التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

أوروبا تطالب “إسرائيل” بالكف عن مخططاتها الاستيطانيّة.. مستقبل غامض في الضفة الغربيّة 

في ظل تسارع المخططات الاستيطانيّة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة المحتلة والقدس من أجل محاولة وسم هوية مدينة القدس كعاصمة يهوديّة لكيان الاحتلال الغاشم وقتل أيّ مساعٍ فلسطينيّة أو دوليّة لإقامة دولة فلسطينيّة في الأراضي المحتلة عام 1967 من جهة أخرى، طالبت 15 دولة أوروبية بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا، مؤخراً سلطات العدو الإسرائيلي بالتراجع عن قرار بناء أكثر من 4 آلاف وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وذلك مع استمرار الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة والمتصاعدة بحق أهالي الضفة الغربيّة المحتلة منذ أكثر من خمسة عقود، ونتيجة لمواصلة سياسة الاستيطان والقتل المروعين ضد الأبرياء بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، لدرجة بات العالم أجمع يشاهد تفاصي إجرام وتمادي قوات المحتل الباغي ضد الفلسطينيين وأراضيهم.

قلق بالغ

في الوقت الذي طالب فيه وزراء خارجية 15 دولة أوروبية “إسرائيل” بالتراجع عن هذا القرار، أعرب بيانهم المشترك عن القلق البالغ حيال قرار مجلس التخطيط الإسرائيلي الموافقة على مخططات لبناء أكثر من أربعة آلاف وحدة سكنية (استيطانية) في الضفة الغربية، تزامناً مع السياسية الصهيونيّة العدوانيّة المتعلقة بالضفة التي بات سكانها يوصفون بأنّهم “جمر تحت الرماد”، وإقدام الكيان المجرم على خطوات تصعيديّة كثيرة بدءاً من عمليات الضم التي ستؤدي بلا محالة إلى انفجار “انتفاضة عارمة” ستغير الواقع الحالي وفقاً لكثيرين، وليس انتهاءً بارتكاب أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين وقد شاهد دول الأرض الجريمة البشعة بحق شيرين أبو عاقلة الأسبوع الماضي.

وإنّ المطالبة الأوروبيّة جاءت عقب خلاف نشب بين تل أبيب والأوروبيين عندما وصل دبلوماسيون أوروبيون إلى وزارة خارجية العدو، للاحتجاج على سياساته في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، تحت مزاعم وأكاذيب المراقبة وإفشال ما تسميه عصابات الاحتلال “الإرهاب في الضفة الغربيّة”، لمواجهة ما يقولون إنّها “مجموعات إرهابية” في المنطقة، وهم الإرهاب بعينه وأشكاله، وبشكل أساس تركز الاحتجاج الأوروبي قبل فترة على عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضف بعد سلسلة من الهجمات الصهيونيّة وتَواصل الاستيطان الإرهابيّ الذي يعتبره المجتمع الدولي غير قانونيّ، ناهيك عن العنف المفرط الذي يرتكبه المستوطنون اليهود بحق أصحاب فلسطين وأبنائها.

”الكف عن عمليات الهدم أو الطرد القسرّي في الضفة الغربية المحتلة”، هذا ما ركّزت عليه مطالب وزراء الدول الأوروبية لسلطات الاحتلال في ظل ارتفاع حدة الإجرام والاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لصالح المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، والتي قارب تعداد مستوطنيها 800 ألف مستوطن، مع دعوات مستمرة من قبل فصائل المقاومة الإسلاميّة أبناء الشعب الفلسطينيّ في الضفة والقدس والداخل المحتل إلى إشعال الأرض الفلسطينيّة المحتلة تحت أقدام جنود الاحتلال رداً وثأراً لدماء شهداء فلسطين وحماية لأبناء الضفة الغربيّة المحتلة والمستهدفة، لأنّ قوات الاحتلال لا تكف عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم.

ومن الجدير بالذكر أنّ وزراء خارجية فرنسا وبلجيكا والدنمارك وفنلندا وبولندا وألمانيا واليونان وإيرلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ ومالطا وهولندا والنروج وإسبانيا والسويد نبهوا إلى أن المستوطنات الجديدة ستشكل عائقا إضافيا أمام حل الدولتين، وأنّها تشكل بوضوح انتهاكا للقانون الدولي وتحول دون سلام عادل ودائم وشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، متناسين أن الطيان العنصريّ منذ ولادته غير الشرعيّة، قام على العنف المفرط والإجرام غير المعهود، حتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم الإرهابيّ وفق ما يُعرف بمنهج “القبضة الحديديّة” وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة، فمنذ يوم 14 مايو/ أيار عام 1948، حين قام هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، بعد أن فرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة، والتاريخ أكبر شاهد على الوحشيّة والدمويّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة العربيّة.

وبالاستناد إلى أنّ العصابات الصهيونيّة لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تتوقف عن إجرامها وقضمها لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم تحت أي ظرف سوى ردعها بالسلاح الذي تفرض استعمارها فيه، أعلنت ما تسمى”الإدارة المدنية” التابعة للعدو الإسرائيلي في الضفة الغربية، قبل أيام، أن اللجنة الفرعية للاستيطان في مجلس التخطيط الأعلى ستعقد اجتماعا، بهدف الإيداع والمصادقة على مخططات استيطانية جديدة تشمل 3988 وحدة سكنية في المستوطنات، في تنفيذ حرفيّ لنص إعلان الدولة المزعومة الذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من “بلادهم”، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.

وفي هذا الشأن، قال السفير الأميركي في الأراضي الفلسطينيّة التي تحتلها “إسرائيل”، توماس نايدس، إن إدارة الرئيس بايدن أوضحت لتل أبيب عدة مرات، خلال الأسبوع الأخير، أنها تعارض بشدّة أي بناء للمستوطنات، قائلاً: “لقد كنا واضحين مع الإسرائيليين بشأن معارضتنا لأعمال بناء جديدة في المستوطنات”، في وقت تمنع فيه السلطة الفلسطينيّة إطلاق يد المقاومة لتقوم بدورها في لجم العدوان الصهيونيّ على الشعب الفلسطينيّ، ولا يخلو الأمر من بعض الردود الفرديّة على هذه الجرائم التي يرتكبها العدو، وإنّ الضفة المحتلة أرسلت في الفترة الماضيّة رسائل عدّة مفادها بأنّها ستكون دائماً وقوداً لثورة الشعب الفلسطينيّ التي لن تتوقف إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينيّة، حيث إنّ رد الشعب الفلسطينيّ على هذه الجرائم سيكون بالفعل مقاومة جديدة وانتفاضة متواصلة قد تقلب الطاولة على رؤوس مسؤولي العدو الذين يسلكون طريق نهايتهم.

ووفقاً لبيان ما تُسمى “الإدارة المدنيّة” الإسرائيليّة، فإنه سيتم إيداع مخططات استيطانية جديدة لـ1452 وحدة سكانية في المستوطنات التالية: “نوكديم” 32 وحدة؛ “معاليه أدوميم” 16 وحدة؛ “كدوميم” 286 وحدة؛ “دوليف” 90 وحدة؛ “عمانوئيل” 170 وحدة؛ “مافو حورون” 110 وحدات؛ “شعاري تيكفا” 192 وحدة؛ “إلكناه” 500 وحدة؛ و”ناغوهوت” 56 وحدة، فيما ستتم المصادقة النهائية في الاجتماع نفسه على 2536 وحدة سكنية في المستوطنات التالية: “دوليف” 364 وحدة؛ “معاليه مخماش” 114 وحدة؛ “شيفوت راحيل” 534 وحدة؛ “نيريا” 168 وحدة؛ “غفعات زئيف” 136 وحدة؛ “أفرات” 40 وحدة؛ “تسوفيم” 92 وحدة؛ “ريفافا” 64 وحدة؛ “تل منشيه” 107 وحدات؛ “بيتار عيليت” 761 وحدة؛ “كريات أربع” 156 وحدة.

ويشار إلى أنّ المصادقة على هذه المشاريع الاستيطانية الواسعة من حكومة العدو، تأتي قبل زيارة متوقعة لجو بايدن للأراضي الفلسطينيّة المسلوبة، في نهاية حزيران/يونيو المقبل، وتسعى تل أبيب إلى عقد اجتماع لقادة دول “اتفاقيات الخيانة” إضافة إلى مصر والأردن، خلال زيارة الرئيس الأميركيّ، فيما تتحدث هيئة البث العامة الإسرائيلية “كان”، أنّ الصهاينة أجروا محادثات مباشرة مع البيت الأبيض حول عقد اجتماع مجلس التخطيط الأعلى للمستوطنات بهدف المصادقة على هذه المشاريع الاستيطانية.

انتفاضة عارمة

كثيراً ما تحدثت وسائل الإعلام أنَّ إقدام الكيان الصهيوني على خطوة ضم أجزاء من الضفة الغربية ستؤدي إلى انفجار “انتفاضة عارمة” ستغير الواقع الحالي على حد تعبير الفلسطينيين، وستكون رداً حقيقياً وعملياً على الاحتلال الصهيوني، حيث إنّ خيار عودة المقاومة المسلحة إلى الضفة الغربية ممكنٌ جداً، ويمكن أن يكون أقرب مما يتخيل البعض، باعتبار أن التعامل مع الكيان الصهيوني لا يمكن أن يعود بالنفع على الشعب الفلسطيني، ونَّ المقاومة الشاملة هي الخيار الوحيد أمامهم كما تقول الفصائل الفلسطينية، إضافة إلى أنَّ شعب فلسطين لم يغير من قناعته وموقفه بأنه لا يقبل هذا الاحتلال، وسيقاومه حتى اقتلاعه.

وإنّ مجرد محاولة تطبيق هذا القرار العدوانيّ الخطير، سيحشد بما لا شك فيه كل الصفوف ليكون هناك رد شعبي مدعوم من الفصائل، بيد أنّ العقبة الأكبر هو حركة “فتح” برئاسة محمود عباس، والتي يجب أن تحلّ جميع الاتفاقات والتفاهمات الموقعة مع الحكومة الأمريكية والكيان الصهيوني، ومن كل ما يترتب على تلك التفاهمات والاتفاقات من التزامات، بما فيها الأمنية، رداً على مساعي الكيان الصهيوني في زيادة عدد المستوطنات بالضفة الغربية إلى أرقام خطيرة.

وفي هذا الصدد، إنّ حكومة العدو يجب أن تتحمل جميع نتائج هذا الخيار المتهور ناهيك عن المسؤوليات والالتزامات أمام المجتمع الدولي كقوة احتلال في أرض دولة فلسطين المحتلة، وبكل ما يترتب على ذلك من آثار وتبعات وتداعيات، بلكن لا يمكن التعويل على السلطة الفلسطينية بسبب تعاونها بشكل فاضح مع تل أبيب وخاصة من خلال التنسيق الأمنيّ مع المؤسسة الأمنيّة والعسكرية الصهيونيّة، بما يشجع قوات الاحتلال والمستوطنين على العربدة والتغول في أراضي الفلسطينيين عبر مخطّطات العدو الاستيطانيّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس.

خلاصة القول، يجب أن تقوم الدول الغربية بخطوات عملية لردع الكيان الغاصب، وهذا أيضاً ما يجب أن تقوم به السلطة الفلسطينيّ فلو أن الضفة الغريبّة لو لم تكن مرهونة بقراراتها المتعاونة مع العدو الغاصب، لما وصل الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين لهذا الحد، وإنّ حركة “فتح” ستكون أمام “خطيئة تاريخيّة” جديدة لا تغتفر في حال لم تتحرك بهذا الاتجاه، خاصة سخافة اعتقادها بأنّ وجود علاقة مع الكيان الغاصب ربما تصبّ في مصلحة الفلسطينيين، في الوقت الذي يثبت فيه التاريخ والواقع أنّ الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر في عدوانهم الذي لا يمكن أن توقفه إلا القوة والوحدة والمقاومة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق