انتقال وشيك للسلطة في المملكة العربية السعودية.. بدأ العد التنازلي لوصول ابن سلمان إلى العرش
ظل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على رأس البلاد خلال السنوات الست الماضية وهو في الواقع محدد للسياسة الداخلية والخارجية السعودية، لكنه أصبح حاليا على بُعد خطوة واحدة فقط من تولي العرش ولتحقيق خططه الطموحة دون أي عقبات. وبعد أنباء تدهور الحالة الجسدية للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في وسائل الإعلام، انتشرت شائعات أيضًا حول محاولات بن سلمان لتولي العرش. وتشير تحركات ابن سلمان الأخيرة في مجال السياسة الخارجية أيضًا إلى حقيقة أنه سيتولى العرش قريبًا.
وتظهر زيارة بن سلمان للإمارات لإرسال برقية تعزية إلى حاكم الإمارات محمد بن زايد بوفد من كبار المسؤولين السعوديين بحضور جميع فروع العائلة المالكة، أن كل شيء جاهز لنقل السلطة في المملكة السعودية. إن وجود أمراء غاضبين مثل محمد بن نايف وعبد العزيز بن أحمد، الابن الوحيد الباقي على قيد الحياة للملك السعودي وأحد المنافسين الجديين لابن سلمان على العرش في الأسرة السعودية، في قائمة رفاق بن سلمان هو إشارة واضحة تدل على تماسك الوحدة في أسرة آل سعود. لقد حاول بن سلمان، مع وفده القوي في الإمارات العربية المتحدة، إرسال رسالة إلى الجمهور مفادها بأن انتقال السلطة في المملكة العربية السعودية أصبح أقرب من أي وقت مضى.
وكما ذكرت بعض المصادر أن ابن سلمان سيطلق سراح بعض الأمراء المسجونين، وهي علامة أخرى على الانخفاض الواضح في الاختلافات في الأسرة السعودية، لأن ولاء جميع الأمراء ضروري لتأسيس حكم ابن سلمان والبقاء على قيد الحياة. ومن ناحية أخرى، يريد ابن سلمان التظاهر بأنه لا دور له في سجن الأمراء الثائرين وأن كل هذه الإجراءات تمت بأمر من الملك سلمان لإبعاد التهم عنه. كما أن تعزيز العلاقات مع تركيا والمحادثات مع المسؤولين الأمريكيين لتحسين العلاقات السياسية وحل الخلافات تشير إلى أن هناك أشياء معينة تحدث في السعودية وأن الشيء الوحيد المتبقي هو الوقت.
لقد فرض ابن سلمان ولاية عهده على الأسرة السعودية قبل ست سنوات عندما زار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الرياض، ويبدو أن هذا الحادث يعيد نفسه، وربما خلال زيارة بايدن المحتملة للسعودية، هذه المرة سوف يحتفل ابن سلمان بجلوسه على العرش لأن حكام المملكة العربية السعودية بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة لمواصلة حكمهم، ووجود رئيس الولايات المتحدة في مراسم تولى ابن سلمان العرش، يضفي الشرعية على الملك الجديد. لقد طغت سياسات بن سلمان المعارضة لزيادة إنتاج النفط بعد الأزمة الأوكرانية، والسياسة الحذرة تجاه روسيا، والقرب من الصين في السنوات الأخيرة، على العلاقات بين الرياض وواشنطن، لذلك فإن بن سلمان، الذي يحتاج بشكل عاجل إلى دعم الولايات المتحدة لنقل السلطة، زاد من تحركاته الدبلوماسية خلال الفترة الماضية.
وبالنظر إلى أن الإدارة الديمقراطية الامريكية فإنه يبدو أنها ليس لديها نظرة إيجابية لسياسات ابن سلمان في مجال حقوق الإنسان، فقد أوعز بن سلمان إلى شقيقه بالاستعانة بمسؤولي واشنطن في هذا المجال، ويبدو أن هذه السياسة قد نجحت، ويقال إن جو بايدن ورئيس وكالة المخابرات المركزية سيسافرون إلى المملكة العربية السعودية في المستقبل القريب للقاء بن سلمان. وإذا سار كل شيء وفقًا لطلب ابن سلمان وأظهر له الأمريكيون الموافقة، فمن المحتمل أن يكرر ابن سلمان اللطف نفسه الذي فعله لإرضاء ترامب ضد بايدن، وبتوقيع عقود بقيمة عشرات المليارات، سترضي واشنطن وتقدم له الدعم الكامل لكي يتمكن من الوصول إلى العرش.
ونظرًا لأن ابن سلمان فرض على الأسرة السعودية بعض القوانين بالقوة وسجن العديد من الأمراء الساخطين، إلا أنهم يشكلون تهديدًا كبيرًا لصعود ابن سلمان إلى السلطة، ما قد يؤدي إلى فترة من عدم الاستقرار السياسي في المملكة العربية السعودية. لذلك، يحتاج ابن سلمان بشدة إلى دعم إقليمي ودولي، وخاصة الدعم الأمريكي، لتسهيل انتقال السلطة إليه. وبالنظر إلى أن سلمان بن عبد العزيز هو آخر أبناء المؤسس الحالي للمملكة العربية السعودية، فإن نقل السلطة منه إلى بن سلمان هو نوع من الانتقال إلى أحفاد عبد العزيز، وسيتولى الجيل الثاني من السلالة السعودية الحكم، وسوف يصبح بن سلمان هو الحاكم الأول من الجيل الثاني. لقد ظل بن سلمان يخطط لمثل هذا اليوم منذ سنوات عديدة وقد بدأ خططه لتحويل المملكة العربية السعودية إلى دولة حديثة وغربية.
ومن أسباب إسراع بن سلمان إلى العرش هو أن بن زايد وصلت إلى السلطة في الإمارات العربية المتحدة لأن الاثنين لديهما الكثير من القواسم المشتركة وفي السنوات الأخيرة اتفقا على سياسات بلديهما في المنطقة، وعلى سبيل المثال الحرب في اليمن وتصاعد التوتر مع إيران وتركيا. لذلك، بما أن ابن سلمان وابن زايد من جيلين مختلفين من الحكام السابقين، فإن حقيقة أن رئيسي المملكة العربية السعودية وحاكم أبو ظبي سوف يقومون بتقريب سياسات البلدين من بعضهما البعض. وتشهد المملكة العربية السعودية صعود حركات سياسية جديدة هذه الأيام، ينسبها كثيرون إلى الانتقال الوشيك للسلطة في البلاد، وتشير الدلائل إلى احتمال حدوث ذلك قبل وفاة الملك سلمان.
وعلى صعيد متصل، قال المتحدث الرسمي باسم منظمة “سند” الحقوقية، فهد الغويدي، إن “فرص وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، للعرش وتنصيبه ملكا للبلاد باتت كبيرة جدا ومسألة وقت”. وأكد أن “اللقاء الأول المرتقب بين ابن سلمان والرئيس الأمريكي جو بايدن، سيساعد بشكل كبير في عملية قبول الرجل على الساحة الدولية والاعتراف به كملك وزعيم سياسي لواحدة من أهم الدول في المنطقة إن لم تكن الأهم حاليا”. وأضاف الغويدي: “كنت أستبعد سابقا حدوث هذا اللقاء بين الرجلين؛ لأن وسائل الإعلام الأمريكية لن تغفر هذا، بل إن أقطاب الحزب الديمقراطي وزعماءه حتى لن يكونوا حينها على وفاق مع إدارة بايدن، لأن هذا الأمر سيكون بمثابة اعتراف بشرعية ابن سلمان، وبمثابة انتكاسة وهدم للدعاية الانتخابية التي أوصلت بايدن أساسا للرئاسة”.
وتابع: “لكن يبدو أن إدارة بايدن أخيرا أدركت أن التعامل مع الملك سلمان فقط بحجة أنه هو المنصب الذي يكافئ منصب الرئيس الأمريكي غير كاف، وأن محمد بن سلمان هو الملك الفعلي للبلاد”. واستطرد الحقوقي السعودي قائلا: “إن حدث اللقاء فهو بلا شك تأكيد للبراغماتية الغربية-الأمريكية التي لا تؤمن إلا بقانون المنفعة، حتى وإن كان على حساب القيم وحقوق الإنسان”. وقال: “لا شك أيضا أن فريق ابن سلمان قد سعى جاهدا لترتيب مثل هذا اللقاء، ولا نستبعد أن تكون هناك اتفاقيات وتسهيلات غير معلنة من أجل موافقة بايدن وفريقه على هذا اللقاء، لأنهم يعتقدون بأنه سيعطي شرعية دولية لولي العهد السعودي، وأنه بذلك يهيئ الفرصة من أجل توليه عرش المملكة”. وأردف: “لا أرى اليوم أي مانع من وصول ابن سلمان للعرش وتتويجه كملك، وهو الأمر الذي أعتقد أنه أقرب من أي وقت مضى، نظرا لحالة الملك الصحية”.
المصدر/ الوقت