التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

قراءة متأنية في تصريحات الأمين العام لحزب الله دفاعاً عن حقوق لبنان البحرية 

خلال السنوات الماضية، أدت عمليات التنقيب والحفر واستخراج الطاقة في البحر الأبيض المتوسط، ​​إلى اكتشاف حوالي 57 تريليون قدم مكعب من الطاقة في مصر وفلسطين المحتلة وقبرص، ويقدر أن الكمية الضخمة المتبقية من هذه الطاقة موجودة في لبنان وسوريا.

في السابق، قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية والاتحاد الأوروبي، أن هناك حوالي 122 تريليون قدم مكعب من الغاز والنفط في البحر الأبيض المتوسط. في غضون ذلك، تظهر المسوحات ثلاثية الأبعاد للدول الأوروبية في لبنان، أن كميات كبيرة من الطاقة الغازية موجودة في المياه الإقليمية لهذا البلد.

ثروة لبنان الكبيرة في البحر الأبيض المتوسط

وبناءً على ذلك، ناقشت العديد من الدراسات والمؤتمرات الدولية، إضافة إلى دور لبنان المهم في أسواق الطاقة العالمية، أهمية موقع لبنان وكمية الغاز المتوافرة لهذا البلد وكيفية نقلها إلى أوروبا.

كما تظهر المعلومات أن العالم سيعلم فيما بعد أن هناك تسعة حقول غاز في المياه الفلسطينية المحتلة، من حقل تمار للغاز، الذي تم اكتشافه عام 2009 باحتياطيات تقارب 8.4 تريليونات قدم مكعب، إلى ليفيتان، نوفا، مارين، داليت، دلفين، شمشون، طنين وكاريش، وهذه الحقول اللبنانية العشرة مهمة ولا يمكن مقارنتها بعضها البعض، لأن أصغر حقل غاز في لبنان به احتياطيات أكثر بكثير من أكبر حقل خاضع لسيطرة الكيان الصهيوني في المياه الفلسطينية المحتلة.

ثروة لبنان البحرية والمفتاح الذهبي للخروج من الأزمة الاقتصادية

في السياق نفسه، وبما أن الاقتصاد هو سر السياسة، فإن أمريكا والدول الغربية تحاولان استغلال الأزمة الاقتصادية والمعيشية في لبنان، لإجبار هذا البلد على الدخول في طريق التسوية مع الکيان الصهيوني، من أجل تسهيل عملية الاتفاق في ملف الخلاف الحدودي بين بيروت وفلسطين المحتلة.

من ناحية أخرى، تحاول هذه الأطراف الضغط على لبنان للتنازل عن جزء كبير من حقوقه في هذه المنطقة، حتى تتمكن إسرائيل من نهب الطاقة في مياه البحر الأبيض المتوسط ​​أكثر من ذي قبل.

في غضون ذلك، يرى المراقبون أنه إذا تحرك لبنان نحو استعادة حقوقه البحرية باللجوء إلى ورقة المقاومة، فستتحقق النتائج التالية:

1- إعادة ثقة العالم بالاقتصاد اللبناني.

2- فضح الاستعمار الاقتصادي الأمريكي ضد لبنان وكسر الحصار.

3- وقف انخفاض قيمة الليرة اللبنانية.

4- الاستثمار غير المشروط من قبل الشركات العالمية في قطاع الكهرباء في لبنان، ما سيوفر ما لا يقل عن 2 مليار دولار بشكل مباشر، و 4 مليارات دولار بشكل غير مباشر في تكاليف الكهرباء لهذا البلد. وإلى جانب ذلك، ليست هناك حاجة لأن يتواصل اللبنانيون مع الأجانب ويستسلموا للظروف غير المعقولة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات الأخرى التابعة للولايات المتحدة، لتوفير ساعات قليلة أخرى من الكهرباء فقط.

5- جذب الاستثمارات الأجنبية في البنية التحتية النفطية.

6- إمكانية إنشاء مركز تسييل وتصدير الغاز لأوروبا يبلغ دخله السنوي أكثر من 6 مليارات دولار.

7- إنشاء صندوق استثمار نفطي وطرح حصص للمشاركة فيه، مما يدلّ على عامل الثقة في الاستثمار في البنية التحتية والموانئ والسياحة والقطاع الطبي والتعليمي في لبنان، وإلخ. وهذا يؤدي إلى عائدات يمكن للحكومة ومصرف لبنان المركزي من خلالها إعادة جميع ودائع المواطنين اللبنانيين إليهم.

لكن إضافة إلى الفوائد الاقتصادية لاستعادة الحقوق البحرية للبنان، فإن ذلك سيساعد أيضًا على تعزيز قوة وسيادة هذا البلد، ويمكن للبنانيين أن يجدوا مكانًا آمنًا لأنفسهم في المنطقة من خلال الوقوف في وجه الضغوط الأمريكية والغربية، والتحرر من الاعتماد على الأجانب على مختلف المستويات إلى حد كبير.

كيف دخل السيد حسن نصرالله مباشرةً إلى خط الدفاع عن حقوق لبنان البحرية؟

وهکذا، يمكن للمرء أن يفهم سبب إصرار المقاومة على استعادة حقوق لبنان البحرية وثروته بأي ثمن، وسبب دخول السيد “حسن نصر الله”، الأمين العام لحزب الله، شخصيًا إلى هذه الساحة، ورسمه معادلات غير مسبوقة في قضية الخلاف الحدودي بين لبنان والکيان الصهيوني.

معادلة السيد حسن نصرالله الأولى في هذا السياق تم الإعلان عنها قبل أسبوعين. حيث حذر الصهاينة من استمرار عدوانهم في المنطقة البحرية المتنازع عليها مع لبنان، وقال: “سجلوا هذه المعادلة “كاريش وما بعد كاريش وما بعد بعد كاريش”. نحن نراقب جميع حقول النفط والآبار والمنصات على طول الحدود الفلسطينية”.

تظهر هذه المعادلة أنه إذا استمرت الأعمال الاستفزازية للکيان الصهيوني في المنطقة المتنازع عليها، فإن الصهاينة هذه المرة لن يتلقوا الردّ من حزب الله في البحر وحول ميدان کاريش فقط، بل عليهم انتظار صواريخ المقاومة الدقيقة التي تستهدف كل فلسطين المحتلة.

وبعد أيام قليلة، کرَّر السيد حسن نصر الله في خطابه الأسبوع الماضي بمناسبة اقتراب شهر محرم، تحذيراته السابقة لأمريكا وإسرائيل في قضية الخلاف الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة، راسماً معادلةً جديدةً بعنوان “إذا لم يستطع لبنان الوصول إلی حقه، فلن يُسمح لإسرائيل باستخراج الطاقة بأي شكل من الأشكال وفي أي مكان”.

قراءة في التصريحات الجديدة للسيد حسن نصرالله حول ترسيم الحدود البحرية للبنان

لكن مساء الاثنين، خلال المقابلة التي أجرتها قناة الميادين مع السيد حسن نصر الله، استغل السيد هذه الفرصة مرةً أخرى لرسم معادلات جديدة ضد الولايات المتحدة والکيان الصهيوني، وخصص قسطاً كبيراً من حديثه لقضية ترسيم الحدود البحرية.

وفي هذا الصدد، تناول الأمين العام لحزب الله أولاً أزمة الطاقة في العالم الناجمة عن تداعيات الحرب بين أوكرانيا وروسيا، وزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة لإيجاد مصدر للطاقة بديل عن الغاز الروسي.

وأشار إلى أن كمية النفط التي يمكن أن تنتجها السعودية والإمارات لا تلبي احتياجات الغرب، وفي غضون ذلك تحاول إسرائيل استغلال هذه الفرصة لتصدير الطاقة من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى أوروبا.

جميع المواقع الإسرائيلية في مرمى صواريخ حزب الله

لكن ربما تكون نقطة التحول في كلام الأمين العام لحزب الله في الجملة التي قال فيها: “لا يوجد موقع لإسرائيل في البر أو البحر ليس في مرمى صواريخ حزب الله”.

وفي الوقت نفسه، أكد السيد حسن نصرالله “أننا لا نبحث عن حرب، لكننا لا نخاف منها، والآن هدف المقاومة هو استعادة حقوق لبنان، وهي ستفعل كل ما يلزم لتحقيق هذا الهدف، ولن تتراجع أبدًا.”

كما أعلن الأمين العام لحزب الله أن الحكومة الأمريكية برئاسة بايدن لا تبحث عن أي حرب في المنطقة في ظل الأزمات التي تعيشها، ويمكن للبنان أن ينتهز هذه الفرصة للضغط على الکيان الإسرائيلي للدفاع عن حقوقه. من ناحية أخرى، حذر من أنه في حال اندلاع حرب ثالثة بين حزب الله وإسرائيل، فليس من الواضح أن هذه الحرب ستبقى بين الطرفين فقط.

من خلال إعادة قراءة هذا الجزء من تصريحات الأمين العام لحزب الله، يمكننا أن نرى أنه هدد الکيان الإسرائيلي بشكل غير مباشر بحرب إقليمية. حيث إنه إذا كان الکيان لا ينوي الانسحاب من الثروات المدفونة في المنطقة المتنازع عليها، أولاً، سينفذ حزب الله تهديده العسكري، وثانيًا، قد تؤدي مواجهة جديدة بين المقاومة اللبنانية والجيش الصهيوني إلى حرب إقليمية. حربٌ تضع فيها كل فصائل المقاومة في المنطقة إسرائيل في حصار شامل، وهذا ما يخشاه الصهاينة.

من جهة أخرى، فإن کلام السيد حسن نصر الله بأن بايدن لا يريد حربًا في المنطقة، يشکل تحذيراً جديداً لتل أبيب. على أساس أنه في حال نشوب صراع عسكري بين الکيان الصهيوني وحزب الله، لن تتمكن أمريكا والدول الغربية من دعم إسرائيل في ظل تحديات مثل الحرب في أوكرانيا وتداعياتها السلبية على المستوى العالمي، وخاصةً في أوروبا.

تهديدات السيد حسن نصرالله وارتباك أمريكا والکيان الإسرائيلي

کذلك، يتضح من تصريحات السيد حسن نصر الله، أنه لا يسعى إلى إيصال الحلول المدنية لحل قضية الخلاف الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة إلی طريق مسدود، بل وفقًا لقاعدة أساسية ثابتة، أظهر السيد أن حزب الله يدعم بشكل أساسي الحكومة في ملف ترسيم الحدود البحرية، لكن في الوقت نفسه، إذا كانت إسرائيل تعتزم استكشاف واستخراج الطاقة في المنطقة المتنازع عليها، فلن تصمت المقاومة ولن تتردد للحظة في الرد على الکيان.

من ناحية أخرى، في السابق ربما يكون الجانب الصهيوني والأمريكي قد أجروا تقييماً خاطئاً لمعادلة الصراع مع حزب الله، وتصوروا أن الوضع الفوضوي في لبنان اقتصادياً ومالياً يمكن أن يحد من المقاومة. لكن حسب كلام السيد حسن نصر الله، يؤكد حزب الله استعداده للرد على اعتداء الکيان الصهيوني في المنطقة البحرية، من أجل التعامل مع نفس هذا الوضع الفوضوي في لبنان، وإذا أخطأ الکيان في هذا الصدد، فسيتعين عليه دفع ثمن باهظ.

لقد حدَّد السيد حسن نصر الله مواقف حزب الله الحاسمة ضد أي محاولات من قبل أعداء لبنان للضغط على المقاومة في ملف الخلاف الحدودي، وأعطى الأولوية لتحقيق رغبات الشعب اللبناني والدفاع عن سيادة وحقوق هذا البلد، وأثبت أن المقاومة إذا توصل إلی أن السبيل الوحيد لتحقيق هذا الهدف هو الذهاب إلى الحرب، فلن تتردد في ذلك.

في غضون ذلك، يعرف الإسرائيليون أنفسهم جيدًا أن السيد حسن نصر الله لن يتحدث أبدًا عن الخيار العسكري إذا لم يكن متأكدًا من النصر. وفي هذا السياق، يبدو أن السيد حسن نصر الله يثق ثقةً كاملةً في قدرات حزب الله، ويعرف أن الکيان الصهيوني لا يستطيع أن يتنبأ بالمفاجآت التي تخبئها المقاومة.

ولهذا السبب، من ناحية، نرى أن السلطات الصهيونية تلجأ إلى الدول الأوروبية وتطالب الغرب باتخاذ موقف حيال تهديدات السيد حسن نصر الله، وسط عجزها التام عن مواجهة حزب الله، ومن ناحية أخرى خطط “عاموس هوكشتاين” المبعوث الأمريكي الذي يلعب دور الوسيط في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، للسفر إلى بيروت على عجل، بينما کان من قبل يفضِّل نقل رسائله إلى السلطات اللبنانية عبر السفيرة الأميركية في بيروت.

في الختام، النقطة المؤكدة هي أن الأمريكيين والإسرائيليين يعرفون أنهم إذا كانوا يعتزمون انتهاك حقوق لبنان في ملف ترسيم الحدود البحرية وتقديم حل لا يلبي مطالب لبنان، فسيتعين على المقاومة تنفيذ رسائلها التحذيرية للکيان الإسرائيلي.

وهذه المرة، لن يقتصر رد فعل حزب الله على عمليات مثل تحليق طائراته المسيرة فوق ميدان کاريش في المنطقة المتنازع عليها، بل سيناريوهات أكثر خطورةً وألماً تنتظر الإسرائيليين.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق