بعد خمسة عشر عاماً… الأمم المتحدة تنتصر لقطاع غزة المحاصر
بعد خمسة عشر عاماً من الحصار والخنق والقتل ببطئ لقطاع غزة خرجت الأمم المتحدة بدعوة رسمية لرفع الحصار عن القطاع وضمان في حرية حركة الأفراد والبضائع في كل الأراضي الفلسطينية المحتلّة، إضافة إلى المطالبة بوقف الاستيطان. هذه الدعوة أتت عبر قرارين صدرا عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بشأن التبعات الاقتصادية والاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني داخل سجن كبير محرومين من كل شيء، والقرار الأُممي يأتي على مبدأ أن تأتي متاخراً خير من ألّا تأتي أبداً.
حركة حماس رحبت على الفور بالموقف الأُممي، وأوضحت أن القرارين يؤكدان مُجدداً عدم شرعية هذا الاحتلال ومخططاته الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعت الحركة المجتمع الدولي، إلى تحمّل مسؤولياته والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع حصاره عن قطاع غزة، وإلزامه بوقف كل جرائمه الاستيطانية والتهويدية.
والقرار الأُممي حصل على تأييد ساحق ما عدا أربع دول وهي الولايات المتحدة وكندا وليبيريا وكيان الاحتلال الإسرائيلي، وامتنعت أربع أُخرى عن التصويت وهي ساحل العاج وغواتيمالا وجزر سليمان والمملكة المتحدة. ويحظى الشعب الفلسطيني بدعم دولي كبير في الوضع الراهن حتى وإن كانت قراراته غير ملزمة إلا أنها تؤكد مرة أخرى أن للفلسطينيين حق في هذه الأرض ويجب أن يأخذوه.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى في قطاع غزة فقد أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا أنها لا تزال تواجه أزمة مالية كبيرة تعصف بها نتيجة لتراجع الدعم الخارجي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود عالمياً خلال الأشهر الأخيرة بفعل الحرب في أوكرانيا، ما انعكس سلباً على الأمن الغذائي في قطاع غزة.
وحذرت المؤسسة الأُممية من التداعيات المترتبة على هذا الارتفاع، الأمر الذي من شأنه أن يمس بقدرتها على استمرارها في توزيع سلتها الغذائية بسهولة كما كان الأمر معتاداً نتيجة الزيادة المطّردة في الأسعار خلال الشهور الأخيرة.
الأونروا تعمل على استيراد المواد الغذائية من الخارج ثم تقوم بتوزيعها بناءً على دورات للاجئين الأشد فقراً، في الوقت الذي شهدت السلة الغذائية تراجعاً مقارنة بما كان يتم توزيعه من مواد قبل عدة عقود للمستفيدين من اللاجئين. والعجز في ميزانيتها يزيد على مئة مليون دولار، وهو أمر من شأنه التشويش على الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين في مختلف المجالات ويؤثر على صرف رواتب الموظفين أيضاً.
الأونروا أكدت أن الأزمات العالمية المتتالية تقوض قدرة الملايين من لاجئي فلسطين على تلبية حتى الاحتياجات اليومية البسيطة، حيث تصل معدلات الفقر إلى ثمانين في المئة، في ظل ارتفاع معدلات التضخم وأسعار المواد الغذائية بشكل كبير.
وتخشى المؤسسة الأُممية من تداعيات ارتفاع أسعار السلع في العالم، لكون الأمر يرفع الأعباء المالية عليها، ما يزيد من الفجوة المالية وصعوبة تغطيتها في ظل انشغال الدول المانحة بالتطورات الحاصلة على مستوى العالم.
ووفق الأونروا، فإن قرابة مليون ومئة واربعين ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين في القطاع يستفيدون من السلة الغذائية التي تقدمها بنسبة تقديرية تصل إلى ثمانين في المئة من اللاجئين في قطاع غزة وبنسبة تقدر بستين في المئة من إجمالي أعداد السكان في القطاع البالغ أعدادهم مليونين وثلاثمئة ألف نسمة.
سياسة الخنق والعزلة التي مارسها كيان الاحتلال ضد قطاع غزة أثبتت فشلها بشكل واضح وملموس وخصوصاً في ظل الحروب الأخيرة فقد أثبتت المقاومة الفلسطينية أنها تستطيع تطوير نفسها وقدراتها بما يتوافق مع معطيات المعركة وأن تطور صواريخها التي وصلت إلى عقر دار العدو الإسرائيلي وأرهقته وأربكته وفضحت عورته خلال معركة سيف القدس، وبالتالي مزاعم الاحتلال بأن الحصار هو لمنع المقاومة من تطوير نفسها.
الحقيقة أن الحصار كان لخنق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لعدة اسباب أبرزها حقد كيان الاحتلال على الفلسطينيين وخوفه المستمر منهم ومن مقاومتهم ومن إصرارهم على تحرير أراضيهم إضافة إلى أنه احتلال عنصري همجي مجرم، ثم أن هذا الحصار هو لخلق أزمة إنسانية فلسطينية في هذا القطاع من أجل إرباك المقاومة في الداخل قبل الخارج، وبات اثنان وستون في المئة من سكان القطاع بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، ووصل معدل العاطلين عن العمل خلال الربع الأول من العام الجاري إلى نحو خمسين في المئة، ووصل معدل البطالة بين الشباب إلى نحو ثلاثة وستين في المئة خلال هذا العام فقط، ولكن رغم هذه الظروف لا يزال الفلسطينيون في غزة يؤكدون إصرارهم على وقوفهم إلى جانب المقاومة حتى كسر الاحتلال والحصار وتحرير أراضيهم.
المصدر/ الوقت