التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

مجلس الوزراء السعودي يوافق على استثمار صندوق الاستثمارات العامة في مصر.. اهتمام سياسي أم مساعدات اقتصادية 

وافق مجلس الوزراء السعودي على اتفاقية بشأن استثمارات استثمارات بـ10 مليارات دولار لصندوق الاستثمارات العامة السعودي في مصر.

ووقع البلدان اتفاقية في 30 مارس آذار لدعم وتشجيع استثمارات الصندوق السيادي السعودي في مصر.

وفي 30 مارس الماضي كان رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، قد شهد مراسم التوقيع على اتفاقية بين الحكومة المصرية وحكومة المملكة العربية السعودية، بشأن استثمار “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي في مصر.

وقال مجلس الوزراء المصري، إن مصر تستهدف استثمارات بـ10 مليارات دولار بالتعاون بين صندوق مصر السيادي وصندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF).

يذكر أن المملكة كانت قد تعهدت بتقديم 15 مليار دولار لدعم مصر، لتُعَدّ بذلك أحدث دولة خليجية تعلن انضمامها لدعم اقتصاد يتعرض لضغوط متزايدة من الحرب في أوكرانيا ويسعى للحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي. وتأتي هذه المساعدات على شكل 5 مليارات وديعة لدى البنك المركزي المصري و10 مليار دولار استثمارات لصندوق الاستثمارات العامة السعودي.

يذكر أن صندوق الاستثمارات العامة هو صندوق الثروة السيادية للمملكة تأسس سنة 1971م، ويعتبر من بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، إذ يحتل المركز السابع عالمياً بإجمالي أصول تقدر بـ 430 مليار دولار.

وكانت المملكة قد أودعت مؤخراً خمسة مليارات دولار في البنك المركزي المصري، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية الحكومية اليوم الأربعاء. كما يتطلع “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي إلى استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والزراعة والمالية في مصر، وفقاً لبيان لمجلس الوزراء المصري.

مصر من أكثر دول الشرق الأوسط مديونية

إن مصر هي دولة مستوردة رئيسية للغذاء وتضررت بشدة من ارتفاع أسعار الحبوب القياسية المدفوعة بالغزو الروسي لأوكرانيا. كما تعد مصر من أكثر دول الشرق الأوسط مديونية، فهي تشتري معظم قمحها من البلدين (روسيا وأوكرانيا)، وهما في حالة حرب حالياً، فيما كان السياح الروس يشكّلون جانباً كبيراً من السياحة الوافدة إليها.

وبسبب الأوضاع التي يعاني منها الاقتصاد المصري طلبت مصر إجراء مناقشات مع صندوق النقد الدولي بشأن دعم جديد قد يشمل قرضاً. كذلك سمح البنك المركزي المصري للجنيه، الذي كان مستقرّاً مقابل الدولار لنحو عامين، بالتراجع بأكثر من 15%، ورفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ 2017.

اهتمام سياسي أم مساعدات اقتصادية؟!

تكشف بعض المساعدات اهتماماً سياسياً، بقدر ما يعكس تركيزاً اقتصادياً. حيث ضخت السعودية والإمارات، الغنيتان بالنفط، مليارات الدولارات في مصر على شكل مساعدات وودائع واستثمارات في السنوات الأخيرة.

ارتفعت وتيرة تلك المساعدات للاقتصاد المصري في أعقاب الإطاحة بمحمد مرسي عام 2013، الذي كان ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهي منظمة سياسية إسلامية يعتبرها العديد من دول الخليج الفارسي تهديداً.

وديعة بعد سنوات من التوقف

تأتي الوديعة السعودية بعد سنوات من التوقف عن مدّ مصر بالودائع لدعم الاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية، وتوجهها نحو الاقتراض الخارجي من جهات دولية مختلفة.

وتعدّ الوديعة السعودية السادسة لمصر والأولى منذ منتصف عام 2017، عندما أودعت وديعة بقيمة مليار دولار، ومنذ ذلك الحين لجأت القاهرة إلى القروض الخارجية، ومدّدت آجال الودائع التي حصلت عليها من دول خليجية.

ويشير البيان السعودي -على ما يبدو- إلى عدم حدوث تغيير يذكر في إجمالي الودائع السعودية منذ ذلك الحين، وفق ما أوردت رويترز.

وتثير عودة الودائع السعودية إلى مصر بعد توقفها منذ أكثر من 4 سنوات تساؤلات عن أسباب عودتها على نحو مفاجئ، على الرغم من استمرار المؤسسات والبنوك الدولية في إقراض مصر، وعدم تعثرها في السداد.

آخرها كانت موافقة البنك الدولي، الخميس الماضي، على منح مصر قرضا بقيمة 360 مليون دولار لدعم الاقتصاد المصري خلال التعافي من جائحة كورونا.

وألقت موجات التضخم العالمية وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بظلالها على الاقتصاد المصري، وعززت من حاجة البلاد إلى العملة الأجنبية لتأمين احتياطياتها من السلع التموينية، حيث تعدّ مصر أكبر مستورد في العالم للقمح.

وحسب بيانات مؤشر منظمة الأغذية والزراعة (فاو) لأسعار الغذاء الصادرة في أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ارتفعت أسعار الغذاء عالميا بمتوسط 32.8% على أساس سنوي، وهو أعلى مستوى زيادة منذ عقد من الزمن.

الودائع السعودية السابقة في مصر

بلغت ودائع السعودية لدى البنك المركزي المصري نحو 7.5 مليارات دولار حتى منتصف عام 2020، موزعة على 5 ودائع بآجال مختلفة وأسعار فائدة متنوعة، قبل أن تسترد وديعة بملياري دولار ليصبح إجمالي الودائع باستثناء الوديعة الأخيرة 5.5 مليارات دولار، حسب بيانات تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري.

بلغت قيمة الوديعة السعودية الأولى مليار دولار في مايو/أيار 2012 (تم سداد نصفها). وبلغت قيمة الوديعة السعودية الثانية ملياري دولار في يوليو/تموز 2013. أما قيمة الوديعة السعودية الثالثة كانت ملياري دولار في أبريل/نيسان 2015. كما بلغت قيمة الوديعة السعودية الرابعة ملياري دولار في سبتمبر/أيلول 2016. وبلغت قيمة الوديعة السعودية الخامسة مليار دولار في مايو/أيار 2017. وكانت الوديعة الأخيرة والسادسة هي 3 مليارات دولار تم الإعلان عنها في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

تمديد الودائع السابقة

لجأت الحكومة المصرية إلى تمديد الودائع (زيادة آجال الاستحقاق) التي لديها من السعودية والإمارات والكويت، البالغة نحو 18 مليار دولار، أو إعادة هيكلتها، وذلك أنقذها من فخ التخلف عن السداد، ودعم الاحتياطي الأجنبي.

وتبلغ حصة السعودية من إجمالي الودائع الخليجية قبل الوديعة الأخيرة 5.5 مليارات دولار، والإمارات 5.67 مليارات دولار، والكويت 4 مليارات دولار، حسب بيانات تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري.

وطالما أكد محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر -في تصريحات سابقة- أن الودائع الخليجية (السعودية، الإمارات، الكويت) تضطلع بدور مهم في دعم الاحتياطي النقدي المصري، مشيرا إلى أنها تجدّد باستمرار.

عودة الودائع مؤشر سلبي أم إيجابي؟

إن العودة إلى الودائع بمثل هذا الحجم في هذا التوقيت بعد سنوات من الاعتماد على سوق الدين الدولية “يكشف أن الأوضاع الاقتصادية في مصر في تراجع حقيقي”.

كما أن هذه الودائع تنسف زيف ادعاءات الحكومة المصرية عن وجود تحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي الذي لا يعبّر عن الواقع، لأن مصر في هذه الحالة تفتقد أهم شروط الاقتراض من الخارج وهو استدامة الدين، وذلك يعني أن الدولة المدينة لا تطلب تأجيل سداد الديون أو إعادة جدولتها ولا تتعثر في دفع هذه الالتزامات.

لكن منذ 2018 تواصل مصر طلب مد آجال استحقاق الودائع وتحولها من ودائع بمعدل فائدة صفر إلى معدل 3.5%، ثم تأتي الوديعة السعودية تحت عنوان دعم الاحتياطي النقدي لمواجهة تداعيات أزمة كورونا.

ارتفاع إجمالي الديون الخارجية

في سبتمبر/أيلول الماضي كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بقيمة 153 مليون دولار ليبلغ 40.825 مليار دولار، مقابل 40.672 مليار دولار بنهاية أغسطس/آب السابق عليه.

في المقابل، أظهرت بيانات البنك المركزي ارتفاع حجم الدين الخارجي لمصر بنهاية العام المالي الماضي 2020-2021 بنحو 14.4 مليار دولار مقارنة بالعام المالي السابق له 2019-2020.

وارتفع إجمالي الدين الخارجي بشكل غير مسبوق إلى نحو 137.8 مليار دولار في نهاية العام المالي المنتهي في يونيو/حزيران الماضي مقارنة بـ123.4 مليار دولار للعام المالي السابق.

انتقادات للمساعدات الخليجية

يوجه مراقبون انتقادات للمساعدات الخليجية لمصر، قائلين إن الأموال الخليجية أغلبها عبارة عن ودائع وقروض تستردها هذه الدول في الوقت الذي تريده أو بعد عدة سنوات.

كما تجدّدت التساؤلات حول مصير منح وقروض دول الخليج لمصر والتي قدرتها مصادر غير رسمية بنحو 60 مليار دولار تلقتها القاهرة منذ 3 يوليو/تموز 2013، بعد أن فجر تقرير حديث للجهاز المركزي للمحاسبات إخفاء وزارة المالية 6 مليارات دولار من هذه المنح في حساب خاص لدى البنك المركزي المصري.

وجميعنا نتذكر عندما أعلن الجهاز المركزي للمحاسبات، أعلى جهة رقابية في مصر، عن اختفاء 6 مليارات دولار من المساعدات الخليجية في حساب لدى البنك المركزي لصالح وزارة المالية دون رصد هذا الرقم في الموازنة العامة للدولة، وطالب الجهاز الرقابي الوزارة بتوضيح أسباب هذا الاخفاء.

المواطن المصري يعيش في أسوأ أوضاع اقتصادية وما يتم الإعلان عنه من استثمارات ومساعدات ومنح وقروض وإيداعات لن تعود بالفائدة على المواطن المصري لأن كل هذه الأموال هي لدعم المواقف السياسية للدول وليست لدعم الشعوب الفقيرة التي أصبحت تدرك تماماً أن بيع الكلام والخطابات والهدايا لا يسمن ولا يغني من جوع، كذلك أصبحنا ندرك أن الموقف السياسي للدول هو الذي يحدد قيمة الدعم وحجمه ونوعه.

ابن سلمان في الواقع يريد أن يحافظ على نظام الحكم المصري الحالي في الجارة الغربية له بسبب أهدافه في مشروع نيوم على البحر الأحمر ولتفادي أي خطر من الإخوان هناك. فهي ليست مساعدات واستثمارات لأهداف إنسانية أو اقتصادية وإنما هي لأسباب سياسية بحتة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق