التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 19, 2024

صفعة لتعاون غوغل وأمازون مع “إسرائيل”.. ما الذي تريد تل أبيب إخفاءه 

يوم الثامن من الشهر الجاري، من المقرر أن ينظم موظفون من شركتي “غوغل” و”أمازون” الأمريكيتين، عدّة تظاهرات أمام مقار الشركتين في الولايات المتحدة الاميركية، ضمن الفعاليات المساندة للقضية الفلسطينية، وذلك في ظل الهجمات الصهيونيّة المستمرة ضد الفلسطينيين ومنازلهم ومقدساتهم، وانتقال المعركة مع العدو أيضاً إلى “الحرب الالكترونيّة” التي أصبحت لا تقل أهميّة عن مقاومتهم وسعيهم لتحرير بلادهم من الجناة المحتلين، حيث تحاول تل أبيب بشدّة التعاون مع بعض الشركات الإلكترونيّة المهمة ووسائل التواصل الاجتماعيّ كفيسبوك وانستغرام وتويتر، منع أصحاب الأرض من فضح ممارسات العدو العنصريّ وخاصة مع وجود رصيد كبير من مقاطع الفيديو والصور الجديدة التي توثّق حجم دمويّة وإرهاب هذا الكيان على جميع المنصات الإلكترونيّة، وكان محرك غوغل ضمن الساحات الالكترونيّة التي عجّت بالأخبار والمقالات والفيديوهات المناصرة لفلسطين وشعبها المظلوم.

تعاونٌ خطير

إنّ الهدف الأساس لتل أبيب بالتعاون مع تلك الشركات الضخمة هو ممارسة رقابة مشدّدة على المحتوى الفلسطينيّ، إضافة إلى تضييق كبير على وصوله إلى العالم، وتأتي هذه الوقفات الاحتجاجية، التي ستنظم في ثلاثة أماكن يوم الخميس القادم، احتجاجا على العقد الذي وقعته إدارة الشركتين مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، لنقل قاعدة بيانات جيش وشرطة الاحتلال إلى “تكنولوجيا الغيوم” المملوكة للشركتين، وهذه التظاهرات، التي ستقام وفق ما ذكر موقع “دولة فلسطين” في مدن سان فرانسيسكو ونيويورك وسياتل، تطلقها منظمة “لا لتكنولوجيا الفصل العنصري” لمنع الكيان الصهيونيّ من استخدام التكنولوجيا في جرائمها المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

وقد أُسست هذه المنظمة العام الفائت، وأطلقت حملة للتوقيع على عريضة موجهة لإدارة الشركتين، وقع عليها حتى الآن ما يقارب أربعين ألف مواطن أمريكي لمطالبتهما بالتوقف عن التعامل مع “نظام الفصل العنصري الإسرائيلي” والانسحاب من عقد مشروع “نيمبوس” بما يتوافق مع موقف المئات من موظفي أمازون وغوغل، ومشروع “نيمبوس” هو مشروع مشترك بين غوغل وأمازون وحكومة العدو الإسرائيليّ والمؤسسة العسكرية، قيمته نحو 1.2 مليار دولار، وقد جرى التكتم عليه بشكل كبير، وهو مشروع يوفر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعيّ لقوات الاحتلال بما في ذلك كاميرات مراقبة من دون أن يكون للشركات الأمريكية حق التدخل في الطريقة التي تُستخدم بها تلك التكنولوجيا، وكانت آرييل كورين، مديرة تسويق المنتجات التعليميّة استقالت من شركة “غوغل” بسبب المضايقات التي يتعرض لها الموظفون عند مناقشة قيم الشركة التي باتت مُجرد حبر على ورق، وسياسة الانتقام ممن يدافعون منهم عن الفلسطينيين، وبسبب “تواطؤ” الشركة الكبير في “الفصل العنصري الإسرائيليّ”.

أهداف إسرائيليّة خبيثة

تسعى تل أبيب بقوّة لتكثيف تعاونها مع تلك الشركات، حيث إنّ العدو الصهيونيّ عن محاولات منع أصحاب الأرض والمقدسات من فضح ممارساته الإجراميّة بحقهم، وذلك بالتعاون مع بعض الشركات المهمة، لمحاولة حذف أو تقليل الرصيد الكبير من مقاطع الفيديو والصور التي توثّق حجم دمويّة وإرهاب هذا الكيان على جميع المنصات الإلكترونيّة،بهدف محاربة المحتوى الفلسطيني وشطب المضامين الداعمة لنضال الشعب الفلسطينيّ، وقد شاهدنا بشكل واضح مدى أهميّة هذا الموضوع وخطورته من ناحية فضح الصهاينة، بعد أن أصبحت المواقع الإلكترونية ضمن الساحات الالكترونيّة التي عجّت بالمنشورات والتعليقات والهاشتاغات المناصرة لفلسطين وشعبها المظلوم، الشيء الذي دفع الشركات المتواطئة مع تل أبيب للتعامل مع مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي من الفلسطينيين، وحذف منشورات وإغلاق حسابات، بسبب استخدام كلمات مثل الأقصى المبارك أو المقاومة أو شهيد.

وعلى ما يبدو، تبحث حكومة العدو عن صلاحيات واسعة لحذف منشورات في شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونيّة بحجة أنها “تحريضية”، في وقت بات تحيز تلك الشركات جليّاً بالنسبة لنشطاء مواقع التواصل نتيجة لسياساته الخطيرة بتقييد الحسابات وحذف ملايين المنشورات التي تفضح العدو الغاصب، وإغلاق عدد كبير من الحسابات بدعوى “مخالفة معايير النشر”.

وإنّ التظاهرات يمكن أن تفضح بشكل أكبر التعاون مع قتلة الأبرياء، بالتزامن مع المساعي الحثيثة للصهاينة بالتعاون مع الشركات العميلة معه إلى إسكات أصوات الفلسطينيين وداعمي قضية فلسطين على منصات التواصل الاجتماعيّ، والبدء بتفعيل نظام رقابة يحارب كلمة أصحاب الأرض والناشطين والإعلاميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ويعطي مساحة للحملات الرسميّة والشعبيّة الصهيونيّة للتحريض على قتل ونهب أراضي الفلسطينيين من قبل العدو ومستوطنيه، عقب الفضائح التي كشفها الفلسطينيون والمناصرون لفلسطين وبالأخص الجرائم الإسرائيليّة وأمثلة التحريض على القتل والكراهية والعنصريّة والعنف.

وبالتالي، إفشال الهدف الأول والأخير للكيان الإسرائيليّ والمتعاونين معه من الشركات المؤثرة على ممارسة التعتيم وتكميم الأفواه وتشويه النضال الفلسطينيّ من جهة، ومنع دعم حملات التحريض الصهيونيّة الممنهجة من جهة أخرى، مقابل تبني الرواية الأمنية المخادعة للعدو، والتي تعتبر نضال ومقاومة الشعب الفلسطينيّ المشروع “أعمال شغب وعنف وإرهاب”، فيما تعتبر حملات نهب الأراضي وهجوم العصابات الصهيونيّة العسكريّة بشتى الأسلحة الثقيلة حقاً للكيان ومؤسساته الدمويّة.

ويبدو أنّ شركتي غوغل وأمازون ترغبان باستهداف الحريات بشكل مباشر عبر محاربة المحتوى الرقميّ الفلسطينيّ، وإنّ لجوء الكيان إلى تلك الممارسات المعادية لأبسط حقوق الإنسان، تركّز بشكل كبير بعد الصدمات الكبيرة من التضامن الفريد الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعيّ تعاطفاً ودعماً للفلسطينيين في الحروب الإجراميّة التي شنّتها الآلة العسكريّة الصهيونيّة على المدنيين والصحفيين والأطفاال، والذي أفشل محاولات تلك الشركات المتحيزة والمخادعة في كبح جماح الغضب العارم من إجرام وعنصريّة وجبروت الكيان وفضحها أمام الرأي العام العالميّ بعد أن فشلت بشكل لا يوصف في التستر والتغطية على قتلة الأطفال والنساء.

رفضٌ شعبي أمريكيّ

حسب استطلاعات للرأيّ، فإنّ أعداد الأمريكيين الذي يعارضون تواطؤ حكومتهم في انتهاكات حقوق الإنسان كالتوسع الاستيطانيّ في الأراضي الفلسطينية وتدمير العصابات الإسرائيليّة للمنازل السكنية في تزايد مستمر، خاصة وأنّهم يدركون أنّ الحركة الصهيونية تأسست في أواخر القرن التاسع عشر وسط تزايد العداء للسامية في أوروبا، وقد لاقت دعماً كبيراً من قبل الحكومات الأوروبيّة الغربيّة، وخاصة بعد أن وافق الصهاينة على إنشاء وطنهم اليهودي على أرض فلسطين العربيّة تاريخيّاً، حيث كان هدف الصهاينة الأساس هو الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أراضي الفلسطينيين بأقل عدد ممكن منهم عبر المجازر وحملات الإبادة.

وهذا يشبه تماماً مطالب الأمريكيين في الثمانينيات عندما رفعوا شعار قطع العلاقات مع “نظام الفصل العنصري” في جنوب افريقيا، وقد حان الوقت وفقاً لمحللين للنهوض ودعم حقوق الإنسان الفلسطيني عبر نفس الخطوات، خاصة أنّ الحركة الصهيونيّة شجعت بشكل كبير جداً، هجرة يهود أوروبا الجماعيّة إلى أرض فلسطين خلال النصف الأول من القرن العشرين، ويقر المؤرخ الصهيونيّ، آلان بابيه، بأنّ القادة الصهاينة في القرن العشرين كانوا على دراية كاملة بأنّ تطبيق المشروع الصهيونيّ سيؤدي حتماً إلى عملية تطهير عرقيّ وتهجير قسريّ للسكان الأصليين أي الفلسطينيين.

ويشار إلى أنّ رئيس الحركة الصهيونية العالمية آنذاك، ديفيد بن غوريون، أعلن في العام 1948 تأسيس “دولة إسرائيل” المزعومة على أرض فلسطين، وادعى الصهاينة أنّ “إسرائيل” ستمثل وطناً قوميّاً آمناً لليهود، وشجعوا كل يهود العالم على الهجرة إلى هناك والحصول على الجنسية الإسرائيليّة، فيما يتحدث النقاد أنّ الصهيونية تعمل نفس عمل الاستعمار، ويرجعون ذلك إلى عمليات التطهير العرقي التي ارتكبها الصهاينة ضد أصحاب الأرض وعمليات بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة كأدلة ثابتة وواضحة على ممارسات الصهيونيّة الاستعماريّة.

ومنذ ذلك الحين، يحاول الإسرائيليون المدعومون من الولايات المتحدة والغرب بشكل لا يوصف استغلال كل شيء لإخفاء جرائم احتلالهم التي لا تتوقف، ومحاولة الترويج لدولة يهوديّة لم تكن أساساً، حيث أنّ الكيان الصهيونيّ الإرهابي، منذ مطلع القرن المنصرم حتى اليوم، يستمر بقمع الشعب الفلسطينيّ واستعمار أرضه دون رقيب أو حسيب بسبب فشل الحكومات العربيّة والدوليّة في محاسبته على جرائمه المتزايدة، بالتزامن مع استمرار بعض الشركات والمؤسسات العالميّة بمساعدته في انتهاكاته للقانون الدوليّ.

ويأمل الفلسطينيون في أن تُغير التحرقاكات الاحتجاجيّة النهج الذي تتبعه بعض الشركات التي تضايق موظفين فلسطينيين يعملون فيها، وتحرمهم من التعاطف مع قضيتهم العالميّة، وانتقاد الاحتلال الذي يمزق صدور أطفال بلدهم، رغم أن ذلك الأمر ظاهر في التقارير الحقوقية الدولية، وقد عوقب موظفون كُثر بسبب آرائهم وانتقاد الاحتلال، بالطرد أو بالحرمان من العلاوة، لمجرد مشاركة أخبار على صفحاتهم عن ما يجري في فلسطين، كما عوقب موظفون لارتداء الكوفية الفلسطينية، فيما اتهمت أحدهم بـ “معاداة السامية” كونه كتب “فلسطين حرة” على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي.

خلاصة القول، لا شك أنّ الفعاليات المساندة للفلسطينيين وقضيتهم المحقة، والمنددة بسياسات الاحتلال، بدأت تتفاعل بشكل أكبر، داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بمشاركة مؤسسات أكاديمية وجمعيات كبيرة، وكان من ضمنها فعاليات مقاطعة طالت عدة مجالات، ومن الطبيعيّ أن نشاهد تعاوناً أكبر بين “إسرائيل” ومثل هكذا شركات لأنّ العدو الصهيونيّ يجد نفسه أمام تهديد كبير بعد أن أصبحت الصورة الوحيدة المرسومة في أذهان الجميع عند ذكر “إسرائيل”، هي الموت والدمار، لهذا يرغب بالتعاون المُبرر مع أيّ أحد لمساعدته في عدوانه المتصاعد وجرائمه وانتهاكاته للقانون الدوليّ، وفقاً لتقارير دوليّة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق