التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 22, 2024

ما هي تداعيات تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون بين الجزائر وإسبانيا 

أعلنت السلطات الجزائرية، الأربعاء، التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا، الموقعة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2002 حسب بيان مقتضب نشره التلفزيون الجزائري الرسمي.

وفي وقت سابق الأربعاء، قالت الرئاسة الجزائرية في بيان إن “عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، ترأس اجتماعا للمجلس الأعلى للأمن، خصص لتقييم الوضع العام في البلاد”، دون تفاصيل إضافية.

وأفاد التلفزيون الرسمي حسب تصريح لرئاسة الجمهورية، بأن “السلطات الإسبانية باشرت حملة لتبرير الموقف الذي تبنته إزاء الصحراء الغربية (إقليم الصحراء) والذي يتنافى مع التزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية كقوة مديرة للإقليم”.

وأضاف: “لا يزال يقع على عاتق مملكة إسبانيا إلى غاية إعلان الأمم المتحدة عن استكمال تصفية الاستعمار بالصحراء الغربية”.

واعتبرت الرئاسة الجزائرية، أن “نفس هذه السلطات التي تتحمل مسؤولية التحول غير المبرر لموقفها منذ تصريحات الـ 18 مارس (آذار) 2022 والتي قدمت الحكومة الاسبانية الحالية من خلالها دعمها الكامل للصيغة غير القانونية وغير المشروعة للحكم الذاتي الداخلي المقترحة من قبل القوة المحتلة، تعمل على تكريس سياسة الأمر الواقع الاستعماري باستعمال مبررات زائفة”.

وشددت على أن “موقف الحكومة الإسبانية يعتبر منافيا للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة ولجهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام وتساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في الصحراء الغربية وفي المنطقة قاطبة”.

وتأتي الخطوة الجزائرية في أعقاب تصريحات لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيث أمام أعضاء البرلمان، جدد فيها دعم مبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط في إقليم الصحراء المتنازع عليه مع جبهة البوليساريو.

وفي 18 مارس الماضي، وصفت الحكومة الإسبانية في رسالة بعث بها سانشيث، إلى العاهل المغربي محمد السادس، مبادرة الرباط للحكم الذاتي في إقليم الصحراء بـ”الأكثر جدية للتسوية في الإقليم المتنازع عليه”، حسب بيان للديوان الملكي المغربي.

وفي 19 مارس، أعلنت الجزائر استدعاء سفيرها في مدريد للتشاور على خلفية الموقف الجديد لمدريد بشأن قضية إقليم الصحراء، الذي وصفته بـ”الانقلاب المفاجئ”.

ولاحقا أعلنت مجموعة “سوناطراك” الجزائرية للمحروقات المملوكة للدولة عزمها مراجعة أسعار الغاز مع الشريك الإسباني دون غيره من الزبائن الأوروبيين.

وأعقب ذلك تهديد من وزارة الطاقة الجزائرية لنظيرتها الإسبانية، من مغبة تحويل الغاز الجزائري إلى جهة آخرى غير المنصوص عليها في العقود المبرمة بين الطرفين.

وقالت الوزارة الطاقة الجزائرية في بيان، إن أي كمية من الغاز المصدر إلى إسبانيا تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود (في إشارة على إمكانية تحويله على المغرب)، ستعتبر “إخلالا” بالالتزامات التعاقدية وقد تفضي بالتالي إلى فسخ العقد.

وأعلنت الجزائر خلال الأسابيع الماضية أن إيطاليا ستصبح مستقبلا اهم مورد للغاز الجزائري نحو أوروبا ووقعت عقدا مع روما بزيادة إمدادات الغاز بواقع 9 مليارات متر مكعب سنويا، منها 3 مليارات خلال 2022.

وقال مصدر من منظمة جزائرية للمصدرين، إن “البنوك الحكومية الجزائرية بدأت إجراءات وقف التوطين البنكي لاستيراد عدة سلع من اسبانيا”.

من جهته قال مصدر دبلوماسي لموقع صحيفة “الشروق” الجزائرية الأربعاء: إن إسبانيا بقيادة بيدرو سانشيث “لم تعد شريكا موثوقا للجزائر وإن هناك قرارات قادمة بعد إعلان تعليق معاهدة الصداقة” دون الافصاح عن طبيعتها.

في المقابل نقلت وكالة الأنباء الاسبانية (رسمية ) عن وزير الخارجية خوسيه مانويل الباريس، تعبيره عن “أسفه لإعلان الجزائر تعليق معاهدة الصداقة وأنه “لا يخشى التداعيات لأن الحكومة الجزائرية أثبتت أنها شريك موثوق”.

وقالت الوكالة إن ألباريس “أكد استعداده للمثول أمام البرلمان بعد طلب عدة كتل نيابية أن يقدم تفسيرات حول عواقب تعليق الجزائر معاهدة الصداقة ونتائج القرارات غير المحسوبة لرئيس الوزراء بيدرو سانتشيث”.

وعلقت الوكالة الاسبانية على القرار الجزائري الجديد “بالتأكيد أن معاهدة الصداقة بين البلدين التي تنص على تعزيز الحوار والتعاون قد وصلت أصلا إلى طريق مسدود منذ قرار سانتشيث حول نزاع الصحراء”.

بدوره، ذكر منسق السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اليوم، أن قرار الجزائر بتعليق معاهدة الصداقة وعلاقات حسن الجوار مع إسبانيا “يشكل مصدر قلق بالغ”.

ونقل بيان للاتحاد عن بوريل قوله إن هناك تقييما لتداعيات “الإجراءات الجزائرية”، بما في ذلك التوجيه الصادر للمؤسسات المالية لوقف المعاملات بين البلدين. إلا أن البيان أشار إلى الاتصال الوثيق مع الحكومة الإسبانية ومع السلطات الجزائرية لتوضيح الموقف بسرعة.

من جانبه وصف وزير الخارجية الإسباني الأسبق (2011-2016)، خوسيه مانويل غارسيا مارغايو، الأزمة مع الجزائر، بأنها “أكبر كارثة دبلوماسية حلت على إسبانيا منذ 1975”.

وقال مارغالو في حوار مع جريدة “ألموندو”، إنه منذ عام 1975 (تاريخ انسحاب إسبانيا من الصحراء الغربية)، لم تحدث كارثة دبلوماسية مثل تلك التي نشهدها الآن، مشيرًا إلى أن حكومة سانشيز تمكنت من إثارة غضب المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو في الوقت نفسه، وهو ما لم يحصل في عهد أي حكومة ديمقراطية إسبانية سابقا.

وأبرز مارغالو أن إسبانيا حافظت على موقف واضح للغاية، دعمته جميع الحكومات بخصوص القضية الصحراوية، وهو الاتفاق مع الجزائر والرباط على أن الحل يجب أن يكون عادلاً ودائمًا ومقبولًا للطرفين وأن يعترف بحق تقرير المصير للشعب الصحراوي وفقًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

وحول التداعيات المتوقعة، قال رئيس الدبلوماسية الإسبانية سابقًا، إنه مقتنع أن الأزمة الحالية ستؤدي إلى زيادة في أسعار الغاز والكهرباء للمواطنين الإسبان، مشيرًا إلى أنه لا أحد سيصدق بأن السبب هو في بوتين بل في حماقات سانشيز، على حد تعبيره. كما خشي المتحدث من الانعكاسات المتعلقة بالهجرة والشراكة في مكافحة الإرهاب وغير ذلك من المسائل.

وحمّل الوزير الإسباني السابق، رئيس الحكومة الحالي في بلاده مسؤولية تضييع العلاقة الاستراتيجية مع إسبانيا والتي كان المستفيد الأكبر منها حسبه إيطاليا التي ستصبح المُصدّر الأكبر للغاز للاتحاد الأوربي.

وانتهى المتحدث إلى أن سياسة شانشيز حتى بعد رحيله ستستغرق وقتًا طويلًا لإصلاحها خارجيًا وإعادة الثقة لشركاء إسبانيا.

وأثار الخلاف الجزائري الإسباني، الجدل داخل وخارج إسبانيا، حيث طلبت مسؤولة في ثاني قوة سياسية في البلاد، السبت، من الجزائريين عدم الخلط بين الشعب الإسباني والحكومة، بينما اتهمها رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، بالدفاع عن مواقف بلد آخر غير بلدها.

وطلبت الأمينة العامة لحزب الشعب، الإسباني، كوكا جامارا، من الجزائريين “عدم الخلط بين إسبانيا وحكومة إسبانيا” في تصريح لوكالة “إي أف أف”.

وفي رده على تلك الانتقادات، وجه سانشيز، اللوم إلى حزب الشعب السبت واتهمه بالحديث بـ”السوء”عن إسبانيا “داخل وخارج” حدود البلاد، واختياره دعم بلد آخر.

وخلال حضوره مناسبة انتخابية لدعم المرشح لعضوية المجلس العسكري في الأندلس، خوان إيسباداس، انتهز سانشيز الفرصة للإشارة علنًا لأول مرة إلى قرار الحكومة الجزائرية تجميد العلاقات التجارية مع إسبانيا منتقدا موقف حزب الشعب الذي دعم دائما مواقف الجزائر بخصوص قضية الصحراء الغربية، وفق ذات الوكالة.

واحتدمت التصريحات المتضاربة بين الجهتين، بعد قرار الجزائر تعليق العمل باتفاقية الصداقة مع إسبانيا وتوقيف التجارة معها.

وتعرضت الحكومة الإسبانية بقيادة شانشيز، لانتقادات شديدة اللهجة من حزب الشعب الإسباني، منذ تغير موقفها من ملف الصحراء الغربية قبل نحو أربعة أشهر.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق