الحرب الروسية الأوكرانية تفضح ازدواجية المواقف والمعايير الغربية
– لا يخفى على أحد أنه مُنْذُ تفكك الاتحاد السوفياتي، والعلاقة بين روسيا وأوكرانيا تشهد أزمات متتالية. وطول الفترة من العلاقات المتوترة بين البلدين كانت بصمات الغرب ظاهرة وبارزة في زيادة تلك الأزمات والعمل على زيادتها بين البلدين، حيث استغل الغرب الساحة الأوكرانية وعمل على تأجيج الصراع بين روسيا وأوكرانيا بشكل كبير ولم يتوقف الغرب عن اثارة الصراع بين روسيا وأوكرانيا بل أن الغرب استمر بالعديد من المحاولات لتطويق روسيا عن طريق الدول المجاورة لها حيث أن حلف الناتو توسَّعَ شرقاً وضمَ دولاً من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، بالإضافة إلى جمهوريات حلف وارسو السابقة.
شعرت روسيا بالخوف والقلق من الغرب تجاة التصرفات التي قام بها الغرب بعد الإعلان عن خطة لضمّ أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي وهذا ما اعتبرتة روسيا حصاراً لها، بعد توتر العلاقات بشكل كبير بين البلدين بدأت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وإلى الان لا يمكن لأحد أن يجزم بما ستأول إليه الأمور في نهاية هذا الصراع في ظل تواصل المعارك في الشوارع، والساحات. الغرب الذي كان السبب الرئيسي في حدوث الحرب بين روسيا وأوكرانيا استغل هذه الحرب للانتقام من موسكو بفرض العديد من العقوبات . وفي الوقت نفسة تحرك لإدانة روسيا امام المجتمع الدولي، وهنا ظهر الوجة الحقيقي للغرب حيث أن الغرب الذي تسبب في تدمير العديد من البلدان العربية تحرك لدية الضمير الإنساني في موضوع أوكرانيا بينما وخلال كل السنوات من العدوان على اليمن ظل ساكتاً ولم يحرك ساكناً بل إنه استغل الحرب اليمنية لبيع المزيد من الاسلحة لدول العدوان السعودي الإماراتي .
أوكرانيا تتهتم روسيا بإرتكاب جريمة و روسيا تنفى مسئوليتها
في ظل المعارك الحاصلة بين روسيا وأوكرانيا وكما هي العادة فإن الحروب تتسبب بالخراب والدمار وتدهور الوضع في البلدان المتحاربة ففي الايام الاخيرة ظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي في رسالة مصورة متحدثا عن هجوم صاروخي قيل انة أسفر عن “سقوط 52 قتيلا بينهم خمسة أطفال وفق حصيلة أوردتها السلطات المحلية ” حيث اعتبر ذلك جريمة حرب ارتكبتها روسيا ” و خلال الرسالة طلب الرئيس الأوكراني “ردا عالمي شديدا” بعد ماوصفة بالقصف الذي طال محطة في كراماتورسك حيث كان يتجمع مدنيون “
الجانب الروسي بدورة لم يظل ساكتاً، حيث أن موسكو نفت مسؤوليتها عن الاتهامات التي وجهها الرئيس الأوكراني وقالت موسكو أنها لا تملك نوع الصواريخ المستخدمة. ونددت بحصول “استفزاز” أوكراني، ومن الجدير بالذكر أن وزارة الدفاع الروسية كانت قد أعلنت في وقت سابق الجمعة أن الجيش الروسي دمر بواسطة صواريخ دقيقة “أسلحة وعتادا عسكريا ر في محطات بوكروفسك وسلوفيانسك وبارفينكوف” وهي بلدات تقع قرب كراماتورسك “عاصمة” الجزء الخاضع لسيطرة أوكرانيا في منطقة دونباس.
ازدواجية في المواقف يتعامل بها الغرب بين أوكرانيا واليمن
ضج الغرب بالمواقف تجاه مايحدث في أوكرانيا واظهر تعاطفاً كبيراً مع أوكرانيا بينما في الوقت الذي شهدنا الملايين من أبناء الشعب اليمني يتعرضون للإبادة الجماعية على ايدي التحالف السعودي الإماراتي دون اي إدانات ودون تحرك جدي يذكر من قبل المجتمع الدولي تجاه الجرائم الحاصلة في اليمن، حيث أن الحرب الروسية الأوكرانية اظهرت الوجة الحقيقي القبيح للمجتمع الدولي وفي السياق نفسة وبعد حديث الرئيس الأوكراني واتهام روسية بإرتكاب جريمة ضد الإنسانية، اتّهم الرئيس الأميركي جو بايدن موسكو بارتكاب “فظاعة مروعة” بينما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أنها “جريمة ضد الإنسانية”.
من خلال التحرك والإدانات التي وجهها الغرب وخاصة وزير الخارجية الفرنسي تَطرح العديد من التساؤلات لماذا لم يتخذ الغرب وفرنسا مواقف مشابة تجاة الجرائم التي ارتكبت في اليمن ؟ في الحقيقة هذه الازدواجية التي يتعامل بها الغرب في تناول الأحداث تبين أن الغرب يوظف القضايا الإنسانية لخدمة أهدافه السياسية ، ففي نفس الوقت الذي يعيش فيه ملايين اليمنيين أوضاعاً مأساويةً نتيجة لحرب ظالمة وحصار خانق قام بها التحالف السعودي على اليمن بدعم وتسليح غربي ، يستغل الغرب وفرنسا هذا الحدث في أوكرانيا لتلميع صورته اما شعوب العالم .
الغرب وفرنسا شريكتان في الجرائم والانتهاكات المرتكبة في اليمن
من خلال الإدانات التي قدمها الغرب تجاه موسكو وخاصة فرنسا هل يا تُرى تستطيع فرنسا بالتصريحات التي قدمها وزير الخارجية الفرنسيي التغطية على جرائمها ضد الإنسانية في اليمن ؟ لا يخفى على أحد أن فرنسا قامت بتزويد التحالف السعودي الإماراتي بـ”الأسلحة والخبرات” لقتل الشعب اليمني حيث يعتبر استخدام الأسلحة والخبرات الفرنسية في العدوان على اليمن جريمة ضد الإنسانية ولكن للاسف فإن القانون الفرنسي غض طرفه مقابل صفقات السلاح والاموال التي ربحتها فرنسا من مبيعات الأسلحة للسعودية والامارات، نعم لقد تبين أن فرنسا كغيرها من قوى الغرب، حيث أن فرنسا شاركت منذ الأشهر الأولى في العدوان على اليمن بطرق مباشرة وغير مباشرة ، وبمختلف الوسائل المختلفة “دعم لوجستي واستخباراتي وعسكري ومبيعات أسحله وتحيز إعلامي ، فلقد قدمت ايضاً وسائل الإعلام الفرنسية معلومات متحيزة لقوى التحالف السعودي الإماراتي وفي الداخل الفرنسي خاصة، وذلك في إخفاء الحقائق حول مشاركة فرنسا في العدوان وبيع الأسلحة للتحالف السعودي الإماراتي “
تناقض عجيب
فرنسا من ناحية تجعل الدفاع عن القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين خلال الصراعات من أولوياتها العليا، ومن ناحية أخرى تستمر في تصدير الأسلحة إلى السعودية، ونستطيع أن نلمس هذا من خلال الانتهاكات الخطيرة والمتكررة والموثقة على نطاق واسع في اليمن، وهذا ما أكدته ونشرته منظمة ( هيومن رايتس ووتش) التي قالت في أحد تقاريرها أنه يجب على فرنسا التوقف عن تصدير الأسلحة إلى السعودية لأن هذه الدولة ترتكب انتهاكات خطيرة في اعتداءات وحشية ومروعة ضد المدنيين في اليمن، مشيرة إلى أن السعودية من أكبر الدول التي أشترت أكبر قدر من الأسلحة الفرنسية في العام 2019م . ومن الجدير بالذكر أن فرنسا ما زالت تبيع الكثير من الأسلحة إلى السعودية والإمارات ، وبحسب خبراء عسكريون فإنها بهذا العمل شريكة في الحرب على اليمن. وهنا يظهر التناقض العجيب فالأنتهاكات التي ارتكبت في اليمن من قبل فرنسا وكثير من دول الغرب بفعل أسلحتهم كلها جرائم ضد الإنسانية واضحة للعيان .
في النهاية يمكن القول أن معايير الغرب تجاه الأزمات هي ازدواجية وقد ظهرت في تعاملهم مع موضوع أوكرانيا واليمن، و تبيّن أن غالبية الدول الغربية لا تحكمها القيم الإنسانية كما تدعي وإنما المصالح، فمواقف تلك الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا تجاه اليمن وشعبه مخزية فهي تساند وتدعم دول تحالف العدوان االسعودي الإماراتي. فمن الملاحظ أن الدول الغربية التي قدمت الادانات تلو الادانات لـ موسكو هي ذاتها التي التي ظلت ساكته عما يحدث في اليمن، بل انها شاركت في جرائم التحالف السعودي من خلال بيع الاسلحة التي استخدمت لقتل أطفال اليمن، فالطائرات التي تلقى القنابل على المدارس والمستشفيات وصالات الأفراح في اليمن، هي صناعة غربية وفرنسية. فالتناقض الصارخ في التعامل الأمريكي والأوروبي مع الأزمات العربية واضح ، ومما لا شكّ فيه أن هذا التناقض يطرح أسئلة محرجة عن النظام الدولي، نحو إعادة مراجعة منظومة القيم، وتحديد مفاهيم جديدة، بعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
المصدر/ الوقت