کواليس عملية القيادة المركزية الأمريكية في دير الزور
زعمت قيادة سنتكوم في بيان لها، أنها استهدفت بعض قواعد المقاومة في سوريا بضربات جوية. وجاء في هذا البيان أن الجيش الأمريكي نفذ هذه العملية في منطقة دير الزور بأمر مباشر من بايدن.
كما أعلن جو بوتشينو، ضابط الاتصالات في سنتكوم، أن هذه المجموعة نفذت هذه العمليات بأوامر من البيت الأبيض. وذکرت وكالة رويترز للأنباء أنه لم تقع إصابات في هذه الهجمات. واللافت أن سنتكوم قالت في نهاية بيانها، إن أمريكا لا تبحث عن مزيد من الصراع في المنطقة!
دير الزور محافظة استراتيجية على الحدود مع العراق، حيث توجد حقول نفطية كبيرة. وأصبحت هذه المحافظة مرکز اهتمام للجيش الأمريكي، أثناء سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على سوريا.
في حزيران/يونيو 2016، قصفت الوحدات الصاروخية التابعة للحرس الثوري الإيراني مقر القيادة والإسناد وقاعة إنتاج الآليات الانتحارية للإرهابيين، وأخلت المنطقة من وجود الأشرار والمعتدين والإرهابيين، لكن العمل الإرهابي الأمريكي في هذه المحافظة أظهر عزم امريكا على تنظيم وإحياء الإرهاب في سوريا مرةً أخرى.
ما هي أهداف الجيش الأمريكي من عملية دير الزور؟
كتبت مجلة جلوبال تايمز في عددها الأخير عن عدوانية الأمريكيين: مع بدء حملة الكونغرس الانتخابية، جنى بايدن والحزب الديمقراطي مليارات الدولارات من الحروب في المناطق النائية، وخاصةً في أوكرانيا.
وذکر التقرير أن كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري كان لهما دور كبير في انتشار الإرهاب الخارجي، وأن تصدير الأسلحة والحرب يعتبر من أولويات السياسة الخارجية بالنسبة لهما.
أظهرت العمليات التخريبية والإرهابية للأمريكيين أن آلة انتشار الأسلحة والإرهاب بحاجة إلى خلق حالة من عدم الأمن من أجل البقاء. لذلك، تحاول زيادة مساحتها بإجراءات محدودة ومضبوطة.
وفي مثل هذه الظروف، ستردّ المقاومة الشعبية والإسلامية بشکل مناسب على أي تحرك إضافي للأعداء. بعبارة أخرى، لطالما امتلکت المقاومة اليد العليا في المعادلات، ولن تسمح لأي عناصر تدخلية أجنبية بخلق سيناريوهات شريرة، بهدف نشر انعدام الأمن وتصدير الإرهاب.
وزعمت “سنتكوم” في جزء من بيانها أنها نفذت هذه العملية العمياء بهدف إرساء الاستقرار في المنطقة، لكن هذه المغامرة الطفولية لا تقتصر على محافظة واحدة في سوريا، وستكون لها عواقب وخيمة على الأمريكيين.
لقد كثفت الحكومة الأمريكية والکيان الصهيوني في الأشهر الأخيرة هجماتهما على محور المقاومة في سوريا والعراق، وأحيانًا اليمن. في بعض الأحيان، مثل حادثة دير الزور، يتحملون المسؤولية عنها مباشرةً، وأحيانًا يستخدمون قوات مرتزقة وإرهابيين مجهولين ولكن منظمين من أجل ذلك.
طبعاً، أمريكا دائماً ما تلقت الرد المناسب على أفعالها، وفي حالات مثل إمطار عين الأسد بالصواريخ أصيب جنودها بارتجاج في المخ، وأحياناً أصيبوا بسهام غير مرئية في بحر عمان وباب المندب!
في وصف ردّ المقاومة على أمريكا وحلفائها، كتب الموقع الصهيوني “I24″، أن الهجمات الأمريكية ضد المواقع الإيرانية في المنطقة غير فعالة، لأن المقاومة استعادت نفسها في كل مرة وقويت مواقعها، وهذه الإجراءات لها جانب استعراضي لأمريكا، لكنها أضعفت الجيش الصهيوني، لأن جنود الجيش العبري لا بد وأن يروا كوابيس الانتقام كل ليلة.
في العمل الإرهابي الأخير، ارتكب الأمريكيون خطأ استراتيجيًا خطيرًا، وإضافة إلى التأثير الميداني على الفاعلين المكشوفين والمخفيين، فإن هذه الخطوة لها تأثيرها على الطاولة الدبلوماسية في فيينا أيضًا.
إن إجراء عملية عمياء من قبل القيادة المركزية الأمريكية في سوريا، يحمل عدة نقاط جديرة بالملاحظة:
1- رغم مرور أكثر من أسبوع على رد طهران على خطة الاتحاد الأوروبي المقترحة، إلا أن الولايات المتحدة لم تعلن بعد ردها الرسمي، وخلافاً للأشهر الماضية، عندما يلوم المراقبون دائماً إيران على تأخير عملية الحوار، فإن أمريكا هذه المرة هي المتهم الرئيسي. وبينما أعلن جوزيب بوريل أن العالم ينتظر الولايات المتحدة، فإن هذا البلد بدلًا من الاستجابة للخطة الأوروبية واتخاذ الإجراءات المعقولة، وأقدم علی خطوة جنونية في دير الزور بسوريا لإظهار أن لديه خططًا أخرى على طاولة المفاوضات في فيينا.
2- بينما يُتهم بايدن في أمريكا هذه الأيام بأن يده فارغة وعليه أن يرضخ لطهران ويوقع الاتفاق، حاولت الحكومة الأمريكية تحقيق عدة أهداف عبر هذه العملية العسكرية السخيفة في المنطقة. فمن ناحية، تريد إصلاح إرادتها الضعيفة للداخل الأمريکي، ومن ناحية أخرى، طمأنة حلفائها الإقليميين بأن الاتفاق المستقبلي لا يؤثر على العلاقات الاستراتيجية الداخلية. لکن نتائج هذا التحليل الخاطئ ستظهر لأمريكا قريبًا.
3- بيان القيادة المركزية الإرهابية بعد استشهاد اللواء “عليجاني”، أظهر أن الطبيعة الشريرة لأمريكا لن تتغير أبدًا. إن القيام بعمليات إرهابية في فترة التوصل إلى اتفاق، جعل الأجواء تشبه ما حصل بعد استشهاد اللواء قاسم سليماني في مطار بغداد. في ذلك الوقت، أرسلت الحكومة الأمريكية، بعد ارتكابها عمليةً إرهابيةً، رسالة حوار إلى جمهورية إيران الإسلامية بهدف منع التوتر. واليوم أيضًا، اتخذت إدارة بايدن مرةً أخرى نفس المسار الخاطئ الذي سلكه ترامب، وتسير في الطريق الذي جربته مرةً ورأت نتائجه في عين الأسد.
4- قيام القيادة المركزية الأمريكية بعمليات إرهابية في سوريا أعطی درسًا جيدًا لبعض الأشخاص داخل إيران، بأن مجرد استهداف سلمان رشدي لن يقضي على الاتفاق النووي!
بالطبع، واجه ابتعاد بايدن من الاتفاق النووي وأفعاله الخبيثة والمجنونة، تحذيرات من داخل الولايات المتحدة. حيث قال ديفيد ميللر، العضو البارز في مؤسسة ويلسون، لشبكة سي إن إن، إنه إذا دخلت أمريكا في حرب مع إيران أو صعدت التهديدات العسكرية، فستكون هناك عواقب وخيمة.
ونصح الخبير البارز في دراسات الشرق الأوسط بايدن بزيادة حسن نيته، بدلاً من توجيه سلاح فارغ نحو طهران، لأن كل عمل خاطئ من جانب البيت الأبيض يزيد من نشاط المقاومة، ويأخذ التقدم العلمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية عدة خطوات إلى الأمام. کما نصح ميللر الرئيس الأمريكي بالتفكير بأوروبا في الشتاء المقبل، بدلاً من التباهي في الصيف عبثاً!
المصدر/ الوقت