التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

خشية الصهاينة من تداعيات “مسيرة الأعلام”… کيف سيكون التكتيك القادم للمقاومة لمحاربة المحتلين 

بينما نظَّم آلاف المستوطنين الصهاينة، بدعم من قوات الاحتلال، ما تسمى “مسيرة العلم” في منطقة باب العمود في البلدة القديمة بالقدس، واشتبكوا مع الفلسطينيين، يحاول المسؤولون الصهاينة الخروج من تداعيات العمل الاستفزازي الذي أوقعوا أنفسهم فيه، وهم يدركون أكثر فأكثر أن أملهم في تحقيق الأهداف التي كانوا يسعون إليها من خلال تنظيم هذه المسيرة قد تبدد.

القدس مكان غير آمن للصهاينة

لكن ما حدث في الفترة الأخيرة يظهر أن مسيرة علم الکيان الصهيوني، التي تقام كل عام بمناسبة احتلال القدس عام 1967، لم تعد مجرد حدث تقليدي وعابر على المستوى السياسي والإعلامي. كما لم يعد بإمكان الکيان الصهيوني الادعاء بأنه يقوم بهذه المسيرة من موقع تفوق، وفي ظل شعور المستوطنين الصهاينة بالأمن.

حيث يواجه الصهاينة في السنوات الأخيرة تحديات عديدة في تنظيم هذه المسيرة، أهمها المقاومة الفلسطينية؛ وهو ما ألغى المسيرة العام الماضي.

وفي المرحلة الحالية أيضًا، يقف المقاتلون الفلسطينيون في أحياء القدس وقبضاتهم مرفوعة أمام المستوطنين الصهاينة، لتغيير المعادلات لصالحهم. وهذه حقيقة لا يشير إليها الفلسطينيون فقط، بل وفقًا لاستطلاعات الرأي، يعترف نحو 73٪ من الصهاينة أيضًا بأن القدس أصبحت مكانًا غير آمن للإسرائيليين.

في السابق، كان ما تسمى مسيرة العلم احتفالًا تقليديًا يقيمه المستوطنون الصهاينة، ولم يكن للصهاينة تحدياً كبيراً لعقدها. طبعاً، كل هذا كان مرتبطاً بما قبل معركة “سيف القدس” والمعادلات التي رُسمت في هذه الحرب.

محاولات الصهاينة الهروب من عواقب رقصة العلم

لكن بعد هذه المرحلة تحولت مسيرة العلم الصهيوني إلى حدث يهدد بشكل خطير الاستقرار الأمني ​​ للصهاينة. إضافةً إلى ذلك، نرى دولًا كبرى حول العالم والمنطقة تحذر الكيان الصهيوني من عواقب إقامة مسيرة العلم. كما نرى أن الصهاينة يلجؤون إلی الوسطاء لتقليل عواقب هذه المسيرة.

من ناحية أخرى، ونظراً للمخاطر الجسيمة لإقامة مثل هذه المراسم على الصهاينة، بذلت المؤسسات الأمنية والعسكرية والسياسية التابعة للکيان الصهيوني جهوداً کبيرةً ونصحت بعضها البعض باتخاذ مواقف حذرة ومنع تفجر الأوضاع في قطاع غزة والذي سيمتد إلی الأراضي المحتلة، وإلا ستدخل إسرائيل في حرب إقليمية مع نتائج غير معروفة.

وفي هذا الصدد، وبالتزامن مع إقامة مسيرة الأعلام الصهيونية، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن مسؤولين كبار في معهد الأمن الإسرائيلي أبلغوا مسؤولين بارزين في الشرطة خلال اجتماع لتقييم الوضع: أن “لديهم مسؤولية كبيرة، وأداء الشرطة الإسرائيلية في القدس يحدد ما سينتج عن هذه المسيرة”.

كما نصح مسؤولون صهاينة شرطة الکيان بالامتناع عن نشر صور الاشتباكات مع الفلسطينيين مماثلة لتلك التي شهدتها جنازة مراسلة قناة الجزيرة “شيرين أبو عاقلة” (التي اغتالها الجيش الصهيوني).

أيضًا، يعرب المسؤولون الصهاينة عن قلقهم من أن الفلسطينيين سيستأنفون عملياتهم الاستشهادية في الأراضي المحتلة، وأن إسرائيل ستتحرك نحو سيناريوهات أكثر خطورةً. وفي هذا الصدد، تطرقت مؤسسات التقييم واتخاذ القرار في الكيان الصهيوني إلى هذا الموضوع من خلال عقد اجتماعات.

وأهم ما يخشاه الکيان الصهيوني أن تتوحد كل الساحات الفلسطينية وتقاتل الصهاينة بشكل موحد، وبما ينسجم مع المعادلات التي وضعتها المقاومة الفلسطينية کما حدث في معركة سيف القدس. وتتجلى بوادر هذا القلق بوضوح في المناورات العسكرية للکيان الصهيوني ومواقف مسؤولي الکيان.

ويقدِّر الخبراء الإسرائيليون أيضًا أن الأحداث التي وقعت خلال مسيرة العلم، تشمل الأبعاد السياسية الداخلية لإسرائيل ولا ينبغي تجاهلها. وبناءً على هذه التقديرات، أدرك المسؤولون الإسرائيليون أنهم لا يستطيعون الجمع بين الاحتلال والأمن في أجزاء مختلفة من فلسطين. وفي هذا السياق، فوجئ الصهاينة بالتكتيكات الجديدة للفلسطينيين في كل محطة اعتقدوا أنهم نجحوا فيها.

ارتباك الإسرائيليين خلال مسيرة الأعلام

في المقابل، أدرك المحتلون أن قرار الفلسطينيين بالمواجهة العسكرية لدعم القدس والمسجد الأقصى لم يكن بسبب حالة عاطفية أو استجابةً للرأي العام الفلسطيني، وطالما استمر الكيان الصهيوني في عدوانه على مقدسات فلسطين، فإن نضالات أهل هذه الأرض ستستمر.

ولهذا السبب، أجرى الکيان الصهيوني قبل إقامة مسيرة العلم عدة اتصالات دولية وإقليمية، لضمان أمن المستوطنين الصهاينة في القدس المحتلة في ظل تهديد فصائل المقاومة.

من جهة أخرى، كان قلق الصهاينة من تهديدات فصائل المقاومة خلال مسيرة العلم واضحاً تماماً. حيث حلقت عشرات الطائرات الإسرائيلية المسيرة في الجو، وكذلك المهندسون المصريون الذين يعملون في مشاريع استيطانية إسرائيلية في القدس، جميعهم تخلوا عن أنشطتهم وفروا.

وبعد ذلك، رفعت المجموعات والأجهزة الأمنية الصهيونية حالة التأهب القصوى، لإخلاء المناطق العسكرية والمدنية المتوقع استهدافها بصواريخ المقاومة.

وفي ظل هذه الظروف، بدا أن المقاومة تميل إلى تغيير موقفها باستخدام أساليب تكتيكية جديدة. لكن في الوقت نفسه، تسببت تهديداتها في تصاعد الخوف والذعر بين الرأي العام الإسرائيلي.

في غضون ذلك، يجب أن ننظر في بعض النقاط الرئيسية التي تظهر في المقام الأول إلى أي مدى أرعبت تهديدات فصائل المقاومة الفلسطينية الصهاينة، ودفعتهم إلى اتخاذ إجراءات علی مستوی حدث أمني كبير لعقد ما يزعمون أنه احتفال تقليدي وعرفي، ثم نقيِّم ما ستكون عليه ردود الفعل القادمة للمقاومة الفلسطينية:

– قبل ساعات قليلة من الانطلاق الرسمي لمسيرة الأعلام الصهيونية، حلَّق عدد كبير من الطائرات دون طيار والمقاتلات الإسرائيلية في سماء قطاع غزة؛ طائراتٌ من طرازات مختلفة كانت على أعلى مستوى من الجاهزية حتى في ظل عدم انتهاء المناورة العسكرية للکيان الصهيوني.

– حاول جيش الاحتلال على الحدود الشرقية لقطاع غزة استخدام إجراءات خادعة بهدف توفير أمن قوات هذا الجيش، ونشر عدة حافلات فارغة في مرمى صواريخ فصائل المقاومة في قطاع غزة.

– كان للتصريح الإعلامي للنظام الصهيوني بشأن إقامة مسيرة الأعلام الصهيونية ملامح جديدة. حيث شعروا أنهم قد ربحوا حربًا كبيرةً من خلال تنظيم هذه المسيرة. وأعلن أحد المراسلين العسكريين لقنوات تلفزيون الکيان الصهيوني في التقرير الإخباري للمسيرة: “هاجمنا المسجد الأقصى ورفعنا الأعلام ورقصنا”.

تكتيكات المقاومة الفلسطينية للحرب الكبرى مع الصهاينة

التقدير السائد بين أجهزة الأمن التابعة للکيان الصهيوني، هو أن حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى لن تتسرع في صراع عسكري واسع النطاق مع الجيش الإسرائيلي. لكن في الوقت نفسه، قد تتبنى الفصائل الفلسطينية تكتيكات جديدة لبدء القتال مع الجيش الإسرائيلي، انطلاقاً من أماكن مثل الضفة الغربية.

كما يعتقد الصهاينة أنه لا ينبغي التغاضي عن حقيقة أن ما حدث في القدس له أبعاد سياسية عديدة، تؤثر على الوضع في إسرائيل في هذا الصدد.

لقد تعرضت الحكومة الائتلافية لنفتالي بينيت ويائير لابيد لضغوط داخلية شديدة في الآونة الأخيرة. ولذلك، فهم قلقون من أن ما حدث العام الماضي لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو خلال معركة سيف القدس، قد يحدث هذه المرة لحكومة نفتالي بينيت.

کذلك، يشعر نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الحالي للکيان الصهيوني، بالقلق أيضًا من أن الحالة الهشة لحكومته وتصعيد الوضع الأمني ​​في الأراضي المحتلة، قد يخلقان فرصةً لأنصار نتنياهو للإطاحة بالحكومة الإسرائيلية الحالية.

لكن بما أن المسيرة الاستفزازية الصهيونية أدت إلى صدام واسع النطاق بينهم وبين الفلسطينيين، فقد تكون هناك تساؤلات حول سبب عدم رد فعل فصائل المقاومة بالسرعة التي ردت بها العام الماضي.

كما ذكرنا، بعد معركة سيف القدس، دخلت استراتيجية ومعادلات فصائل المقاومة الفلسطينية مرحلةً جديدةً، وتتصرف هذه المجموعات بتكتيكات محسوبة أكثر.

من أهم أسباب هزيمة الفصائل الفلسطينية أمام الکيان الصهيوني في العقود الماضية، إضافة إلى انعدام الوحدة بين هذه الجماعات والشعب الفلسطيني، هي الأعمال والعمليات المتسارعة وغير المخطط لها.

لكن بعد تنظيم هذه الجماعات والفصائل، وكذلك دخول شخصية مثل “يحيى السنوار” في الهيكل العسكري والسياسي لحركة حماس، التي هي ممثل المقاومة الفلسطينية نوعاً ما، تغيرت هذه الاستراتيجية بالكامل.

في العام الماضي، بدأت فصائل المقاومة الفلسطينية القتال للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، في وضع لم يتوقع الکيان الصهيوني رد الفعل هذا وأخطأ في تقديره بشكل خطير.

وكان ضعف الصهاينة هذا فرصةً كبيرةً للمقاومة الفلسطينية، التي تمكنت بتكتيك مدروس ومدهش أخذ زمام المبادرة في الحرب وإدارتها لأكثر من 11 يومًا.

مفاجآت المقاومة للکيان الإسرائيلي

لكن في هذه المرحلة يستعدّ الفلسطينيون لمواجهة أكبر مع کيان الاحتلال، وهي حرب، إضافة إلى المكاسب السياسية والعسكرية لفلسطين، تقلل من الخسائر المادية والبشرية للفلسطينيين، وتستهدف ضعف الإسرائيليين، وهو السكان وفقدان الأرواح.

وكما صرح يحيى السنوار في خطابه بمناسبة يوم القدس، فإن الفلسطينيين يستعدون لمعركة شاملة لتحرير القدس والمسجد الأقصى. أيضًا، حسب المعادلات التي وضعها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بخصوص القدس، لن تكون الحرب الفلسطينية القادمة مع الکيان الصهيوني مثل سابقاتها، بل ستؤدي إلى حرب إقليمية.

وفي وقت سابق، حذر خبراء ودوائر أمنية وعسكرية إسرائيلية مرارًا وتكرارًا، من أن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدًا لخوض أي حرب، حتى مع الفصائل الفلسطينية.

وحتى المناورة العسكرية الأخيرة التي أجراها تتماشى أكثر مع إصلاح معادلة الردع المفقودة، وتقوية الروح المعنوية للمستوطنين الصهاينة. كما أعرب الصهاينة مرارًا عن قلقهم من أن إسرائيل في السنوات الأخيرة من حياتها، وأن أي حرب جديدة يمكن أن تنهي وجودها. لذلك، فإن انتصار فلسطين في هذه الحرب يتطلب تخطيطًا دقيقًا وضرب العدو بشكل لا يستطيع الصهاينة التنبؤ به.

لقد الجيش الصهيوني – في حرب العام الماضي مع الفصائل الفلسطينية وفي الحروب السابقة مع حزب الله في لبنان – أنه شديد التأثر بمبدأ المفاجأة. لذلك، يرى المراقبون أن رد المقاومة على اعتداءات الکيان الصهيوني على القدس والمسجد الأقصى هو رد فعل أكيد وسريع، لكن في وضع شبيه بالعام الماضي حتی يفاجئ الصهاينة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق