خلافات حادة تعصف بالمجلس الرئاسي.. ما هي دلالات عدم الالتزام بنص اليمين الدستورية
في وقتٍ سابق دعت السعودية الأطراف اليمنية إلى عقد مشاورات في العاصمة السعودية الرياض، بدأت المشاورات في الرياض خلال الفترة من 29 مارس (آذار) إلى 7 أبريل (نيسان) 2022 ، الاخبار التي تم تداولها في ذلك الوقت أن المشاورت ستكون تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي و رعاية الأمم المتحدة.
وُجهت الدعوات لأطراف يمنية للحضور للرياض ، تم التصريح من قبل قيادات أنصارالله في ذلك الوقت أنه لا بد من ايقاف العدوان وإنهاء الحصار البري والجوي الذي تسببت فيه قوى العدوان على اليمن، إضافة إلى ذلك فقد صرحت بعض قيادات أنصار الله أن الدعوة هي سعودية وأن المشاورات التي عقدت هي تحت رعاية الرياض وليس كما تم الترويج له أن المشاورت تحت رعابة التعاون الخليجي، خلاصة القول إن صنعاء رفضت المشاركة في تلك المشاورت التي كانت أشبه بمسرحية هزيلة .
خلال الفترة المذكورة، العشراتِ من القوى المرتبطة بالسعودية والإمارات بدأتْ بالتوافدَ على العاصمة الرياض لحضورِ المؤتمرٍ الذي دعت اليه السعودية للمشاركة في ما أسمَوْها “مشاورات يمنية يمنية” السعودية وكما هي العادة بدأتْ بتوزيعِ مبالغَ ماليةٍ للمشاركين، من جهة اخرى أعلنت قيادت أخرى مرتبطة بالسعودية عن امتعاضَهم من عدمِ تقديمِ السعودية دعواتٍ لهم. حيث السعوديةاستَثنَتْ بعضَ القياداتِ المحسوبة. بعد إنتهاء المشاورات خرج عبد ربه منصور هادي، الرئيس الفار و المقيم في الرياض في خطاب بث على التلفزيون، أعلن فيه تشكيل مجلس قيادة رئاسي ، يُسلّم بموجبه صلاحياته، كما أعفى هادي نائبه علي محسن الأحمر من منصبه أيضاُ ونقل إلى المجلس صلاحياته. السعودية التي رحبت بقرار عبد ربه نقل السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي الجديد قررت تقديم دعم عاجل بمبلغ 3 مليارات دولار.
تناقض و خلافات بين أعضاء المجلس الرئاسي
لا يخفى على أحد أن الخلافات في داخل ما يسمى المجلس الرئاسي، برزت على السطح منذ الجلسة الاولى لتشكيله، فهو لا يتعدى كونه مسرحية الغرض منها تحقيق اهداف دول تحالف العدوان على اليمن، أوضح مراقبون للشأن اليمني أن الخلافات بين المجلس الرئاسي هي انعكاس لارادة خارجية لانه شكل بارادة خارجية، حيث إن حالة التناقض الموجودة بين صفوف الادوات والمرتزقة داخل المجلس كانت واضحة لان هؤلاء التحقوا بهذا المجلس بغرض الحصول على حصة اكبر في السلطة المرتهنة ولكي يدخلوا كثيرا من اتباعهم في مفاصلها سواء في الحكومة او المحافظات، لذلك ظهرت الخلافات بشكل مبكر جدا لان عقلية كل طرف هي ما سيحصل عليه. أعضاء المجلس الرئاسي الملتحقة في المجلس لهم توجهات معروفة فبعضهم تابع للامارات والبعض الاخر للسعودية وكل منهم له اجندة تخصه شخصياُ او تخص تياره او السلطة التي يسترزق منها لذلك وفي أول اجتماع لهم على طاولة واحدة كانت الخلافات بينهم واضحة حيث لايوجد لديهم رؤية واحدة او هدف واحد ولا وطن يقاتلون من اجله بل هم ينهبون الوطن.
بعد وصول رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي إلى عدن، أدى رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي اليمين الدستورية أمام البرلمان في عدن ، و خلال تأدية اليمين الدستورية ظهر الخلاف الواضح بين أعضاء المجلس الرئاسي إلى العلن، حيث رفض عيدروس الزبيدي عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الموالي للامارات الالتزام بنص اليمنين الدستورية الذي اقسم عليها رئيس وأعضاء المجلس ورفض الزبيدي القسم على الحفاظ على “النظام الجمهوري ووحدة اليمن” في مخالفة لنص اليمين الذي يقضي بالقسم على ذلك، الامر الذي اثار ضجة في مجلس النواب الذي اقسم أعضاء المجلس الرئاسي اليمين امامهم، وطالب النواب الزبيدي بإعادة القسم غير انه رفض ذلك. الامر الذي اثار نقاشات حول مخالفته لليمين الدستورية.
