التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

“إسرائيل” تقع في فخ تصريحاتها.. فضيحة من العيار الثقيل 

في الوقت الذي أثبت فيه الكيان الصهيوني للعالم أنّه “أبرتهايد” (نظام فصل عنصريّ) من خلال ارتكابه جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدوليّ من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وانكشاف الصهاينة بشكل أكبر في الساحة الدوليّة الذين يُتهمون فيها أساساً من قبل منظمات حقوقية بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة الرازحة تحت الاحتلال، تناقلت المواقع العربيّة مقطع الفيديو الذي نشرته صحيفة (تايمز أوف إسرائيل) مؤخراً لعضو بارز في التحالف الحكومي يقول فيه إنه “سيُرحّل جميع العرب من الأراضي المقدسة” متمنيّاً لو كان لديه زر سحري يمكّنه من القيام بذلك، في ظل المحاولات الإسرائيليّة المستمرة من أجل نزع الهوية العربية والإسلاميّة والمسيحيّة التاريخيّة من فلسطين العربيّة، وفرض طابع احتلاليّ مستحدث وهو الطابع اليهوديّ أو الصهيونيّ.

“لو كان هناك زر يمكن من خلاله إخفاء كل العرب من هنا، وإرسالهم عبر القطار السريع إلى سويسرا، ليعيشوا هناك حياة رائعة، لضغطتُ عليه”، هذا ما قاله نائب وزير الشؤون الدينيّة في حكومة العدو ماتان كاهانا، حيث إنّ تلك التصريحات لم تأت بجديد أبداً فلا شيء أوضح من المخططات الإسرائيليّة في فلسطين والمنطقة، فمنذ أن وافق الصهاينة على إنشاء وطنهم اليهودي على أرض فلسطين العربيّة تاريخيّاً، يثبتون رغبتهم أكثر فأكثر في إبادة الشعب الفلسطينيّ ويكررون بشكل دائم المزاعم الفارغة حول أنّ فلسطين هي “أرض الميعاد” وأنّ اليهود هم “شعب الله المختار”، وأنّ القدس هي “مركز تلك الأرض”، وأنّها “مدينة وعاصمة الآباء والأجداد”، و”مدينة يهوديّة بالكامل”، بهدف الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أراضي الفلسطينيين بأقل عدد ممكن منهم، بعد أن شجعت الحركة الصهيونيّة بشكل كبير جداً، هجرة يهود أوروبا الجماعيّة إلى أرض فلسطين خلال النصف الأول من القرن العشرين.

وإنّ أكثر ما يجسد العقليّة الصهيونيّة الإجراميّة والعدوانيّة هو جملة “لا يوجد مثل هذا الزر، ربما كان من المفترض أن نوجَد هنا وحدنا على هذه الأرض بشكل ما”، فالصهاينة مؤمنون بأنّ تطبيق المشروع الصهيونيّ سيؤدي حتماً إلى عملية تطهير عرقيّ وتهجير قسريّ للسكان الأصليين أي الفلسطينيين، وكأنّ التصرفات الحمقاوية للعدو ومستوطنيه تحاول تحويل ترهاتهم إلى واقع للتطاول على حقوق الشعب الفلسطينيّ ومقدساته وثرواته، ناهيك عن سرقة وتخريب الآثار الفلسطينيّة، باعتبارها تشكل جزءاً من الهوية الثقافيّة والحضاريّة لفلسطين، والتي تُعتبر من الدول الغنيّة جداً من الناحية الأثريّة، وقد اهتمت الحكومات الصهيونيّة المتعاقبة منذ يوم 14 مايو/ أيار عام 1948، عندما صُنع هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، بمحاولة تدمير أو تشويه أو تخريب كل ما هو يناقض حقيقتهم القذرة، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادة العدو قيد أُنملة، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب على كل المستويات، بعد أن فرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة.

ومن الجدير بالذكر أنّ “كان كاهانا” ينتمي إلى حزب (يمينا) اليمينيّ المتطرف بزعامة رئيس الوزراء نفتالي بينيت وتحدث في مقطع بثته قناة (كان) الإسرائيلية الرسمية، في ثانوية (ديرخ أفوت) بمستوطنة (إفرات) المقامة على أراضٍ يملكها فلسطينيون بين القدس وبيت لحم، بوقاحة معهودة من الإسرائيليين أنّه لا يعتقد أن السلام مع الفلسطينيين ممكن في المستقبل القريب، وأن الطرفين سيظلان في طريق مسدود، في الوقت الذي لا تكف فيه قوات الاحتلال المجرم عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، في مساع حثيثة من قبل العدو ومسانديه للهيمنة على مقدرات فلسطين بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لمصلحة الإسرائيليين اليهود.

وفي ظل الانتقادات اللاذعة التي طالت المسؤول الإسرائيليّ زعم كاهانا في وقت لاحق أنّ تصريحاته “سيئة الصياغة”، وأضاف “في محادثة أجريتها الليلة الماضية مع الطلاب، كررت فكرة واضحة مفادها بأنه لا نحن ولا العرب ذاهبون إلى أي مكان، ولهذا السبب نحتاج إلى إيجاد طريقة للعيش هنا معاً”، في وقت يغيب فيه الكيان الصهيونيّ القاتل كل القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته للدم الفلسطينيّ والعربيّ وخرقه الفاضح لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مخطط الضم امتداداً لعملية التوسع على حساب الأرض والحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ الأعزل، في إصرار واضح من حكومة العدو على قتل آخر رمق للسلام المزعوم الذي يتحدث عنه البعض، بالتزامن مع الاستهداف العلنيّ للهوية الفلسطينيّة وللوجود الفلسطينيّ ناهيك عن السلوك العدوانيّ العنصريّ الخطير والجرائم المستمرة التي تضاف إلى سجل العدو الأسود بحق القدس وسكانها.

وما ينبغي ذكره أنّ عضو الكنيست أحمد الطيبي من حزب (القائمة المشتركة) المعارض قال في تغريدة على تويتر: “هناك زر يجعلك تختفي من الحكومة ومن الكنيست، سأضغط عليه قريباً” في إشارة للمسؤول الإسرائيليّ، مضيفاً: “نحن هنا لأن هذا وطننا، أنت ومن يفكر مثلك ستستمر في تحمّل إحباطك، لأننا ببساطة لن نختفي”، كما انتقد عضو الكنيست عن الائتلاف الحاكم إيلي أفيدار الذي ينتمي إلى حزب (يسرائيل بيتينو) اليميني تصريحات كاهانا قائلًا: “هذه ملاحظة بائسة وعار لا يمكن قبوله، العرب مواطنون إسرائيليون وهم موجودون هنا ليبقوا، ما يجب أن نتخلص منه هو التصريحات والآراء المتعصبة، حيث كشفت الردود على تلك القضيّة حجم العنصريّة والتفتت الداخليّ وكشفت هشاشة الائتلاف الحكومي للعدو.

في النهاية، إنّ التصريحات الإسرائيليّة الأخيرة هي شهادة من الجلادين بجرائمهم المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، وقد جرب الشعب الفلسطينيّ المحتل الإسرائيليّ بما فيه الكفاية، وقد بات واضحا للقاصي والداني أنّ قوات تحاول طردهم من ديارهم وترتكب بحقهم أبشع الجرائم، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة لتحقيق “حلم الصهاينة” بأن تكون القدس عاصمة لمستوطنيهم وكيان احتلالهم فقط، ولجعل ذلك حُلماً مستحيل المنال، لا بد من ردع الكيان الصهيوني عن ممارساته العنصرية والإجرامية بحق الفلسطينيين وأرضهم، من خلال كل الوسائل، ولقد أثبت الشعب الفلسطينيّ من خلال مواجهاته الشرسة مع الكيان المستبد حجم قوته وحكمته واقتداره، وقد علمنا التاريخ أنّه “لا يموت حقٌ وراءهُ مُطالب”.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق