الأبعاد الخفية والمرئية لنفوذ الموساد في إقليم كردستان
انتشرت نشاطات الكيان الصهيوني في العراق عبر المدارس والدوائر الاجتماعية في بغداد والموصل منذ عقود وحتى قبل قيام هذا النظام الزائف. وبعد احتلال فلسطين عام 1948، ركز جهاز التجسس الموساد ووكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) أنشطتهما في شمال العراق، وهي قضية يعترف بها العديد من الشخصيات الأمريكية البارزة.
أبرز تحركات الموساد المدمرة في العراق منذ الاحتلال الأمريكي
منذ ذلك الحين، بدأ الوجود السري لجهاز التجسس الإسرائيلي “الموساد” في العراق ووجوده في الخفاء، وأثناء الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله عام 2003، ازداد نشاط الموساد على الأراضي العراقية، وتعاون العديد من عناصر المخابرات الدولية، بما في ذلك الأمريكيون، بشكل مباشر مع الموساد. في عام 2003، كان هناك تنسيق كبير بين الموساد ووكالة المخابرات المركزية بشأن التجسس في العراق. ومن أبرز أنشطة جهاز التجسس الإسرائيلي في العراق خلال سنوات الاحتلال الأمريكي ما يلي:
– نقل الارشيف اليهودي من العراق الى فلسطين المحتلة.
– تعقب أموال “صدام حسين” ديكتاتور العراق السابق، والتي كانت في البنوك العراقية والمصارف الدولية، ومصادرة هذه الأموال بمساعدة “كريستوفر ستوري” الخبير المالي البريطاني من بنوك الشرق الأوسط ودول مثل سويسرا وألمانيا وبلغاريا. كانت هذه واحدة من أكبر وأخطر عمليات الموساد على الأراضي العراقية في الأيام الأولى للاحتلال الأمريكي. وخلال هذه العملية تم حل العديد من البنوك وقتل عدد كبير من الشخصيات المرتبطة بهذه البنوك واختفاء مليارات الدولارات بالإضافة إلى عدد كبير من سبائك الذهب من هذه البنوك.
– مراقبة العمليات الإرهابية في العراق ونقل العناصر الإرهابية إليه بالتنسيق مع أجهزة المخابرات التابعة للدول الخليجية وكذلك أجهزة المخابرات في تركيا ومصر والأردن والولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا.
– إنشاء خلايا تجسس في عموم العراق تحت رعاية منظمات إنسانية أو مجموعات إعلامية.
– رئيس الموساد مائير داغان يحشد فريق مراقبة متخصص للتجسس على عدد كبير من الأساتذة والعلماء والخبراء والأطباء والطيارين في العراق، ومن ثم
التنسيق مع وحدات الاغتيال المعروفة باسم 121 لتصفيتهم.
– انتشار أسراب طائرات تجسس تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي على الحدود السورية العراقية لتنفيذ عمليات إرهابية.
– رصد العديد من الحالات في المنطقة ومنها قضايا تتعلق بمحور المقاومة من العراق.
– استخدام 3 محطات أجنبية رئيسية في إقليم كردستان ومؤخرا في البحرين والمملكة العربية السعودية لتعزيز وجود الموساد في أربيل بالعراق.
– استقطاب شخصيات منتسبة لمنظمات خاصة ومثليين ومن يريدون تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
– لا تقتصر أنشطة الموساد في العراق على دعم الجماعات الإرهابية والصراعات السياسية والطائفية وتفكك العراق، فبالإضافة ذلك، فإن جهاز استخبارات الموساد له دور مباشر وفعال في مجالات أخرى، مثل توزيع المخدرات، وتهريب الأعضاء البشرية، وسرقة الآثار، وغيرها من الأنشطة غير القانونية في العراق.
– جميع شرائح المجتمع العراقي، من موظفي الحكومة إلى الضباط والحرفيين والنساء والشباب والسياسيين وأعضاء البرلمان ورجال الأعمال والأساتذة والفنانين والرياضيين والمراهقين، قد يصبحون في مرمى الموساد العدائي بكل الطرق الممكنة والمضللة.
– الموساد نقل عددا من الشخصيات من اقليم كردستان العراق الى الاراضي المحتلة.
– لعب النظام الصهيوني وخاصة الموساد دورًا مهمًا خلال احتجاجات 2019 في العراق، وتم استغلال بعض الناشطين وتوجيههم لإهداف معينة ودسهم في التظاهرات.
– خلال غزو داعش للعراق عام 2014 واحتلال هذه الجماعة الإرهابية للموصل، نهب الصهاينة العديد من الآثار والأديرة والكنائس في المدينة.
– وفقا لسوق النفط العالمي، فإن النفط المسروق من إقليم كردستان العراق يُصدَّر مباشرة إلى فلسطين المحتلة ويصل إلى الصهاينة.
كردستان العراق؛ مركز الشر الصهيوني
لكن بعد الهجوم الصاروخي الأخير من قبل الحرس الثوري الإسلامي على قاعدة التجسس الصهيونية في أربيل، العراق، في المنطقة الكردية من البلاد، والتي تعتبر مركز الشر الإسرائيلي ضد محور المقاومة، تقوم وسائل الإعلام ومراكز الفكر بفحص حجم عمليات التجسس التي يقوم بها الموساد في شمال العراق. يعود تاريخ التعاون بين القوات الصهيونية والأكراد في العراق إلى ثلاثينيات القرن الماضي. حيث عينت الوكالة اليهودية ممثلاً لها يدعى “روفين شيلواه” مؤسس جهاز استخبارات الموساد في بغداد، مما يدل على أهمية العراق للصهاينة.
نشر الصحفي الصهيوني وصانع القرار السياسي الإسرائيلي شلومو ناكادمون كتابًا عن التعاون بين النظام الصهيوني وجهاز التجسس الموساد والزعيم الكردي العراقي مصطفى البرزاني، الذي قاد الانتفاضة الكردية ضد الحكومات العراقية من عام 1963 إلى عام 1975. وفقًا للكتاب، لعبت إسرائيل دورًا رئيسيًا في التمرد، ويقر القادة الصهاينة صراحة بأن أنشطة الموساد في شمال العراق لم تكن لأغراض إنسانية، ولكن لإضعاف العراق وزعزعة استقراره.
استمرت العلاقة بين الموساد وأكراد العراق في عهد مصطفى البرزاني قرابة 12 عامًا، وكان المستشارون العسكريون الإسرائيليون في معسكر مصطفى بارزاني كل هذه السنوات، وكان يتم استبدال الفرق الاستشارية التابعة للنظام الصهيوني كل ثلاثة أشهر. وكان يقودها تلك الفرق بشكل دائم عضو كبير في الموساد، إلى جانب ضابط في الجيش الإسرائيلي ومستشار تقني. ساعد المستشارون العسكريون الإسرائيليون بارزاني على تعلم الأساليب الحديثة للحرب وحرضوا الأكراد على الانفصال والحصول على الاستقلال عن الحكومة المركزية العراقية. في الواقع، رأت إسرائيل في الأكراد العراقيين فرصة ثمينة لإضعاف الجيش العراقي.
يقول العالم الصهيوني إدموند جريب في كتابه “القضية الكردية في العراق” إن السافاك شكلت جهاز استخبارات كردي معقد في عهد شاه إيران والموساد، كان الهدف هو جمع المعلومات عن الحكومة والشعب في العراق. ويقول الدكتور أسامة النجيفي، عضو مجلس النواب العراقي ووزير الصناعة الأسبق، إن علاقات إسرائيل مع الأكراد تعززت في التسعينيات بسبب الصراع العنيف بين الأكراد ونظام صدام حسين. في الواقع، استغلت إسرائيل ضعف الأكراد في البيئة العربية داخل العراق وخارجه ودربت قوات البيشمركة. تهدف إسرائيل إلى تطوير الصراع العربي لكردي، وهناك مؤشرات عديدة تؤكد وجود عناصر يهودية وصهيونية في كردستان العراق، بل يمكن رؤيتها علناً في شوارع أربيل والسليمانية ودهوك.
خطة إسرائيل الخطيرة للاستيطان في شمال العراق
بالإضافة إلى ذلك، اتبع مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، نهج والده في الحفاظ على علاقات وثيقة مع النظام الصهيوني. وهذا هو السبب في أن ضباط الجيش الإسرائيلي دربوا بسهولة أكثر من 130 ألف من قوات البيشمركة مقابل المعلومات التي قدمها الأكراد لإسرائيل. وقال محمود عثمان مستشار مسعود بارزاني ان “الاسرائيليين طلبوا منا معلومات عن الجيش العراقي وفي نفس الوقت قدموا لنا معلومات عن تحركات الجيش العراقي”. بل إن الإسرائيليين أقاموا مستشفى ميدانيًا في إقليم كردستان لتغطية نشاطاتهم التجسسية.
الصحفي الأمريكي واين مادسن، في تقرير حول النفوذ الإسرائيلي في العراق بالتعاون مع الأكراد، تحدث عن خطة الاستيطان التوسعية للنظام الصهيوني في شمال العراق وأكد أن إسرائيل تسعى للسيطرة على أجزاء من العراق لتحقيق حلم ” اسرائيل الكبرى “وهي التي تمتد من النيل الى الفرات. ويتضمن تقرير المؤلف الأمريكي معلومات لم تنشر من قبل. واستشهد التقرير بمعلومات تتعلق بخطة لنقل اليهود من الأراضي المحتلة إلى مدينتي الموصل ونينوى شمال العراق. وهؤلاء دخلوا العراق في شكل إرساليات دينية وزيارة للأضرحة اليهودية القديمة في العراق. وبحسب التقرير، فإن اليهود الأكراد يشترون أراض في شمال العراق منذ عام 2003، عندما غزت الولايات المتحدة العراق، والتي يعتبرونها ممتلكات تاريخية يهودية. في الحقيقة، سبب تركيز الصهاينة على هذه الأجزاء من العراق هو أن لدى الإسرائيليين ذريعة للاستيطان في العراق.
لتحقيق ذلك، عملت عناصر الموساد مع الميليشيات المتمردة على مر السنين وشنت مجموعات مرتزقة أخرى هجمات ضد مسيحيين عراقيين وكلدان وآشوريين في الموصل والحمدانية والسليمانية ومناطق كردية أخرى لإجبارهم على الهجرة، ونسبتها إلى جماعات المقاومة لتسهيل توطين يهود إسرائيل في شمال العراق.
المصدر/ الوقت