التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

الاحتلال واختطاف الاطفال.. كيف تتعامل تل أبيب مع الأطفال الفلسطينيين 

اعتباراً من يوم الجمعة الموافق 5 آب / أغسطس، عندما بدأت هجمات النظام الصهيوني على قطاع غزة، وحتى الساعة 11:30 من مساء يوم الأحد الموافق 7 آب / أغسطس، أعلن هذا النظام وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وقف إطلاق النار على الأقل، استشهد 43 فلسطينيا، بينهم عدد من الأطفال. وفي أعقاب هجمات النظام الصهيوني على قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من 2 مليون و 300 ألف فلسطيني، نشبت موجة من ردود الفعل في مختلف دول العالم، بما في ذلك العراق وقطر وسوريا وباكستان وتركيا وإيران وأفغانستان، حيث بدؤوا بإدانة غزو النظام الصهيوني لغزة وقتله مجموعة من الفلسطينيين.

وعلى الرغم من أن الضربات الجوية للنظام الصهيوني قوبلت برد فعل سريع وقوي من حركة الجهاد الإسلامي وأمطرت الصواريخ على مستوطنات الكيان الصهيوني، إلا أن تل أبيب لفتت انتباه العالم مرة أخرى حيث تعمدت قتل المدنيين الفلسطينيين، وخاصة الأطفال. وهذه الاحداث تتكرر دائما وسط صمت الحكومات الغربية وخاصة الولايات المتحدة كطالبين بمحاربة الارهاب ودعم حقوق الانسان. هذا بينما يعد استهداف المدنيين انتهاكًا واضحًا للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة وجميع المعاهدات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان. لذلك انتقد المتحدث باسم وزارة خارجية إيران “ناصر كناني”، يوم الأحد الماضي، صمت المجتمع الدولي ضد استهداف المدنيين والأطفال الفلسطينيين.

أكثر من 3000 طفل فلسطيني هم ضحايا جرائم النظام الصهيوني

قبل أيام، أدى نشر صور الطفلة “آلاء قدوم” البالغة من العمر خمس سنوات التي استشهدت خلال قصف قطاع غزة، فيما كان يفترض أن تستمتع بذكرياتها في رياض الأطفال وألعاب الطفولة، بموجة من الاحتجاجات ضد جرائم الكيان الصهيوني. “آلاء” هي واحدة فقط من آلاف الأطفال الذين سقطوا ضحايا الهجمات في تل أبيب خلال سبعة عقود من احتلال النظام الصهيوني. هذا على الرغم من أن النظام يضع قتل الأطفال ضمن أهدافه الأولى في كل عدوان على قطاع غزة، حيث إنه في حرب مايو 2021، كان من بين 232 شهيدًا فلسطينيًا، 65 منهم أطفال.

وتنشر وزارة الإعلام في السلطة الفلسطينية دائمًا إحصاءات حول الأطفال الذين استشهدوا نتيجة اعتداءات النظام؛ إحصائية تتزايد باستمرار بعد انتفاضة الأقصى عام 2000 وحتى اليوم. وبمناسبة يوم الطفل الفلسطيني (5 نيسان / أبريل 2020)، نشرت الوزارة إحصائيات استشهد وجرح خلالها آلاف الأطفال الفلسطينيين خلال العشرين عامًا الماضية. وحسب التقرير سالف الذكر فإن قوات الاحتلال تواصل اعتداءاتها على الأطفال الفلسطينيين، ومنذ بداية تظاهرة الأقصى بتاريخ 28/9/2000 م وحتى نهاية أكتوبر / تشرين الأول 2019 استشهد أكثر من ثلاثة آلاف طفل وجرح عشرات الآلاف من الأطفال الآخرين. وحسب هذه الإحصائيات، فمنذ 16 كانون الأول / ديسمبر 2016، عندما أطلق الرئيس الأمريكي المتشدد “دونالد ترامب” على القدس عاصمة النظام الصهيوني، وحتى نهاية عام 2019، استشهد 114 طفلا فلسطينيا وأصيب آلاف آخرون.

12 ألف طفل مسجونون في سجون الاحتلال

الاعتقال والسجن والتعذيب والإذلال هي انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان ترتكب بحق الأطفال الفلسطينيين. وفي عام 2016، أعلنت وزارة الإعلام الفلسطينية في تقرير لها، أنه منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، اعتقل النظام الصهيوني 12 ألف طفل فلسطيني، ولا يزال 420 منهم في سجون النظام الصهيوني. 95٪ من هؤلاء الأطفال الفلسطينيين تعرضوا للإهانة والتعذيب أثناء الاعتقال. وفي المجموع، يعتقل النظام الصهيوني ما بين 700 و 1000 طفل فلسطيني كل عام.

كتاب “الطفل المخطوف” من تأليف ثلاثة مؤلفين أوروبيين وعرب ويهود، يرسم صورة واضحة لأوضاع الأطفال المظلومين. وهذا الكتاب يتناول عملية الاعتقالات والجرائم التي يرتكبها النظام الصهيوني بحق أطفال فلسطينيين أبرياء، وبعبارة أخرى، يعتبر هذا الكتاب بمثابة رواية معاناة الأطفال الفلسطينيين الأسرى. ويتعرض جميع الأطفال الفلسطينيين المسجونين في سجون ومعتقلات النظام تقريبًا لأقسى أساليب المعاملة العنيفة، بما في ذلك التعذيب الجسدي والنفسي الممنهج، منذ لحظة اعتقالهم. ويمارس التعذيب كجزء أكبر من العنف الاجتماعي؛ العنف الذي يسبب رعبًا نفسيًا يتجاوز بكثير الإصابات الجسدية.

وفيما يتعلق بخطورة الإصابات النفسية على الأطفال الفلسطينيين، ذكرت مجلة “Frontiers in Psychiatry” (Frontiers in Psychiatry) في الاستطلاعات التي نشرت نتائجها عام 2020، أن ما يقرب من 90٪ من الأطفال والمراهقين الفلسطينيين في قطاع غزة يعانون من مشاكل جسدية، كما يعاني أكثر من 80٪ منهم من إصابات نفسية.

حقوق الإنسان في ظل الأولويات السياسية والاقتصادية

في السنوات الأخيرة، التزمت المنظمات والجمعيات والمؤسسات الدولية لحقوق الإنسان الصمت وعدم اتخاذ أي إجراء بدلاً من القيام بمهمتها في مواجهة الجرائم الصهيونية. وفي الوقت نفسه، أغمض بعض العملاء العرب في المنطقة أعينهم عن جرائم هذا النظام أملاً في تطبيع العلاقات مع الصهاينة. وهو وضع يضرب بجذوره أكثر من أي عامل آخر في المصالح السياسية والاقتصادية لهذه الجهات الفاعلة. وفي عصر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لا يخفى على أحد أن الغربيين ليسوا فقط رموزًا لحماية حقوق الإنسان، بل على العكس، هم المؤسسون والأسباب الرئيسية للأزمات، وحقوق الإنسان مجرد أداة تبرير لخدمتهم في أجزاء مختلفة من العالم.

ولقد أظهرت الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية وفلسطين المحتلة بوضوح أهمية المصالح الاقتصادية على قضايا حقوق الإنسان. “بايدن”، الذي لطالما اعتبر ولي العهد هو قاتل “جمال خاشقجي”، الصحفي السعودي الناقد، تواصل مع آل سعود، وخاصة بن سلمان نفسه، للتخلص من أزمة الطاقة. كما أشارت رحلة بايدن إلى فلسطين المحتلة عن استخفافه بالمستوطنات وقتل النظام الصهيوني للشعب الفلسطيني الأبرياء. أمريكا ليست الوحيدة التي تتعامل مع منتهكي حقوق الإنسان بينما تدعي حماية حقوق الإنسان. كما أن الحلفاء الأوروبيين لهذا البلد لديهم أداء الأمريكيين نفسه، ومن الأمثلة على ذلك زيارة رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون إلى المملكة العربية السعودية في مارس من العام الماضي. حيث إنه ذهب إلى الرياض لشراء النفط بعد أيام قليلة من إعدام 81 منتقداً سعودياً على يد آل سعود.

المفارقة المريرة للقصة كانت ذريعة جونسون لرحلته إلى المملكة العربية السعودية، قائلاً إن “العلاقات مع هذا البلد مهمة للغاية ويمكن أن توفر الأساس لإثارة قضايا حقوق الإنسان”. نفس التبرير الذي لجأ إليه بايدن وحاول أن يجعل رحلته، التي تم إجراؤها في اتجاه تأمين الفوائد الاقتصادية والطاقة، تبدو مرتبطة بحقوق الإنسان. ويمكن النظر إلى السلوك المزدوج للغربيين في نوع تمثيل الوسائط المزدوجة، أنه منذ بداية عملية بوتين العسكرية على أوكرانيا، تم توفير تغطية خاصة للأزمة الأوكرانية. وفي الأيام الأولى، أصمت صرخة وسائل الإعلام الغربية آذان العالم لتظهر للجميع أن هناك كارثة إنسانية كبيرة تحدث في هذا البلد. ولقد شنوا حربًا إعلامية موحدة ومنسقة ضد موسكو، من خلال إظهار روسيا على أنها المعتدية. والغريب في الامر أن هذه الضوضاء الاعلامية الغربية قامت بتجاهل الأزمة في اليمن على نطاق واسع. في الواقع، لقد حدثت أكبر أزمة إنسانية في العالم في اليمن في السنوات منذ 2015 وحتى الان، بعد بدء الهجمات الجوية والبرية من قبل التحالف العربي الذي تقوده السعودية، لكن وسائل الإعلام الغربية التزمت الصمت إلى حد كبير بشأن تصويرها المخادع للأزمة.

وخلاصة القول إن أعين السلطات الأمريكية والأوروبية المغلقة على قتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، وخاصة أطفال هذا البلد الذي مزقته الحرب، وكذلك الإبادة الجماعية وقتل الأطفال التي حدثت في العراق وسوريا واليمن، تتحدث عن المعايير المزدوجة لحقوق الإنسان للغربيين ويظهر أن بين شعارات وأفعال المدعين بحقوق الإنسان مسافة أميال.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق