عقب ضغوط دولية… إسرائيل تعترف بقتل “شيرين أبو عاقلة”
في خطوة غير متوقعة من الجانب الإسرائيلي، بعد مرور أربعة أشهر على اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، أعلن أفخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، يوم الاثنين الماضي، عن “وجود احتمال كبير أن يكون مقاتل في الجيش الإسرائيلي، هو من أطلق النار على الصحفية شيرين أبو عاقلة”. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن “المحكمة العسكرية رفضت فتح دعوى لعدم وجود أدلة جنائية كافية”، كاشفا أن “7 رصاصات أطلقت من أسلحة الجيش الصهيوني بعد سقوط شيرين على الأرض”.
إسرائيل تعترف بقتل شيرين أبو عاقلة
كشف جيش الاحتلال الاسرائيلي أن “هناك احتمالا كبيرا أن تكون القوات الإسرائيلية المتواجدة في المنطقة قد أطلقت الرصاصة القاتلة ولكن ان حدث ذلك فهو بالخطأ”، مبينا أن “الجنود لم يشخصوا شيرين كصحفية”. وأضاف: “المنطقة التي كانت تتواجد فيها الصحفية شيرين لم تكن مكشوفة تماما أمام القوات المتواجدة في المركبات العسكرية التي أغلقت الشارع من المنتصف”، مشيرا إلى “أننا تسلمنا الرصاصة وبتحقيق مشترك مع الجانب الأمريكي الذي أحضرها من رام الله لم نستطع مطابقتها أو التعرف على مصدرها لأنها كانت متضررة”.
ورجّح جيش الاحتلال الإسرائيلي أن تكون شيرين قد قُتلت بنيران “خاطئة” أطلقها جندي إسرائيلي، دون أن تنفي فرضية مقتلها على يد مسلحين فلسطينيين. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي في إحاطة مغلقة للصحفيين الأجانب عن النتائج النهائية للتحقيقات التي أجراها بشأن اغتيال شيرين، إن التحقيقات خلصت إلى أنه من المحتمل أن يكون جندي إسرائيلي قد أطلق عليها الرصاص دون قصد، نافيًا استهدافها عمدًا. وعبّر الضابط عن “أسف” الجندي الذي أطلق النار على أبو عاقلة، وقال “أنا آسف لذلك أيضًا”، واستدرك أن الجندي “لم يفعل ذلك عن قصد، هذا واضح تمامًا”.
وأضاف إن الجندي الذي يُحتمل أنه أطلق النار على شيرين لن يُحقَّق معه، زاعمًا أن النيابة العسكرية لم تجد أي مخالفة تستدعي فتح تحقيق جنائي في مقتل شيرين. وتزعم رواية إسرائيل أن قواتها في جنين تعرضت لنيران كثيفة من جميع الجهات وردت بإطلاق النار، بما في ذلك باتجاه المنطقة التي كانت تقف فيها شيرين على بعد 200 متر من موقع القوات، لكنها لم تتمكن من تمييز أنها صحفية.
وجاء في البيان “يوجد احتمال كبير بأن تكون السيدة أبو عاقلة قد أصيبت بطريق الخطأ بنيران جيش الدفاع الإسرائيلي التي أُطلِقت باتجاه مسلحين فلسطينيين”. وأضاف البيان إن من المحتمل أيضًا أن تكون قد أصيبت برصاص مسلحين فلسطينيين. واستشهدت الزميلة شيرين في 11 مايو/أيار الماضي. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إنها أصيبت برصاص الجيش الإسرائيلي في الرأس أثناء تغطيتها اقتحامه لمدينة جنين شمالي الضفة الغربية
الرد الفلسطيني
بدوره، قال المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني نبيل أبو ردينة “هذا التقرير محاولة إسرائيلية جديدة للتهرب من مسؤولية قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة”. وأضاف، “كل الدلائل والوقائع والتحقيقات التي أجريت تثبت أن إسرائيل هي الجاني وهي من قتلت شيرين وعليها أن تتحمل مسؤولية جريمتها”. وتابع “لن يتم السماح لإسرائيل بالإفلات من العقاب على جرائمها المستمرة ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته”. وجاء في تقرير لمكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في يونيو/حزيران، أن شيرين كانت واقفة مع صحفيين آخرين، وكان من الممكن تحديد أنها صحفية بوضوح لوضعها خوذة وسترة واقية زرقاء عليها شارة للصحفيين عندما أصيبت برصاصة واحدة أودت بحياتها، وأصيب زميل لها في الحادث برصاصة أخرى. وقال التقرير إن المعلومات التي جمعها تشير إلى مقتلها برصاص جندي إسرائيلي.
بلطجة دولية وجريمة بشعة
وتعقيباً على ما كشف عنه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، قال المحلل السياسي والمؤرخ الفلسطيني، الدكتور عبد القادر ياسين أبو جميل، إن الجريمة البشعة لاغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، في مايو الماضي في مخيم جنين، تشكل جريمة جديدة لقوات الاحتلال مكتملة الأركان، حيث تم استهدافها مع زملائها على الهواء مباشر وهم يعلمون إنهم صحفيون.
وأضاف أبو جميل في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، إن قيام أفخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بالكشف عن قيام قوات الاحتلال باستهداف شيرين أبو عاقلة، جاء في إطار الضغوط الأمريكية ، بعد زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف إلى إسرائيل حيث إن شيرين تحمل الجنسية الأمريكية.
وأوضح أن ما يحدث يعتبر بلطجة دولية واستعراض العضلات ورسالة تهديد لكل صحفي حر يسعى لكشف الوجه القبيح للاحتلال ، مشيرا إلى إلى أنه تم إطلاق النار من الجانب الإسرائيلي، وهى جريمة تضاف إلى سلسلة الجرائم والانتهاكات التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني بما فيها الصحفيين، وذلك بهدف إسكات صوت الحقيقة التي تنقل جرائم الاحتلال. ولفت إلى أن إسرائيل ظلت تخدع العالم وتستجدى عطفهم تحت زعم الهولوكوست، ونحن كل يوم نعيش في هولوكوست، دون أن يحرك العالم ساكناً.
وأشار المحلل السياسي والمؤرخ الفلسطيني، إلى أن الارتباك الذي أصاب إسرائيل وقت وقوع الجريمة يوضح حجم الجريمة المرتكبة، و محاولات التشكيك حينها والتي ظلت حتى أمس الأول تهدف لتبرئة الاحتلال من هذه الجريمة، وخصوصاً انها ستشكل إحراجاً مع الإدارة الأمريكية حيث تحمل هذه الصحفية الجنسية الأمريكية، حتى جاء المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ليثبت للعالم أن القاتل ينتمى لجيش الاحتلال.
إدانة شديدة من الجامعة العربية
وكانت قد أدانت العديد من الدول العربية، بأشد العبارات الجريمة البشعة باغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، في شهر مايو الماضي، في مخيم جنين، فيما دعت السفارة الأمريكية في القدس إلى إجراء تحقيق جدي. وحملت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في بيان لها، حكومة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة التي تستدعي المساءلة الدولية وملاحقة مرتكبيها أمام جهات العدالة الدولية المختصة بكل ما تمثله من أركان كجريمة حرب وانتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي.
وأعلنت النيابة العامة الفلسطينية، حينها أنها باشرت إجراءات التحقيق في قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، وإصابة الصحفي علي السمودي في مخيم جنين. وأوضحت النيابة العامة في بيان أنها ستتابع القضية من خلال نيابة الجرائم الدولية المختصة بتوثيق الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، تمهيداً لإحالتها لمكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية
كشف ملابسات الجريمة
وكان قد كشف الصحفي الفلسطيني علي السمودي الذي رافق شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها مداهمة عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، الأربعاء، ملابسات الجريمة الصادمة ، الذي كان يعمل منتجا لشيرين، لـ “الأسوشيتدبرس”، إنهما كانا ضمن مجموعة من 7 صحفيين توجهوا لتغطية المداهمة يوم الحادث ، مشيرا إلى أنهم كانوا جميعاً يرتدون ملابس واقية تشير بوضوح إلى أنهم صحفيون، ومروا بجوار القوات الإسرائيلية حتى يراهم الجنود ويعرفون أنهم هناك. وأضاف إن الطلقة الأولى أخطأتهم، ثم أصابته الثانية وقتلت الثالثة شيرين، مؤكدا أنه لم يكن هناك مسلحون أو مدنيون آخرون في المنطقة، إذ لم يتواجد سوى المراسلون والجيش.
حدود الضغط الأمريكي على إسرائيل
من ناحية أخرى، فشلت محاولة عائلة الشهيدة في لقاء الرئيس جو بايدن خلال زيارته لإسرائيل والأراضي الفلسطينية منتصف يوليو/تموز الماضي، وبدلا من ذلك تمت دعوة العائلة إلى واشنطن من قبل وزير الخارجية أنتوني بلينكن. وعقب اللقاء بين عائلة شيرين وبلينكن كتبت لينا ابنة شقيق شيرين تقول في سلسلة تغريدات “بلينكن أخبرنا أن عليه واجب حماية كل مواطن أمريكي”. بدوره، ضغط بلينكن على وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس لنشر النتائج النهائية للتحقيق العسكري الإسرائيلي في مقتل شيرين أبو عاقلة، وهو ما تعهد به الجانب الإسرائيلي في أقرب وقت ممكن.
ودخل الكونغرس على خط الضغط على البيت الأبيض للتدخل في تحقيقات مقتل أبو عاقلة، وقدم المشرعون التقدميون تعديلا على ميزانية وزارة الدفاع لإجبار وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالي على التحقيق في مقتل شيرين أبو عاقلة. وطالب نحو نصف الديمقراطيين في مجلس الشيوخ بتدخل الولايات المتحدة في التحقيق في اغتيال مراسلة الجزيرة، وقاد المبادرة السيناتور كريس فان هولن من ولاية ميريلاند، ووقعها 22 ديمقراطيا إلى جانب السيناتور بيرني ساندرز عن ولاية فيرمونت، وهو مستقل يمثل 24 من أصل 50 عضوا من مجلس الشيوخ في التجمع الديمقراطي.
وتعهد النائب أندريه كارسون بتقديم مشروع قانون باسم “العدالة من أجل شيرين” إلى الكونغرس. وأوضح أن هذا مشروع مستقل يتطلب تقريرا عن “وفاة” شيرين من قبل وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالي بالتشاور مع وزارة الدفاع والمدير الوطني للاستخبارات.
المصدر/ الوقت