أحكام بإعدام أعضاء من جماعة الأخوان المسلمين في مصر.. الملف الساخن الذي لا يبرد
أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ في مصر، الثلاثاء، حكمًا نهائيًا بإعدام 10 متهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”كتائب حلوان“. وأفادت وكالة الأنباء المصرية الرسمية، بأن المحكمة برئاسة القاضي محمد شيرين فهمي، قضت بـ”إجماع الآراء، بإعدام 10 من كوادر وعناصر جماعة الإخوان (شنقا) في القضية المعروفة إعلاميًا بـ كتائب حلوان”
وأدين المحكومون العشرة بـ”قتل عدد من ضباط ورجال الشرطة والتخريب واستعمال القوة وتخريب منشآت عامة وخاصة أبراج الكهرباء”، وهي تهم عادة ما نفاها محامو هؤلاء المدانين في جلسات سابقة.
كما قضت المحكمة ذاتها بمعاقبة 56 متهمًا بالسجن المؤبد (25 عاما)، ومعاقبة 63 متهمًا بالسجن لمدة 15 سنة، و35 آخرين بالسجن 10 أعوام، وبراءة 43 وانقضاء الدعوى الجنائية لـ8 متهمين لوفاتهم.
وسبق أن أحالت المحكمة في 30 يناير/ كانون ثاني الماضي أوراق المتهمين العشرة للنظر في إعدامهم. وأحالت النيابة العامة القضية في 2015، متهما فيها 215 شخصا بينهم 125 حضوريًا. ووفق القانون المصري فجميع أحكام محكمة “جنايات أمن الدولة العليا طوارئ” نهائية.
ولا تزال مصر تواجه انتقادات بشأن تصاعد وتيرة أحكام الإعدام الصادرة أو المنفذة، في ظل التسييس الواضح للقضاء المصري، الذي تتحكم فيه السلطات المصرية.
من هم المحكومون في قضية كتائب حلوان؟
وعاقبت المحكمة كلا من حسين زكي، ومحمود فواز، وأحمد الدالي، وأحمد عبدالبديع، وحسن محمد، وراشد عبدالله، ومحمود قدري، وأحمد سعد، وحسين رمضان، وسعيد مسعد، وخالد محمد، وأشرف علي، وعاطف علي، وبدر محمد، ومحمد عبدالجليل، ومصطفى عمار، ومحمد صبيح، وعمر عبدالرازق، وعبدالله محمود، ومحمد جمال، ومحمد سيد، ومعاذ زكريا، وعبدالرحمن السيد، وحسين محمد، ومحمد عرابي، ويوسف نبيل، وعاشور توفيق، ومحمد فرج، وعادل الحسيني، وعدي عيد، وأحمد بلال، وسعيد صلاح، ومحمد عرفة، وعمر عباس، ومحمود أحمد، ومحمد محمود، ومحمود سليمان، وإسلام كمال، ومحمد علي، ومحمد إبراهيم، وأحمد محسن، وأحمد جنيدي، ومحمود بكري، وعمر عبدالرؤوف، وأحمد محمد، وعبدالرحمن مبارك، وحسين محمد، ووليد سعيد، ومصطفى جمعة، وهشام علي، ومحمد صابر، ومحمد مبارك، ورمضان السيد، وأيمن سيد، ومحمود محمد فتحي، ونادي فراج، بالسجن المؤبد.
كما عاقبت المحكمة 10 متهمين بالإعدام شنقاً وتضمنت أسماء المحكوم عليهم بالإعدام كلا من يحي السيد، ومجدي محمد “فونيا”، ومحمود عطية، وعبدالوهاب مصطفى، ومحمود أبو حسيبة، ومحمد إبراهيم، ومصعب عبدالحميد، وعبدالله الشرقاوي، وعبدالرحمن عيسى، ومحمود السيد أمين.
ما هى تفاصيل قضية “كتائب حلوان” وما التهم التي وجهت للمتهمين؟
كانت بداية الظهور فى أغسطس 2014، عندما تم تداول فيديو على السوشيال ميديا يضم عدداً من العناصر وجميعهم ملثمون، ويرفعون أسلحة نارية أعلنوا من خلاله تكوين مجموعة مسلحة جديدة أطلقوا عليها اسم “كتائب حلوان”، وتوعد قائدها باستهداف رجال الشرطة بقطاع جنوب القاهرة بالهجمات والعمليات التخريبية.
وبعد انتشار الفيديو بأيام أعلنت وزارة الداخلية، أن عناصر “كتائب حلوان” الإخوانية يقود مخططها ويدعمها الإخواني الهارب أيمن أحمد عبد الغني زوج ابنة القيادي الإخواني خيرت الشاطر، حيث قام باختيار مناطق حلوان، وعين شمس والمطرية مسرحاً لأعمال العنف والتخريب وبؤراً لتمركز عناصرهم المسلحة، وأكدت الداخلية أن فريق البحث تمكن من تحديد العناصر المشاركة في مقطع الفيديو الذي تم بثه ومكان تصويره بإحدى مناطق عزبة الوالدة بحلوان، وتم القبض على عدد من المتهمين.
كم عدد المتهمين فى القضية ومتى تمت إحالتهم للمحاكمة؟
عدد المتهمين فى القضية 215 متهما، وفى فبراير 2015 أحالهم النائب العام المستشار الراحل هشام بركات، للمحاكمة الجنائية العاجلة، بتهمة تشكيل مجموعات مسلحة باسم “كتائب حلوان”، لاستهداف الأجهزة الأمنية، ومنشآت تابعة لوزارة الداخلية، وشبكة الطرق، وتخريب أبراج كهرباء الضغط العالى، وأعمدت الإنارة، ما كبد الدولة خسائر فادحة بلغت قيمتها 40 مليون جنيه.
ما هى أبرز الاتهامات التى وجهتها النيابة للمتهيمن؟
نسبت النيابة للمتهمين بقضية “كتائب حلوان” أنهم فى غضون الفترة من 14 أغسطس 2013 وحتى 2 فبراير 2015 بدائرة محافظتي القاهرة والجيزة، تولوا قيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والحريات والحقوق العامة التى كفلها الدستور والقانون، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي بأن تولوا مسؤولية لجان الإخوان النوعية بشرق وجنوب القاهرة وجنوب الجيزة والتى تضطلع بتحقيق أغراض الجماعة إلى تغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة والمنشآت العامة والبنية التحتية لمرافق الدولة.
أكثر من 60 ألف معتقل سياسي في مصر!
يقبع في سجون النظام المصري أكثر من 60 ألف معتقل، وفق منظمات حقوقية، وفيما يتناول الإعلام قصص معاناة بعضهم، إلا أن كثيرًا منهم تبقى معاناتهم خلف جدران السجون. وبتقريرها عن حقوق الإنسان بمصر في 2017 و2018، أكدت «منظمة العفو الدولة» استمرار القبض على أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» وأنصارها من بيوتهم وأماكن عملهم، فيما رصد تقرير «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» وصول المعتقلين السياسيين لـ60 ألفا.
وأكد حقوقيون مصريون أن السلطات المصرية ترفض تحريك الدعاوى القضائية التي يتم تقديمها لجهات التحقيق المختصة ضد مسؤولين وقيادات بوزارة الداخلية ومصلحة السجون، لتورطهم في عمليات تعذيب المعتقلين السياسيين، مؤكدين أن عدم قبول هذه الدعاوى من سلطات التحقيق المصرية، سوف يدفعهم لتقديمها لجهات تحقيق دولية. وحسب الحقوقيين فإن قائمة المتورطين في تعذيب المعتقلين تشمل قيادات بوزارة الداخلية، إضافة إلى مسؤولين في قطاعات بعينها داخل الوزارة مثل قطاع الأمن الوطني، ومصلحة السجون وقطاع الأمن العام.
وتشير تقديرات الحقوقيين إلى أن وزارة الداخلية شهدت ثلاثة عهود متدرجة في عملية تعذيب المعتقلين، الأول كان الأقل في عدد الانتهاكات وهو عهد وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، بينما زادت معدلات التعذيب والوفاة نتيجة التعذيب، في عهد خلفه مجدي عبد الغفار في الفترة من مارس 2015 وحتى يونيو 2018، ثم فاقت المعدلات كل الحدود وأخذت أشكالاً متعددة على يد وزير الداخلية الحالي محمود توفيق الذي عمل لفترة مسؤولاً عن قطاع الأمن الوطني. وحسب شهادات لمعتقلين سابقين فإن التعذيب يبدأ بمقار الأمن الوطني، بعد عملية الاعتقال مباشرة، ويستمر لعدة أيام، وربما تصل لأسابيع، قبل أن يتم إلحاق المعتقل على قضية من القضايا الموجودة، وعندما يتم إلحاقهم بسجن من السجون فإن عمليات التعذيب تقل عن مثيلتها بالأمن الوطني، ولكنها تأخذ في السجون أشكالاً مختلفة. وحسب رواية المعتقل السابق عادل منصور فقد تم اعتقاله من أمام مقر عمله بمحافظة الجيزة منتصف 2015، وتم احتجازه بمقر تابع للأمن الوطني على طريق الإسكندرية الصحراوي لأكثر من شهرين، وطوال هذه المدة تعرض للتعذيب بمختلف صوره، لدرجة إدخال عصا غليظة في فتحة الشرج. ويؤكد منصور أن محافظ الجيزة الحالي كمال الدالي الذي كان مديرًا لأمن الجيزة وقتها، حضر أكثر من مرة جلسات التعذيب التي كان يقوم بها ضباط من المباحث العامة والأمن الوطني، وساومه على إطلاق سراحه مقابل الإرشاد عن المزيد من الأشخاص الذين استمع لأسمائهم أول مرة خلال اعتقاله، وعرف بعدها أنهم قيادات بتنظيم بيت المقدس. ويشير منصور إلى أن أحد الضباط واسمه «سامح بيه» كان يقوم بتعذيبه بشكل متواصل لعدة أيام، وبعد أن أخبره أنه على استعداد للاعتراف بما يريدونه مقابل وقف التعذيب، رد عليه الضابط بأنهم ليسوا في حاجة لذلك، وهم على ثقة أنه لا يعرف شيئًا، ولكنهم مستمتعون بالتعذيب ليس أكثر. من جانبه يؤكد المحامي والحقوقي أحمد عبد الباقي أن لديهم شهادات موثقة عن عمليات التعذيب جرت ضد المعتقلين، ولكن النيابة العامة تتلاعب في إثباتها بالمحاضر الرسمية، من خلال تأخر عرض هذه الحالات على الطب الشرعي لتوثيقها بشكل رسمي، وبالتالي دحض كل محاضر التحريات والاعترافات التي تتم نتيجة التعرض للتعذيب. ويري الخبير القانوني أن توسع وزارة الداخلية مؤخرًا بالتصفيات الجسدية، إنما هو بسبب وجود أعداد كبيرة من المعتقلين الذين فارقوا الحياة متأثرين بالتعذيب خلال اختفائهم قسريًا، مضيفاً إن أهالي الشباب الذين تمت تصفيتهم مؤخرًا بالهرم وسيناء، وجدوا أثار التعذيب على أجساد المعتقلين عند استلامهم من المشرحة قبل دفنهم، ما يؤكد في النهاية أنهم تعرضوا للتعذيب قبل قتلهم.
تشهد مصر منذ وصول السيسي إلى كرسي الحكم عبر انقلاب عسكري ضد الأخوان المسلمين حملات تصعيد كبيرة ضد الجماعة التي تم تصنيفها على أنها جماعة إرهابية ولم تكن وفاة الرئيس مرسي أثناء محاكمته بداية لانتهاء أزمة آلاف المعتقلين بالسجون المصرية ولن تكون أحكام الإعدام الأخيرة هي النهاية لهذا الملف الساخن في مصر.
المصدر/ الوقت