجه، فسيناريو الكذب الأمريكي مستمر في هذا السياق ولا يمكن وقفه أو القفز فوقه مطلقاً، حيث إنه لا ينتهي الجانب الروسي من تفنيد كذبة من هذه الأكاذيب الأمريكية، حتى يتقدّم الأمريكي إلى الأمام في مسلسل أكاذيبه، فما إن تبيّن أن روسيا بالفعل تحجم عن ذلك بغض النظر عن حقيقة نيّاتها، حتى عادت وسائل الإعلام الأمريكية لتسويق كذبة متقدمة في هذا الشأن، ومن ذلك ما زعمته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية من أن روسيا أعدت قائمة بالشخصيات السياسية الأوكرانية التي يجب تصفيتها أو اعتقالها في حال نشوب نزاع عسكري بين موسكو وكييف، وهي تقارير نفاها متحدث باسم الكرملين للصحفيين، وقال: “إنها مزيفة وكذبة ذات خيال مطلق”.

تؤدي وسائل الإعلام والاتصال الحديثة دورًا بالغ الخطورة والأهمية في التأثير على الرأي العام المحلي والعالمي وتوجيهه نحو قضايا معينة يُرى من ورائها دعم توجهات دول وجهات متنفذة وطمس وجهات أخرى حتى لو كانت أكثر واقعية وصوابية.

وتعدى دور الإعلام من كونه وسيلة لنقل الأخبار وتحليل الوقائع وتفسير الأحداث إلى أن أصبح عاملًا مؤثرًا على رسم سياسات الدول وصياغة قراراتها، وأضحت وسائل الإعلام أداة ليست بالهينة يمكن من خلالها تشويه وتدمير قيم وثقافات والترويج لقيم وثقافات أخرى، ما يؤثر وبشكل عميق على أفكار الأفراد وسلوكهم وعواطفهم وتوجهاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعندما يتحول المناخ الإعلامي العالمي إلى مناخٍ مسموم بالفعل بفكرة غزو روسي حتمي للأراضي الأوكرانية، عندها وحسب التفكير الأمريكي، تستطيع الإدارة الأمريكية أن تملي على العالم ما تشاء من حلول لإنقاذه من الكارثة التي توشك أن تحل به، وهذه الحلول تكمن طبعاً بفرض العقوبات المتنوعة على الجانب الروسي التي يعدها الغرب السبيل الوحيد للتغلب على الخصم الروسي، حسب رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين التي قالت: إن الدول الغربية على استعداد لاستهداف نقطة ضعف روسيا إذا غزت أوكرانيا، موضحة أنها تتحدث عن فرض عقوبات اقتصادية جديدة، تفضي إلى عزل روسيا عملياً عن الأسواق المالية الدولية، وصولاً إلى فصلها عن النظام المالي “سويفت”.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق