التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

رسائل وتداعيات لقاء طهران على الأكراد السوريين 

اختتم اجتماع طهران الثلاثي، الذي عقد مع التركيز على الأزمة السورية، أعماله بإصدار بيان ختامي. وهذا البيان الذي يتكون من 15 نقطة، تم التأكيد فيه على استمرار مسيرة التعاون بين الدول الثلاث في سوريا. وفي غضون ذلك، فإن أحد الفاعلين الذين يتابعون لقاء طهران ونتائجه بحساسية خاصة هم الأكراد السوريون، الذين شعروا في الأشهر الأخيرة بتهديد جولة جديدة من العمليات العسكرية للجيش التركي على المناطق الواقعة تحت سيطرتهم في شمال سوريا. ومنذ عام 2016، شارك الجيش التركي في عمليتين “درع الفرات” وعملية “غصن الزيتون”، على بعد أربعة آلاف كيلومتر من الأراضي السورية، بما في ذلك عفرين ومدن الباب، واعزاز، وجرابلس

ومن جهة أخرى، شنت أنقرة عملية عسكرية أطلق عليها اسم “نبع السلام” في شمال سوريا في 25 تشرين الأول / أكتوبر 2018 بهدف طرد المليشيات الكردية المعروفة بـ “قوات سوريا الديمقراطية” من منطقتي الرقة والحسكة الحدوديتين، ونتج عنها خسارة جزء آخر من مناطق سيطرة الأكراد. الآن، نظرًا لتشكيل الأزمة الأوكرانية وحاجة الغرب إلى تعاون تركيا في تعزيز حلف الناتو ضد روسيا، انتهز أردوغان الفرصة لمتابعة أهدافه التوسعية المعتادة في سوريا بهدف إثراء روسيا وإيران كحليفين لدمشق. وفي غضون ذلك، تضمنت النتائج المعلنة لمشاورات رؤساء الدول الثلاث الضامنة لمحادثات أستانا رسائل مختلفة لأكراد سوريا ستؤثر على أوضاعهم في عملية التطورات المستقبلية.

وعلى الرغم من أنه في البيان الختامي لاجتماع طهران، دون ذكر تركيا، تمت معارضة “إضعاف سيادة سوريا ووحدة أراضيها” وكذلك “الهجمات والتدخلات عبر الحدود”، لكن الهم الرئيسي لأكراد سوريا هو احتمالية تليين روسيا تجاه تركيا وذلك لأن هذه الاخيرة لم تؤيد العقوبات الغربية المناهضة لروسيا، وخاصة أن سياسة قرب الأكراد السوريين من الولايات المتحدة الأمريكية في شمال وشمال شرق هذا البلد جاء في وقت تصاعدت فيه حدة الخلافات بين القوى العظمى في الغرب والشرق.

لا شك أن اعتماد تركيا على الجولة الجديدة من عملياتها العسكرية في شمال سوريا مبني على اتفاقيات استانا واجتماع طهران، حيث تم التركيز في هذه اللقاءات على “محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره”، وسوف تستغل أنقرة طبيعة الميليشيات الكردية السورية، وحزب العمال الكردستاني والجماعات الإرهابية للقيام بهجمات شمال سوريا. وفي هذا الصدد، تنص إحدى فقرات بيان طهران على أن “الدول الثلاث أكدت مرة أخرى عزمها على مواصلة التعاون الحالي من أجل تدمير جميع الأفراد والجماعات والمنظمات والكيانات الإرهابية بشكل نهائي”.

يشار إلى أن الرئيس التركي، مساء الثلاثاء 28 تموز / يوليو، وصف القوات الكردية بـ “الإرهابيين” وقال: “يجب أن يكون واضحا للجميع أنه لا مكان للحركات الإرهابية الانفصالية وحلفائها في المنطقة”. وأكد مجددا: “سنواصل قريبا معركتنا ضد المنظمات الإرهابية”. تصريحات أردوغان جاءت بعد إصدار بيان اجتماع طهران مع “رفض أي مبادرات غير مشروعة للحكم الذاتي وتهديدات للأمن القومي لدول الجوار” وهي فقرة أخرى من البيان يمكن أن تتماشى مع مخاوف تركيا الأمنية من التطورات في شمال سوريا. لكن تأكيد اجتماع طهران على أمور مثل “الحاجة إلى حل سلمي للأزمة السورية” و “غياب الحل العسكري” ينتقد بشكل عام طبيعة خطط أنقرة العدائية لتصعيد الأزمة السورية.

وفي حالة التعليق هذه، ينبغي القول إنه بالنظر إلى أن أحد الأهداف الرئيسية لاجتماع طهران، مثل أجندات جميع الاجتماعات السابقة في أستانا، كان الحد من دائرة الصراع العسكري في الأزمة ومنع اندلاع حرب جديدة في البلاد. وأيضًا لأن موسكو، على الرغم من مشاركتها في الحرب في أوكرانيا، لا تطالب بأي شكل من الأشكال بفتح جبهة أخرى صعبة لجيش هذا البلد في الشرق الأوسط، ولهذا يمكن القول إن نتائج اجتماع طهران كانت مرضية للأكراد السوريين.

ضمان أمني في مجموعة التعاون مع دمشق

أثبتت التطورات في أوكرانيا وتخفيف الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، في مواجهة الجولة الجديدة من المغامرة العسكرية التركية في شمال سوريا، مرة أخرى أن واشنطن ليست حليفًا موثوقًا به ويمكن الاعتماد عليه لحماية الأكراد السوريين من بين الحين والآخر. وبينما عزز البيت الأبيض وجوده العسكري في المناطق الغنية بالنفط في شمال شرق سوريا في الأشهر الأخيرة، أظهرت تجربة السنوات الماضية أنه لا ينبغي للمرء الاعتماد على الوعود الأمريكية بالدعم، وخاصة مع انتهاء الأزمة. وفيما يتعلق بالتعامل مع الإرهاب، ركزت دمشق وحلفاؤها على استعادة السيطرة على الموارد النفطية ومواجهة الوجود الأجنبي غير الشرعي والعدواني في سوريا. ومن ناحية أخرى، فإن معارضة اجتماع طهران الواضحة لأي خطط انفصالية تحت عنوان الحكم الذاتي تُظهر أن المقامرة على وعود واشنطن تراهن على حصان أعرج لن يصل إلى وجهته أبدًا.

لذلك، في وضع يبدو أن كل الحلول للأكراد تنتهي مع الحكومة السورية، تشير الأنباء إلى أنه بوساطة روسية، تجري القوات الكردية السورية محادثات تنسيقية عسكرية وخطط دفاعية لمواجهة العمليات العسكرية لتركيا ولقد سيطر حلفاؤها في مناطق كوباني ومنبج على عين عيسى. وحسب بعض المصادر الاخبارية، فقد دخل وفد عسكري روسي إلى محافظة الحسكة، الثلاثاء الماضي، عبر مطار القامشلي للتحدث مع قوات سوريا الديمقراطية ومراجعة تنفيذ اتفاقاتها مع جيش هذا البلد. وفي غضون ذلك، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، انتشار قوات الجيش السوري في مدن عين عيسى شمال محافظة الرقة ومنبج وعين العرب (كوباني) شرق محافظة حلب.

كما أفاد موقع الوطن الإخباري بأن الجيش السوري يواصل إقامة وتعزيز مواقعه في ريف حلب الشمالي وريف حلب الشمالي الشرقي. وأعلنت الوكالة عن نقل تعزيزات مؤخرا إلى أطراف منبج في إطار خطة لإغلاق كل جبهات الحرب للتعامل مع أي “تعد” على تل رفعت ومنبج. كما أفادت الميادين بأن قوات الجيش السوري أقامت حواجز عسكرية على الخطوط الحدودية مع المجموعة الإرهابية المعروفة باسم الجيش الوطني السوري (المدعوم من تركيا).

وأشارت مصادر إعلامية مقربة من قوات قسد إلى أن تفاهمات جرت بين قسد والقيادة السورية لمواجهة الجيش التركي سمحت بموجبها قسد للقوات الحكومية بالدخول من معبر التايهة والتوجه الى ريف منبج. وحشدت القوات التركية وفصائل المعارضة الآلاف من قواتها في مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي وريفي الرقة والحسكة منذ منتصف الشهر الماضي، عقب تصريحات من الرئيس التركي ومسؤولين اتراك بأن بلادهم سوف تطلق عملية عسكرية للسيطرة على مناطق شمال سوريا بعمق 30 كيلومترا من المناطق التي تسيطر عليها قسد .

ولقد وصلت تعزيزات عسكرية تركية، الثلاثاء الماضي، إلى مناطق في شمال سوريا، تحضيرا للعملية المرتقبة، التي تتحدث عنها أنقرة منذ يونيو الماضي. ونقلت وسائل إعلام تركية، تأكيدها “دخول تعزيزات عسكرية تضم دبابات وعربات مدرعة باتجاه مدينتي الباب ومارع بريف حلب، في إطار الاستعدادات للعملية العسكرية”. وأدخلت القوات التركية “ناقلات جند ومدافع ثقيلة ودبابات ليلا إلى شمال سوريا عبر معبر باب السلامة”. ويذكر أيضا أنه في إطار الاستعدادات لبدء العملية العسكرية، أرسلت تركيا معدات لوجستية عسكرية إلى مناطق حدودية مع سوريا، ونصبت أنظمة تشويش على إشارات الطائرات المسيرة.

المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق