التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

جريمة تطبيع المغرب إلى الواجهة.. الشعب يقول كلمته 

عقب أسبوعين على الإعلان عن تأسيس مكتب لقناة “i24news” الإسرائيلية في المغرب، اعتبر صحفيون مغاربة أن التطبيع الإعلامي مع “إسرائيل” بمثابة جريمة في حق الفلسطينيين والشعب المغربي والإنسانية جمعاء، وذلك في بيان حمل توقيع عشرات الإعلاميين من أبرزهم، أبو بكر الجامعي، وعلي أنوزلا، وهاجر الريسوني، وحنان بكور، وتأتي تلك الأنباء عقب سلسلة من الخيانة الحكومية منذ إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التوصل إلى “اتفاق تاريخيّ” لاستئناف العلاقات بين العدو الصهيونيّ والرباط مقابل اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الأراضي التي تحتلها في الصحراء الغربيّة، فيما يرفض الشارع المغربيّ إقامة علاقات مع الكيان الغاصب، ناهيك عن مناهضة عشرات الأحزاب من تيارات مختلفة للتطبيع مع تل أبيب تأكيداً منهم على أن أيّ تطبيع مع الكيان الصهيونيّ هو “اعتداء على مشاعر الشعب المغربيّ، وإهانة لا يمكن تغطيتها بأيّ حديث عن المصلحة الوطنيّة”.

جريمة حكوميّة

“جريمة في حق الفلسطينيين والمغاربة والإنسانية”، عبارة لخصت كامل بيان الإعلاميين المغاربة في تعبير عن رفضهم للتطبيع الإعلامي مع الاحتلال الصهيوني، منددين بتأسيس مكتب للقناة الإسرائيلية في بلادهم وتنظيم حفل افتتاح له في موقع “شالة” الأثري في العاصمة الرباط، ومطالبين بإغلاق مكتب القناة فوراً، لأنهم اعتبروا ذلك “خطوة استفزاز لمشاعر المغاربة المرتبطة قلوبهم في فلسطين” قبل استفزازهم كصحفيين منحازين للحقيقة، ويعلم الجميع أنّ المغاربة عبروا بكل قوة عن رفضهم العارم لإقامة علاقات مع الكيان الصهيونيّ المجرم، منذ أن أعلنت تل أبيب والرباط استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد توقفها عام 2000، فيما أعربت التكتلات الحزبية عن رفضها لزيارة وفود العدو إلى بلادهم.

وفي تعليق متوقع من قبل الحكومة المغربية على الخطوة، أعلنت الرباط مطلع يونيو/ حزيران الحالي، أنها “تعمل على تنفيذ جميع الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل في جميع القطاعات”، وهذا كله لا يعدو عن كونه دعماً حكومياً مطلقاً من المغرب لكيان الاحتلال اللقيط الذي بني منذ ولادته على مبدأ التطهير العرقيّ والتاريخيّ من خلال المجازر التي ارتكبتها عصابات الصهاينة ضد أصحاب الأرض ومقدساتهم إضافة إلى عمليات بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة كأدلة ثابتة وواضحة على ممارسات الصهيونيّة الاستعماريّة، في خيانة من حكومة المغرب لفلسطين ولأهم قضيّة عربيّة وإسلاميّة وتحرريّة.

وإن ما أثار غضب المغاربة أكثر هو تصريح المتحدث باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، خلال مؤتمر صحفي في الرباط حينها، حول أن حفل افتتاح مكتب القناة الإسرائيلية (i24news) نُظم في إطار الضوابط المعمول بها، بالاستناد إلى أنّ هذا الدعم الإعلامي للصهاينة يزيد من التغول الصهيوني وصهينة ما تبقى من المكون اليهودي في المغرب بالتعاون مع المنظمة الصهيونية العالمية، لتحقيق حلم القادة الصهاينة في قضم أراضي الفلسطينيين وسحقهم تماماً مثلما حدث في بدايات تطبيق المشروع الصهيونيّ الذي أدى إلى عملية تطهير عرقيّ وتهجير قسريّ لأصحاب الأرض الفلسطينيين.

أيضاً، وفي ظل تحذيرات من هيئات حقوقية مغربية من نتائج ذلك المنهج الذي تسير عليه حكومة بلادهم، تدعو هيئات سياسية ونقابية في المغرب إلى الحذر من التطبيع المتزايد بين المغرب و”إسرائيل”، خاصة مع وجود أجندة صهيونية عالمية في المغرب تستهدف الدولة والمؤسسات والمجتمع، بعد أن أصبحت البلاد رابع دولة تدخل حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع الصهاينة، بعد الإمارات و البحرين والسودان، في فترة تسارعت فيها وتيرة التطبيع من بعض الدول والأنظمة تنفيذاً للإملاءات الامريكية، رغم أنّ المغاربة يرفضون بشكل مطلق خيانة فلسطين والقدس ولا تغريهم أراضي الغير ولا الاعترافات غير الشرعيّة بسيادة المغرب على الصحراء الغربيّة التي تحتل الرباط جزءاً كبيراً منها.

دولة شقيقة

للأسف، باتت المؤسسات الحكوميّة في المغرب تعتبر العدو الصهيوني دولة شقيقة في المراسلات الادارية، وضيف شرف في المغرب، لكنها لن تنجح وفقاً لما يقول المغاربة في جعل الأكاذيب الأمريكيّة والصهيونيّة تنطلي على الشعوب في البلدان التي طبعت أنظمتها العميلة، بل ستكون المسمار الأخير في نعشها بسبب اتساع الفجوة بين الحكومات العميلة وشعوبها المقاومة، وخاصة أن الوقوف مع فلسطين ضد الاحتلال الصهيونيّ ليس من أجل الدفاع عن فلسطين فقط، بل من أجل الدفاع عن بلادهم من الاختراق التطبيعيّ، الذي يسعى العدو من خلاله إلى التسلل للمنظومة الإعلاميّة والتعليميّة في بعض الدول العربيّة لتزييف الوعيّ وجعل الرواية الصهيونيّة المخادعة هي السائدة، ومحاولة دفن القضية الفلسطينية وإرغام الشعوب والأجيال على القبول بهذا الظلم التاريخيّ غير المسبوق.

وبشكل دائم، يردد الشعب المغربي عبارات مثل “لا نكبة مع المقاومة، لأن المعركة على أرض فلسطين، ولا تطبيع مع الصهاينة في المغرب”، لأنه يدرك جيداً حجم التكالب على فلسطين وداعميها من خلال الانجرار نحو اتفاقات العار لتمرير “صفعة القرن” التي تهدف إلى تصفيّة قضيّة الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، والغوص في مشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة، وإنّ الموقف الشعبيّ المغربيّ مناصر بشدة للقضية الفلسطينية كما الفلسطينيين أنفسهم، وجميعهم يكررون جملة واحدة “الاحتلال الإسرائيليّ سيبقى عدواً مهما تلبس بلبوس السلام”.

وفي ظل التحذيرات من ربط المكون اليهودي المغربي في الدستور الإسرائيليّ وجعله “جالية إسرائيلية في المغرب”، يؤكّد مناهضو التطبيع أنّ تلك الخيانة تتناقض مع النزاع الحقوقيّ والديني والروحيّ والأخلاقيّ، كما أنها تتم مع عدو يدنس مقدسات المغاربة ويحتل أولى قبلتهم ومسرى رسولهم يوميّاً، مؤكّدين على أنّه “لا يزال على أمتنا وبالأخص في المغرب إضافة إلى مناهضة التطبيع أن نسعى لتقديم الدعم اللازم للقضية الفلسطينية، وأن نكون سنداً للمقاومة في فلسطين متى قررت مواجهة العدو الصهيونيّ”، في ظل المساعي الصهيونيّة لإقامة الهيكل المزعوم، ومصادرة ممتلكات وأوقاف الفلسطينيين وهدم حارة المغاربة في القدس.

ويتساءل المغاربة عن السر وراء كل هذا الدعم من الحكومة المغربية للصهاينة والذي كان آخره افتتاح قناة إسرائيلية ورفع علم الكيان الغاصب في المعابد اليهودية بالمغرب، وتبني الطائفة اليهودية لاحتفالات اسرائيلية خاصة، وتصرف رئيس مكتب الاتصال الاسرائيليّ في المغرب مع الطائفة اليهودية “كأنها طائفته بالمغرب”، رغم أنّ الحل الوحيد للقضية الفلسطينيّة هو إنهاء الاحتلال وزواله، وعودة اليهود إلى البلدان التي جاؤوا منها لاحتلال ديار غيرهم.

ومن الضروريّ التذكير بأنّ حكومة المغرب طبعت بشكل غير رسميّ منذ العام 1986، عندما زار رئيس وزراء العدو حينها، المجرم شمعون بيريز، المغرب والتقى بالملك الحسن الثانيّ، لتعلن الرباط قبل عام وبكل وقاحة اعترافها الرسميّ بكيان الاحتلال الغاصب للأراضي العربيّة، مقابل اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الأراضي التي تحتلها في الصحراء الغربيّة، في ظل رفض شعبيّ ودينيّ وحزبيّ عارم، فيما يؤكّد المغاربة وبالأخص النخبة المثقفة على وجوب أن تتفادى بلادهم لغم التطبيع الذي ألقت به الولايات المتحدة بمعية الكيان الصهيونيّ في المغرب، أولاً لخلق الشرعيّة لهذا الكيان اللقيط، ثانياً للتوسع في معركة التقسيم والتفتيت والنفوذ ونهب الثروات، ثالثاً لضرب الوحدة الداخليّة أكثر بين بعض الحكومات والشعوب العربيّة، وغيرها الكثير من المصالح التي سيكون المطبعون آخر المستفيدين منها وأول الخاسرين فيها، لكن الاحتجاجات والفعاليات المختلفة للشعب المغربيّ مستمرة، ولا يمكن أن يسير الأحرار على طريق الخيانة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق