الانهيار يهدد الحكومة الصهيونية… هل سيعود نتنياهو
في أعقاب موجة الهجمات الاستشهادية الفلسطينية في أعماق الأراضي الفلسطينية المحتلة، أثرت التداعيات الأولى لهذه الهجمات على حكومة بينيت، وبعد الانقسام في ائتلاف أنصاره في البرلمان، أصبح الكيان الصهيوني على حافة اضطراب سياسي جديد قد يضع الكيان مرةً أخرى في مأزق وأزمة سياسية لأشهر قادمة.
واستقالة عضو الكنيست “إيديت سيلمان” من الحكومة الائتلافية المكونة من ثمانية أحزاب برئاسة نفتالي بينيت، أشعلت المشهد السياسي في الأراضي المحتلة، ما أدی إلی فقدان الحكومة الائتلافية الصهيونية الهشة للأغلبية البرلمانية.
إن تشكيل ائتلاف جديد وحكومة يمينية من دون انتخابات، هو خيار أعلنته سيلمان حول الدافع للانفصال عن حزب بينيت(البيت اليهودي). وقالت في خطاب استقالتها: “سأواصل جهودي لإقناع أصدقائي بالعودة إلى البيت وتشكيل حكومة يمينية. أعلم أنني لست الوحيد الذي يشعر بهذا الإحساس. يمكن تشكيل حكومة أخرى في هذا الكنيست(البرلمان الاسرائيلي)”.
يذکر أنه في وقت سابق، وفي أعقاب الخلاف في ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو الأغلبية السابقة في أبريل 2019، دخل الکيان الصهيوني في أزمة سياسية استمرت عامين.
ومع فشل الأحزاب التي وصلت إلى البرلمان في تشكيل الحكومة، تم إجراء أربع جولات من الانتخابات المبكرة في أقل من عامين. وأخيرًا، في يونيو من العام الماضي(2021) ، نجح نفتالي بينيت، منافس وزعيم معارضي نتنياهو، في تشكيل حكومة توافقية مع ائتلاف هش عبر الحصول على النصاب القانوني من نصف البرلمان + 1 فقط. والآن، بعد 10 أشهر فقط من تشكيل الحكومة، عاد شبح السقوط في هاوية الأزمة السياسية إلى الظهور من جديد في الأراضي المحتلة.
هل الظروف مواتية لعودة نتنياهو؟
بعد إعلان استقالة سيلمان، رحبت جماعات المعارضة، بقيادة حزب الليكود ونتنياهو نفسه، بهذه الخطوة.
وقال بنيامين نتنياهو في بيان الترحيب: “لديك سبب، ما يوجهك هو الاهتمام بالهوية اليهودية لإسرائيل، والقلق على أرض إسرائيل، وأرحب بك مرةً أخرى في المعسكر الوطني والعودة إلی الوطن”.
كما شجع نتنياهو الآخرين الذين انضموا إلى ائتلاف بينيت على العودة إلى الوطن، وقال: “انضموا إلى إيديت سيلمان، انضموا إلينا لنعمل معًا لإعادة إسرائيل إلى طريق النجاح والأمن والسلام”.
في الواقع، تسببت استقالة سيلمان في حدوث فوضى في الائتلاف الحکومي، والمعارضة متفائلة باحتمال إجبار يمين الوسط على ترك التحالف مع بينيت.
الوضع الحالي قد يمهد الطريق لعودة بنيامين نتنياهو لمنصب رئاسة الوزراء. ولدى حزب بنيامين نتنياهو طريقتان محتملتان رئيسيتان للعودة إلى السلطة، وكلتا الطريقتين ليست سهلةً.
الخيار الأول لعودة الليكود إلى السلطة، هو تمرير تشريع لحل الكنيست وإجراء انتخابات جديدة. ولتمريره، يتطلب القانون دعم 61 على الأقل من أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120 نائباً.
لذلك، من المرجح أن يحتاج مشروع القانون هذا إلى دعم واسع من المعارضة الحالية، بما في ذلك أعضاء القائمة المشتركة المكونة من ستة أعضاء من المشرعين العرب، ودعم بعض المشرعين غير المعارضين، مثل إيديت سيلمان وأميشا شيكلي(من حزب يمينا).
وإذا تم تمرير مشروع القانون هذا، فسيتم تعيين وزير الخارجية يائير لابيد تلقائيًا رئيسًا مؤقتًا للوزراء، ومسؤولًا عن إجراء انتخابات جديدة.
والخيار الثاني هو قيام الليكود بتشكيل ائتلاف أغلبية في الكنيست الحالي، دون اللجوء إلى الانتخابات، رغم أنه يبدو أن لديه مشاكل للقيام بذلك أكثر من السيناريو الأول.
فالليكود لديه 29 مقعدًا، في حين أن حلفائه الطبيعيين لديهم 23 مقعدًا – الصهيونية الدينية سبعة، وشاس تسعة، ويهدوت هتوراة سبعة – ليصبح المجموع 52 مقعدًا.
حتى لو انشقَّ حزب يمينا عن بينيت وتمكنت سيلمان وأميشاي تشيكلي من إقناع انفصاليين آخرين بالانضمام إليهم، مثل وزيرة الداخلية أييليت شاكيد، فلا يزال نتنياهو بحاجة إلى مزيد من الدعم من داخل الائتلاف الحالي، مثل الأعضاء الذين يحتمل أن يكونوا غير راضين في حزب بيني غانتس “أزرق أبيض” المكون من ثمانية أعضاء، أو حزب “أمل جديد” اليميني، الذي يمتلك ستة مقاعد.
أما الخطوة الثالثة والأخيرة التي يمكن أن يتخذها الليكود، وهي ليست ذات أهمية حاليًا، فهي منع المصادقة على الميزانية السنوية، الأمر الذي سيؤدي إلى سقوط الحكومة تلقائيًا، لكن هذا الخيار سيكون ممكنًا فقط في العام المقبل.
قواعد اللعبة في يد المقاومة
القضية المهمة الأخرى في الأزمة السياسية في الکيان الصهيوني، بغض النظر عن احتمال عودة نتنياهو أو عدم عودته إلى السلطة، هي الاهتمام بمكون قوة المقاومة في محاربة الاحتلال.
ففي حين أن الأزمة السياسية والأمنية المتفشية في الأراضي المحتلة في السنوات الأخيرة قد تأثرت إلى حد كبير بالأنشطة العسكرية والأمنية لفصائل المقاومة الفلسطينية، فإن القوة الحاسمة للمعادلات قد أعطت الفلسطينيين الآن درجةً عاليةً من الردع ضد أهداف ونوايا الصهاينة العدوانية والاحتلالية، وقد أدى ذلك إلى عدم تأثير تغيير الشخصيات والأشخاص على رأس الحكومة الصهيونية، على الحركة القوية في مسار القضية الفلسطينية وتحرير القدس المحتلة.
في ظل الوضع المربك الحالي الذي يعيشه الصهاينة، فإن بينيت ومن خلال الأمر بشن هجوم على مخيم الجنين، يلعب بالنار ويختبر صبر المقاومة القصير، هذا في حين أن إصبع المقاومة على الزناد، وبالتأكيد فإن أقل تأثير لبدء انتفاضة جديدة بالصواريخ والطائرات المسيرة من غزة، هو انهيار حکومة بينيت الهشة. بحيث سيتعين على الصهاينة إجراء انتخاباتهم البرلمانية السادسة في أقل من أربع سنوات.
المصدر/ الوقت