التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

هل تركت حماس الجهاد الإسلامي وحيداً في ساحة المعرکة 

في عام 2016، كشف المرحوم رمضان عبد الله شلح، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي آنذاك، في مؤتمر عقد لإحياء الذكرى التاسعة والعشرين لتأسيس هذه الحركة والذكرى السنوية لاغتيال الشهيد فتحي الشقاقي، عن خطة ذات عشرة بنود.

وتسببت هذه الخطة المهمة فيما بعد في تغيير هيكل وتنظيم المقاومة الإسلامية في فلسطين، وكان لها تأثير كبير على التطورات المستقبلية.

طالب الدکتور عبد الله في هذه الخطة منظمة التحرير الفلسطينية بسحب الاعتراف بالکيان الصهيوني، وتمزيق اتفاقية أوسلو.

في ذلك الوقت، ومن أجل المضي قدمًا في خطة التسوية، حاول القادة العرب اعتبار هذه المجموعة الممثل القانوني الوحيد للشعب الفلسطيني، من خلال تقديم المساعدة المالية لمنظمة التحرير الفلسطينية. لکن مبادرة الجهاد الإسلامي أحبطت هذه المؤامرة، وبإعلان خطتي “التحرير الوطني” و”إحياء المقاومة”، بدأت مقدمات الانتفاضة الثالثة.

يشار إلى أن خطة الجهاد الإسلامي العشرية قوبلت برد فعل إيجابي للغاية من حماس. وكان قبول الفصائل الفلسطينية الفاعلة لخطة عبد الله رمضان علامةً على دخول هذا التنظيم، إضافة إلى المواجهة الميدانية ضد العدو، إلى المرحلة السياسية حيث يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في المعادلات.

من خلال حمل سلاح المقاومة بيد واعتماد سياسة إيجابية من جهة أخرى، أظهرت حركة الجهاد الإسلامي حينها أنها وصلت إلى النضج النهائي، وأنها مستعدة للازدهار.

حتى وجود الجهاد الإسلامي في السياسة الداخلية لفلسطين، كان يعتبر نموذجًا مهمًا للمقاومة الفلسطينية. حتى ذلك الحين، اعتقد الكثيرون أنه إذا دخلت فصائل المقاومة في السياسة، فإنها ستفقد تدريجياً خصائصها الأصلية في المعادلات. غير أن الجهاد الإسلامي أثبتت خطأ هذه الفرضية، وأثارت الدوافع السياسية والعسكرية بين الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس.

في ذلك الوقت، تردد أن الشهيد اللواء الحاج قاسم سليماني، وفي اتصال مع قياديي الجهاد وحماس، قدّر إرساء موقف مشترك بينهما، وأعلن استعداد طهران لدعم المقاومة الفلسطينية. وفي تلك الفترة، تمكنت حركة الجهاد الإسلامي من إحياء حماس.

في فترة وجيزة، ازداد الارتباط الاستراتيجي بين حماس والجهاد. إلى حد أنه في عام 2019، عندما دمر الکيان الصهيوني مناطق سكنية في “صور باهر” في عملية وحشية، اتخذت حركتا الجهاد وحماس موقفًا رسميًا ضد محمود عباس في بيان مشترك، وطالبتا بتشكيل حكومة وحدة وطنية.

بلغ التقارب بين فصائل المقاومة ذروته بعد التوقيع علی اتفاقيات “سلام أبراهام”، وبعد أن كشف ترامب عن صفقة القرن، عقدت حماس والجهاد اجتماعين في رام الله وبيروت لبحث الإجراءات العملية في التعامل مع الکيان الإسرائيلي.

منذ الأسبوع الماضي، كانت هناك همسات حول احتمال تصاعد التوتر وحتى احتمال نشوب صراع بين الکيان الصهيوني وقوات الجهاد الإسلامي. وازدادت الحالة خطورةً عندما ألقت قوات الاحتلال القبض على الشيخ بسام السعدي، أحد كبار قادة حركة الجهاد الإسلامي، بهجوم ليلي على مدينة جنين في قلب الضفة الغربية.

كان من أهم الأسئلة خلال هذه الحرب التي استمرت ثلاثة أيام، أنه لماذا لم تدخل حماس، كحليف استراتيجي للجهاد، إلى الميدان ولم توسع نطاق العمليات؟

بعد انتهاء الحرب، حاولت وسائل الإعلام المقربة من الکيان الصهيوني خلق مسافة سياسية بين فصائل المقاومة لمصلحة محمود عباس، من خلال التلميح إلى أن حماس تخلت عن الجهاد الإسلامي في ساحة المعرکة. وبالطبع، هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها الصهاينة مثل هذه التلميحات.

منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، عندما اغتال الجيش الصهيوني أبو العطا أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي في غزة مع زوجته، وفي هجوم آخر استهدف منزل أكرم العجوري، قيادي آخر لهذه الحركة، في دمشق، ردّت الجهاد الإسلامي بقوة بالصواريخ والقذائف وجعلت مناطق في الأراضي المحتلة غير آمنة للغاية للمستوطنين.

بعد هذا العمل الفخور، زعمت صحيفة جيروزاليم بوست أن حماس لم تدعم الجهاد في الحرب، وهذا دليل على المنافسة السياسية في غزة، وذلك بهدف إحداث انقسام بين فصائل المقاومة!

بالطبع، بعد مرور بعض الوقت، في عملية سيف القدس، أطلقت الجهاد وحماس أكثر من 4000 صاروخ على رؤوس الصهاينة في أكبر عملية استباقية، وإضافة إلى إفشال مؤامرات الکيان الإسرائيلي، وضعوا هذا الکيان في مرحلة الهجرة العكسية.

يجب تحليل وتفسير العملية الأخيرة للجهاد الإسلامي ضد الصهاينة في الاتجاه نفسه، فقد أظهر مستوى عمليات الجهاد الإسلامي انتهاء فترة “اضرب واهرب”، واختلال التوازن الأمني ​​السابق في المناطق المحتلة. من ناحية أخرى، وصلت المقاومة إلى مستوى من المقدرة يمكن أن تركع الكيان الصهيوني على ركبتيه دون استخدام كل إمكانياتها.

کما أظهر تنفيذ هذه العملية الرائعة والناجحة من قبل الطلاب السابقين في الجامعة الإسلامية في غزة(الجهاد الإسلامي)، أن نطاق المقاومة قد اتسع ومستوى هشاشة الکيان قد تزايد.

إن العملية أحادية الجانب من قبل حركة الجهاد الإسلامي، تظهر ظروفاً جديدةً للمقاومة في المنطقة، وبينما لا تتسع ملاجئ المناطق المحتلة سوی لمليوني نسمة، يواجه الکيان الصهيوني تحدي استيعاب 5 ملايين نازح، وستزيد هذه المسألة قريباً من مستوى التوترات السياسية في الکيان الإسرائيلي.

من جهة أخرى، اضطر الكيان الصهيوني إلى إنهاء الحرب بقبول شروط الجانب الفلسطيني مثل عملية سيف القدس، وهذا الوضع في المستقبل سيجعل كل فصائل المقاومة تحتفظ بحق الرد في كل مرة يتم فيها إجراء، مثل قضية الشيخ جراح أو اعتقال قيادات المقاومة.

يحاول الكيان الصهيوني هذه الأيام إعادة تعريف معادلة الردع لنفسه، من خلال إثارة الانقسام بين فصائل المقاومة. ويعلم هذا الکيان جيداً أنه كلما زاد الاستقرار السياسي في غزة، كانت المقاومة أقوى.

والجولة الجديدة من العمليات الصهيونية أظهرت أن الکيان الصهيوني يحاول تدمير البنية التحتية الفكرية والدفاعية الفلسطينية في الوقت نفسه، وقد أدرك الجيش الصهيوني للتو أن المقاومة قد نمت بشكل كبير منذ عامين دون تسرب أي معلومات.

وفي ظلّ الخلافات العميقة بين جهاز مخابرات الکيان الصهيوني وجيشه، وتلاشي الحكمة السياسية، حان زمن قطف ثمار نضال المقاومين مثل السيد حسن نصر الله والشهيد سليماني. وكلما تصرف الکيان الصهيوني اکثر انکشافاً، كانت المقاومة أكثر ذكاءً.

كانت فکرة تسليح الضفة الغربية بمبادرة المرشد الإيراني الأعلی السيد خامنئي، استراتيجيةً وضعت الکيان الإسرائيلي في حالة تأهب دائمة، وهذه القدرة خلقت قوةً ذكيةً ضد الكيان الصهيوني، من خلال استخدام العمليات القائمة على الشبكات والحافز العالي لدی جميع فصائل المقاومة.

يكفي استهداف المعاقل الاجتماعية للکيان الإسرائيلي لتحديد مستوى تحملها، ووفقًا للخبراء، فإن هذا المستوی لن يزيد على 48 ساعة. فبينما ينتظر الكيان الصهيوني حرباً كبيرةً لتدميره، سينتهي بحرب صغيرة أو متوسطة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق