التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

الجولة الجديدة من مفاوضات “هوكيشتان” في لبنان وترسيخ مواقف “حزب الله” 

على الرغم من أن الولايات المتحدة والنظام الصهيوني حاولوا الحصول على تنازلات من بيروت من خلال المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، إلا أن عملية التطورات لم تتقدم كما تنبأت السلطات العبرية الغربية، ولهذا السبب فقد قام الوسيط الأمريكي بالسفر إلى المنطقة مرة أخرى للتفاوض.

وفي هذا الصدد، قال عاموس هوكيشتان، الذي سافر إلى بيروت، الجمعة الماضية بعد لقائه بالرئيس اللبناني ميشال عون، “إننا نشهد تقدمًا جيدًا في المفاوضات وأنا متفائل بالتوصل إلى اتفاق وسنواصل لقاءاتنا مع المسؤولين اللبنانيين”. وزعم هوشستين أنه تم إحراز تقدم في المفاوضات لإبرام اتفاق لمصلحة الاقتصاد اللبناني، وأنه سيبذل قصارى جهده للتوصل إلى اتفاق يرضي الجميع.

“ميشال عون”، في حديث مع الوسيط الأمريكي، أكد مرة أخرى على التمسك بحق اللبنانيين في الثروة النفطية في كل مناطق لبنان والسيادة عليها. وقبل زيارة هوكيشتان إلى لبنان، قال إلياس بوساب، نائب رئيس مجلس النواب اللبناني، “إن قضية ترسيم الحدود البحرية بين بلاده والنظام الصهيوني تسير على الطريق الصحيح”. ورغم عدم تسريب بعض تفاصيل مضمون هذه اللقاءات، أعلنت وسائل الإعلام اللبنانية، عاكسة لقاء مسؤولي البلاد مع الوسيط الأمريكي، إحراز تقدم جيد في مفاوضات الحدود البحرية. وبعد لقائه مع سلطات بيروت، دخل هوشستين الأراضي المحتلة للقاء السلطات الصهيونية.

وتأتي زيارة هوكيشتان الأخيرة للمنطقة في حين زعمت وسائل إعلام صهيونية مؤخرًا أن الجانبين على وشك التوصل إلى اتفاق وأن اتفاقًا ثنائيًا سيوقع مع الوسيط الأمريكي في سبتمبر المقبل. وحتى أن القناة 12 التليفزيونية الصهيونية نشرت الأسبوع الماضي تفاصيل الاتفاقات وزعمت أنه بناءً على الاتفاق الذي يجري العمل عليه بوساطة الولايات المتحدة، ستتم إعادة ترسيم الحدود البحرية، وسيتم نصب منصة غاز في لبنان و منصة غاز في فلسطين المحتلة، وجزء من منصة الغاز اللبنانية داخل الحدود التي تطالب بها فلسطين المحتلة، وسيتم دفع تعويضات مالية لهذا النظام. وبناءً على ذلك، تقع هاتان المنصتان على مسافة خمسة كيلومترات من بعضهما البعض لتحقيق “توازن” ومنع هجوم على منصة الغاز التابعة للنظام الصهيوني. ويأتي هذا التقرير فيما لم تؤكد السلطات اللبنانية هذه المزاعم وتفاصيل الاتفاقات التي تم التوصل إليها ظلت سرية حتى الآن. ولكن بعض المصادر غير الرسمية قالت في الأسابيع الأخيرة إنه وفقًا للاتفاقيات التي تم التوصل إليها، فإن شركة توتال الفرنسية ستجري عمليات حفر في حقلها لتقسيم هذه الموارد بين الطرفين بعد استخراج الغاز.

ورغم أن هوكشتاين أعرب عن أمله في توقيع الاتفاقات بين بيروت وتل أبيب، إلا أنه لم يعرف أحد بعد ما هي الخطط التي قدمها الوسيط الأمريكي على طاولة المفاوضات. لكن الواضح أنه حتى الآن لا يوجد مؤشر على أن واشنطن تنوي دفع المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل بناء على طلب لبنان. لأن المندوب الأمريكي أثبت أنه لم يكن حيادياً في المفاوضات غير المباشرة وكان هدفه الوحيد تأمين مصالح إسرائيل في مصادرة جميع موارد الغاز لمصلحة هذا النظام. هذا فيما أعلنت المقاومة اللبنانية في جبهة الدفاع عن الحقوق البحرية اللبنانية في الأشهر الأخيرة أنها لن تهمل حقوق ومصالح اللبنانيين في حقول الغاز.

التراجع عقب تحذير “حزب الله”

جاءت زيارة عاموس هوكيشتان الأخيرة إلى المنطقة عندما لم تنجح سياسة واشنطن وتل أبيب في ممارسة لعبة الوقت بهدف سحب اللبنانيين من حقوقهم. وبالنظر إلى أن حزب الله حذر مرارًا وتكرارًا من أنه مصمم على تأكيد حقوق لبنان الوطنية من الكيان الصهيوني ولن يسمح للصهاينة باستخدام هذه الموارد الغنية حتى يتمكن لبنان من استخراج موارد الغاز. لذلك توصل مسؤولو البيت الأبيض إلى استنتاج مفاده بأن حزب الله لن يتراجع ولو خطوة واحدة عن تصريحاته، وأن إطالة المفاوضات سيضر بإسرائيل أكثر مما يضر اللبنانيين لأن مسؤولي البيت الأبيض يعرفون أنه من المستحيل عملياً على إسرائيل استخدام مجالها حتى يتوصل هذا النظام إلى اتفاق مع لبنان، ويمكن أن يؤدي استمرار هذه الأزمة إلى زيادة التوترات بين حزب الله والنظام الصهيوني، وهو أمر غير مرغوب فيه. وإضافة إلى ذلك، فإن النظام الصهيوني، الذي يواجه أزمة الانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية، لا يمكنه تحمل الدخول في صراع مع حزب الله.

جهود أمريكا لإنقاذ أوروبا

نقطة أخرى يمكن التطرق إليها في عودة الوسيط الأمريكي إلى لبنان والأراضي المحتلة، وهي مسألة احتياجات أوروبا من الطاقة، والتي ليست في مزاج جيد هذه الأيام. ومع اقتراب فصل الشتاء، أصبحت أزمة الطاقة في أوروبا أكثر انتشارًا، لذلك، من خلال حل قضية حقل غاز كاريش، تحاول أمريكا أن تكون قادرة على إرسال جزء من طاقة هذه المنطقة إلى حدود أوروبا و تلبية احتياجاتهم.

وفي الأيام الأخيرة، أغلقت روسيا صمامات الغاز أمام أوروبا، وهناك قلق من أنه في ذروة البرد، ستنقطع جميع صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، وفي هذه الحالة ستخلق أزمة خطيرة للقارة الخضراء. وفي الوقت الحالي، نفذت العديد من الدول تقنين الطاقة، لدرجة أن هذه الإجراءات رفعت صوت الناس، وفي بعض البلدان، بدأت الاحتجاجات ضد الدعم الغربي للحكومة الأوكرانية. لذلك فإن إغلاق الخلاف بين لبنان والنظام الصهيوني في الوضع الراهن يمكن أن يساعد الأوروبيين. ولقد وقعت السلطات الصهيونية اتفاقية غاز مع الاتحاد الأوروبي قبل شهرين على أمل أن تتمكن من تلبية احتياجات الأوروبيين من حقل الغاز المشترك مع لبنان، لكن حزب الله لم يسمح بذلك وتوقف استخراج الغاز منه. لذلك يحاول المسؤولون الأمريكيون الانسحاب من طموحاتهم في نهب الموارد اللبنانية والاكتفاء بالحد الأدنى لأنهم يعرفون أنهم إذا أصروا على مطالبهم، فإن حزب الله سيأخذ منهم 50٪ من حصة إسرائيل من الطاقة.

ورغم عدم رغبة السلطات الصهيونية في الاتفاق مع لبنان على تقاسم موارد الغاز، إلا أن واشنطن مضطرة حاليًا للاستسلام لطلب الجانب اللبناني رغم إرادتها. وبالنظر إلى أن الشهر المقبل ستنتهي ولاية ميشال عون الرئاسية في لبنان ولم تتمكن المجموعات السياسية من إيجاد خليفة مناسب له، وبالتالي فإن فراغ خليفة ميشال عون سيواجه لبنان بتحد جديد، وعمليًا عملية رسم الحدود البحرية سيُأخر مهام الرئيس المقبل وقد يستغرق شهورًا، وهذه ليست بشرى سارة لواشنطن التي تحاول مساعدة الأوروبيين خلال فصل الشتاء.

ورغم التحركات الواضحة للولايات المتحدة والنظام الصهيوني لاستكمال المفاوضات الحدودية مع لبنان، لا يبدو أنه سيكون هناك انفتاح في هذا المجال حتى الشهرين المقبلين على الأقل، عندما تجري الانتخابات النيابية في الأراضي المحتلة. لأن خصوم يائير لابيد رئيس وزراء النظام الصهاينة يمكنهم ركوب هذه الموجة ووصفها بأنها نوع من الابتزاز للبنان وجذب الرأي العام إلى جانبهم، ولن يوافق لبيد على مثل هذه الخطة التي قد يغير مصيره السياسي.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق