ما هي المؤشرات الرئيسية لزوال الصهيونية
عندما أسس الصهاينة نظامهم المزيف في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، لم يتخيلوا يومًا أنه سيتعين عليهم التحدث عن انهيار إسرائيل. ولكن قضية زوال النظام الإسرائيلي الزائف، وخاصة في العقد الماضي، أصبحت قضية رئيسية في الأوساط الصهيونية.
اعتراف الصهاينة بزوال إسرائيل
إن الاعتراف بانهيار الكيان الصهيوني وإبداء العديد من التعليقات في هذا الصدد هو موضوع يناقش على نطاق واسع من قبل الخبراء والمؤرخين ووسائل الإعلام الإسرائيلية. حيث قال راني دانيال، المحلل العسكري الصهيوني المتطرف المقرب من قادة الجيش الإسرائيلي: “لست متأكداً من أن أطفالي لديهم مستقبل في إسرائيل، ولا أعتقد أنهم سيبقون هنا”.
كما يعترف بني موريس، المؤرخ الصهيوني البارز، أنه بعد سنوات، سينتصر العرب والمسلمون في نهاية المطاف، وسيظل اليهود أقلية، أو يتعرضون للاضطهاد أو القتل، وفي هذه الأثناء، يمكن لليهود المحظوظين فقط الفرار إلى أوروبا و أمريكا. ويقول جدعون لوفي المحلل الصهيوني، في اليوم الثالث من معركة سيف القدس في مايو من العام الماضي عندما طوقت صواريخ المقاومة الفلسطينية الأراضي المحتلة من جميع الجهات، قال: “على الإسرائيليين أن يذهبوا إلى أوروبا وعلى الأوروبيين أن يقبلوهم كلاجئين، أعتقد أن هذا أفضل بكثير من أكلنا أحياء”.
وقال يارون لندن الصحفي الصهيوني المعروف: “أستعد للتحدث مع حفيدي لأخبره أن عدد اليهود المقيمين في إسرائيل لن يزيد على 50٪، لكن 50٪ متفائلون والحقيقة أكثر مرارة من ذلك بكثير”. ومن جانبه، يعتقد الصحفي الصهيوني آري شافيت أيضا أن إسرائيل تحتضر ولا يمكن لأحد أن يوقف زوالها. وكتب شاؤول أرييل، وهو جنرال في وحدة الاحتياط في الجيش الإسرائيلي وخبير في الشؤون العربية: “النظام الصهيوني بنى استراتيجياته على تحقيق المثل الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وهذا الامر أدى إلى انهيار النظام الصهيوني”.
ويقر مارتن فان كارفيلد، أستاذ العلوم العسكرية في جامعة القدس المحتلة، وهو من أشد المؤيدين لطرد العرب من فلسطين المحتلة، بما يلي: “بدأ تدمير الجيش الإسرائيلي من كل مكان. أي، من مستوى القادة إلى الجنود، لدرجة أن العديد منهم مدمنون على المخدرات والتجسس مقابل المال، كما أن الاتجاه المتزايد للهجرة العكسية الإسرائيلية إلى أوروبا والولايات المتحدة يشير إلى أن إسرائيل تنهار أخيرًا”.
ونشر مؤرخ إسرائيلي آخر، يُدعى أوفر الووني، مقالاً في صحيفة هآرتس الصهيونية الأسبوع الماضي ذكر فيه أن إسرائيل في القرن الحادي والعشرين فوضوية ومربكة ومجنونة. وقال، “الدولة اليهودية تنتهج سيناريو وهمياً وليس لها مصداقية وقد تم إنشاؤها عن طريق الخطأ”. هذه مجرد أمثلة قليلة على اعترافات خبراء ومحللين ومؤرخين صهاينة، لكن اللافت للنظر أن مثل هذه الاعترافات وصلت مؤخرًا إلى مستوى المسؤولين الإسرائيليين.
عندما يتحدث نفتالي بينيت ونتنياهو عن انهيار وشيك لإسرائيل
في هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء السابق إيهود باراك مؤخرًا في مقال أنه قلق من تعرض إسرائيل للعنة العقد الثامن التي عانت منها “الدولة اليهودية” في الماضي. كما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو في عام 2017 أنه كان يحاول إعادة إسرائيل إلى الذكرى المئوية لتأسيسها، لكن هذا ليس واضحًا؛ لأنه لا توجد “دولة” يهودية تعيش منذ أكثر من 80 عامًا، وهذا ما حذر منه رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نفتالي بينيت.
كما صرح رئيس الكنيست السابق، أبراهام بورغ، في مقال نُشر في صحيفة واشنطن بوست: “إسرائيل على وشك إنهاء الحلم الصهيوني وهي على وشك الانهيار. أنصح الإسرائيليين بالحصول على جواز سفر آخر ولديّ انا جواز سفر فرنسي”. وزير الحرب الإسرائيلي بني غانتس هو مسؤول إسرائيلي آخر حذر من مستقبل إسرائيل، قائلاً إن “المخاوف من الهيمنة الفلسطينية على إسرائيل في المستقبل ليست بعيدة المنال وأن إسرائيل ستتقلص في السنوات المقبلة”. كما أعلن رئيس الشبك السابق يول ديسكين أن إسرائيل لن تبقى للجيل القادم.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قد يكون أول مسؤول إسرائيلي يعترف بزوال النظام خلال فترة حكمه. فخلال الأيام الماضية، وبينما يشهد الصهاينة توترات واضطرابات غير مسبوقة على المستويين الأمني والسياسي، خاطب نفتالي بنت المستوطنين قائلا: “اسرائيل امام امتحان حقيقي وتشهد وضعا غير مسبوق يقترب من الانهيار ويواجه معضلة تاريخية. في السابق كانت بلادنا مقسمة مرتين بسبب الحرب الأهلية الأولى عندما كانت في الثمانين من عمرها والثانية كانت في عام 777. نحن الآن في الفترة الثالثة ونقترب من العقد الثامن. نحن جميعا نواجه اختبارا حقيقيا. هل يمكننا حماية بلدنا؟ إسرائيل وصلت إلى واحدة من أصعب لحظات انهيارها”.
أهم مؤشرات انهيار الصهيونية
لكن هل انهيار إسرائيل قريب حقًا؟ يمكن العثور على إجابة هذا السؤال في قلوب الصهاينة أنفسهم، فضلاً عن الظروف الملتهبة التي يمر بها هذا الكيان. كما تظهر الأدلة، فإن الإسرائيليين أنفسهم يعتقدون أن انهيار هذا الكيان يبدأ من الداخل:
السكان: كان أكبر ضعف للنظام الصهيوني منذ بداية تاريخه المزيف مرتبطًا بالسكان الإسرائيليين، ولهذا سعى قادته في أوقات مختلفة لإقناع اليهود بالهجرة إلى فلسطين المحتلة. لكن حسب آخر الإحصائيات فإن تعداد الفلسطينيين القاطنين في هذا البلد مطلع عام 2020 يبلغ نحو 5 ملايين و 75 ألف نسمة. كما يعيش حوالي 1.5 مليون فلسطيني في مخيمات في دول مجاورة مثل لبنان والأردن وسوريا ومصر، ونحو 4 ملايين فلسطيني يعيشون خارج المخيمات في الدول المجاورة لفلسطين. وبذلك يكون مجموع السكان الفلسطينيين حوالي 10 ملايين و 575 ألف نسمة. بالطبع، يعيش حوالي مليوني فلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، وهم ما يسمون المواطنين الإسرائيليين، لكنهم في الأصل هم فلسطينيون.
ومن ناحية أخرى، يبلغ عدد السكان الصهاينة حوالي 8،650،000 نسمة، 75٪ منهم يهود و 21٪ عرب و 4٪ “آخرون”، أي عوائل المهاجرين غير اليهود إلى إسرائيل من غير العرب. وبذلك يكون صافي عدد سكان إسرائيل أقل من 8 ملايين وسيصل إلى حوالي 6 ملايين و 500 ألف نسمة. وإضافة إلى ذلك، تظهر المؤشرات انخفاضًا في معدل النمو السكاني الصهيوني، مقابل زيادة بالمعدل نفسه بين الفلسطينيين، ومن المتوقع أن يشكل الصهاينة في السنوات العشر القادمة 42٪ والفلسطينيين. 58٪.
الهجرة العكسية: بينما كان النظام الصهيوني يحاول جلب اليهود من جميع أنحاء العالم إلى فلسطين، حدث العكس. وحسب دراسة نشرت عام 2018 بعنوان “الهجرة اليهودية العكسية ومستقبل الوجود الاستعماري”، بلغ عدد الذين غادروا الأراضي المحتلة في العقود الماضية مليونا ونصف المليون، وتشير المؤشرات إلى أن الأمن هو السبب الأهم للهجرة العكسية لليهود، وتفاقم هذا الوضع بعد حربي الكيان الصهيوني مع حزب الله في لبنان.
الخلافات الداخلية والدينية: يتكون المجتمع الداخلي للنظام الصهيوني من طوائف وفصائل دينية عديدة ومتطرفة تتعارض مع بعضها البعض وفي كثير من الأحيان في صراع. ولم تكن الحكومات المختلفة في هذا النظام قادرة على إدارة هذه التوترات.
الضعف السياسي والافتقار إلى قيادة منتظمة: لقد فشل الصهاينة فشلاً ذريعًا في السنوات الأخيرة في الشؤون السياسية، مثل تشكيل الحكومة، وكما يحذر مسؤولو النظام، يرأس الحكومة الحالية نفتالي بينيت، الذي تم تشكيل الحكومة بعد الكثير من المشاحنات والصراعات. ويؤكد المراقبون الصهاينة أن السياسيين الفاسدين والانتهازيين يسيطرون في الوقت الحاضر على ركائز سلطة النظام الصهيوني ويفعلون كل شيء لتحقيق مصالحهم.
فقدان الردع وضعف الجيش الإسرائيلي: اعترف الصهاينة مرارًا بتآكل قوتهم الرادعة بعد معادلات الصراع التي ظهرت في المنطقة في أعقاب حربي النظام الصهيوني مع حزب الله في لبنان عامي 2000 و 2006. وفي نفس الوقت الذي استحوذت فيه المقاومة على السلطة في لبنان، وخاصة في فلسطين، التي ظهرت رموزها في معركة سيف القدس، وتم تحدي قوة الجيش الإسرائيلي. ويعتمد الجيش الصهيوني حاليا بشكل حصري على سلاحه الجوي بسبب وجود قوة برية غير فعالة، وهي نقطة الضعف الرئيسية للجيش الإسرائيلي في التعامل مع فصائل المقاومة.
عدم الثقة في الجيش: حسب استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجرتها المراكز الصهيونية، فإن أكثر من 64٪ من الإسرائيليين لا يثقون بالجيش. كما يظهر عدم الثقة هذا بين الجنود الصهاينة ولهذا فهم لا يريدون الانضمام إلى الجيش.
وحدة الفلسطينيين: بينما كان الانقسام بين الفلسطينيين عاملاً رئيسياً في هزيمتهم للمشاريع الصهيونية منذ عقود، نرى اليوم الشعب الفلسطيني متحداً في جميع المناطق في ظل المعادلات التي رسمتها المقاومة لطرد المحتلين.
تصعيد محور المقاومة: لكن العامل الخارجي الأكثر أهمية الذي يهدد وجود الكيان الصهيوني هو تزايد مجموعات المقاومة في المنطقة، والتي تشكل قوة فاعلة للفلسطينيين داخل البلاد. كما اعترفت الدوائر والخبراء الإسرائيليون مرارًا وتكرارًا، فإن الحرب القادمة مع المقاومة في المنطقة يمكن أن تنهي وجود إسرائيل.
المصدر/ الوقت