التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 22, 2024

استفزازات تركية لروسيا.. هل تفقد أنقرة علاقاتها الطيبة مع موسكو 

اجتذب تحرك تركيا باحتجاز سفينة شحن تابعة لروسيا اهتمام وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية. وقبل يومين، تم الإعلان أن الحكومة الأوكرانية طلبت من تركيا الاستيلاء على سفينة الشحن التي ترفع العلم الروسي “زيبيك زولي” لحملها حبوبًا أوكرانية. وكانت كييف قد أعلنت أن هذه السفينة غادرت ميناء بيرديانسك الذي يقبع تحت الاحتلال الروسي وكانت تحمل 4500 طن من الحبوب. وفي رسالة مؤرخة بتاريخ 30 يونيو إلى وزارة العدل التركية، أعلن مكتب المدعي العام الأوكراني أن “شيبيك جولي” متورط في تصدير الحبوب بشكل غير مشروع لأوكرانيا. وأعلنت شركة KTZ ومقرها كازاخستان أن سفينة”زيبيك زولي” مملوكة لشركتهم، لكنها مستأجرة من قبل شركة Green Line الروسية، والتي لا تخضع لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ووفقًا لبيانات تتبع السفن، رست السفينة”زيبيك زولي” بالقرب من ميناء “كاراسفا” التركي مساء الجمعة الماضي. وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد قال في وقت سابق في بيان يوم 23 يونيو: “نحن نعارض البيع غير المشروع للبضائع الأوكرانية في السوق الدولية ولا نسمح به”. واضاف “لسنا مقتنعين بان هذه الشحنات ستباع في تركيا”.

سفير أوكرانيا يستبق حكومة أردوغان ويعلن موقفه

وكان سفير أوكرانيا في تركيا، فاسيلي بودنار، كشف لرويترز ووسائل إعلام أخرى عن ضبط السفينة. وأعلن أن ضباط الجمارك الأتراك استولوا على سفينة الحبوب التي ترفع العلم الروسي والتي كانت تنقل “حبوب مسروقة” حسب أوكرانيا. وقال بودنار في تصريح للتلفزيون الوطني الأوكراني “نحن نتعاون بشكل كامل مع السلطات التركية. تم ضبط السفينة من قبل سلطات الجمارك التركية عند مدخل الميناء. وسيتحدد مصير السفينة بالتحقيقات والمفاوضات يوم الاثنين القادم. ونأمل في مصادرة الحبوب في أسرع وقت ممكن”. وحدث هذا الإجراء من جانب تركيا في حين تم فرض عقوبات على روسيا من قبل الغرب وتتهم الدول الغربية روسيا بالتسبب في أزمة الغذاء العالمية من خلال منع تصدير الحبوب الأوكرانية. وتركيا هي أيضًا واحدة من الدول التي تعتمد بشكل كبير على الحبوب والبقوليات والبذور الزيتية من روسيا وأوكرانيا.

هل تركيا سعيدة بهذا الوضع؟

إن الاستيلاء على سفينة شحن تابعة لقوة عظمى مثل روسيا ليس بالمهمة السهلة، ومن المؤكد أن مثل هذا القرار والعمل له عواقب وتكاليف باهظة. وذلك لدولة مثل تركيا التي لديها الكثير من العلاقات مع روسيا في عدة مجالات غازية ونووية ودفاعية واقتصادية وحصلت على نقاط كثيرة نتيجة تطور علاقاتها مع روسيا. وتستخدم وسائل الإعلام تحت قيادة الحزب الحاكم في تركيا لاستدعاء المشاعر الشخصية لأردوغان وزعماء حزب العدالة والتنمية لجعل أصغر الإجراءات السياسية والعسكرية للحكومة التركية تبدو وكأنها ملحمة كبيرة. لكن مثل هذه القاعدة لا تنطبق على روسيا.

ويُظهر الصمت الحذر من وسائل الإعلام الرئيسية المقربة من فريق أردوغان بشأن الاستيلاء على سفينة الشحن الروسية أن الحكومة التي أنشأها حزب العدالة والتنمية ليست راضية عن هذا الوضع وتعلم جيدًا أن فلاديمير بوتين ليس سياسيًا يمر بسهولة على مثل هذا السلوك. لكن على أي حال، فإن تركيا عمليا في مأزق خطير وكان عليها الاستيلاء على السفينة المذكورة. لأن تركيا، أولاً وقبل كل شيء، عضو في الناتو ومرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وعليها أن تظهر أنها تقف إلى جانب الغرب إلى حد ما. ثانيًا ، تضطر تركيا إلى تحمل بعض مسؤوليات المراقبة الدولية بجدية أكثر من أي وقت مضى، بناءً على الحق الجيوسياسي المحدد لها في معاهدة مونتيري وملكية معابر البحر الأسود الحساسة إلى مرمرة وبحر إيجه.

ولقد أعلنت صحيفة “جمهوريت” التركية أنها استفسرت من السلطات الأمنية والجمركية في ولاية صقاريا الساحلية عن القرار النهائي بشأن السفينة الروسية، ولكنهم رفضوا الإجابة عن هذه الأسئلة. وفي غضون ذلك، لم تجب وزارة الخارجية التركية عن أسئلة الجمهورية ووسائل الإعلام الأخرى، وتشير الأدلة إلى أن إعلان القرار النهائي ليس بالمهمة السهلة لتركيا وربما يبحثون عن حل وسط.

رسالة السفير الأوكراني بخصوص الطائرات التركية دون طيار

تشير الأدلة إلى أن حكومة أردوغان لا تريد أن تذكر وسائل الإعلام الأوكرانية دور الطائرات التركية دون طيار في موازين الحرب الأخيرة. ومن الواضح أن أنقرة قلقة من ردود فعل موسكو وتعلم جيدًا أنها هذه المرة لا يمكنها سرد قصص عن الطائرات دون طيار في وسائل الإعلام مثل تجربة حرب كاراباخ. لأن مسؤولي الكرملين حساسون للغاية تجاه هذه القضية. لكن سفير أوكرانيا في أنقرة لا يتورع عن ذكر بعض الحقائق المهمة

“سلجوق بيرقدار”، صهر الرئيس التركي، الذي أسس مصنع الطائرات دون طيار التركي مع والده وإخوته وأبناء عمومته ولديه مخاوف أمنية عالية وحساسية عندما يتعلق الأمر بتصوير ورش العمل الخاصة به، فتح جميع الأبواب أمام سفير اوكراني. ولقد أظهر نشر صورة ورسالة سفير أوكرانيا في أنقرة أن سلجوق بيرقدار قد أهدى ثلاث طائرات دون طيار باهظة الثمن من نسخة “بيرقدرا تي بي 2” إلى حكومة أوكرانيا دون تلقي أي رسوم.

ولقد أظهرت التطورات الأخيرة أن هجوم روسيا على أوكرانيا يمثل نقطة تحول مهمة في التطورات السياسية والأمنية في المنطقة، والتي ترتبط بمصالح تركيا من نواح كثيرة. حيث حاولت حكومة أردوغان الحصول على تنازلات في هذا الاتجاه واستغلال الفرص المتاحة لصالحها. لكن على أي حال، على الرغم من إمكانية كسب نقاط بسبب بعض المزايا الجيوسياسية، هناك احتمال أن نشهد بعض ردود الفعل العقابية لروسيا ضد تركيا في المستقبل القريب.

وتقول أوكرانيا إن ما بين 20 و25 مليون طن من الحبوب عالقة في الموانئ بسبب الهجمات الروسية، فيما تسعى أنقرة التي استضافت أكثر من لقاء على أراضيها للعب دور الوسيط سواء على مستوى مفاوضات وقف إطلاق النار أو تلك المتعلقة بأزمة الحبوب. لكن الرئيس التركي عدل بوصلة بلاده لدور أكبر حيث يمكنها الاستفادة من الأزمة وذلك من خلال شحن حبوب أوكرانية في سفن تركية على أن تقوم أنقرة لاحقا بتصديرها إلى وجهاتها. وقال الأسبوع الماضي إن تركيا يمكنها أن تعيد تصدير الحبوب مثل القمح والشوفان والشعير من البحر الأسود للدول التي تحتاج تلك الشحنات بعد محادثات تُجرى مع روسيا وأوكرانيا، مضيفا إنه سيناقش الأمر مع الدولتين في الأيام القليلة المقبلة.

وأوكرانيا واحدة من أكبر الدول المصدرة للقمح في العالم لكن الشحنات توقفت بسبب الغزو الروسي ما تسبب في نقص عالمي في الغذاء. وناشدت الأمم المتحدة الطرفين وجارتهما بحريا تركيا على الموافقة على فتح ممر آمن لعبور تلك الشحنات. وقال أردوغان إن مكتبه يعمل مع كييف وموسكو لترتيب مكالمات مع نظيريه هناك وإن 20 سفينة تركية جاهزة للمشاركة في الشحنات المحتملة. وتابع إنه بعد إجراء محادثات مع زعيمي أوكرانيا وروسيا “يمكننا أن نرسل القمح والشعير والشوفان وزيت دوار الشمس وكل الشحنات للدول التي تحتاجها من خلال تنفيذ إعادة للتصدير من خلالنا”، مشيرا إلى أن المخزونات التركية “في وضع جيد” حتى الآن.
المضدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق