التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

بغداد.. إلى عالم ما بعد أمريكا 

منذ سبتمبر 2019، عندما تم توقيع الاتفاقية الاقتصادية بقيمة 500 مليار دولار بين عادل عبد المهدي خلال زيارته التي استمرت خمسة أيام، انضم العراق رسميًا إلى خطة طريق الحزام الصيني.

وحسب إسلام تايمز، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، مؤخرا عن توقيع اتفاقية مهمة مع السفير الصيني في بغداد تشانغ تاو، تم بموجبها إعفاء بعض مواطني البلدين من تأشيرة السفر. وحسب الاتفاقية المبرمة بين البلدين، يُعفى من إصدار تأشيرات السفر جوازات السفر الخدمية أو بعبارة أخرى المواطنون الناشطون في مجال الإنتاج والخدمات. الاتفاق الذي أقرته وزارة الخارجية العراقية يحتاج إلى موافقة مجلس النواب العراقي ومن ثم إعداد الأساس لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ على مستوى سفارات البلدين. وحسب وزارة الخارجية العراقية، تهدف الاتفاقية إلى تعزيز وتسريع التعاون الاستراتيجي بين بغداد وبكين من أجل التطوير الكامل للعلاقات في مجالات الطاقة والصناعة والصحة والتبادل الثقافي والتعليم. ما لا شك فيه أن توقيع مثل هذه الاتفاقية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على العلاقات التجارية، وتسريع الاستثمار وزيادة التبادلات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين البلدين؛ ومع ذلك، يسعى كلا البلدين إلى تحقيق أهداف محددة في توقيع مثل هذه المذكرة، وهو أمر ذو أهمية كبيرة.

الصين في طريقها لمعالجة مخاوف أمن الطاقة

على مدى السنوات القليلة الماضية، أصبح العراق المحور الرئيسي للاستثمار الصيني في مبادرة الحزام والطريق. في عام 2013، أطلقت الصين مبادرة “حزام واحد، طريق واحد” الطموحة لتعزيز علاقاتها التجارية مع بقية العالم. ينصب التركيز الرئيسي للمشروع على زيادة الشراكة الاقتصادية للصين مع الدول الأخرى على أساس الاستثمار في البنية التحتية للدول على طول الطريق، وفي السنوات الأخيرة أصبح أحد أهدافها الرئيسية هو العالم العربي ومنطقة غرب آسيا. وعلى نفس المنوال، زادت الاستثمارات الصينية في الدول العربية ودول الشرق الأوسط بنحو 360 في المئة ومشاركة البناء بنسبة 116 في المئة مقارنة بعام 2020. في غضون ذلك، كان العراق الهدف الرئيسي لمبادرة البنية التحتية الصينية “حزام واحد، طريق واحد” في منطقة غرب آسيا بأكملها في عام 2021، حيث تلقى 10.5 مليارات دولار للاستثمار في عدة مشاريع، بما في ذلك مصنع للنفط الثقيل. في الواقع، العراق هو ثالث أكبر شريك لمبادرة “حزام واحد، طريق واحد” في مشاريع الطاقة، بعد باكستان وروسيا.

في نفس الوقت الذي تستثمر فيه الصين في مشروع طريق ذات مسار واحد، يبدو أن المسؤولين الصينيين يسعون وراء أمن الطاقة للسنوات والعقود القادمة في الشرق الأوسط العربي مع التركيز على العراق. كان الصينيون يفكرون بجدية في دخول سوق النفط العراقي منذ توقيع اتفاقية بين العراق والصين في حكومة عادل عبد المهدي في عام 2019. وخاصة بعد أن أوقفت شركات النفط مثل ExxonMobil و British Petroleum و Shell و Luke O’Leary وغيرها عمليات الاستخراج بحجة الهجمات الإرهابية، أصبحت الشركات الصينية أكثر راحة من الشركات الغربية وأقل معارضة، معهم في جزء كبير من حقول النفط العراقية. بشكل عام، زاد وجود الشركات الصينية في قطاع الطاقة العراقي بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، وسعت بكين إلى الاستثمار في 78 حقلاً من حقول العراق النفطية. مصفاة الفاو، على سبيل المثال، تم تسليمها إلى ائتلاف من الشركات الصينية بتكلفة 7 مليارات دولار. كما تعمل الشركات الصينية كمقاولين رئيسيين أو ثانويين في 15 حقلاً نفطياً في جنوب العراق.

بغداد تسعى للحصول على موقع استراتيجي في مشروع “حزام واحد طريق واحد”

بعد سنوات من اعتماد العراق على الولايات المتحدة وأوروبا، أصبح ميل البلاد في السنوات الأخيرة لإيجاد مسارات بديلة لتنمية مختلف قطاعات الاقتصاد والصناعة والتجارة وما إلى ذلك حقيقة لا يمكن إنكارها. لقد توصل الاستراتيجيون وصناع القرار العراقيون إلى الاعتقاد بأن مكانة الغرب في النظام والاقتصاد العالميين قد تراجعت، وأن لاعبًا قويًا يُدعى الصين آخذ في الظهور. وخاصة منذ سبتمبر 2019، عندما تم توقيع اتفاقية اقتصادية بقيمة 500 مليار دولار بين البلدين خلال زيارة عادل عبد المهدي التي استمرت خمسة أيام، انضم العراق رسميًا إلى خطة حزام طريق صيني. وتم خلال هذه الرحلة التوقيع على ثماني اتفاقيات ومذكرات تفاهم، ونفذت هذه الاتفاقية في الأول من أكتوبر، بإيداع مبلغ 500 مليار دولار في صندوق خاص أنشئ لهذا الغرض. وبموجب اتفاق بكين وبغداد، كان من المقرر أن يأتي المبلغ من البيع اليومي لـ 100 ألف برميل من النفط العراقي و10 مليارات دولار من ضمانات البنوك الصينية.

رغم أنه في حكومة مصطفى الكاظمي بضغط الغرب ظهرت بعض العقبات والتحديات في تنفيذ هذه الاتفاقية وتباطأت مسيرتها، إلا أن البلدين ما زالا يتخذان خطوات لتطوير مشاريع مختلفة في مجال الطاقة، المطارات والطاقة الشمسية و …. بشكل عام، تعد الصين الآن أكبر شريك تجاري للعراق، ويستمر التعاون بين الجانبين في النمو. إن المسار الناجح للتعاون الصيني العراقي يمكن بالتأكيد أن يقوي الدومينو العربي للدول العربية لتقترب أكثر من الصين في المستقبل القريب.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق