التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

مناورات روسيا والصين وإيران بالقرب من حدود الولايات المتحدة 

بينما تحاول الولايات المتحدة إشغال منافسيها العالميين الرئيسيين، أي روسيا والصين، من خلال خلق أزمات في أوكرانيا وتايوان، إلا أن هذه الإجراءات أسفرت عن نتيجة عكسية، وهذه البلدان، بكل ما تصنعه واشنطن من أزمات، قد تغلغلت بالقرب من حدود أمريكا.

تستضيف فنزويلا تدريبات كبيرة بمشاركة 10 دول اعتبارًا من يوم السبت الماضي، وستجري هذه التدريبات العسكرية لمدة أسبوعين في شمال غرب هذا البلد. وتكمن أهمية هذه التدريبات في وجود قوى عظمى مثل روسيا والصين وإيران فيها.

ورحب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بإجراء مناورة مشتركة كبيرة بين إيران وروسيا والصين، ووصفها بـ “تحدي أمريكا”.

ستقام هذه المناورات الكبيرة بعد يوم واحد فقط من مناورة القيادة الجنوبية الأمريكية، وستجري قوات الطائرات المسيرة والقناصة الإيرانية والصينية والروسية هذه التدريبات العسكرية تحت قيادة سلطات موسكو فيما يسمى “الفناء الخلفي لأمريكا”.

هذه الحملة هي نسخة 2022 من ألعاب الجيش الدولية، التي أنشأتها روسيا في عام 2015، وتقام سنويًا في دول مختلفة منذ ذلك الحين.

في السنوات الأخيرة، أجرت إيران وروسيا والصين تدريبات مشتركة في المحيط الهندي والخليج الفارسي، والآن اختاروا فنزويلا كوجهة جديدة لإظهار قوتهم، والتي بسبب قربها من الأراضي الأمريكية والتغيرات في الساحة العالمية، تحتوي على رسائل مهمة لرجال الدولة في البيت الأبيض.

وعلى الرغم من أن أمريكا كانت متفائلةً بأن روسيا ستنشر كل قواتها في أزمة أوكرانيا، إلا أن هذه التكتيكات باءت بالفشل، وفي الوقت نفسه الذي تقدم فيه روسيا الحرب في أوكرانيا، أرسلت جزءًا من قواتها العسكرية إلى فنزويلا.

تعزز روسيا وجودها ونفوذها بين دول أمريكا الجنوبية وتوقع اتفاقيات عسكرية مع بعض هذه الدول، ومن بينها فنزويلا التي تحتل موقعاً مركزياً.

ووفقًا لبعض الخبراء، تُظهر العقود العسكرية الروسية وتعاونها مع فنزويلا ودول أمريكا الجنوبية الأخرى، مدى أهمية الوجود العسكري الروسي في هذه المنطقة بالنسبة لموسكو، على الرغم من كل الضغوط القائمة، وهو على رأس أولويات الكرملين.

وكانت فنزويلا، التي تربطها علاقات واسعة مع روسيا، قد أعلنت في وقت سابق استعدادها لاستضافة أسلحة نووية روسية، وهذه القضية، إذا تحققت، يمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا على المصالح الأمريكية.

وبالنظر إلى أنه بعد الأزمة الأوكرانية، تخلى الروس عن كل الاعتبارات تجاه الغرب، فليس من المستبعد أن تنشر روسيا أسلحتها النووية في دول مثل فنزويلا أو كوبا في المستقبل، وهي خطوة يمكن أن تعيد إحياء أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.

يمكن رؤية المواجهة الشاملة بين موسكو وواشنطن على نطاق عالمي في تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي قال مؤخرًا: “عندما انتصرت أمريكا في الحرب الباردة، أعلنت نفسها على أنها ممثلة الله على الأرض؛ ممثلة ليس لديها مسؤوليات، بل مصالح فقط. من الواضح أنهم ما زالوا لا يعرفون أن مراكز قوة جديدة ظهرت في العالم وأن أصواتها ترتفع كل يوم، وانتهى عصر النظام العالمي أحادي القطب.”

وهکذا، يبدو أن الروس قد امتشقوا سيوفهم لمواجهة الغرب وليسوا مستعدين للتراجع في هذه المنافسة، لأنهم أدركوا ضعف أمريكا وحلفائها في الساحة العالمية.

أول استعراض عسكري للصين بالقرب من أمريكا

على الرغم من أن الصين كانت حتى الآن تركز فقط على تطوير قوتها الاقتصادية ولم تتعامل مع أي دولة من وجهة نظر عسكرية، إلا أن مغامرات أمريكا في تايوان تسببت في خروج بكين من قوقعتها الدفاعية واستعراض قوتها العسكرية لمنافسيها.

ردًا على التهديدات الأمريكية، لم تقم بكين بإجراء العديد من التدريبات في بحر الصين الجنوبي وحول تايوان فقط، بل من خلال المشاركة في مناورات فنزويلا، فإنها تظهر أنها غير راضية عن هذا الحد وتتطلع إلى نوع من إظهار القوة تجاه واشنطن.

وبعبارة أخرى، تعتبر مناورات فنزويلا أول اختبار عسكري للقوات الصينية لإظهار نفسها كقوة عظمى على الساحة الدولية.

وبما أن الصين تخطط لأن تصبح القوة العظمى في العالم بحلول عام 2049، وهو العام المئة لتأسيس الحكومة الشيوعية، فإنها تستعد من الآن لهذا اللقب. لأن الدولة العظمى تحدد مصالحها ليس فقط في البعد الإقليمي ولكن أيضًا في البعد العالمي، حيث نفذت الولايات المتحدة هذا البرنامج بعد الحرب العالمية الثانية من خلال وجودها في جميع مناطق العالم.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت أقل حساسيةً تجاه نفوذ الصين في أمريكا اللاتينية، فقد وسعت بكين نفوذها في هذه المنطقة على مدى السنوات الماضية. وبالنظر إلى التوترات التي نشأت مؤخرًا بين بكين وواشنطن في شرق آسيا، فإن الوجود الصيني المكثف بالقرب من الولايات المتحدة يمكن أن يزيد من مخاوف هذا البلد، وبدلاً من مواجهة الصين في تايوان، سيتعين على المسؤولين الأمريكيين التعامل مع هذا المنافس الناشئ بالقرب من حدودهم.

هذا بينما لم يكن لدى الولايات المتحدة أي مخاوف بشأن وجود روسيا والصين في أمريكا اللاتينية، وکانت تحاول احتواء هؤلاء المنافسين داخل حدودهم. لكن قوة موسكو وبكين في أمريكا الجنوبية ستزيد التكاليف على الولايات المتحدة.

إنجاز كبير لإيران

أصبحت إيران، التي تعتبر حليفًا لروسيا والصين، لاعبًا مهمًا في المنافسة العالمية مع أمريكا، ويمكن اعتبار مثلث طهران وموسكو وبكين تهديدًا خطيرًا للهيمنة الأمريكية.

كان لإيران علاقات واسعة مع فنزويلا دوماً، وفي الأشهر الأخيرة أصبحت هذه العلاقات أوسع بكثير من ذي قبل. وخلال زيارة مادورو الأخيرة إلى إيران، وقع البلدان اتفاقيةً طويلة الأمد في مجالات العلوم والتكنولوجيا، والزراعة، والنفط والغاز، والبتروكيماويات، والسياحة، والثقافة.

كما يشير توقيع اتفاقية مدتها 20 عامًا بين إيران وفنزويلا إلى تطوير العلاقات في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية، إلى العلاقات الوثيقة بين البلدين.

لقد بدأت إيران في تحدي الولايات المتحدة في حديقتها الخلفية قبل الروس والصينيين، وفي السنوات الأخيرة، من خلال إرسال ناقلات وقود إلى فنزويلا، أظهرت أن الضغط الأقصى لا يمكن أن يمنع طهران من التعاون مع حلفائها.

وبما أن الولايات المتحدة أجرت عدة تدريبات عسکرية في السنوات الأخيرة بمشاركة السعودية والدول الخليجية الأخرى للتعامل مع التهديدات المزعومة من إيران، لذلك فإن وجود إيران في مناورات فنزويلا بالقرب من أمريكا يعتبر إجراءً مضاداً وإنجازاً كبيراً، ويظهر أن إيران ليست مقيدةً ولديها حلفاء في جميع أنحاء العالم، يمكن أن تخلق معهم أخطارًا لمصالح الولايات المتحدة.

في عالم اليوم، تعتبر القوة البحرية للدول أكبر إنجاز في المجال العسكري، ويمكن للدول الفوز في هذه المنافسة إذا كانت لديها أدوات ومعدات بحرية قوية. وفي السنوات الأخيرة، تمكنت روسيا والصين وإيران من تحديث قوتها في هذا المجال ومنافسة العالم الغربي الذي ظل رائداً في هذا المجال حتى الآن، والتدريبات المشتركة في السنوات القليلة الماضية خير مثال على هذه الحقيقة.

بمثل هذه التدريبات، تزيد هذه القوى الثلاث من توازن التهديدات في الفناء الخلفي لأمريكا، حيث ستتحرك واشنطن بعد ذلك بحذر بشأن سياساتها التدخلية.

تجري مناورات خصوم واشنطن في أمريكا اللاتينية بهدف تعزيز القوة القتالية وزيادة قدرات قوات الدول الثلاث، وإظهار أن حقبةً جديدةً قد بدأت في العالم حيث لم تعد أمريكا قوةً عظمى بلا منازع تفرض رغباتها على الآخرين.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق