زيارة أمير قطر لإسبانيا ..هل تعالج أوروبا حاجاتها من إمدادات الغاز
زار أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، العاصمة الإسبانية مدريد، لمدة يومين بهدف دعم العلاقات الاقتصادية مع إسبانيا، وخاصة فيما يتعلق بالطاقة على خلفية الحرب في أوكرانيا.
حيث زار رئيس الدولة القطرية مجلس الشيوخ، وأكد في خطاب مقتضب أمام النواب وأعضاء مجلس الشيوخ، أن البلدين “لديهما الكثير من القواسم المشتركة” وأن الهدف من زيارته هو “تعزيز العلاقات في جميع المجالات”. وقد منحه رئيسا مجلسي النواب والشيوخ، ميريتسيل باتيت وأندير جيل، ميداليات الشرف من كلا المؤسستين.
بعد ذلك، التقى الأمير بفيليب السادس في لا زارزويلا، حيث تناولوا جميعا الغداء بحضور الملكتين. وفي فترة ما بعد الظهر، حضر معرضًا للخيول في Hípica de La Zarzuela وحصل على الميدالية الذهبية من مجلس مدينة مدريد، الذي أكد رئيس بلدية مدريد، خوسيه لويس مارتينيز ألميدا، أن إسبانيا وقطر هما “اليوم مملكتان متقاربتان “.
ووقّعت إسبانيا مع قطر العديد من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، والرفع من التقارب الاستراتيجي بينهما، خلال الزيارة التي قام بها الأمير القطري تميم بن حمد آل الثاني إلى مدريد، والتي انطلقت منذ يوم الثلاثاء وانتهت أمس الأربعاء.
وأعلنت قطر من جانبها عن المساهمة في العديد من المشاريع الإسبانية بقيمة تصل إلى 5 مليارات دولار، وهو ما اعتبرته مدريد دليلا على الثقة القطرية في الاقتصاد الإسباني، الذي يسير في طريق التعافي من تداعيات فيروس كورونا المستجد.
وحسب أوروبا بريس، فإنه إلى جانب الاتفاقيات الموقعة، فإن الحكومة الإسبانية تأمل من خلال التقارب مع الدوحة، إلى الرفع من امدادات الغاز القطري، من أجل تنويع الشركاء وتقليص التبعية لموردين معينين، وبالأخص روسيا بسبب الحرب على أوكرانيا، والجزائر التي تواجه مدريد أزمة ديبلوماسية معها بسبب قضية الصحراء الغربية.
وأضاف المصدر نفسه في هذا السياق، أن مدريد تراهن على أن تكون واحدة من الشركاء البارزين لقطر ممن سيحصلون على زيادة في الإمدادات من الغاز الطبيعي المسال الذي تسعى قطر إلى زيادة انتاجه في أفق سنة 2024 إلى أكثر من 110 ملايين طن سنويا، عوضاً عن 77 مليونا حاليا.
وتُعتبر قطر حاليا ثالث البلدان في العالم من حيث احتياط الغاز الطبيعي، وهي خامس مُصدر للغاز إلى إسبانيا، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والجزائر ونيجيريا ومصر، حيث تُمثل صادراتها إلى إسبانيا 4,4 بالمئة من مجموع ما تستورده مدريد من الغاز، حسب آخر الإحصائيات المتعلقة بشهر أبريل الماضي.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذه الزيارة، تأتي في سياق “أزمة ديبلوماسية” بين إسبانيا والجزائر، بسبب قضية الصحراء الغربية التي أعلنت مدريد تغيير موقفها من هذه القضية وإعلان دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو الأمر الذي أغضب الجزائر ودفعها إلى سحب سفيرها من إسبانيا وتهديد الأخيرة بإيقاف امدادات الغاز في حالة إعادة تصديره إلى المغرب.
كما أن هذه الزيارة تأتي على بُعد أسابيع من زيارة الرئيس الإيطالي إلى الجزائر، وتوقيع البلدين على اتفاقيات هامة في الطاقة، من أجل الرفع من إمدادات الغاز الجزائري إلى إيطاليا، وهو ما اعتبرته العديد من الصحف الإسبانية، بأن هذه الخطوة تأتي بهدف سحب الجزائر البساط من إسبانيا في الشراكة الطاقية لصالح روما.
وحسب تقارير إعلامية إسبانية عديدة، فإن مدريد بدأت في الشهور الأخيرة، في إيجاد بدائل جديدة لتقليص الاعتماد على الغاز الجزائري، وقد كانت أولى الوجهات هي الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي سجل في الشهرين الأخيرين، ارتفاعا كبيرا في واردات إسبانيا من الولايات المتحدة وتفوقها لأول مرة عن واردات الغاز القادم من الجزائر.
وفي تصريح لصحيفة “20مينوتس” الإسبانية، قال سفير قطر لدى مدريد عبد الله الحمر، إن بلاده تعمل بشكل موسع مع نظيراتها من الدول الأوروبية في الاتحاد الأوروبي كي تزودها بالغاز الطبيعي المسال على مدى طويل، إلى جانب تطوير البنية التحتية الخاصة بالتوريد والمرتبطة بهذا المجال.
واهتمت وسائل الإعلام الإسبانبة بزيارة أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، للبلاد يوم الثلاثاء، مشيرة إلى أن الغاز القطري بديل محتمل للواردات من الجزائر.
وفي التفاصيل، لفت موقع “إي بي سي” إلى أن أمير قطر يقوم الثلاثاء بأول زيارة دوله له إلى إسبانيا لمدة يومين، مشيرة إلى أنها “موعودة بأن تكون مثمرة من الناحية الاقتصادية، وهي ستعزز العلاقات مع عالم الأعمال، في وقت يتميز بسوق طاقة مضطربة”.
وأفيد في هذا السياق بان قطر تعد المورد الرئيس للغاز الطبيعي المسال في العالم، وقد تجاوزت صادراتها في أبريل 7.5 ملايين طن، وفقا لبيانات بلومبرغ، ما سمح لها بتجاوز الولايات المتحدة في هذا المجال، كما أن كل المؤشرات تدل على أن هذا الرقم سيستمر في الارتفاع في المستقبل، في وقت تبحث فيه أوروبا عن بدائل للغاز الروسي.
وبالنسبة لإسبانيا، فقد كانت نسبة وارداتها من الغاز القطري بلغت بين يناير ونوفمبر من العام الماضي 6.4 ٪، وهي نسبة بهامش خطأ نظرا إلى أن الجزائر ساهمت بنسبة 44 ٪ من الواردات. ووصف هذا التوزيع بأنه الآن في موضع تساؤل، لأن الجزائر كانت قد هددت إسبانيا بإنهاء عقد توريد الغاز إذا أعادت الحكومة فتح خط أنابيب الغاز المغاربي لنقل هذه المادة الخام إلى المغرب.
وفي هذا السياق ، أوضح الموقع الإخباري الإسباني أن قطر بديلا محتملا للغاز الجزائري، مشيرا إلى أن الدوحة تقر بأن زيارة أمير قطر سيتم خلالها مناقشة قضية الطاقة .
ونقلت الصحيفة الإلكترونية عن أنطونيو غاراميندي، رئيس أعلى هيئة اقتصادية في اسبانيا قوله إن “قطر تعتبر سوقا أساسية للعديد من الشركات الإسبانية، حيث تم تنفيذ استثمارات ومشاريع كبيرة في قطاعات مثل البنية التحتية والطاقات المتجددة والهندسة والبيئة. علاوة على ذلك، لا يمكننا أن ننسى الاستثمارات القطرية الكبيرة في إسبانيا من خلال صناديق الاستثمار أو بصفة شخصية، والتي ساعدت على تحسين قدرتنا على ريادة الأعمال. ووفقا لأحدث البيانات المتوفرة، فإن وضع قطر الاستثماري في إسبانيا لديه رصيد يزيد عن 2600 مليون يورو”.
وأثارت زيارة الدولة الأولى التي يقوم بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لاسبانيا، الكثير من التساؤلات حول دوافعا، سيما أنها تأتي في سياق التوتر القائم بين مدريد والجزائر بسبب تهديد هذه الاخيرة لها بوقف إمدادها بالغاز في حال عدم التزامها بالعقود، وقيامها بإعادة تصديرالغاز إلى المغرب.
وكانت نائبة وزير خارجية الإمارة، لولوة بنت راشد الخاطر، قالت الأسبوع الماضي لمجموعة من الصحفيين الإسبان في الدوحة عاصمة البلاد، أنه سيكون هناك “إعلان كبير” بمناسبة زيارة الأمير دون تطرقها إلى مزيد من التفاصيل، فيما أضاف مدير مكتب ترويج الاستثمار القطري بالخارج أن ذلك يتعلق بـ “الطاقات المتجددة والاستدامة”.
المصدر/ الوقت