تطبيع مرتقب بين الصومال والكيان الصهيوني .. المخاطر والأبعاد
شهدت السنوات الاخيرة ، تسارعاً في وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني تمثل في مؤتمرات ولقاءات ودعوات متبادلة بالزيارة بين الدول المطبعة.كما كشفت العديد من التقارير ، أن واشنطن والكيان الصهيوني يسعيان إلى إدخال دول جديدة إلى حقل التطبيع. في هذا السياق تحدث موخراً وسائل الإعلام الصهيونية عن تطبيع قريب بين الصومال والكيان الصهيوني وقالت أن التطبيع بين”إسرائيل” والصومال سيكون على غرار الاتفاقيات التي وقعتها دول عربية مؤخرا مع الكيان الصهيوني.
هل تتجه الصومال للتطبيع مع الكيان الصهيوني؟
أشارت هيئة البث الإسرائيلية، إلى أن الناطق باسم الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ذكر إن حكومة مقديشو ستجري مشاورات مع أعضاء البرلمان وجهات أخرى حول قضية التطبيع مع “إسرائيل”وضمن تصريح تعقيباً على استفسار حول التقارير حيال إمكانية تطبيع العلاقات بين الصومال وإسرائيل، ذكر الناطق إن “الحكومة ستجري مشاورات مع أعضاء البرلمان وجهات أخرى حول مسألة التطبيع مع إسرائيل”.ولفتت وسائل إعلامية إلى أنه “بعيد انتخابه رئيساً لبلاده، اجتمع حسن شيخ محمود مع مسؤولين إسرائيليين كبار خلال زيارته للإمارات نهاية شهر مايو الماضي، الأمر الذي نفاه مكتب الرئاسة الصومالية”، فيما كان حسن شيخ محمود قد اجتمع عام 2016 مع رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو.هذا وكان قد ذكر بيني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، في السابع من يوليو الجاري، إن إسرائيل وقعت مع دول عربية صفقات تزيد قيمتها عن 3 مليارات دولار، مضيفاً أن تلك الصفقات هي “ثمار اتفاقات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية”، وفق ما أوردت عنه هيئة البث الإسرائيلية.
الكشف عن اجتماعات سرّية بين حسن شيخ و رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، عام 2016،
بعد انتخاب حسن شيخ محمود رئيساً للصومال، للمرة الثانية، أعادت صحيفة إسرائيلية نشر أخبار عن اجتماعات سرِّية عقدها حسن شيخ خلال رئاسته الأولى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، عام 2016، وتوقّع صحفيون وباحثون من إسرائيل والولايات المتحدة أن تشهد العلاقات بين الصومال وإسرائيل انفراجة في عهد حسن شيخ، بسبب علاقته مع دول خليجية تقيم علاقات مع إسرائيل.وخلال الأعوام الماضية، وُجدت عدة دلائل عن تسرّب مفهوم التطبيع إلى ساسة في وزارة الخارجية الصومالية، ما استدعى رداً حازماً من الوزارة بإقالة وطرد مسؤول على خلفية ذلك.
دعم أميركي وإسرائيلي خلال فترة الانتخابات
عقب انتخاب حسن شيخ محمود، في 15 أيار (مايو)، نشرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” تقريراً جاء فيه أنّ حسن شيخ محمود أجرى زيارة سرية إلى تل أبيب بصحبة مسؤولين رفيعي المستوى، خلال حزيران (يونيو) 2016، إبان فترة رئاسته الأولى، والتقى نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين. وبحسب الصحيفة؛ أكّد مسؤول قريب من حسن شيخ عقد اللقاء في تل أبيب، ووجود لقاءات أخرى على مستويات عليا بين البلدين في الوزارات المعنية بالاقتصاد.وكانت الصحيفة نفسها قد نشرت تقريراً، في تموز (يوليو) 2016، أكدت فيه، على لسان المسؤول المذكور، عقد اللقاء بين الطرفين، وردّاً على سؤال من الصحيفة لم ينفِ ولم يؤكد نتنياهو شيئاً بخصوص اللقاء، وقال: “لا أريد أن أجيب عن سؤالك المحدد. أستطيع أن أقول إنّ لدينا كثيراً من الاتصالات مع دول ليست لدينا علاقات رسمية معها، الكثير من الاتصالات”.
ويثير تقرير الصحيفة الإسرائيلية عدداً من الملاحظات، بحسب الصحيفة ذاتها، كان موقع “CaasimadaOnline”، المعارض لحسن شيخ، هو من نشر الخبر أولاً، وفي وقت كانت البلاد على أعتاب انتخابات رئاسية مقبلة، ما يثير الشكوك في مصداقية الخبر، فضلاً عن غياب أيّ حديث رسمي بالإيجاب أو النفي من الحكومة الصومالية بشأن اللقاء، ومن جانب آخر؛ فالتوقيت نفسه له دلالة، حيث سبق بأيام جولة لنتنياهو إلى دول شرق أفريقيا، شملت إثيوبيا وكينيا، والتي تجمعهما علاقات وطيدة بالساسة والحكومة في الصومال، فضلاً عن الحدود المشتركة.
وفي نفس السياق تحدثت المعلومات، آنذاك، عن دعم أميركي وإسرائيلي لحسن شيخ محمود خلال فترة الانتخابات، التي جعلت من هذا البلد العربي المهم جداً بموقعه الاستراتيجي محط أنظار الجميع. وتحدثت المعلومات، الأسبوع الماضي، عن استعدادات الرئيس شيخ محمود للقيام بزيارة، سرية أو علنية، إلى “تل أبيب”، قبل قمة الرئيس بايدن في جدة، أو بعدها.
ردة فعل الشعب الصومالي عقب الحديث عن التطبيع
أكّد الباحث الصومالي في شؤون القرن الأفريقي، بشير مالم: على أنّ “موقف الشعب الصومالي، مثل جميع الشعوب العربية والإسلامية، يرفض إسرائيل، ولن نتصالح معها لأنّها غاصبة للحقّ الفلسطيني، والقدس عاصمة دولة فلسطين”.وبسؤاله عمّا يمكن لإسرائيل تقديمه للصومال، نفى، لـ “حفريات”، وجود أية فوائد من التطبيع، وقال: “لا تربطنا أيّة علاقات بإسرائيل، ولا فوائد مرجوّة من ورائها، بل هي جزء من العدوان على دولنا، ولا يمكن لأيّ رئيس صومالي اتخاذ خطوة التطبيع”. بخلاف ذلك، يرى الباحث جوليد أنّ هناك منافع قد تعود على الصومال جراء التطبيع، ومنها “ملف الأمن والتدريب العسكري، ومحاربة الإرهاب، وإعادة الإعمار والملف الاقتصادي”، لكنّه شدّد على أنّ “كشعب الصومال لا نريد منهم أيّ شيء، وندعم فلسطين كدولة في المحافل الدولية كافة”.
حركة الشباب في الصومال و التطبيع
إذا كان الكيان الصهيوني قادرة على تقديم الدعم الأمني ضمن حزمة الإغراءات التي قد تلوح بها، أو قد تروّج لها القلة التي تحدثت عن التطبيع، فحركة الشباب ستستفيد حتماً من هكذا قرار؛ عبر اتّهام الحكومة الصومالية بالعمالة للكيان الصهيوني . في هذا السياق يرى مدير مركز “هرجيسا” للدراسات والبحوث، محمود محمد حسن عبدي؛ أنّ “سردية حركة الشباب ستلقى قبولاً كبيراً إذا ما أقدمت مقديشو على التطبيع، وحال حدوث التطبيع مع الكيان الصهيوني سيمنح ذلك الزخم لحركة الشباب بضمّ عناصر بأعداد كبيرة ونيل قبول، وربما نشهد تكرار تجربة المحاكم الإسلامية”.وتأكيداً لما سبق، ذهب الباحثان، عبد العزيز جوليد وبشير مالم، إلى أنّ “التطبيع يعني مكاسب كبرى لحركة الشباب وأيديولوجيتها، بما يهدّد الدولة الصومالية ذاتها”. ووفق ذلك؛ فإنّه حتى لو روّج أحد لقدرات إسرائيل الأمنية، فلن تكون مجدية للصومال، الذي هو في غنى عن منح الخطر الأكبر، حركة الشباب المجاهدين، المصنّفة إرهابياً دولياً ومحلياً، المبرّر لتكرار نموذج أفغانستان، وهذه المرة بدعم شعبي نابع من النقمة على الحكومة.فضلاً عن ذلك، فطبيعة الحكم الفيدرالية في الصومال، وغياب نظام ديمقراطي انتخابي مباشر، مع وجود نظام الانتخاب العشائري، لا يمنح أيّ رئيس الشرعية والقبول الشعبي الكافي للإقدام على مغامرة العلاقات مع إسرائيل، إلى جانب أنّ هذا الأمر لا يعدّ أولوية للصومال.
ماحقيقة الدور التركي الإماراتي لدفع الصومال للتطبيع مع “إسرائيل”!
“الغرام” الصومالي – الإماراتي يدفع البعض من الأوساط إلى الحديث عن لقاء سري جمع رئيس الصومال مع مسؤولين إسرائيليين في أبو ظبي، لكل من الإمارات وتركيا قواعد عسكرية في الصومال، أيضاً تقوم الدولتان بتدريب القوات المسلحة والعناصر الأمنية الصومالية، في الوقت الذي تنشط الشركات التركية، بشكل أوسع، في مختلف القطاعات الصومالية. ويعيش حوالى 100 ألف صومالي في تركيا، التي تحتضن الآلاف من الشابات والشباب الصومالي في جامعاتها، بعد أن دربت ما لا يقل عن 20 ألفاً من عساكرها، وعلّمتهم لغتها وزوّدتهم بالأسلحة التركية. وبالعودة إلى زيارة الرئيس إردوغان إلى الصومال في آب /أغسطس 2011، أي مع بدايات ما يُسمّى بـ”الربيع العربي”، فقد أثارت، آنذاك، اهتمام العواصم الإقليمية والدولية، ما دفع هذه العواصم إلى الاستعجال في الانفتاح على الصومال. فأعادت واشنطن وبكين وموسكو فتح سفاراتها في العاصمة مقديشو مع اهتمام إيطالي وبريطاني تقليدي بمستعمراتها السابقة، كما تحظى باهتمام فرنسي أيضاً لأهمية موقعها الاستراتيجي جداً.من جهةٍ اخرى جاءت زيارة شيخ محمود إلى الإمارات في 19 حزيران /يونيو الماضي كأول وجهة خارجية له، بعد انتخابه، لتثبت مدى أهمية الدور الإماراتي المحتمل وثقله في الصومال، الذي يعيش مشاكل داخلية معقدة مع استمرار نشاط حركة الشباب الإسلامية.
في النهاية إن الحديث عن التطبيع المرتقب بين الصومال والكيان الصهيوني اخذ اهتماماً كبيراً في وسائل الإعلام والصحف الإلكترونية حيث أن جميع الموشرات توكد تطبيع قريب الوقوع بين الصومال والكيان الصهيوني ومع جميع المؤسرات الظاهره يظل موضوع الإعلان عن التطبيع بشكل رسمي مرهون بما ستکشفه الایام القادمة .
المصدر/ الوقت