التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, أكتوبر 30, 2024

“إسرائيل” مستعدة لشن عملية عسكرية ضد غزة.. هل تجرؤ 

يوماً بعد آخر، تقترب الساحة الفلسطينيّة من موعد الانفجار المتوقع نتيجة السياسيات الإسرائيلية الخرقاء، ورغم حديث الإعلام العبريّ عن خشية تل أبيب من صواريخ غزة من خلال تعزيز منظومة القبة الحديديّة في الجنوب واحتواء حوادث إطلاق الصواريخ من قطاع غزة تجاه مستوطنات “غلاف غزة”، دون اللجوء لخيار التصعيد العسكريّ الذي زاد قليلاً في الأسبوع المنصرم، إلا أن قناة (كان) العبرية، ادعت أن القيادة الجنوبية في جيش العدو تحافظ على مستوى عالٍ من التأهب تجاه قطاع غزة وأنّ المسؤولين الأمنيين على جاهزية لشن عملية عسكرية ضد القطاع بشكل فوريّ في حال اتُخذ القرار على المستوى السياسيّ، مقابل تصعيد علنيّ من قبل الإسرائيليين واستخدامهم سياسة التعذيب في قضية حصار قطاع غزة المحاصر مع سكانه وعماله منذ ما يقارب الـ 15 عاماً.

معركة وشيكة

بالتزامن مع التصعيد العسكريّ الإسرائيليّ المستمر والتعنت المستمر بفرض حصار خانق لتجويع وتعذيب سكان قطاع غزة بالإضافة إلى سياسة الابتزاز والمماطلة وتعطيل الإعمار التي تمارسها تل أبيب، يعيش القطاع حالة خطيرة من الاحتقان والتوتر المتزايد، والتي يمكن أن تكون الفتيل في إشعال التوتر مجدداً على الساحة الفلسطينيّة، وتقود إلى جولة أخرى من الحرب، قد تدهور الأوضاع بأكملها، وتُبعثر كل الأوراق السياسيّة والأمنيّة، إضافة لإشارة قيادة المنطقة الجنوبية للعدو بأن منع دخول العمال من غزة أكثر فاعلية من القصف على الفلسطينيين.

وإنّ حديث القيادات الأمنية للاحتلال أنّ قواتهم على درجة عالية من الاستعداد لعملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة، وأن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً، لا يعدو عن كونه “هراء” لأنّ العدو لو كان بإمكانه إبادة الفلسطينيين دفعة واحدة لما انتظر لحظة، وثانياً لأنّ فصائل المقاومة باتت أكثر استعداداً مما مضى وأنّ الحاضنة الشعبيّة أشد التفافا حولها، وهي حسب قولها لا تستعجل الحرب، لكن إذا فكر العدو من الاقتراب من دماء الشعب الفلسطينيّ فسوف يفاجأ بما لم يتوقع وسيعود مهزوماً.

وبالاستناد إلى قضية إطلاق الصواريخ من غزة باتجاه الأراضي الفلسطينيّة الواقعة تحت سطوة الاحتلال، يدرك العدو الصهيونيّ مدى شجاعة الفلسطينيّين وتمسكهم بأرضهم مهما تمادى في ظلمه وعدوانه، وأشارت الفصائل الفلسطينية مراراً أنّ حسابات الكيان الغاصب ستسقط كما سابقاتها، وسيفشل في تحقيق الأهداف العسكريّة الخادمة لأهدافه السياسيّة القذرة، لهذا لا توفر المقاومة الفلسطينيّة يوماً واحداً لإحراز تقدم في قدراتها العسكريّة والتكتيكيّة، كي لا يطيل ذلك من عمر سرطان الاحتلال ويزيد من إجرامه واعتداءاته المتواصلة، وحين تحذر العدو الإرهابيّ من تكرار الخطأ الاستراتيجيّ في غزة، فهي تعي ما تقول كما يدرك الاحتلال ذلك، فالسنوات التي مرت على المقاومين المحاصرين، زادت رغبتهم في اجتثاث العدو من بلادهم، ما جعل قوتهم وخبرتهم أكبر وحنكتهم أعظم وصواريخهم أشد قوة وأبعد مدى.

وإنّ الأهالي هم ورقة الضغط الأكبر بالنسبة لـ “إسرائيل” التي فرضت عقوبات بإغلاق معبر بيت حانون (إيرز) لأول مرة منذ السماح لعشرات آلاف العمال الفلسطييين بالعمل في الداخل المحتل، حيث يدخل حوالي 10 آلاف للعمل أسبوعيا، حيث تقرر إغلاق المعبر حتى يوم الأحد وإعادة تقييم الوضع الأمنيّ، ورغم إصرار فصائل المقاومة الفلسطينيّة على ضرورة إنهاء حصار القطاع بشكل كامل، تُعرقل تل أبيب سير تلك القضيّة ويربط الإسرائيليون عادة قضيّة إعادة إعمار قطاع غزة وفك الحصار عنه بتسوية قضية أسرى الجنود الصهاينة الأربعة لدى الحركة، والذي أسر 2 منهم خلال الحرب العدوانيّة على غزة صيف عام 2014 أما الآخران فدخلا غزة في ظروف غامضة، وهذا ما ترفضه المقاومة وبالأخص “حماس”.

بعد 6 سنوات على الحرب الإجراميّة التي شنها الكيان الصهيونيّ القاتل ضد حركات المقاومة الفلسطينيّة داخل قطاع غزة في 8 يوليو / تموز عام 2014، أوضح ضابط صهيونيّ في جيش الاحتلال أنّ مرور 6 سنوات على “حرب غزة”، تذكرهم بـ “الثمن الباهظ” الذي دفعه جيش العدو، حيث سقط حينها عشرات القتلى ومئات الجرحى، فضلاً عن الأضرار الفادحة التي ضربت الجبهة الداخليّة في الكيان، موضحاً أنّه كان من السهل تشخيص الإصابات في أجساد الجرحى من الجنود والمستوطنين، ومن ثم العمل على علاجها ومداواتها، لكن من قاتلوا في حرب غزة من جنود جيش الاحتلال، وأصيبوا عقلياً، لم يعودوا إلى حياتهم الطبيعيّة، بل أصبحوا غير مرئيين أمام باقي الإسرائيليّين، بحسب مواقع إخباريّة.

ثمنٌ باهظ

بعد الفضائح التي كشفها ضباط العدو الصهيونيّ الذين شاركوا في حرب “الجرف الصامد” ضد غزة عام 2014، والحديث عما عاشه الجنود والقادة في تلك الحرب، وفتح النافذة على عالم المقاتلين الصهاينة الذين عادوا من حرب غزة، لكنهم لم يعودوا منها حقاً، أيّ أنهم ما زالوا يعيشون مرحلة “ما بعد صدمة القتال والمعركة” منذ ذلك الحين، يعلم الإسرائيليون أنّ ثمن معركة غزة باهظ جداً خاصة أنّ هؤلاء الجنود والضباط عاشوا في السنوات الأخيرة معاناة لم تلق أيّ اهتمام أو انتباه عام بين الإسرائيليّين، ولم تحصل بعد على الاعتراف الاجتماعيّ المناسب، رغم أنهم عانوا الكثير من الصدمات الأخرى، وليس فقط عندما ارتدوا الزيّ العسكريّ.

ولا يخفي الإسرائيليون أنّ جنود وضباط العدو واجهوا هجمات مسلحة لا تطاق خلال حرب غزة، بالإضافة إلى عمليات إطلاق نار غزير على الجبهة الداخليّة للكيان الصهيونيّ، وشهدوا ظروف صعبة عصيّة على الاستيعاب في تلك الحرب والأنشطة الأمنيّة التي رافقتها، حيث إنّ ما بعد حرب “الجرف الصامد” في غزة ليس كما بعدها، وإنّ الجنود الصهاينة رغم كل محاولاتهم، لا يستطيعون العودة للمسار الطبيعي في حياتهم ويجدون صعوبة في ذلك، لاسيما الجنود الذين عاشوا أصعب الليالي في القتال التي تخللها سقوط عشرات القتلى من قوات الاحتلال الغاصب في فترة زمنية قصيرة جداً.

إضافة إلى ما ذُكر، فشل العديد من الجرحى الصهاينة في المعركة في العودة إلى روتين حياتهم الطبيعيّ، حيث ما زالوا يحملون مشاهد الحروب في كل لحظة، وإن أولئك الجنود الذين أصيبت عقولهم بكدمات دون إعطاء إشارة، تبدو مهمة إعادتهم للحياة الطبيعيّة صعبة وعسيرة، رغم أنّ جيش العدو الصهيونيّ بدأ عمليّة إعادة اختبار لهؤلاء المقاتلين، لكن “المجتمع الإسرائيليّ” لم يظهر الوعي والحساسيّة تجاههم.

بالاستناد إلى تلك الوقائع، يدرك العدو الصهيونيّ مدى شجاعة الفلسطينيّين وتمسكهم بأرضهم مهما تمادى في ظلمه وعدوانه، وإنّ محاولات حجب الشمس بغربال لم تنفعه يوماً، حيث أنّ شهادات ضباطه وتسريبات وسائل إعلامه تُطلعنا كل يوم على مدى هشاشة هذا الكيان المجرم، رغم كل محاولاته الفاشلة في إظهار نفسه بأنّه القوة التي لا تهزم، وإنّ أحاديث من كان حظه جيداً من جنوده وعاد سالماً من المعركة ضد أبطال المقاومة، يُظهر بكل واقعيّة الفرق بين قتال المحتل، وقتال صاحب الأرض.

ضغوط إسرائيليّة

إنّ القليل من التسهيلات الإسرائيليّة لقطاع غزة – خطوات تهرب ومماطلة- باتت سلاحاً عكسيّاً، لتضخيم الأزمة الإنسانيّة في القطاع الذي يعيش “حالة ضبابيّة” مع استمرار قيود الحصار الخانق، وآثاره المدمرة على كافة مظاهر الحياة في القطاع وشل مؤسساته، ناهيك عن التصعيد المتكرر لقوات العدو الغاصب بالقصف وتضييق الخناق على الصيادين والتجار والعمال وغيرها من الحالات التعسفيّة، ما يعني أنّ أوضاع غزة القابلة للانفجار في أي لحظة، إضافة إلى الأوراق التي تملكها المقاومة للجم الكيان وسياساته العدوانيّة.

بناء على ذلك، حذرت حركة الجهاد الإسلامي الصهاينة من مغبة استمراره اغلاقهم لمعابر القطاع، مشدّدين على أنّ استمرار سياسة الاغلاق والحصار “عدوان يمثل صاعق انفجار للأوضاع”، وفي حال واصلت تل أبيب سياسة المماطلة والتصعيد المستفزة، فإنّ فصائل المقاومة تملك أوراقاً قويّة كثيرة، وتجمع على أنّ الهدف من التطاول والاعتداء الإسرائيليّ، هو التستر على خيبات العدو التي بات يلمسها الإٍرائيليون ويتحدثون عنها بشكل كبير، بالأخص عقب الانهيار الكبير للمقاومة في معركة “سيف القدس”، التي اعتبرها الصهاينة أنفسهم نصراً عظيماً للمقاومة، بالرغم من محاولة إخفاء ذلك من بعض المسؤولين، حيث حمل الانتصار رسائل تحدٍّ كبيرة.

“القرارات الإسرائيليّة تعكس الطبيعة العدوانية للإسرائيليّ، وهو امعان في التنكيل بأهالي قطاع غزة، وهذا لن تسمح المقاومة باستمراره”، رسالة مختصرة وواضحة للكيان الذي يوصل الأمور إلى مرحلة خطيرة بدون شك، بعد أن أغلق حاجز إيرز حتى اشعار آخر، فيما يُغلق أساسا 5 معابر من أصل 7 في القطاع منذ عام 2006، وإنّ إنهاء الحصار هو حق طبيعيّ، وليس منّة من العدو الإسرائيليّ، ينتزعه المقاومون من العدو ولن يُطعوا بحسب تصريحاتهم أيّ ثمن سياسيّ مقابله.

إضافة إلى ذلك، إنّ “حصار الكماشة” الذي يفرضه الإسرائيليون على القطاع يتم دون أدنى تجاوب مع مطالب إنهاء الأزمة الإنسانيّة لسكانه الذي يتجاوز عددهم مليوني نسمة، يعيشون أوضاعا اقتصادية ومعيشية صعبة جراء استمرار الحصار الإسرائيلي منذ عقد ونصف العقد، وقد أكّدت الفصائل الفلسطينيّة مراراً على أنّ الشعب الفلسطينيّ ومقاومته، لن يخضعا للحصار الصهيونيّ، وسيواصلون طريق النضال والكفاح دفاعاً عن أبسط حقوقهم، مع تصميمهم على أن تل أبيب في النهاية ستقدم التنازلات مرغمة في تلك القضية.

أيضاً، تتمسك الفصائل الفلسطينيّة بكل ثبات وقوّة بضرورة فك حصار غزة وإعادة إعمارها، لوضع حد لمعاناة الأهالي داخل القطاع، وإفشال محاولات تل أبيب تدمير حياتهم وعزلهم عن أراضي بلادهم المحتلة، وخاصة مع تشديد الحصار بشكل أكبر على غزة، من خلال فرض حصار بريّ عبر إغلاق المنافذ ومنع حتى المرضى من الخروج للعلاج، وآخر بحريّ إما بمنع الصيد أو تقليل مساحته، في تغييب كامل للقرارات الدوليّة بفرض سياسة الأمر الواقع واستباحته الأرواح، وخرق الفاضح لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان.

بالمقابل، يصف الفلسطينيون سياسة الاحتلال تجاه القطاع بأنّها إرهابٌ منقطع النظير، لكنهم في الوقت ذاته يسعون بكل ما أوتوا من قوّة لإنهاء حصار غزة ويعتبرون ذلك إجراماً لا يمكن الاستسلام أمامه بل يجب مواجهته والتصدي له، وكذلك تُصر المقاومة الفلسطينيّة على أنّها لن تسمح للاحتلال باتخاذ الحصار وسيلة لتحقيق الغايات القذرة، وقد أصبحت تل أبيب بالفعل مسؤولية عن تداعيات سياستها العدوانيّة التي لن تفلح في محاولات عزل غزة عن القضايا الوطنيّة، وخاصة أنّ القطاع لا يزال مغلقاً أمام الإعمار والعاملين في المجال الإنسانيّ والحالات الطبية بسبب الإجرام الصهيونيّ رغم الانتقادات الدوليّة.

ومن الجدير بالذكر، أنّ الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة يقومون بشكل دائم بالتعبير عن غضبهم من الظلم الكبير الذي يتعرضون له من سلطات العدو، عبر إطلاق بعض البالونات الحارقة على محيط غزة، وتحاول الفصائل الفلسطينيّة حاليّاً إلقاء الضوء على الحصار ونتائجه، حيث إنّ منع إدخال جميع السلع والمواد الخام من قبل سلطات الاحتلال على سبيل المثال لا الحصر، ساهم بشكل كبير في زيادة نسب الفقر والبطالة، ما يشي بضرورة تدخل فوريّ لإنهاء الحصار وفتح المعابر، بما فيها معبر رفح، وإنّ المطالبات الفلسطينيّة في الكثير من التصريحات بضرورة كسر قيود الحصار لها أبعادها المدروسة، باعتبار أنّ الشعب الفلسطينيّ والمقاومة الإسلاميّة لن تصمت حيال ذلك مع استمرار تصعيد الكيان الصهيونيّ ضد غزة وشعبها المنكوب.

في الختام، لا شك في أنّ هذا الصراع بين أصحاب الأرض ومقاومتهم الباسلة، سيستمر مع الكيان الصهيونيّ الدمويّ والعنصريّ إلى أن ينتزعوا حريتهم من الاحتلال رغماً عنه وعلى كامل أرض فلسطين، وإنّ الفلسطينيون أصحاب حق ولا يهابون حرباً يعتبرون أنفسهم ولدوا لأجلها، وإنّ تل أبيب لا تملك الجرأة أساساً لخوض حرب جديدة، خاصة مع قناعتها بأنّ دول “محور المقاومة” ستكون يداً واحدة في ردع الإجرام الصهيونيّ.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق