معارضة داخلية وخارجية لرئيس الوزراء نجيب ميقاتي
من المقرر ان يبحث نواب لبنانيون انتخاب رئيس وزراء جديد في الثاني من تموز (يوليو) المقبل. ورغم أن نجيب ميقاتي، النائب الأول لرئيس الحكومة اللبنانية السابقة، هو المرشح الرسمي لإعادة انتخابه رئيساً للوزراء، فإن وسائل الإعلام اللبنانية تتحدث عن خيارات أخرى سيتم الكشف عنها في المشاورات البرلمانية.
ميقاتي يسعى لإعادة انتخابه بكسب رأي قادة الفصائل البرلمانية ولديه فرصة جيدة لتولي رئاسة الوزراء. في الأيام الأخيرة، بذل حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، وهو شخصية مقربة من السعودية والولايات المتحدة، جهودًا كبيرة لتوحيد المعارضة لاختيار شخصية واحدة بديلة لنجيب ميقاتي، لكنها لم تنجح حتى الآن. وجود شخصيات جديدة وزيادة عدد المرشحين سيجعل انتخاب رئيس الوزراء أكثر صعوبة والسعودية على علم بذلك وتتطلع إلى متابعة التطورات السياسية اللبنانية.
على الرغم من أن ميقاتي أظهر أن لديه علاقة جيدة نسبيًا مع السعوديين، يبدو أن المسؤولين السعوديين استثمروا في خيار آخر هذه المرة. وحسب بعض التقارير، فإن رياض سلامة، محافظ مصرف لبنان المركزي، الرجل الأول بالنسبة للولايات المتحدة في هذا البلد، هو أحد الخيارات المتاحة للسعودية وواشنطن لتولي رئاسة الوزراء. وبالنظر إلى أن رياض سلامة كان على رأس السلطة المالية اللبنانية في السنوات الأخيرة واعتبرته بعض التيارات السياسية أنه يسعى لتحقيق مصالح الغرب والمملكة العربية السعودية، فقد يكون خيارًا قابلاً للتطبيق للسعوديين. وحسب بعض التيارات السياسية، فإن رياض سلامة ساعد في تفاقم الأزمة الاقتصادية الواسعة في لبنان بخططه خلال العامين الماضيين، ونفذ السيناريو العربي الغربي دون مقابل. لذلك، بالنظر إلى سجله الحافل، يمكن أن يكون سلامة هو الخيار الأنسب للسعوديين لمواجهة نفوذ حزب الله في هيكل الحكومة المستقبلية. لقد فعل رياض سلامة ما أراده السعوديون والأمريكيون مثل إلغاء دعم الوقود في لبنان العام الماضي، ما زاد من سوء الأحوال المعيشية للبنانيين.
وحسب بعض المراقبين السياسيين، فإن نظرة على أداء مصرف لبنان خلال السنوات الماضية تظهر أن البنك، برئاسة رياض سلامة، لم تكن لديه سياسة مالية هادفة بشكل أساسي ولم يتصرف إلا بطرق تتماشى مع النهج الغربي وسياسات الولايات المتحدة، وبدا البنك المركزي وكأنه مؤسسة تابعة لمؤسسات أجنبية جعلتها دائما مدينة لهذه المؤسسات. بالنظر إلى الخدمات التي قدمها رياض سلامة للسعودية والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، يعمل السعوديون على إيصاله إلى السلطة حتى يتمكنوا من تنفيذ خططهم في لبنان.
وبما أن ممثلي المقاومة، الذين يتمتعون بأغلبية في البرلمان، يعارضون سياسات رياض سلامة ويلومونه على الأزمة الاقتصادية في لبنان، فليس لديه فرصة كبيرة لتولي رئاسة الوزراء. لذلك، قد تواصل السعودية خططها لإبقاء الجمود السياسي في لبنان إذا فشلت في ذلك. والسعوديون لا يرفضون حكومة منبثقة عن المقاومة وحزب الله بوجود وزرائها داخل الحكومة، لذا يحاولون استغلال الأزمة السياسية الحالية لضرب حزب الله وإلقاء اللوم على الحزب في هذه الأزمات. لقد أعلن ممثلو حزب الله مراراً عن استعدادهم لتشكيل حكومة بسرعة والخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية، والمصالح الوطنية بالنسبة لهم أهم من الوجود في الحكومة. ولم يتخذ نجيب ميقاتي موقفًا حازمًا لأجل السعوديين خلال انتقاد وزير الإعلام اللبناني للحرب اليمنية العام الماضي، والتي أدت إلى تصعيد الخلافات السياسية مع السعودية، فاستنتجت السعودية أن ميقاتي لا يستطيع تقديم مصالحها في لبنان.
تخريب سعد الحريري
إضافة إلى السعودية التي لا تريد لبناناً آمناً وسالماً، فإن الأعضاء الموالين لها لا يجلسون دون عمل ولديهم خطط لإثارة أزمة في لبنان. نظرًا لأن التركيبة العرقية في لبنان واجهت دائمًا تحديات في عملية انتخاب رئيس الوزراء، فإن التحديات في البرلمان الجديد ستكون أكبر بكثير من ذي قبل. بالنظر إلى أن سعد الحريري ليس في البرلمان هذه المرة وذلك بهدف زيادة ثقله السياسي في لبنان، ولإثبات أن في غيابه ستفشل كل الإجراءات السياسية، لتبدأ حركات خارجة عن المألوف حتى يستمر الجمود السياسي في هذا البلد. لأنه في السنوات الأخيرة، وبسبب تصرفات الحريري والتزامه بالسياسات السعودية، اعتبر كثير من اللبنانيين أن الحريري هو السبب الرئيسي للأزمة في بلادهم. ومع ذلك، سيحاول الحريري أيضًا تحريض التيارات السياسية الأخرى، على إحداث عرقلة سياسية من خلال إثارة أزمة سياسية وخاصة ضد حزب الله، وبهذه الطريقة إزالة الاتهام بطريقة ما. من ناحية أخرى، بالنظر إلى أن فرص نجيب ميقاتي في إعادة انتخابه عالية وليس لديه منافس جاد ضده، فإن أعيد انتخابه سيسجل ولايته الرابعة كرئيس للوزراء. حتى الآن لم يكن سوى سعد الحريري رئيسًا للوزراء لأربع فترات، وإذا انتُخب ميقاتي فستكون ولايته مساوية للحريري، وهذا مخالف لرغبة الحريري. لذلك، لا يوافق الحريري على إعادة تعيين ميقاتي، ومن المحتمل أنه من خلال الضغط مع التيارات السنية في البرلمان، إضافة إلى عرقلة طريق ميقاتي ليصبح رئيس وزراء جديد، سينفذ بصورة غير مباشرة السيناريوهات السعودية. إذا كان هناك العديد من الخيارات لمنصب رئيس الوزراء اللبناني، فإن الأحزاب السياسية ستظل تواجه العديد من التحديات، وهذه القضية يمكن أن تبقي على الجمود السياسي في هذا البلد. خطوة توفر فرصة جيدة للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لمواصلة خلق الأزمات في لبنان.
المصدر/ الوقت