التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

هل يحمل بايدن الخير للفلسطينيين 

باعتبار أنّ القضيّة الفلسطينيّة وشعبها وحتى مناصروها هي آخر ما يهم البيض الأبيض، لا يجد الشعب الفلسطينيّ في زيارة الرئيس الأمريكيّ جو بايدن أيّ تفاؤل يُذكر، وخاصة أنّ أهداف زيارة بايدن للمنطقة تركز على “مصلحة إسرائيل” فقط، حيث إنّ الشارع الفلسطيني اعتاد عند زيارة أي مسؤول أمريكي بارز للمنطقة أن تكون مصلحة مُحتل أرضهم ومهجر شعبهم وقاتل أطفالهم هي العليا، وقضية الشعب الفلسطينيّ مجرد “تحصيل حاصل” ولا وزن لها في حقائب الأمريكيين التي امتلأت بالتطبيع والتقسيم والسلاح وغير ذلك، ولم يبق مكان فيها لشعب سلب تاريخه وحاضره ومستقبله أمام أعين العالم.

زيارة مُقلقلة

في الوقت الذي يركّز فيه العدو الإسرائيلي بشدّة على زيارة بايدن للمنطقة، ونتائجها السياسية والأمنية والاقتصادية الفريدة بالنسبة لكيان الاحتلال، لا يُبدي الفلسطينيون أيّ اهتمام لهذه الزيارة، ويتابعونها بقلق كأيّ زيارة عاديّة لمسؤول رفيع المستوى، دون تعليق أيّ آمال أو طموحات واهيّة، فـ “من يجرب المجرب عقله مخرب” كما يقال، فيما يدعو آخرون لاستغلال هذه الزيارة وايصال رسائل مهمة عبر تنظيم مسيرات شعبية حاشدة في مدن الضفة الغربية المحتلة ضد زيارة الرئيس الأمريكيّ، وإيصال رسالة غضب واحتجاج من نهج الولايات المتحدة في التعامل مع “إسرائيل” وغض الطرف عن جرائمها وجناياتها، ناهيك عن إنشاء البيت الأبيض حظيرة للتطبيع الأمريكيّ مع الصهاينة قبل عامين للترويج لدولة لم تكن ولن تكون وفقاً للإسرائيليين أنفسهم.

وعلى الرغم من أنّ السلطة الفلسطينية ستعرض 5 مطالب لن يصغي لها الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته للمنطقة، لا يعول أيّ فلسطينيّ على منهج خنوعها الذي لم يجلب لها سوى الخيبة والهزيمة أمام الكيان الصهيونيّ وأسياده، وأسقطها من قلوب الفلسطينيين وجعلها أداة رخيصة تستعمل ضد إرادة الشعب وتطلعاته، كما أنّ الفلسطينيين يعتبرون أنّ ما تقوم به السلطة الفلسطينيّة التي لم تمثل في يوم من الأيام صوتهم وتطلعاتهم سوى خذلاناً و “طعنة في الظهر” في وقت هم بأمس الحاجة إليها للاصطفاف معهم، حيث يرزحون تحت وطأة جرائم الإعدام والأسر والاستهداف المباشر والطرد من منازلهم.

أيضاً، يدرك الفلسطينيون أنّ زيارة بايدن لا تُغني ولا تسمن من جوع بل ستكون “مصيبة حقيقيّة” على من يرتكب بحقه إبادة جماعيّة، باعتبار أنّ الرئيس الأمريكيّ يزور المنطقة، وبعدها سيزور السعودية في زيارة تستغرق يومين، وسيجتمع في جدة مع قادة الدول الخليجيّة وعدد من القادة العرب الآخرين، ومن بين القضايا التي سيتم طرحها التطبيع ودفع فكرة ما يسمى “التحالف الدفاعي الإقليميّ” من الصواريخ والقذائف بمشاركة تل أبيب، وتبين المعلومات أنّ هناك موضوعاً واحدا تم الاتفاق عليه وسيتم الإعلان عنه رسميا خلال الزيارة، وهو نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، مقابل سماح السعودية للطائرات التابعة للعدو بالمرور عبر مجالها الجويّ من جهة الشرق، وكانت سمحت للطائرات الإسرائيلية بالمرور عبر مجالها خلال توجهها الى الإمارات أو البحرين، وذلك كدعم غير مباشر لاتفاقيات الخيانة فالسماح الجديد سيقصّر فترة الرحلات من الأراضي الفلسطينيّة السليبة تجاه دول الشرق الأقصى، كما حاولت تل أبيب إقناع الرياض بالسماح برحلات مباشرة للحجاج المسلمين من الأراضي المحتلة إلى مكة ولكنها لم تنجح حتى الآن.

ومع بدء الزيارة الأمريكيّة يتبأ الفلسطينيون على ما يبدو باقتراب إعلان تطبيع السعوديّة بشكل علنيّ مع “إسرائيل” بالاستناد إلى معطيات كثيرة، وتأكيد مصادر إعلاميّة قبل مدّة أنّ أحد المكاتب الكبيرة للترويج للتطبيع بين الرياض وتل أبيب يتم توجيهه من قبل المستشار السابق في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، وبأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان، ناهيك عن تأكيد مملكة آل سعود ممثلة بنظامها الحاكم وبالأخص ولي عهدها الذي يلقبه السعوديون بـ “الانقلابيّ”، حجم خيانتها ومدى عمالتها ضد فلسطين والوطن العربيّ والإسلاميّ، حيث إنّ الأيام الأخيرة شهدت استخدام الإعلام الفلسطينيّ عبارة “أرض الحجاز” بدلاً من عبارة “المملكة العربية السعودية” في خطوة مقصودة فهمت على أنّها رد على الخيانة السعوديّة.

دعم للاحتلال

إنّ زيارة الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة هي الأولى له في المنطقة منذ انتخابه رئيسا للولايات المتحدة في شهر يناير عام 2020 أي بعد عام وسبعة أشهر تقريبا من توليه الرئاسة والزيارة العاشرة له كمسؤول أمريكيّ، لكنّ هذا الزيارة المشؤومة كما يقول الفلسطينيون لن تكون خيراً أبداً على هذا الشعب المنكوب، بعد تأكيد سياسة الولايات المتحدة أنّ واشنطن لا يمكن أن تتخلى عن دعم الصهاينة المحتلين على حساب الحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ، رغم علمها اليقينيّ أنّ الاحتلال قائم على الإرهاب المنظم، في ظل حكم الإدارة الديمقراطيّة في أمريكا والتي لم تحمل أيّ بشائر بالنسبة للعرب بشكل عام والفلسطينيين على وجه الخصوص، واستمرت على السياسة الأمريكيّة المعهودة المتعلقة بتسليح الكيان الصهيونيّ المجرم والدفاع عن مصالحه في المنطقة، وخيّبت الكثير من التوقعات التي علقت آمالاً عريضة على الإدارة الأمريكيّة الجديدة.

“لا أمل يبنى على زيارة بايدن للمنطقة، فهي تأتي لتوفير المزيد من الدعم للاحتلال، ومحاولة لجعل دولة الاحتلال جزء من المنطقة في إطار هيمنة واشنطن ومصالحها وشراكتها الاستراتيجية معه”، هذا ما قاله عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، مؤكّداً أنّ كل ما تحدث به بايدن في حملته من وعود تجاه القضية الفلسطينية لم تنفذ، بل نفذّ عكسها، مضيفاً إنّ ما سيجري على المستوى الفلسطينيّ، هو عقد لقاء أقل من ساعة مع رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس، ما يؤكّد أنّ أهميّة الزيارة بالنسبة للاحتلال وليس الفلسطينيين، حيث إنّ الهدف الرئيس للأمريكيين هو محاولة ترتيب المنطقة في تحالف عربي يكون العدو الصهيونيّ جزءا مهماً من مصالحه الاستراتيجيّة.

من ناحية أخرى، أشار مستشار وزارة الخارجية الفلسطينية أحمد الديك، إلى أن جوهر زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة، له أهداف اقتصادية محضّة ومرتبطة بالأساس بمصالح البيت الأبيض هناك، تحديدا على ضوء نتائج الأزمة الروسية – الأوكرانية، إضافة إلى أبعاد سياسية وأمنية، تتعلق بما يسمى الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والأوضاع في المنطقة، وتحدث أن السلطة بذلت قصارى جهدها لتبقى القضية في صلب الاهتمامات وبرنامج عمل الزيارة، مضيفا إن تخصيص بايدن لقاء مع القيادة الفلسطينية في بيت لحم، بمثابة إعادة اعتبار للقضية الفلسطينية بعد محاولة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تهميشها، وإزاحتها عن سلم الاهتمامات، ورأى أن الزيارة تأكيد أن “القيادة الفلسطينية شريك مهم وحقيقي للإدارة الأمريكية، وأكدّ الديك أن الزيارة “فرصة”، “لتعزيز العلاقات الثنائية واستعادة الأفق السياسي، وترجمة تعهدات واشنطن وخاصة بوقف التصعيد (الإسرائيلي)، وفتح القنصلية واستئناف الدعم، ورفع المنظمة عن قائمة الإرهاب”، وتابع: “ستكون لهذه الزيارة نتائج، إن لم تكن مباشرة، فستكون بعدها”، مستبعداً أن تكون لدى واشنطن رغبة في تشكيل حلف ناتو شرق أوسطي جديد.

بالمقابل، بين المكتب السياسي للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، أنّ “زيارة بايدن للمنطقة تأتي كجزء من الهجمةِ المسعورةِ والمتصاعدةِ ضدَّ وجودِنا على أرضِ فلسطينَ ومستقبلِ أمّتِنا العربيّة؛ معلنةً عن هدفِ تشكيلِ تحالفٍ معادٍ لشعوبِ المنطقةِ وقوى المقاومة فيها، ولحقوقِ الشعبِ الفلسطينيّ، وهو ما يُوجبُ مقابلةَ هذهِ الزيارةِ بكلِّ معاني الرفضِ الشعبيّ والرسميّ، والتعبيرِ عن الاحتجاجِ برفعِ الصوتِ عاليًا في وجهِ العدوِّ وداعميه وحليفِهِ الإمبرياليّ”، وشدّد المكتب السياسي، في نداءٍ له وجّهه للفلسطينيين ولجميع الأحرار في منطقتنا العربيّة، على أنّ “الإدارةَ الأمريكيّةَ لا تتورّعُ عن إظهارِ أهدافِها من خلالِ سياساتِها العدوانيّةِ التي تمارسُها ضدَّ شعبِنا، وكذلك من خلالِ برنامجِ هذهِ الزيارةِ المعلن، التي تشملُ زيارةً لقواعدِ العدوانِ الصهيونيّ على شعبِنا الفلسطينيّ وبلدانِنا العربيّة، وسيتخلّلُها تأكيدٌ على دعمٍ ماليٍّ وتسليحيٍّ جديدٍ لمنظومةِ حربِ الكيانِ الصهيونيّ ضدَّ وجودِنا، وما زالت دماءُ الشهيدةِ شيرين أبو عاقلة بيّنةً على يدِ السفّاحين الصهاينةِ الذين نفّذوا الاغتيالَ وشركائهم من مجرمي الإمبرياليّةِ الأمريكيّة، الذين غطّوا الجريمةَ وعرقلوا التحقيق، بما يُشّكلُ انكشافًا إضافيًّا للشراكةِ الكاملةِ والعلنيّةِ مع العدوِّ الصهيونيّ في جرائمِهِ المتواصلةِ بحقِّ الأمّةِ وشعوبِها”.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق