مأساة مليلية.. نتيجة حتمية للهجرة أم تجاوزات مقصودة
قالت صحيفة ‘‘لوموند’’ الفرنسية إنه بعد أكثر من شهر من مأساة وفاة ما لا يقل عن 23 مهاجراً على الحدود مع الجيب الإسباني والتي أثارت استياء دوليا، يتم تقاذف المسؤولية.
وأوضحت الصحيفة أن إسبانيا تتهم “المافيات المتورطة في الاتجار بالبشر” بتدبير “الاعتداء”. وينتقد المغرب “أساليب المهاجرين العنيفة للغاية” و “التراخي المتعمد” للجزائر في مراقبة الحدود، بينما تستنكر المنظمات غير الحكومية وحشية قوات الأمن وتطالب بإجراء تحقيق مستقل لفهم ما حدث، والذي كان يمكن أن يؤدي إلى مثل هذه الخسائر البشرية.
ففي المغرب – تضيف الصحيفة – نُشر تقريران هذا الشهر، قدما نسختين متباينتين من الحقائق. حيث خلص تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي نُشر في 13 يوليو / تموز، إلى أن هناك 23 حالة وفاة “بالاختناق” – بانتظار تأكيد التشريح – عندما “تجمع” المهاجرون في معبر باريو تشينو الحدودي.
وفي هذا الممر الضيق، المجهز في نهايته بأبواب دوارة للحد من تدفق الدخول والخروج، حدث “تدافع” مع حركة حشد في حالة من الذعر، حسب المجلس، الذي تأسف لاستمرار بقاء المعبر الحدودي مغلقا من الجانب الإسباني.
وبينما شجبت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والمنظمات غير الحكومية “الاستخدام المفرط للقوة” من قبل الشرطة، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يبرئهم. وبعد أسبوع، نددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على العكس من ذلك، في تقرير حاد، بـ “قمع غير مسبوق من قبل السلطات المغربية بتواطؤ من نظرائها الإسبان”.
وأحصت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان 27 قتيلا و64 في عداد المفقودين. وقالت إنه “إذا كانت سياسات الهجرة الأوروبية والإسبانية والمغربية قد تسببت دائمًا في حدوث وفيات على طرق الهجرة في البحر، فهذه هي المرة الأولى التي تكون فيها هذه السياسات نفسها التي تم دفعها إلى أقصى الحدود مميتة على حاجز بري” وتستنكر المنظمة غير الحكومية مرة أخرى قمع 24 يونيو/ حزيران الماضي، وتربطه بالمصالحة بين إسبانيا والمغرب، التي تمت في أبريل/ نيسان الماضي، وذلك بعد عام من القطيعة، واستئناف تعاونهما في شؤون الهجرة.
وفي المجال القضائي، أعلن مكتب المدعي العام الإسباني في نهاية حزيران / يونيو أنه طلب فتح تحقيق في ضوء “خطورة الأحداث التي وقعت”. وفي المغرب، حُكم على 33 مهاجرا في 19 من يوليو في الناظور بالسجن 11 شهرا. وقد حوكموا بتهمة “الدخول غير القانوني” إلى الأراضي المغربية، و”العنف ضد ضباط إنفاذ القانون”، و “الحشد المسلح” و “رفض الامتثال”. وتجري محاكمة مجموعة ثانية مؤلفة من 29 مهاجرا بتهمة “المشاركة في عصابة إجرامية لتنظيم وتسهيل الهجرة غير الشرعية إلى الخارج”. ومن المقرر أن تجري محاكمتهم في الثالث من شهر أغسطس/ آب المقبل.
وتشهد السياجات الحدودية لمدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين لسيطرة إسبانيا، محاولات متتالية للاقتحام من طرف مغاربة وأفارقة من جنوب الصحراء، وينتج عن التدخلات الأمنية لمنع تلك المحاولات، وقوع قتلى وإصابات، كان آخرها ما عرفه الشريط الحدودي مع مدينة مليلية في يوم “الجمعة الأسود” 24 يونيو (حزيران) الماضي، حيث نتج عن تدخل قوات الأمن المغربية والإسبانية، عندما حاول ألفا مهاجر أفريقي اقتحام السياج الحدودي، وفاة 30 مهاجراً. وتعليقاً على ما جرى، قال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إن “مسألة انتهاك حقوق الإنسان في مأساة مليلية التي راح ضحيتها نحو 30 مهاجراً في 24 يونيو، يجب أن تثار في الرباط، وعلى حكومة المغرب الإجابة عن مدى احترام حقوق الإنسان”.
من جانبه، قال سفير ساحل العاج لدى المغرب، إدريسا تراوري، “نشجب هذه المأساة، ويجب القول إن للمغرب سياسة هجرة يقدرها الجميع. يجب نبذ العنف واعتماد مبدأ الحوار”، مضيفاً، “أعتقد أن السلطات المغربية تبذل جهداً لاحتواء كل ما يمكن أن يشكل عنفاً. نأسف لموت المهاجرين الأفارقة لكنهم تجاوزوا الخطوط الحمراء”.
وقالت وسائل إعلام مغربية إن منظمة تسمى رابطة المواطنة وحقوق الإنسان التابعة للنظام المغربي رفعت دعوى قضائية ضد الحقوقي والوزير السابق محمد زيان، بعد كشفه العدد الحقيقي لضحايا مذبحة مليلية من المهاجرين الأفارقة.
ونقلت المنظمة إن سبب هذه الدعوى أن زيان اصطف مع أعداء المملكة، وقدم تصريحات خيالية حول مأساة المهاجرين، دون مراعاة وضعه كوزير سابق.
وكشف زيان، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن أكثر من 100 أفريقي قتلوا في الحدود مع مليلية، بدل رقم 23 الذي أعلنته السلطات.
وتابع قائلا: “هذه كارثة عظمى بينت أن السياسة الرسمية للمغرب مبنية على القمع ثم القمع لأنه لا حل آخر لديها غير القمع”.
وهذه المنظمة المغربية المعروفة بقربها من النظام الحاكم وخاصة جهاز المخابرات، لم تصدر سابقا أي موقف يدين مجزرة المهاجرين، لكنها سارعت لمهاجمة زيان بسبب تصريحاته.
المصدر/ الوقت