آل خليفة يسعون لتثبيت حكمهم باتفاقيات باطلة… أمن البحرين في أيدٍ لا تؤتمن
المشيخات العربية في الخليج الفارسي التي تتفوق على بعضها البعض في الاستسلام للولايات المتحدة لسنوات، تحاول الاقتراب من الولايات المتحدة والکيان الصهيوني في الأشهر الأخيرة، بسبب المستوى المتزايد للتوترات في العالم والمنطقة.
نظام آل خليفة، الذي لا شرعية له بين أبنائه ويرى عرشه في خطر، يحاول البقاء في السلطة لبضعة أيام أخرى باتفاقات ثنائية مع الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، سافر وزير الداخلية البحريني راشد بن عبد الله آل خليفة في الأيام الأخيرة إلى واشنطن، للتحدث مع المسؤولين الأمريكيين.
ووقَّع الجانبان في هذه الاجتماعات ثلاث اتفاقيات، بهدف تعزيز التعاون في مجال مكافحة الدعم المالي للإرهاب والأمن السيبراني وأنظمة الطائرات دون طيار.
وأكد آل خليفة في هذا الاجتماع أهمية التعاون الدولي في مجال أنظمة الطائرات دون طيار، وقال إن التعاون الدولي يعدّ قضيةً حيويةً في مجال مكافحة الهجمات السيبرانية وبناء قوة الأمن السيبراني. وقبل بضعة أشهر، وقعت البحرين ست اتفاقيات مع الولايات المتحدة في مجالات الصناعة والخدمات اللوجستية وعلوم الفضاء.
فيما يتعلق بالاتفاقية الأخيرة بين البلدين، يمكن ذكر عدة نقاط. بالنظر إلى أن تنفيذ خطة التحالف الإقليمي الأمريكية بات في حالة من عدم اليقين بسبب معارضة بعض العرب للمشاركة فيها، لذلك تحاول أمريكا تنفيذ خططها المعادية لإيران من خلال اتفاقيات ثنائية مع الأنظمة الخليجية.
حقيقة أن الولايات المتحدة توقع اتفاقيةً بشأن طائرات دون طيار مع دولة مثل البحرين، والتي لم تتعرض أبدًا للتهديد من قبل طائرات دون طيار من أي مجموعة في المنطقة، تظهر بوضوح أن هذا البرنامج يهدف فقط إلى مواجهة قوة محور المقاومة في مجال الطائرات دون طيار، وهو جزء من خطة “الدفاع الجوي للشرق الأوسط” التي كان من المفترض أن تتعامل مع الصواريخ والطائرات الإيرانية.
على الرغم من أن البحرين كانت مع السعودية والإمارات بكل قوتها في حرب اليمن، إلا أنه في السنوات الثماني الماضية، على عكس المعتدين الآخرين في التحالف السعودي، لم يتم توجيه أي تهديدات صاروخية أو طائرات مسيرة إلى هذا البلد من قبل اليمنيين.
لذلك، فإن توقيع اتفاقيةً بشأن الطائرات دون طيار مع الولايات المتحدة يستهدف إيران فقط، لتكون أمريکا قادرةً على مراقبة تحركات إيران في مجال الصواريخ والطائرات دون طيار عن كثب من خلال نشر أنظمة الصواريخ في البحرين، التي تبعد مسافة قصيرة عن حدود إيران.
وبالنظر إلى أن الأسطول الأمريكي الخامس موجود أيضًا في البحرين، وأي هجوم بطائرة دون طيار أو صاروخ يضر بالقوات الأمريكية، لذلك من خلال إدراج مسألة الطائرات دون طيار في الاتفاقية مع البحرين، يسعى مسؤولو البيت الأبيض إلى تقليل التهديدات ضد أسطولهم البحري من أجل زيادة أمن قواتهم.
وبعبارة أخرى، فإن التهديدات المحتملة للطائرات دون طيار تستهدف مصالح الولايات المتحدة أكثر من كونها خطراً على البحرين، وجهود واشنطن للتوقيع على مثل هذا الاتفاق تهدف إلى تحسين أمنها في المنطقة.
والنقطة الثانية حول هذه الاتفاقية تتعلق بمجال الأمن السيبراني، الذي تواجهه العديد من الدول هذه الأيام. تميل البحرين، التي تعتبر دولةً ضعيفةً في المجال السيبراني، إلى الولايات المتحدة لمساعدة البحرينيين في أي هجوم إلكتروني محتمل، من أجل البقاء في مأمن من أي هجمات إلكترونية.
بعد تطبيع العلاقات مع الکيان الإسرائيلي، ولإثبات أن الاقتراب من الصهاينة يجلب لهم المزيد من الأمن، ناور البحرينيون على تقدم الکيان في مختلف المجالات، ولا سيما السيبرانية، وحاولوا القول إن كل مشاكلهم ستحل، لكن مرور الوقت أظهر أنهم لا يستطيعون الاعتماد على الصهاينة.
في السنوات الأخيرة، أصبحت قضية الأمن السيبراني في قلب المخاوف الأمنية لدول مجلس التعاون على نحو متزايد، حيث أكد اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في هذا المجلس في نوفمبر 2021 ووافق على أهمية زيادة آليات التعاون في مجال الأمن السيبراني، وتطوير مشاريع مشتركة لمكافحة الجريمة وتعزيز الأمن الجماعي.
وحتى في اجتماع وزراء خارجية الولايات المتحدة والکيان الإسرائيلي ومصر والإمارات والسعودية والبحرين الذي عقد في النقب ومؤخراً في البحرين، إضافة إلى دراسة موضوع الدرع الدفاعي العربي للتعامل مع التهديدات المزعومة من إيران، فقد أثيرت في هذه الاجتماعات مسألة التعامل مع الهجمات الإلكترونية أيضًا.
يثق الشيوخ العرب ويعتمدون على إنجازات إسرائيل في المجال السيبراني، في حين أن هذا الکيان كان أكثر تورطًا في الهجمات الإلكترونية في العامين الماضيين، ولم يتمكن من التعامل مع هذه التهديدات.
وقد اعترفت السلطات الصهيونية مؤخرًا، في العام الماضي، بتنفيذ مئات الهجمات الإلكترونية على مراكز أمنية واقتصادية في الأراضي المحتلة، والتي لم تتمكن من تحييدها. ولهذا السبب، لا يمكن لکيان ضعيف للغاية في التعامل مع الهجمات الإلكترونية على مراكزه، أن يساعد الآخرين. لذلك، اختار البحرينيون واشنطن بدلاً من تل أبيب.
إن لجوء البحرين إلى الولايات المتحدة لمواجهة الهجمات الإلكترونية، يظهر أن الکيان الصهيوني، خلافًا لمزاعمه، لم يكن قادرًا على طمأنة الشيوخ العرب بأنه يمكن أن يساعدهم في المجال السيبراني.
والقضية الأخرى التي يمكن الإشارة إليها في الاتفاق الأخير بين الدوحة وواشنطن، هي محاربة الإرهاب.
البحرين هي واحدة من الدول القليلة في المنطقة التي لم تحدث فيها أي أعمال إرهابية تقريبًا. ورغم أن البحرين تعارض نفوذ الإخوان المسلمين في المنطقة وتعتبر هذه الجماعة تهديدًا لأمنها، إلا أن مواقف سلطات المنامة ضد الإخوان المسلمين تتأثر بالسياسات السعودية، وعمليًا لا تعتبر الحرکات الإخوانية تحديًا داخليًا في مجال الحكم لحكومة آل خليفة.
وهکذا، فإن إدراج قضية الإرهاب في اتفاقيتي واشنطن والمنامة يهدف أكثر إلى مواجهة شيعة هذا البلد، الذين تم قمع حركتهم الاحتجاجية السلمية بالمطالبة بالعدالة والديمقراطية بشدة من قبل النظام في العقد الماضي.
وخلال هذه الفترة، تم حظر الأحزاب الشعبية ذات الجذور الراسخة مثل جمعية الوفاق، التي لها موقع قوي في البرلمان والساحة الاجتماعية كمعارضة، وحُكم على قادة المعارضة بالسجن لمدد طويلة في محاكم صورية تحت عناوين غير مثبتة وعامة للأنشطة الإرهابية. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك حكم الإعدام ثم السجن المؤبد للشيخ علي سلمان الزعيم السياسي للاحتجاجات.
وعلى الرغم من شعارات إدارة بايدن خلال الحملة الانتخابية لعام 2020 بشأن الدفاع عن حقوق الإنسان، إلا أن نظام آل خليفة القمعي، الذي تصنفه المنظمات الدولية باستمرار على أنه منتهك خطير لحقوق الإنسان، قد نجا من أي سياسة عقابية من البيت الأبيض، ويبدو أن الاتفاق على محاربة الإرهاب هو الضوء الأخضر الأمريکي لتكثيف الضغط الداخلي على الشيعة وبدء موجة واسعة من القمع، وخاصةً مع معارضي تطبيع العلاقات ووجود البحرين في التحالف الإقليمي المناهض للمقاومة.
بشكل عام، فإن توقيع البحرين للاتفاقيات الأمنية مع الولايات المتحدة والکيان الصهيوني لن يجلب لهم الأمن فحسب، بل إن آل خليفة، من خلال المشاركة أكثر وأكثر في الخطط المعادية لإيران، سيضعون أنفسهم في الواقع في مأزق وخطر التهديدات الأمنية لمحور المقاومة.
وكما أظهرت تجربة السعوديين والإماراتيين، فإن مظلة الدعم الأمريکي والإسرائيلي لم تساعد في إنشاء درع دفاعي فعال ضد الصواريخ والطائرات المسيرة لمحور المقاومة.
المصدر/ الوقت