عودة التوتر إلى الشارع.. ماذا يحدث في ليبيا
عاد التوتر على اشده في العاصمة الليبية طرابلس التي تشهد مداخلها حشودا مسلحة منذ ليلة السبت وفجر الأحد 17 تموز 2022، وفق وكالة رويترز.
وتمركزت أرتال عليها أسلحة من العيار المتوسط بالمدينة ورجحت مصادر محلية انها قادمة من مدينة الزاوية.
وياتي هذا التحرك بهدف فرض اعادة رئيس مجلس ادارة النفط الليبية صنع الله الى منصبه اياما بعد اقالته من قبل ” رئيس حكومة الوحدة الوطنية” عبد الحميد الدبيبة .
وبعد يوم من اقالة صنع الله تم الاعلان عن اعادة فتح إنتاج وتصدير النفط، ورفع القوة القاهرة عن الحقول والموانئ النفطية، في خطوة تمت على الارجح بالاتفاق بين الدبيبة والقائد العام للقوات المسلحة شرق البلاد، خليفة حفتر.
في المقابل، انتشرت أرتال أخرى داعمة للدبيبة وتمترست في مدخل طرابلس الغربي بمنطقة “الغيران”، مع وجود تحركات عسكرية في مدخل المدينة الشرقي بتاجوراء، والمدخل الجنوبي بطريق المطار، وأمام مقر مؤسسة النفط وسط المدينة.
وسلطت جريدة «كابيتال» الفرنسية، الأحد، الضوء على التغييرات الحاصلة في إدارة قطاع الطاقة، مستندة إلى رأي محللين أكدوا أن استئناف تصدير النفط الليبي بعد توقُّف دام ثلاثة أشهر، عقب إعلان مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط الجديد رفع القوة القاهرة عن الموانئ النفطية جاء «نتيجة اتفاق غير معلن بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر اللذين توافقا على شرط أساسي لإقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، وهو تكنوقراط يحترمه المجتمع الدولي».
ووفقًا لمصادر دبلوماسية غربية، فإن الترتيب بينهما ينص على إعادة فتح الموانئ من قبل حفتر مقابل تعهد الدبيبة بدفع حصة من عائدات النفط للسلطات بشرق البلاد. وتابعت الجريدة أن الرئيس الجديد للمؤسسة الوطنية للنفط يشتهر بأنه قريب من دولة الإمارات.
ونقلت عن مجموعات كانت وراء غلق آبار وموانئ إنتاج الطاقة في ليبيا قولها إن رئيس مجلس إدارة المؤسسة فرحات بن قدارة، «تعهد بتلبية جميع مطالبنا، بما في ذلك التوزيع العادل لعائدات النفط، لذلك قررنا إعادة فتح الحقول والمحطات، والسماح لها باستئناف الإنتاج والتصدير».
وتولى ابن قدارة، وهو مصرفي، منصب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط بمرسوم من رئيس حكومة الوحدة الدبيبة في يوم الخميس، لكن سلفه مصطفى صنع الله، الذي مكث به لمدة ثماني سنوات، طعن علنًا في إقالته.
وأعلن ابن قدارة الذي كان في بنغازي أيضًا أن «المؤسسة الوطنية للنفط تعلن رفع القوة القاهرة عن جميع حقول النفط والموانئ الليبية اعتبارًا من الجمعة 15 يوليو»، مقدمًا الضوء الأخضر للعودة إلى هذه المواقع. وتعفي «حالة القوة القاهرة» شركة النفط من المسؤولية في حالة عدم الامتثال لعقود تسليم النفط.
من جهتها، نشرت جريدة «لوجورنال دولافريك» تقريرًا أكدت فيه أن تعيين فرحات بن قدارة على رأس المؤسسة الوطنية للنفط يشكل تحولًا جذريًا لقواعد اللعبة السياسية، ونقطة تحسب لصالح الدبيبة، الذي يحارب من أجل الاحتفاظ بمنصبه.
ورأت الجريدة في تعيين من وصفته بـ«سيد النفط» ابن قدارة «عامل إضعاف لحكومة فتحي باشاغا التي تسعى منذ أشهر إلى فرض نفسها، وبدء مباشرة مهامها بعد حصولها على ثقة البرلمان، في مارس الماضي»
وزيادة على ذلك من أجل تجنب «أي مقاومة داخل المؤسسة الوطنية للنفط، وعد فرحات بن قدارة بزيادات كبيرة في الرواتب، وكشف أن الأموال التي اختلسها القذافي من البنك المركزي الليبي وضعت في حاويات ودفنت في الصحراء»، على حد تعبيره.
وعاد المصدر إلى هذا التطور اللافت على مستوى الساحة السياسية مع تغيير قواعد اللعبة، حيث اعتمد الدبيبة بشكل أساسي على الأموال التي استعادها من الخارج، وهي جزء ضئيل من ثروة القذافي، والتي كانت أكثر من كافية له للبقاء في السلطة حتى اليوم، وذلك بعدما منعت الولايات المتحدة عوائد النفط الليبي.
وعلى الرغم من صعوبة تقدير ثروة القذافي فمن المؤكد أنه احتفظ بجزء كبير منها نقدًا مع أن كل حساباته في الخارج، وقد ساعده ذلك أيضًا في تمويل العديد من المشاريع في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وتمويل الحملات الانتخابية أو حتى الانقلابات في الخارج يضيف التقرير الفرنسي.
وذهبت «لوجورنال دولافريك» لربط العلاقة بين هذا الملف والرئيس الجديد للمؤسسة الوطنية للنفط، مذكرة بأن فرحات بن قدارة، كان بين العامين 2006 و2011، على وجه التحديد الوصي على هذه الأسرار، فقد شغل منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، وكان من المستحيل سحب الأموال من خزائن الدولة دون موافقته.
ويعلق التقرير على تمكُّن فرحات بن قدارة من تحمُّل المسؤولية بعد استئناف حقلين نفطيين نشاطهما في ليبيا، وفي حال استئناف إنتاج النفط بصفة كاملة، فإن الغرب سيكون مجبرًا على تحمل هذا الانقلاب النفطي.
وعلى العكس من ذلك، يرى تلفزيون فرنسا الحكومي أن إنتاج النفط مصدر الدخل الرئيسي لليبيا، يعيش رهينة الأزمة السياسية، في حين أن إنتاج النفط والغاز في العالم تعطل بشكل كبير بسبب الصراع في أوكرانيا.
وبالنسبة للمحلل الغربي هاميش كينير فإن هذا التغيير على رأس مؤسسة النفط «يغرق القطاع في فوضى إضافية»، لافتًا إلى احتياطيات النفط الهائلة، لكن الليبيين يعانون من انقطاع مستمر في التيار الكهربائي، أما البنية التحتية فضعيفة والخدمات معطلة.
المصدر/ الوقت