توقيف المعارض الجزائري كريم طابو .. التفاصيل والأسباب
أوقفت الشرطة الجزائريّة، يوم الجمعة، المعارض السياسي كريم طابو الذي سبق سجنه مرارا باعتباره أحد أبرز وجوه الحراك الشعبي، بحسب ما أفادت منظّمتان حقوقيّتان.
وأعلنت اللجنة الوطنيّة للإفراج عن المعتقلين على فيسبوك أنّه “تمّ توقيف كريم طابو بمنزله من طرف الشرطة”.
وأكّدت الرابطة الجزائريّة للدفاع عن حقوق الإنسان الخبر، قائلةً إنّها “لا تعرف حاليا سبب توقيفه”.
وكان آخر نشاط لطابو، الموضوع تحت الرقابة القضائيّة، مشاركته الخميس في تشييع جنازة حكيم دبازي الذي توفّي خلال سجنه الأسبوع الماضي وهو ما أثار استنكار الحقوقيّين.
وندّد طابو بشدّة باعتقال ناشطي الحراك وبـ”التُهم الثقيلة” التي توجّه إليهم. وكتب على صفحته في فايسبوك “إنّ السلطة تتحمّل كلّ المسؤوليّة في وفاة دبازي (…) المناضل البسيط المُحبّ لوطنه والأب لثلاثة أطفال”. ولم تُصدر السلطات أيّ تعليق على وفاة السجين.
وطابو (47 عاما) رئيس “الاتّحاد الديمقراطي الاجتماعي”، الحزب الصغير المعارض غير المرخّص له، هو من أبرز وجوه التظاهرات الاحتجاجيّة منذ انطلق الحراك في شباط/فبراير 2019.
وسبق أن حُكم على طابو بالسجن وقضى أشهرا عدّة بين القضبان. ووُضع طابو في 29 نيسان/أبريل 2021 تحت الرقابة القضائية بسبب شجار مع بوزيد لزهاري، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان سابقا، وهو هيئة رسميّة.
وفي التطورات قالت وكالة الصحافة الفرنسية، تم إطلاق سراح المعارض السياسي الجزائري كريم طابو السبت، بعد أقل من 24 ساعة من توقيفه في بيته من طرف الشرطة، بحسب ما اعلن أحد محاميه.
وكتب المحامي توفيق بلعلي وهو أحد ثلاثة محامين وكلهم طابو “تم إطلاق سراح السياسي كريم طابو بعد احتجازه لما يقارب 24 ساعة على أن يتقدم أمام الشرطة يوم الأربعاء 4 ماي (أيار)”. ولم يقدم المحامي في منشوره على موقع فيسبوك أي توضيحات حول سبب التوقيف.
وفي صباح ذلك اليوم كتب شقيقه جعفر طابو على حسابه على فيسبوك “إلى حد الساعة 8:30 (7:30 تغ) لم يطلق سراح اخي. كريم_طابو يعتقل بطريقة تعسفية مرعبة وبدون أن يمكَّن من حقه في الاتصال لا بالعائلة ولا بالمحامي”.
كذلك كتبت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان “لا يوجد أي جديد حول سبب هذا التوقيف” وتساءلت “ماذا تريد السلطة وما الهدف من هذا التصعيد؟”.
وينتظر ان يتم تحديد تاريخ محاكمة ـخرى في قضية رفعها ضده في أبريل 2021 رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان سابقا بزيد لزهاري، يتهمه فيها بـ”السب والشتم وإهانة موظف أثناء تأدية مهامه”.
وما زال نحو 300 شخص في السجون بالجزائر حاليا بسبب الاحتجاجات أو لقضايا تتعلق بالحرّيات الفرديّة بحسب منظّمات حقوقية.
وتحول ملف معتقلي الحراك الشعبي في الجزائر، إلى عبء يثقل كاهل السلطة، خاصة بعد وفاة ناشط داخل السجن في ظروف لم يفصح عنها بعد، على رغم مطالبات المنظمات الحقوقية بكشف ملابسات القضية.
ووجدت السلطة نفسها مخيرة، أكثر من أي وقت مضى، بين أن تغلق ملف معتقلي الرأي لتتخلص من آخر حلقات الحراك، أو تتحمل تبعات عدم الفصل فيه، وأبرزها الإبقاء على فتيل انتفاضة شباط 2019 مشتعلا.
ويحرص سياسيون ونشطاء في الجزائر، هذه الأيام، على الدعوة لإحياء مشروع “مصالحة جديدة” بين السلطة و”الحراكيين” من أجل غلق ملف المعتقلين السياسيين ومخلفات مرحلة ما بعد “الحراك الشعبي”.
وجاءت هذه الدعوات بعد حادثة وفاة الناشط حكيم دبازي بسجن القليعة مؤخرا، وهي الواقعة التي حظيت بمتابعة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقابل “صمت غريب” ميز موقف الدوائر الحكومية ووسائل الإعلام المحلية، وفق ما ذكره مدونون.
وأصدر رئيس حركة البناء الوطني (حزب إسلامي مقرب من السلطة)، عبد القادر بن قرينة، عقب هذه الحادثة، بيانا دعا من خلاله السلطة إلى إنهاء مشكل المعتقلين.
وقال بين قرينة “إن الدولة التي تصالحت مع البندقية لا تنقصها الرحمة لطي هذا الملف والتصالح مع أبنائها في هذا الوقت الحساس والخطير الذي نحن بحاجة ماسة فيه لرص صفنا الوطني وتمتين جبهتنا الداخلية لاسيما أمام ما نتعرض له من تهديدات كبيرة تمس السيادة وتهدد وحدة شعبنا وحتى سلامة ترابنا”.
وأضاف “مازلنا نتطلع إلى توسيع العفو عن الجميع ونحن على أبواب عيد الفطر المبارك حتى تسعد عائلاتهم أيضا ويتواصل إدخال السرور إلى قلوبهم وتسمو الدولة عن الاختلافات بما يسهم فعلا في تفكيك فتيل أي فتنة لا قدر الله قد تقع مستقبلا”.
ووقع الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قبل شهر رمضان، مرسوما يقضي بالعفو لفائدة 1076 محبوسا محكوم عليهم نهائيا، بمناسبة حلول شهر رمضان، ولم يشمل الإجراء باقي المعتقلين الذين لم تتم محاكمتهم بعد.
ويشتكي العديد من النشطاء الذين تم توقيفهم عبر ولايات ومختلفة من “طول مدة إقامتهم في الحبس المؤقت وتباطؤ السلطات القضائية في معالجة ملفاتهم”.
ويرى الناشط السياسي، سمير بن العربي، أن “الظروف التي تعيشها الجزائر في الوقت الحالي تفرض التفكير في الذهاب إلى مصالحة وطنية شاملة”، مشيرا إلى “وجود توجه قوي داخل السطة من أجل غلق ملف المعتقلين بالنظر إلى قرارات العفو التي أصدرها الرئيس مؤخرا”.
وأضاف بن العربي أن “السلطة أدركت أن ملف المتابعات الذي فتح قبل رئاسيات 2019 وصل طريقا مسدودا، وهي الآن بصدد مراجعة هذا التوجه حتى تتمكن أيضا من رفع الحرج عن جهاز العدالة الذي تورط في هذا الخيار المفروض”.
وقال المتحدث “الجزائريون والجزائريات ينتظرون لفتة جديدة من السلطات لتحرير جميع المعتقلين السياسيين وسيُحفظ هذا القرار في ذاكرة كل المواطنين لو صدر في ليلة عيد الفطر”.
واعتبر الناشط سمير بن العربي، الذي اعتقل أكثر من مرة منذ انطلاق الحراك الشعبي ، أن “الوصول إلى مصالحة وطنية شاملة في الجزائر يقتضي اتخاذ إجراءات أخرى تتجاوز إطلاق سراح المعتقلين لتشمل فتح قطاع الإعلام في الجزائر للسماح لجميع الناس بالتعبير.
مقابل ذلك، يقول الناشط السياسي والأستاذ الجامعي، رابح لونيسي، إن “قضية المعتقلين في الجزائر جاءت كنتيجة حتمية لبعض الأخطاء الفادحة التي ارتكبها بعض الحراكيين بعد تاريخ 19 فبراير 2019”.
وأشار لونيسي إلى أن “الحراك الشعبي الذي آمن به الجزائريون من أجل إحداث التغيير المنشود تعرض للاختراق من قبل أطراف متطرفة أثارت غضب جهات في السلطة ما جعلها تلجأ إلى الاعتقالات تخوفا من مآلات الوضع”.
وأضاف المتحدث “من الأخطاء الفادحة التي ارتكبها الحراكيون هي رفضهم المشاركة في عملية البناء المؤسساتي من خلال مقاطعة جميع المحطات الانتخابية التي نظمت في الجزائر بعد الحراك الشعبي”.
وأكد لونيسي أن “ذلك أثر بشكل كبير على المؤسسات المنتخبة بحيث أنتحت الانتخابات مجالس مهلهلة وعاجزة عن أداء وظيفتها”، معتبرا أن الحل “هو تشكيل جبهة طنية داخلية تشارط فيها السلطة والمعارضة تسمح بتجاوز التحديات التي تعيشها الجزائر”.
وأفاد في الصدد بأن “الجزائر تتعرض لمؤامرات خطيرة من قبل أطراف عديدة نجحت في اختراق الوضع الداخلي ولا يمكن تجاوز ذلك إلا برص الصفوف ومجابهة الوضع بشكل جماعي”.
المصدر/ الوقت