التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, ديسمبر 27, 2024

القمة السادسة للدول المطلة على بحر قزوين في خضم الحرب في أوكرانيا 

بينما حاول الغرب إحداث شقاق في علاقات دول آسيا الوسطى مع روسيا وإيران بعد حرب أوكرانيا، لكن هذه الجهود أدت إلى نتائج عكسية، وقد اتسع مستوى العلاقات بين هذه الدول في الأشهر الأخيرة.

بعد الزيارات المتكررة من قبل كبار المسؤولين في دول آسيا الوسطى إلى إيران وزيادة تنمية التعاون الثنائي، تجتمع هذه الدول هذه المرة في تركمانستان لمناقشة النظام القانوني لبحر قزوين.

تستضيف تركمانستان القمة السادسة للدول المطلة على بحر قزوين في العاصمة عشق أباد يوم الأربعاء، وسيحضرها رؤساء إيران وروسيا وتركمانستان وكازاخستان وجمهورية أذربيجان.

كما سيزور الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي تركمانستان على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى، وستكون أول زيارة يقوم بها رئيسي للدول المطلة على بحر قزوين.

وفي هذا الاجتماع، كما في الاجتماعات السابقة، ستتم مناقشة القضايا القانونية المتعلقة ببحر قزوين وأمن الحدود، وتنمية التعاون الاقتصادي في هذه المنطقة.

مناقشة النظام القانوني لبحر قزوين

يعود تاريخ اتفاقية النظام القانوني لبحر قزوين إلى الاتفاقيات بين إيران والاتحاد السوفيتي السابق في عامي 1921 و1940، حيث تمتع الطرفان في ذلك الوقت بحق مشترك في الإبحار.

في هذه المعاهدات، لا يوجد ذكر لكيفية استخدام موارد قاع البحر وتحت قاع البحر. كما أن العقود لا تحدد الحدود الدقيقة للحدود المائية للبلدين.

ولكن مع انهيار الاتحاد السوفييتي واستقلال جمهوريات تركمانستان وكازاخستان وجمهورية أذربيجان المنشأة حديثًا، بدأ الجدل حول ترسيم الحدود البحرية ومدى تحديد قاع البحر للشحن واستخدام موارده. وفي الثلاثين سنة الماضية، تم عقد ثلاث جولات من اللقاءات في هذا المجال.

وعلى الرغم من إصرار إيران على استخدام 20٪ من حقوق قاع البحر، فقد اعتبرت الدول الأخرى أن مبدأ طول الخط الساحلي لكل دولة والخط الأوسط أو العادل المعدل، هو الأساس لحصة البلدان الساحلية في بحر قزوين.

عقد الاجتماع الأخير لقادة الأعضاء في أغسطس 2018 في كازاخستان، ووقَّع رؤساء الدول على النظام القانوني البحري لبحر قزوين.

في اتفاقية النظام القانوني لبحر قزوين، والتي تضمنت 24 مادة، تم التوصل إلى اتفاقيات حول ترسيم حدود المياه الداخلية والإقليمية بين الدول المطلة على الساحل، تحديد حدود قاع بحر قزوين إلى أقسام من خلال اتفاقية بين الدول ذات السواحل المتاخمة والمتقابلة، تحديد الحدود الخارجية للمياه الإقليمية الخطية، عدم تجاوز الدول الأعضاء عرض مياهها الإقليمية حتى مدى 15 ميلاً بحرياً من خطوط المنشأ، حماية بيئة بحر قزوين، ومنع تواجد القوات المسلحة لدول أجنبية خارج بحر قزوين.

وحسب الإحصائيات المعلنة، يأتي بحر قزوين في المرتبة الثانية بعد الخليج الفارسي لاحتياطياته الهائلة من الطاقة، وضاعف وجود هذه الموارد الغنية من أهمية هذه المنطقة.

وعليه، ستعمل الدول الأعضاء على زيادة مستوى تعاونها لحماية هذه الاحتياطيات الثمينة في الوضع الحالي حيث يواجه العالم أزمة الطاقة، وستتم مناقشة هذه المسألة في الاجتماع المقبل.

وبالنظر إلى فرض الغرب عقوبات على موارد النفط والغاز الروسية، يحاول الروس تعزيز موقفهم تجاه الغرب من خلال الاستفادة من أداة الطاقة، بمساعدة حلفائهم في منطقة قزوين.

وکلما توسع تعاون الدول المجاورة لبحر قزوين، زاد الأمن في هذه المنطقة ومُنع الغرب من الاعتداء على هذه المنطقة ونهب مواردها.

أهمية بحر قزوين بعد الأزمة في أوكرانيا

حظي بحر قزوين في الأشهر الأخيرة وبعد الحرب في أوكرانيا، باهتمام كبير من قبل دول المنطقة، نظرًا لقدرته في مجال عبور البضائع. وقد تضاعفت أهمية بحر قزوين، وهو أحد طرق عبور البضائع من روسيا إلى المحيط الهندي، مع العقوبات الغربية ضد روسيا.

كان “ممر الشمال – الجنوب”، الذي تم بناؤه قبل عشرين عامًا، غير نشط حتى وقت قريب، ولكن مؤخرًا دخل الممر مرحلة التشغيل، وتم نقل أول شحنة ترانزيت من روسيا إلى المحيط الهندي.

وأصبح الممر ذا أهمية متزايدة بسبب إغلاق حدود روسيا مع أوروبا، وتحاول دول آسيا الوسطى استخدام طريق العبور هذا لنقل بضائعها إلى أجزاء أخرى من العالم.

وفي الآونة الأخيرة، خلال زيارة المسؤولين من طاجيكستان وتركمانستان وكازاخستان إلى إيران، كانت مسألة إطلاق وتطوير البنية التحتية للسكك الحديدية في آسيا الوسطى وإيران لتحسين طرق العبور على جدول الأعمال.

ومع زيادة السكك الحديدية بين إيران وآسيا الوسطى، ستتم عملية نقل البضائع من كلا الجانبين بسرعة أكبر، ويمكن أن يعزز ذلك عملية التجارة في المنطقة. في غضون ذلك، فإن دور إيران مهم للغاية لأنها على الطريق الذي يربط بحر قزوين بالمحيط الهندي.

وتحقيقاً لهذه الغاية، شدَّد الرئيس الإيراني السيد رئيسي في لقائه الأخير بوزير الخارجية الروسي، على أهمية التعاون بين دول الجوار في بحر قزوين، وحظر أي وجود عسكري أجنبي في المنطقة، ولا سيما الوضع الاستثنائي قبالة سواحل إيران.

وإضافة إلى اجتماع الدول المطلة على بحر قزوين لبحث القضايا المتعلقة بهذه المنطقة البحرية، ستعقد اجتماعات منفصلة بين رؤساء الدول الحاضرة في القمة، أهمها لقاء الرئيس الإيراني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبالنظر إلى أن هذه هي أول زيارة خارجية لبوتين منذ بداية حرب أوكرانيا، فهي مهمة للغاية.

لطالما كانت إيران وروسيا شريكتين اقتصاديتين وسياسيتين مهمتين تعاونا في العديد من المجالات في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، وقد نمت هذه العلاقة بشكل أكبر منذ الأزمة الأوكرانية.

وبالنظر إلى تعرض كل من إيران وروسيا لأشد العقوبات من قبل الغرب، فإن زيادة التعاون الاقتصادي والسياسي بين الجانبين في السياق الحالي، يمكن أن تكون مهمةً في مواجهة السياسات الهدامة للولايات المتحدة لإحداث شرخ في العلاقات بين البلدين.

تلعب روسيا وإيران أيضًا دورًا مهمًا في “ممر الشمال – الجنوب”، وستحاولان الاستفادة على نطاق واسع من طريق العبور هذا لنقل البضائع في المستقبل. لذلك، فإن ضمان الأمن البحري لبحر قزوين وتطوير البنية التحتية للسكك الحديدية والبحرية، سيلعبان دورًا مهمًا في زيادة التعاون.

ستحاول روسيا، التي أصبحت تجارتها مع أوروبا الآن في أدنى مستوياتها على الإطلاق وغير قادرة فعليًا على شحن البضائع إلى أوروبا بسبب حدودها المغلقة، شحن بضائعها إلى الأسواق العالمية عبر بحر قزوين.

وموقع إيران على الطريق السريع لـ “ممر الشمال – الجنوب” وقدراتها في مجاب الطرق والسكك الحديدية، دفعا روسيا وآسيا الوسطى إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لهذا البلد.

کما يمكن دراسة حضور بوتين في قمة بحر قزوين من زاوية أخرى أيضًا. فبالنظر إلى أن دول آسيا الوسطى كانت قلقةً بشأن قضاياها الأمنية والاقتصادية الناجمة عن العقوبات الغربية ضد موسكو منذ الأزمة الأوكرانية، يعتزم بوتين طمأنتها بأن المواجهة مع الغرب لن تعطل التعاون الروسي مع المنطقة، وستظل التفاعلات الثنائية قويةً.

تعتبر قضية النظام القانوني لبحر قزوين من أهم القضايا بالنسبة للدول المطلة على بحر قزوين، وقد شدد الرئيس الإيراني في لقاءاته مع مسؤولي دول آسيا الوسطى على تطوير التعاون مع دول حوض بحر قزوين كأولوية للحكومة الإيرانية، وبما يتماشى مع سياسة “التحول شرقاً” الاستراتيجية.

بالنظر إلى الوضع الحالي في النظام الدولي، فإن أهمية بحر قزوين والممرات المرتبطة به، ستلعب في المستقبل دورًا مهمًا في عبور البضائع ونقلها، وبالتالي سيتم تحسين مكانة إيران كطريق سريع للممرات التجارية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق