ليبرمان ونتنياهو.. صراعات في داخل الاحتلال
نتنياهو هو حثالة الجنس البشري. هذا التصريح لم يخرج من مسؤول عربي أو أجنبي، أو مقاوم فلسطيني أو عربي، بل إنه خرج من وزير مالية كيان الاحتلال الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، زعيم المعارضة ضد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، وهذا التصريح لم يكن في جلسة خاصة أو مسرّب، بل كان علنياً وخلال اجتماع مصغر للحكومة الإسرائيلية. واتهم ليبرمان نتنياهو بأنه ليس لديه خطوط حمر. وأضاف إن نتنياهو يعرف أن ما يفصله عن العودة لرئاسة الحكومة هو حزب “إسرائيل بيتنا” الذي يتزعمه لبيرمان. وردا على هذه التصريحات خرج حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، ليقول أن ليبرمان يُحرّض في الداخل الإسرائيلي تحت وطأة الضغط السياسي، ويجب أن يتوقف عن الهلوسة. وذكّر الليكود ليبرمان بتهم فساد مالي وجهت إليه، وأنه حرض على الشقاق في داخل كيان الاحتلال حيث اقترح إلقاء اليهود المتطرفين من الحريديم في مكبّ النفايات. واعتبر الليكود أن ليبرمان هو إنه آخر أفراد العصابات في كيان الاحتلال، آملًا بألا يعرض 100 ألف دولار على شخص ما للقضاء على نتنياهو.
الداخل الإسرائيلي يشهد صراعًا كبيراً بين الكتل السياسية منذ انهيار حكومة نفتالي بينيت في حزيران – يونيو الفائت، وتولّي يائير لابيد رئاسة الفترة الانتقالية، والإعلان عن إجراء انتخابات مبكرة في تشرين الأول – أكتوبر المقبل اي بعد اقل من شهر، وحتى حلول هذه الانتخابات يتنافس الساسة في كيان الاحتلال بهدف حصد أكبر عدد ممكن من مقاعد الكنيست وتشكيل الحكومة، وقرار الذهاب إلى انتخابات مبكرة جاء بعد خسارة الائتلاف الحكومي وانشقاق أعضاء فيه ما جعل الحكومة تنهار في يوم وليلة، وهو ما فتح الطريق لانتخابات خامسة خلال ثلاث سنوات.
وأغلب الكتل السياسية باتت تخاف عودة نتنياهو للحكم وعلى رأسهم ليبرمان، والخلاف بين الرجلين بدأ عندما قام نتنياهو بجلب ليبرمان وتسليمه حقيبة الجيش وأصبح وزيراً لحرب الاحتلال، وبعد فشله في هذه المهمة قام بإقالته بدون العودة إليه أو بدون التنسيق معه وهو ما اعتبره الأخير إهانة له وخصوصاً أنه هو من دعم نتنياهو في الكنيست عبر حزبه “اسرائيل بيتنا” وجعله يشكل الحكومة وتكوين النصاب المطلوب وهو 61 عضواً في الكنيست، والخلاف اتسع أيضاً وكان حول اعتبار ليبرمان أن الحريديم عبأ على كيان الاحتلال، وأن المزايا التي يحصلون عليها يجب أن تنتهي، حيث أن اليهود المتطرفين لا يخدموا في جيش الاحتلال ولا يعملوا أيضاً، واعتبر أن نتنتياهو يهود بمحاباتهم بهدف الحصول على أصواتهم في الانتخابات وذلك على حساب دولة الاحتلال، وعند هذه النقطة تحديداً تعمق الخلاف وأصبح الشرخ واضحاً بين الرجلين، وليبرمان يعتبر من السياسيين الذين حرضوا الرأي العام ضد نتنياهو خلال ترأسه آخر حكومة، وهو ممن دفع الشارع للخروج بتظاهرات ضده وشجع أعضاءاً في الكنيست كانوا إلى جانبه بالانشقاق عنه ما جعل حكومته تسقط مثل حكومة بينيت ولابيد.
هذا الخلاف يوضح للعلن من يقود كيان الاحتلال ومن هم قادته السياسيون، أي إنهم مجموعة من المجرمين المرتزقة اللصوص يسرقون بعض وينهبون بعض ويخططون لقتل بعض، ويتهمون بعضهم بأنهم مجرمون ولصوص ورجال عصابات، وهو ما يدفعنا للسؤال كيف بعض الزعماء العرب والمسلمين يريدون بناء علاقات مع أشخاص مثل هؤولاء؟ وكيف يتوقعون أن يكونوا هؤولاء جيدين معهم ويعطوهم الأمان ويُدافعوا عنهم، وهم في الحقيقة يتهمون بعضهم البعض بأقذر أنواع الإتهام وهم صهاينة، فما هي نظرتهم للعرب المطبعين معهم إذاً؟
كيان الاحتلال يعيش أزمة حقيقية وقادة الصف الأول فيه باتوا على شفا حفرة ويمكن أن يسقطوا في أي لحظة. والصورة السياسية في كيان الاحتلال قد تتعرض للتغير في أي وقت حتى الوصول لموعد الانتخابات وهو الأول من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل. وقد تؤدي التحالفات غير المتوقعة أو الوجوه الجديدة على المسرح السياسي إلى خلخلة الواقع الراهن وتغيير معالمه. وقد يؤدي فوز حزب صغير واحد أو فشله في الوصول إلى النصاب اللازم لدخول البرلمان إلى قلب الموازين. ويطرح مراقبون فرضيّة عودة نتنياهو إلى الحكم ولكن مع حكومة هشة تشبه الائتلاف الحالي، وقد تقع مرة أُخرى في حفرة الانتخابات المبكرة بعد أول خلاف بين أعضائها الذين من الممكن أن يكونوا غير متجانسين ولكن الظروف السياسية جبرتهم لأن يتحالفوا فيه هذه الحكومة.
المصدر/ الوقت