رفض تالزبيدي أداء اليمين بالصيغة المتعارف عليها يدل على وجود خلافات حادة بين أعضاء المجلس الرئاسي الذي تم تشكيله تحت رعاية السعودية، حيث إن عيدروس الزبيدي لا يعترف بوحدة اليمن ، وإلى وقتٍ قريب وهو يرفع ما يسميه علم دولة الجنوب ، فالزبيدي يسعى جاهدا لفصل جنوب اليمن عن شماله، والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرئسه الزبيدي مدعوم إماراتياً فهو الادأة الإماراتية القوية في الجنوب اليمني وتستخدمة الإمارات لتحقيق أغراضها وأهدافها وحلمها الاستراتيجي بالسيطرة على جنوب اليمن والموانئ والجزر اليمنية وهذا الهدف الحقيقي من تشكيل الإمارات للمجلس الانتقالي الجنوبي.
المجلس الرئاسي يفتقد إلى الشرعية “انقلاب سعودي إماراتي”
ظلت المملكة السعودية لسنوات طوال تبرر حربها وعدوانها على اليمن بحجة إعادة الشرعية إلى اليمن ولكن من الواضح أن السعودية وقعت في خطاء دون أن تحسب ذلك ، فالمصادر تقول إن الرئيس الفار عبد ربه والمقيم في الرياض سلم السلطة لما يسمى المجلس الرئاسي تحت ضغوطات سعودية . طبق القانوان والدستور اليمني فإنه يحق “للرئيس” تسليم السلطة لنائبة في حال حدوث أي طارى وبعدها يتولى نائب الرئيس قيادة البلاد وعلى ضوء ذلك يتم الترتيب للمرحلة القادمة ولكن ما حدث كان خطأ يدل على عدم فهم الدستور اليمني وربما يدل على صحة الاخبار التي تفيد بأن منصور هادي تحت الإقامة الإجبارية في السعودية، فتسليم صلاحيات “الرئيس” لمجلس رئاسي لا يعتبر قانونياً بل مخالف للدستور اليمني .
من جهة أخرى فإن هناك خطأ كبير في أداء اليمين الدستورية الذي أداه رئيس المجلس وأعضاؤه ، حيث كان من المفترض أن يؤدي رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي اليمين أمام البرلمان، ويؤدي الأعضاء اليمين أمام العليمي، من أجل أن يكون هناك رأس واحد للمجلس. ولكن أداء رئيس وأعضاء المجلس اليمين الدستورية، أمام البرلمان، من شأنه خلق العديد من المشاكل، لكونه ساوى بين رئيس المجلس والأعضاء، وأصبح العليمي جزءاً من المجلس لا رئيسه. وفي الحقيقة تجب الإشارة إلى أن جميع المجالس الرئاسية السابقة كانت تأتي وفق صيغ دستورية، أما هذا المجلس فهو نتاج لقرار اتخذته المملكة العربية السعودية والإمارات، ووقع عليه الرئيس مكرها”.
في الختام يمكن القول إنه وبعد كل السنوات الماضية التي فشلت فيها السعودية من تحقيق أي انتصارات تذكر في اليمن ، حيث فشلت السعودية ورغم تمسكها بما تسميه “الشرعية” والتي بررت السعودية حربها على اليمن بهذه الحجة التي هي بالأساس باطلة وغيرر مبررة للعدوان على اليمن. مازالت السعودية وبعد كل الهزائم التي واجهتها في اليمن وفي ظل وصولها لطريق مسدود في اليمن وغياب نيتها في أنهاء المآساة التي تسببت فيها ترواغ وتراهن على خلط الاوارق لمواصلة تنفيذ أهدافها في اليمن ، وهذا ما حذرت منه صنعاء حيث حذرت صنعاء مراراً وتكراراً السعودية من الاستمرار في رهانتها الخاسرة وأحلامها الواهية في اليمن، وأنه يجب عليها إنهاء المآساة التي تسببت فيها من خلال ايقاف العدوان الكامل عن اليمن وانهاء الحصار عن اليمن والدخول في مفاوضات مباشرة وجدية في دولة محايدة.
من جهة اخرى الخلافات الموجودة بين أعضاء المجلس الرئاسي التي شكلته السعودية موخراً واضحة، وما قام به عيدروس الزبيدي هو اكبر دليل على ذلك، فالقيادات داخل المجلس الرئاسي كل منها له توجهاته ولا يجمعهم أي شي سوى المحاصصة في المناصب، لذلك يرى كثيرون أن المرحلة القادمة ستكون كفيلة بفضح فشل مسرحية السعودية الهزيلة وستكشف الاوراق التي عملت السعودية على المراهنة عليها في استمرار مخططاتها وعدوانها على اليمن، ففي ظل وجود المجلس الرئاسي التي تم تشكيله والذي تشكل بالأساس على التناقض وتباعد الاهداف لن يكون أمام السعودية وأدواتها الا الفشل .
المصدر/ الوقت