التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

الضفة الغربية على أعتاب “ثورة وشيكة”.. ما علاقة “جنين 

في ظل تمادي قوات الاحتلال الإسرائيليّ بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وترتكب أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين خاصة في هذا الأيام المباركة، تتحدث وسائل إعلام عبريّة عن اقتراب حدوث عمليات إسرائيلية مكثّفة في جنين التابعة للضفة الغربية وتؤكّد أن ذلك ليس مستبعداً، فيما تُحذر فصائل المقاومة في غزة تل أبيب من عواقب أي اجتياح لمخيم المدنية، وتتزايد في هذه الأيام دعوات تفعيل كافة وسائل المقاومة والمواجهة في الضفة الغربيّة المحتلة، بسبب مواصلة قوات العدو جرائم الإعدام بدم بارد بحق الفلسطينيين ما يُظهر بشكل أكبر العقلية الإجراميّة والإرهابيّة للمحتل الأرعن.

اقتحام قصير

تشير المعلومات الإخباريّة إلى أنّ فصائل المقاومة في غزة أوصلت رسالةً إلى الكيان الغاصب عبر وسطاء إقليميين ، مفادها أن اجتياح مخيم بمثابة “خط أحمر، وربما يُدخل غزة على خط المواجهة”، خاصة أنّ لكتائب “شهداء الأقصى” في مدينة جنين ونابلس علاقات جيدة بفصائل المقاومة في غزة، وخصوصاً مع سرايا القدس، لكن قوات العدو اقتحمت المخيم بالأمس وبقيت فيه نحو ساعتين لا أكثر، ونتج عن ذلك استشهاد شاب فلسطينيّ وإصابة 14 آخرين برصاص العصابات الصهيونيّة التي أجرت عملية مسح هندسي لمنزل عائلة الشهيد رعد حازم منفذ عملية “ديزنغوف” الفدائية في يافا، ثم اعتقلت شابين فلسطينيين تحت بمزاعم أنهما مطلوبين ويعدان لعملية مسلحة، حيث أصيب أحدهما بجراح خطيرة ونقل للعلاج في إحدى المستشفيات، كما اقتحمت قوات العدو قرية “برقين” جنوب جنين.

وتأتي تلك الأنباء عقب المؤشرات التي أوحت بحدوثها فقد شهد المخيّم تحليق طائرات مسيرة بعد ساعاتٍ على استشهاد منفذ عملية تل أبيب التي أسفرت عن مقتل عدة إسرائيليين، وتهديدات العدو الواضحةً بتنفيذ اعتقالات داخل المخيم، في وقت تشير فيه وسائل إعلام إسرائيلية، نقلاً عن مصادر في المؤسسة الأمنية والعسكرية، أن السلطة الفلسطينية في رام الله فقدت السيطرة التامة على شمالي الضفة، متحدثة عما أسمتها “الفوضى وكميات كبيرة من السلاح”.

“ليس مستبعداً أن نرى عمليات إسرائيلية مكثفة في منطقة مخيم جنين”، هذا ما مهده الإعلام العبريّ قبل يوم من الحملة العسكرية الإسرائيليّة ليعلن المتحدث باسم جيش العدو، أفيخاي أدرعي، انتهاء العملية العسكرية التي بدأها في منطقة جنين عقب ساعتين من بدئها، قائلاً إنّ قواته مسحت منزل منفذ العملية الفدائية الأخيرة لدراسة إمكانية هدمه، وإنه تم خلال العملية اعتقال مطلوبيْن يشتبه في تورطهما في أعمال وصفها بـ “الإرهابية”، وأنّ الاقتحام الإسرائيليّ نُفذ بناء على معلومات استخباريّة من هيئة الاستخبارات وجهاز الشاباك، بعد إيعاز من رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية بتعزيز القوات في مناطق الاحتكاك بالضفة وتنفيذ إجراءات أمنية واسعة ضد عائلات منفذي العمليات الفدائيّة الأخيرة.

“فصائل المقاومة الفلسطينية بكل تشكيلاتها تقف صفاً واحداً في الدفاع عن مخيم جنين، ولن تسمح للعدو بأن يستفرد بأبناء فلسطين”، رسالة واضحة من الفصائل التي حذرت تل أبيب من استمرار عدوانها على المخيم، معتبرة أن “إسرائيل” تحاول من خلال هذه الاقتحامات والجرائم تصدير أزماتها الداخلية والخروج من حالة الصدمة التي شكلتها عمليات المقاومة في ما أسمته “العمق الإسرائيليّ”، وأشادت المقاومة بتصدي الأبطال لاقتحام مخيم جنين، مؤكّدة أن دماء الشهداء لن تذهب هدرا، وأن رجال المقاومة سيبقون على عهد الشهداء، داعية إلى تصعيد المواجهة ضد الكيان ومستوطنيه في عموم مدن الضفة الغربية المحتلة.

بالقابل، أدانت وزارة الخارجية التابعة للسلطة التي يرأسها محمود عباس هذا الاقتحام واصفة إياه بأنّه تصعيد متعمد ضد الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومقدساته، ومحملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا التصعيد، رغم أنّ الضفة الغربيّة مرهونة بقرارات السلطة المتعاونة مع العدو الإرهابيّ، حيث وصل الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين نتيجة هذا التعاون لحد لا يمكن السكوت عنه أبداً، وإنّ حركة “فتح” ترتكب جريمة لا تغتفر من خلال اعتقادها بأنّ وجود علاقة مع الكيان الغاصب ربما تصب في يوم من الأيام بمصلحة الفلسطينيين، حيث إنّ التاريخ والواقع يثبتان بأنّ الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر في عدوانهم الذي لا يمكن أن يوقفه إلا القوة والوحدة والمقاومة، والدليل الجديد على ذلك هو الاقتحام الأخير.

وعلى هذا الأساس، فإنّ السلطة الفلسطينيّة مسؤولة كبير عن الجرائم التي يرتكبها العدو، في الوقت الذي تمنع فيه إطلاق يد المقاومة لتقوم بدورها في لجم العدوان الصهيونيّ على الشعب الفلسطينيّ، رغم أن هذه الجرائم التي يرتكبها العدو في الضفة المحتلة ستكون دائماً وقوداً لثورة الشعب الفلسطينيّ التي لن تتوقف إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينيّة، حيث إنّ رد الشعب الفلسطينيّ على هذه الجرائم سيكون بالفعل مقاومة جديدة وانتفاضة متواصلة، وفقاً لوجهة نظر المقاومين.

ثورة غضب

بات واضحاً للجميع أنّ الجرائم التي يرتكبها العدو في الضفة المحتلة ترفع يوماً بعد آخر من احتماليّة وقوع “ثورة غضب” عارمة في الضفة الغربيّة بوجه الاحتلال الصهيوني، لأنّ التصدي لاقتحامات وهجمات قوات الاحتلال والمستوطنين وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم ولحماية فلسطين وشعبها، بسبب تعاون حركة “فتح” بشكل فاضح مع تل أبيب خاصة من خلال التنسيق الأمنيّ مع المؤسسة الأمنيّة والعسكرية الصهيونيّة، بما يشجع قوات الاحتلال والمستوطنين على العربدة والتغول في أراضي الفلسطينيين عبر مخطّطات العدو الاستيطانيّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس.

وبناء على ذلك، إنّ الضفة الغربيّة المحتلة تتجه إلى أن تتحول “غزة ثانيّة” تردع الكيان وتوقفه عند حده، خاصة مع تصاعد جرائم الكيان بشكل لا يوصف بحق الأهالي، ما يرفع من احتماليّة تصعيد المواجهة مع الكيان الغاشم في كافة مناطق تواجده وبالتحديد في الضفة الغربيّة، في ظل ارتفاع حدة الاعتداءات والاستيطان والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لصالح المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، إضافة إلى إمكانية أن تخلق الهجمات وجرائم القتل الإسرائيليّة معركة جديدة في غزة التي خلق انتصارها قبل أشهر معادلة جعلت تل أبيب في عجز عن إيجاد رد فعال على أمطار الصواريخ والقذائف.

وبات واضحاً للجميع أنّ الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة تتصاعد يوماً بعد آخر بحق أهالي الضفة الغربيّة المحتلة منذ عام 1967، حيث تعيش المنطقة أوضاعاً متوترة للغاية في ظل مواصلة سياسة الاستيطان والقتل المروعين التي تنتهجهما الحكومة الإسرائيليّة بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، ما يشي باحتماليّة كبيرة لأن تفتح أبواب جهنم على تل أبيب التي اختارت تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، حيث يتوقع أغلب المحللين أن تنفجر الأوضاع في أي لحظة بسبب التمادي الإسرائيليّ التي بات ملموساً على كافة المستويات الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة.

والشيء الذي أصبح معروفاً، هو أنّه مع كل عدوان جديد تنفذه العصابات الصهيونيّة القاتلة فإنّ التُهم مُعلبة وجاهزة كعادتها “إرهابيّ”، “قاتل”، “متشدد”، وكأن الصهاينة وآلتهم العسكريّة يودون إخبارنا بأنّهم سيسحقون كل فلسطينيّ ومطالب بحقوقه، باعتبار أنّ المقاومين هناك يعتبرون “جمراً تحت الرماد” وأحد أساليب المقاومة والمواجهة في المنطقة المهددة من قوات المحتل الباغي، ، كما أن عودة المقاومة المسلحة إلى الضفة الغربية أصبح قريباً أكثر مما يتخيل الأعداء، بعد أن شعر الأهالي بأنّ العقلية الإجراميّة والإرهابيّة للمحتل الأرعن لا يمكن أن تتغير، وأنّ سلطتهم لا تملك سوى “الهراء الإعلاميّ” و”التنديد والوعيد” بينما تفتح أحضانها لكافة أنواع التعاون مع تل أبيب.

وما ينبغي ذكره أنّ الضفة الغربية التي احتلتها “إسرائيل” عام 1967، تشهد مواجهات بين الفلسطينيين والعصابات الصهيونية بشكل منتظم، حيث تنفذ قوات العدو بين الحين والآخر اقتحامات تحت مبرر “اعتقال مطلوبين”، ويعيش في الضفة المحتلة حوالى 3 ملايين فلسطينيّ، بالإضافة إلى نحو مليون محتل إسرائيليّ في مستوطنات يعترف المجتمع الدوليّ بأنّها “غير قانونية”.

ومن الجدير بالذكر أنّ الكيان الصهيونيّ الذي بات يوصف بـ “العنصريّ” دوليّاً، قام منذ ولادته غير الشرعيّة على العنف المفرط والإجرام غير المعهود، حتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم الإرهابيّ وفق ما يُعرف بمنهج “القبضة الحديديّة” وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة، فمنذ يوم 14 مايو/ أيار عام 1948، حين قام هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، والتاريخ الحديث والجديد أكبر شاهد على الوحشيّة والدمويّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق