التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

“نيوم” السعودي رؤية سراب يبدد أموال الشعب 

نيوم المشروع السعودي الذي أطلقه محمد بن سلمان يوم الثلاثاء 4 صفر 1439 هـ الموافق 24 أكتوبر 2017 ويقع المشروع في أقصى شمال غرب السعودية، ويمتد على ساحل البحر الأحمر ويهدف ضمن إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030 إلى بناء مدينة رأسمالية للصناعات والتقنية حسب ما يدّعيه ابن سلمان وهو حتى الآن لم يكن إلا مجرد ادعاء يخلو من الإجراءات في ساحة العمل، حيث تثبت الحقائق أن المشروع الذي روج له طويلا ولي العهد محمد بن سلمان مجرد مدينة عمادها الوهم والتهويل الإعلامي الكاذب.

ويرى الكثير من المحللين والخبراء الاقتصاديين أن الادعاءات المتعلقة بميزات نيوم ما هي إلا أوهام يصنعها محمد بن سلمان في أحلامه. و عملت بعض الشركات العالمية على تقديم مشروعها الوهمي المسمى بنيوم إلى ابن سلمان لتتمتع بالموارد المالية للسعودية وتستغل ثرواتها، إضافة إلى أنها تهدف إلى تنفيذ مسرحية وهمية في السعودية تعززها اسم التكنولوجيا والتقنية التي خدعت MBS ولا تنفع الشارع السعودي العام.

ومن جهة أخرى، تظهر الوثائق السرية المسربة، أن 40 بالمئة من ميزانية مشروع نيوم الوهمي فقدت بفساد المنفذّين للمشروع وإثر عدم فاعليتهم. تم دعم المشروع من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي بقيمة 500 مليار دولار وتتولى “شركة نيوم” التي تأسست في يناير 2019 عمليات تطوير منطقة نيوم والإشراف عليها، وهي شركة تعود ملكيتها إلى صندوق الاستثمارات العامة السعودية التي لا يولي اهتماما بتحمّل المسؤولية إزاء ما يُنفق هدرا. من جهتها سلطت صحيفة وول ستريت الأمريكية الضوء على هذا المشروع مشيرة إلى الصعوبات الجمة التي يواجهها لكونه يقترب من الخيال أكثر من الواقعية.

وأكدت الصحيفة أن المشروع يواجه صعوبات تهجير أكثر من 20 ألف مواطن بشكل قسري يضاف إلى كل هذا وذاك طبيعة الأموال التي تحتاجها السعودية لتمويل المدينة.

وقالت: إن “بناء نيوم سيكلف أموالاً لا تملكها السعودية، التي عانت مؤخراً من عجز في الميزانية، حيث لجأت الرياض إلى استخدام القروض للبدء بالمرحلة الأولى من هذا المشروع”، حسب ما أكده أشخاص مطلعون.

تحدٍّ آخر تشير إليه الصحيفة يتعلق باعتماد “نيوم” على الاستشاريين الأجانب؛ فالسعودية كدولة شابة كانت حتى 1957 دون جامعة، وهي تفتقر تاريخياً إلى الخبرة في التخطيط والهندسة والإدارة، ومن ثم لجأت منذ عقود إلى الشركات الاستشارية الأجنبية.

وأضافت الصحيفة إنها اطلعت على الوثائق الأصلية للمشروع منذ أن كان فكرة، وقبل أن تعهد به السعودية وولي عهدها الشاب لمجموعة شركات استشارية من أجل وضع الخطط اللازمة للبدء في المشروع، لافتةً إلى أن المشروع خيالي جداً، وهو يسعى لبناء مدينة مستقبلية في منطقة خالية لا موارد فيها سوى الشمس الساطعة والرمال.

كان الدكتور كلاوس كلاينفيلد الرئيس التنفيذي للمشروع ولكن المجلس التأسيسي لمشروع “نيوم” أعلن إقالته و تعيين المهندس نظمي النصر رئيساً تنفيذياً له.

صرح الدكتور کلاوس بعد أن تمت إقالته من منصبه، أن مشروع نيوم خطة فاشلة لا يزال محمد بن سلمان يلح على تنفيذها ولا يمكن أن يغمض عينيه عن الفساد المالي الموجود فيه.

من المخطط أن يصبح نيوم أحد أهم العواصم الاقتصادية والعلمية العالمية! ولكن كيف يمكن ذلك؟!

إن كلاً من مشروع نيوم ومشروع جسر الملك سلمان المسمى بمشروع جسر بري بين مصر والسعودية ومشروع السعودية الخضراء قد تم تخطيطه كمسرح إعلامي لمحمد بن سلمان لتعزيز قوته وإبعاد منافسيه عن الحكم ولا يهم تنفيذه أحداً بعد أن يصبح محمد بن سلمان ملكا للسعودية. حيث كشفت تقارير إعلامية عن توقف مشروع السعودية السياحي العملاق “نيوم”، وذلك بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها الرياض.

ومن المفارقات المثيرة للسخرية أن محمد بن سلمان صرح عام 2018 بأن “نيوم ريفيرا” البلدة الأولى ستكمل في 2020 وسينتقل إليها معظم الموظفين وسيكون لدينا بلدتان إلى ثلاثة كل عام. لكن في الواقع لم يتم إنجاز البلدة والمشاريع متعثرة، ولم يتم إكمال سوى القصور الملكية والمطارات الملحقة بها، فضلًا عن تهجير القرى وقتل عبدالرحيم الحويطي. وفي عام 2018 تغنى في معرض حديثه عن الازدياد الملحوظ في الاستثمار الأجنبي لكن تقرير لمجلة Forbes في يناير 2022 وصف الاستثمار الأجنبي في السعودية بأنه “يهبط إلى الأرض” مع الانخفاض الحاد في مؤشرات الاستثمار الأجنبي.

هذه التناقضات والوعود الكاذبة هي أمثلة فقط وهناك المزيد، ما يثبت سياسة محمد بن سلمان في بيع الوهم والوعود الكاذبة للشعب السعودي وأنه لا يصلح لقيادة المملكة مهما روّج له الإعلام ووصفه بـ “القائد والملهم”.

هل يتعلق مشروع نيوم بالشعب السعودي أم بالعائلة المالكة فقط؟!

يثبت إخراج الطوائف في تبوك أن هذا المشروع الوهمي يختص بآل سعود فقط وأقربائهم من اليهود والنصارى دون الشعب السعودي المضطهد. حيث تجاهل محمد بن سلمان حقوق العوائل والقبائل التي تسكن بمناطق مختلفة من محافظة تبوك مثل حقل والشرف والبدع والعصيلة وغيرها ممّن يسكن فيها كقبيلة بني عطية وقبيلة بلي وقبيلة جهنية وقبيله الشراعبه وقبيلة العمران وقبيلة عنزه وقبيلة الفحامين وقبيلة الفقراء حيث أجبر بن سلمان بعضهم لإخلاء بيوتهم لبدء عمليات المسح البيئي لتنفيذ مشروع نيوم واعتقلت الشرطة بعضهم ولا يزال مصيرهم مجهولا. و كان قد جاء في ما أمر لتنفيذه محمد بن سلمان بخصوص مشروع نيوم، أنه يجب أن يفرغ موقع مشروع نيوم من جميع الأسر والطوائف والقبائل الساكنة فيه إلى ما يمتد 10 كم مهما كلف الأمر.

وحسب ناشطين لم يكن أمام السكان سوى تسليم منازلهم ، وتركهم لديارهم سواء كان ذلك بالتراضي أو بالقوة كما حدث مع عبد الرحيم الحويطي. الذي أصبح اسمه من أكثر الأسماء تداولاً في محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي بعد نشره لمقطع فيديو على تويتر عبر فيه عن رفضه لترك داره وأرضه التاريخية ووصف الحكومة السعودية بـ “دولة الإرهاب” لإجباره بقوة السلاح على تسليم منزله لقوات الأمن استكمالاً لمتطلبات مشروع نيوم. وقد تمسك حتى اللحظة الأخيرة بموقفه ولم يخرج من منزله إلى أن أطلقت قوات الأمن الرصاص عليه وأردته قتيلاً مخلفاُ وراءه ولداُ وبنتين فيما وصفت الرياض العملية بالمداهمة!!

و في سياق آخر، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الثلاثاء 31 مايو/أيار 2022، أن موظفين أجانب في مشروع مدينة “نيوم” على ساحل البحر الأحمر بالسعودية قدموا استقالاتهم؛ بسبب أجواء العمل، وسوء سلوك مديري المشروع الذي يهدد الموظفين بشكل مستمر بالقتل. وأشارت الصحيفة إلى إن العديد من الموظفين “يهربون الآن مخذولين من ثقافة إدارية وصفها مديرون تنفيذيون بأنها في أسوأ أحوالها تصغّر من المغتربين، وتقدم مطالب غير واقعية، وتغض الطرف عن التمييز”.

ولنستذكر عندما كان محمد بن سلمان يتحدّث مع “بلومبيرغ” عن “نيوم”، كانت ساعات فقط قد مضت على تقطيع جمال خاشقجي، وقال في المقابلة إن جمال خرج من مبنى القنصلية (!). كل يوم يمضي يثبت لنا أن سفك الدم وبيع الوهم ركنا السياستين السعودية الداخلية الخارجية.

نيوم مشروع واعد بالبطالة

يتساءل مراقبون ماذا عن ملايين الوظائف التي وعد بتقديمها محمد بن سلمان للسعوديين منذ سنوات.

الواقع أنه بين عامي 2018 و2020 بلغ عدد الوظائف التي أعلن عن طرحها محمد بن سلمان أكثر من 6.5 ملايين وظيفة.

منها ثلاثة ملايين وظيفة في أعمال المستقبل، ومليون و600 ألف وظيفة في 4 قطاعات حيوية، و750 ألف وظيفة في قطاع الطاقة المتجددة، و300 ألف وظيفة في برنامج جودة الحياة، و132 ألف وظيفة في صندوق الاستثمارات العامة.

وتلك أرقام هائلة لم تتجاوز ثنايا الورق وتصريحات المسؤولين فقط، أما الواقع فهو غير ذلك تماما.

فالسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم واجهت عجزاً مالياً هائلاً غير مسبوق في عام 2020 بلغ أكثر من 79 مليار دولار.

وسجلت المملكة أعلى معدل بطالة في تاريخ البلاد منذ عقدين وصل لنحو 15.5%، وزادت قيمة الضريبية المضافة ثلاثة أضعاف لتغطية النفقات الضخمة للدولة.

نيوم مشروع لخدمة الكيان الصهيوني

في ظل العقبات الكبيرة والفشل الذريع في تنفيذ مشروع نيوم و اصرار محمد بن سلمان على تشييد المشروع في ظل افتقار السعودية للقدرات اللازمة قرّر ولي العهد، فتح باب الاستثمار أمام الشركات التكنولوجية والرقمية الإسرائيلية، مع إصراره على بقاء التعاون سريًّا حيث يتولى حاليا ثلاث شركات صهيونية مسؤولية المخططات الأمنية والمعلوماتية لنيوم. أيّ إنّ “إسرائيل ستكون بمثابة الركيزة الأساسية في قيام المدينة الذكية” التي ستصبح ـ نتيجة التغلغل الصهيوني فيها ـ أول مستعمرةٍ صهيونيةٍ في العالم العربي، وخصوصًا مع مرحلة التطبيع الجاري على قدم وساق.

أما على الصعيد الرقمي، فاستثمار الشركات الإسرائيلية في مشروع نيوم، سيتيح لها السيطرة والتحكم بمفاصل هذه المدينة، لكون جميع المعلومات ستصبّ في نهاية المطاف في قاعدة بيانات تُدار من قلب “إسرائيل” ما سيمنحها نفوذًا استخباريًا أمنيًا هائلًا.هذا وتقوم “إسرائيل” بإنشاء ميناء إيلات التجاري، وتحديث ميناء أشدود وعسقلان لتبدو مشاريعًا “مكمّلةً لنيوم”، باعتبارأنّ المنافع ستكون مشتركة نظرًا لقربها من الأسواق العالمية.

ويجاهر القادة الصهاينة، بثقة مفرطة، أن الاستعانة بخدماتهم التكنولوجية في مشروع نيوم تعدّ من مقومات نجاحه. ففي كلمة لها أمام مؤتمر JOURNEY السنوي للأعمال في تل أبيب، في تشرين الأول 2017، تحدّثت خضو الكنيسيت السابق عن حزب العمل، ومؤسسة صندوق رأس المال الاستثماري في JVP، إيريل مارغاليت، عن الفرص الاقتصادية لإسرائيل في مشروع المدينة الذكية.

وبناءً على هذه الوقائع والمعطيات، فإنّ “إسرائيل” ستكون حاضرة بقوة على المستوى الاستراتيجي في مشروع “نيوم”، والمقدّرة تكلفته بحوالي 500 مليار دولار؛ وهو يعدّ خطوة إضافيةً نحو المستقبل الإسرائيلي الذي بدأ يتكوّن مدفوعًا بالتطبيع المتسارع، ما سيفتح آفاقًا وأبوابًا لتل أبيب في تلك المنطقة، وسيعزّز مكانة “إسرائيل” ونفوذها، ويجعلها متسيّدة بكل معنى الكلمة، وفق معادلة “رابح رابح” على كل المستويات.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق